العراق يخطو نحو مرحلة جديدة من التحول الاقتصادي عبر الاستثمار بستة قطاعات.. تعرّف عليها

هل ينجح في جذب المستثمرين؟
انفوبلس/..
يخطو العراق نحو مرحلة جديدة من التحول الاقتصادي عبر تنفيذ مشاريع تنموية كبرى، من أبرزها "طريق التنمية" و"ميناء الفاو الكبير"، اللذان يسهمان في تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاستقرار الاقتصادي وتوفير فرص عمل واسعة. هذه المشاريع لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية فقط، بل تتطلب إنشاء مدن جديدة لدعم تنفيذها، مما يعزز النمو الاقتصادي.
كما أن موقع العراق الاستراتيجي يجعل من هذه المشاريع نقطة ربط حيوية بين الشرق والغرب، مما يعزز مكانته الدولية ويدعم دوره كمركز رئيسي للنقل والتجارة في المنطقة والعالم.
وفي ظل الجهود الحكومية الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة، تسلط التقارير الضوء على أهمية تكامل الاستثمارات الدولية، حيث يبرز دور صندوق العراق للتنمية في استقطاب الاستثمارات الأجنبية ودعم القطاعات الحيوية مثل السكن، الصناعة، التحول الرقمي، والزراعة الذكية. كما أن تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي سيُمكّن العراق من مواجهة التحديات الاقتصادية بمرونة أكبر، مستفيداً من موقعه الجغرافي الاستراتيجي.
تعزيز التكامل الاستثماري
وأكد المدير التنفيذي لصندوق العراق للتنمية، محمد النجار، أن العراق يمتلك مقومات اقتصادية تجعله لاعباً رئيسياً على الساحة الدولية، مشيراً إلى أن المشاريع التنموية الكبرى، مثل "طريق التنمية" و"ميناء الفاو الكبير"، تمثل محركات رئيسية لتحقيق التحول الاقتصادي وتعزيز التكامل الاستثماري مع مختلف دول العالم.
وأوضح، أن هذه المشاريع ستوفر بيئة مثالية لجذب الاستثمارات الأجنبية، مما يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام. كما أشار إلى أن صندوق العراق للتنمية يعمل على تهيئة بيئة استثمارية متكاملة لاستقطاب الشركات العالمية المتخصصة، مؤكداً أن المشاريع التنموية يجب أن تكون محور التوجه الاستراتيجي للبلاد، نظراً لدورها في تنويع الإيرادات وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
تنويع الإيرادات
يرى خبراء الاقتصاد أن الحكومة العراقية تتجه نحو تنويع مصادر الدخل وزيادة الإيرادات غير النفطية، ضمن خططها لمواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية.
وتشمل هذه الجهود إنشاء مدن صناعية واستثمارية وتعزيز دور القطاع الخاص، لضمان تنمية اقتصادية مستدامة تتماشى مع التطورات العالمية.
كما يؤكد المختصون أن مشروع "طريق التنمية" يمثل خطوة استراتيجية نحو تحقيق هذا الهدف، إذ يفتح آفاقاً جديدة للعراق من خلال تعزيز التعاون الإقليمي، وهو أمر بالغ الأهمية لبلد شهد عقوداً من الأزمات التي أثّرت على بنيته التحتية.
ويطمح العراق، عبر تنفيذ مشاريع كبرى، إلى تجاوز هذه التحديات وتحقيق تحول اقتصادي ينعكس إيجاباً على المنطقة بأسرها.
ووفقاً للمختصين، فإن تعزيز التكامل الإقليمي سيمنح العراق قدرة أكبر على الصمود أمام الأزمات الاقتصادية، مستفيداً من موقعه الجغرافي ليصبح مركزاً إقليمياً رئيسياً للنقل والتجارة.
كما أن تقليل الاعتماد على النفط وتنويع الاقتصاد سيمكّن العراق من اختيار مشاريع تتناسب مع احتياجاته، مع مراعاة تكاليف الإنتاج المