فشل أميركي جديد.. أكسون موبيل تخفق بتنفيذ جولة تراخيص غرب القرنة وتودّع العراق.. ما علاقة إقليم كردستان؟
انفوبلس/ تقارير
في أوائل شهر أكتوبر 2009، نقل تقرير لـ بي بي سي عن رئيس شركة لوك أويل "فاجيت أليكبيروف" قوله: "لقد أعلمنا وزارة النفط العراقية أن كونسورتيوم لوك أويل وكونوكو فيليبس مستعد للدخول في محادثات مباشرة بشأن مشروع غرب القرنة1 بالشروط التي أعلنتها وزارة النفط العراقية في وقت سابق".
*جولات التراخيص
ربما وجدت أكسون موبيل نفسها متخلّفة وخرجت من جولة التراخيص الأولى بدون أي شيء؛ حيث فازت BP / CNPC بحقل الرميلة وضمن تحالف إيني حقل الزبير والآن يتنازل تحالف لوك أويل ويقبل بشروط وزارة النفط فيما يتعلق بحقل غرب القرنة1. علاوة على ذلك، لم يكن لدى أكسون موبيل أية نية للمشاركة في جولة التراخيص الثانية التي ستُعقد في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2010.
كل ما سبق دفع تحالف أكسون موبيل، بعد أربعة أسابيع من إعلان تحالف لوك أويل، إلى إعلان قبول شروط الوزارة فيما يتعلق بالحد الأقصى لأجور الخدمة.
فضّلت الوزارة عرض تحالف أكسون موبيل من خلال عدم النظر في عرض تحالف لوك أويل عند تقديمه في حينه وعندما قدّم تحالف أكسون موبيل عرضه تم اختياره فورا؛ ويُتوقَّع أن تبرير ذلك يعود إلى أفضلية مستوى إنتاج الذروة PPT الذي يميل لصالح تحالف أكسون موبل.
وافق مجلس الوزراء على إحالة حقل غرب القرنة1 إلى تحالف أكسون موبيل في 25 كانون ثاني 2011.
*تفاوضات أكسون موبيل مع إقليم كردستان
لكن أكسون موبيل تفاوضت سرّاً مع حكومة إقليم كردستان بعد أن حصلت الشركة على عقد غرب القرنة1 من وزارة النفط الاتحادية ووقّعت التعديل الثاني للعقد في 18 آب/ أغسطس 2010 بإضافة 500 ألف برميل يوميا إلى إنتاج الذروة المتعاقد عليه PPT المرتفع أصلا وبزيادة أجور الخدمة إلى 2 دولار/ برميل.
أدّت المفاوضات السريّة بين أكسون موبيل وحكومة إقليم كردستان إلى توقيع ست اتفاقيات مشاركة في الإنتاج في 18 أكتوبر 2011، على الرغم من أنها تعرف مسبقا بسياسة القائمة السوداء التي اتبعتها وزارة النفط الاتحادية؛ أي تجاهلت أكسون موبيل السياسة المُعلَنة للحكومة الاتحادية.
وقد أضاف توقيع العقود المُبرمة مع حكومة إقليم كردستان المِلح على الجرح حيث إن ثلاثة من هذه العقود تتعلق برقع استكشاف وحقول تقع ضمن "المناطق المتنازع عليها" وهي بعشيقة والقوش وقرى حنجير، والثلاثة الآخرون هم شرق أربات وبريمام وبيتواتا.
*تقليص نسبة مشاركتها في حقل غرب القرنة
أدت هذه الخطوة غير الحكيمة والمحيرة من قبل شركة أكسون موبيل إلى استبعادها من قيادة مشروع إمداد مياه البحر المشترك - CSSP وتقليص نسبة مشاركتها في حقل غرب القرنة 1 (من خلال التعديل الثالث للعقد بتاريخ 28 تشريت ثاني/ نوفمبر 2013) وإدراجها في القائمة السوداء مما يحرمها من المشاركة في أي مشاريع مستقبلية مثل مشروع الناصرية المتكامل- NIP.
كان هذا العمل غير الحكيم مؤشرا على بداية أُفول هذه الشركة النفطية الدولية العملاقة في قطاع النفط الإنتاجي العراقي.
وقد تعقّد موقف أكسون موبيل أكثر عندما خرجت شركة شل من حقل غرب القرنة1 بعد خروجها من حقل مجنون النفطي في حزيران/ يونيو 2018.
حاولت شركة أكسون موبيل العودة إلى النفط العراقي، في وقت وزير النفط الأسبق، جبار لعيبي، من خلال مشروع جنوب العراق المتكامل SIIP. كان هو وأكسون موبيل على وشك توريط العراق بعقد بغيض، وبعد تحذير وزارة النفط من العواقب الكارثية لمثل هذا العقد مع هذه الشركة، تم ولحُسن حظ العراق رفض ذلك العقد.
*سقوط الشركة في الإقليم
كان صعود وسقوط أكسون موبيل في إقليم كردستان العراق سريعا ودراماتيكيا على الرغم من حقيقة أن حكومة إقليم كردستان قدمت اتفاقيات مشاركة إنتاج مُغرية ومربحة للشركة. وذكرت مصادر إعلامية أن شركة أكسون موبيل أجرت دراسات جيولوجية شككت في وجود احتياطيات كافية في معظم تلك الرُّقع الاستكشافية والحقول التي تم توقيع اتفاقيات المشاركة بشأنها. وقد دفعت هذه النتائج إلى تخلي شركة أكسون موبيل عن ثلاثة منه وهي: بيتواتا في عام 2015، وقره هنجير وشرق أربات في عام 2016.
قد تكون رقعة بعشيقة من أكثرها ذات الاحتمالية الجيدة، ومع ذلك قامت أكسون موبيل، في عام 2017، ببيع نصف حصتها البالغة 80 بالمائة في هذه الرقعة إلى الشركة النرويجية DNO إلى جانب التنازل لها لتكون المشغّل للحقل. وفي بداية هذا العام وافقت شركة أكسون موبيل على بيع 32 بالمائة من حصتها المتبقية إلى DNO. وبهذا ينتهي عمليًا وفعليأ دور شركة أكسون موبيل في بعشيقة. أما ما يتعلق بالرقعتين الأخيرتين، القوش وبريمم، فقد مرّت عشر سنوات دون تحقيق تقدم كبير فيهما.
وبهذا فقد طويت مغامرة أكسون موبيل في كردستان العراق، في الغالب، بشكل بائس وسريع!
*بيع حصتها في حقل غرب القرنة
وصلت شركة أكسون موبيل الأمريكية عملية التحول من خلال أحدث عملية سحب أصولها غير الاستراتيجية ومنها استثماراتها في العراق من خلال بيع حصتها في حقل غرب القرنة/ 1.
وذكرت شركة "ستاندرد آند بورز" في تقرير لها، أنه تواصل شركة ExxonMobil Corporation بيع الأصول غير الاستراتيجية وتركيز الاستثمار على المشاريع ذات الأولوية الأعلى، مما يحد من الحاجة إلى إصدار المزيد من الديون، ويدعم توزيعات الأرباح الحالية.
وتابعت، أنه بعد بيع حصتها في حقل نفط غرب القرنة1 المنتج غير العامل في العراق إلى بيرتامينا الإندنوسية ، بلغ إجمالي تصفية إكسون موبيل حوالي 15.6 مليار دولار منذ أبريل نيسان 2019، متجاوزًا خطة التصفية البالغة 15 مليار دولار.
وبينت، أنه من المحتمل أن يتضمن برنامج سحب الاستثمارات الحالي أصولًا عبر ماليزيا والولايات المتحدة وألمانيا وغينيا الاستوائية وأذربيجان وهولندا.
وتتمثل أولويات الاستثمار الحالية في المنبع لشركة إكسون موبيل في المياه العميقة في غيانا والبرازيل، ومشاريع الغاز الطبيعي المُسال في موزمبيق وبابوا غينيا الجديدة ، وحوض بيرميان الأمريكي غير التقليدي، والذي تعتبره مناطق تنمية استراتيجية رئيسية.
تسعى شركة أكسون موبيل لبيع حصتها البالغة 32.7% في حقل غرب القرنة/1، ويعد حقل غرب القرنة واحدا من الحقول النفطية الكبيرة في العراق وجرى استخراج النفط منه في أول مرة عام 1973 وتفيد التقديرات بأنه يحتوي على خزين نفطي يبلغ 24 مليار برميل.
ووقّع العراق خلال العام 2010 عقودا عدة مع شركات عالمية لتطوير حقوله النفطية ضمن جولتي التراخيص الأولى والثانية وتركزت تلك الحقول في غالبيتها على حقول الجنوب وكانت شركة أكسون إحدى الشركات التي فازت بعقد حقل غرب القرنة المرحلة الأولى ضمن تحالف عدة شركات.
والشركاء الآخرون في الحقل هم إتوشو اليابانية (بنسبة 19.6%) وبرتامينا الإندونيسية (بنسبة 10%) والشركة العراقية الحكومية للتنقيب عن النفط (5%).
وأراد استبدال شركة أكسون موبيل بشركة أمريكية أخرى لا تقل وزنا وثقلا عن الشركة الامريكية التي تسعى للخروج من الحقل أو قيام شركة نفط البصرة حصتها في الحقل.
*فشل أمريكي في قطاع الشركة الخاص
باختصار، في جولة التراخيص الأولى، أُتيحت لشركة أكسون موبيل الأمريكية ثلاث فرص ثمينة، وكان من الناحية التحليلية والقانونية، بإمكانها وشركائها الفوز بجميع حقول النفط العملاقة الثلاثة (الرميلة والزبير وغرب القرنة1) مع إنتاج ذروة يبلغ 6.275 مليون برميل يوميًا، لكن الشركة فرّطت بتلك الفرصة الفريدة وخرجت من جولة التراخيص الأولى خالية الوفاض!.
بدلاً من ذلك، سعت أكسون موبيل إلى مسار عمل مثير للانقسام والتدخل في السياسة العراقية الداخلية من خلال إبرام اتفاقيات مشاركة في الإنتاج مع حكومة إقليم كردستان. فهل كان ذلك بسبب الافتقار إلى الرؤية أو عدم إدراك الآثار السلبية الجيوسياسية لسلوكها أو الغطرسة التي تعكس عقلية "الأخوات السبعة" أو كان لها مهمة أو أجندة سياسية خفيّة تهدف إلى تفكيك البلاد.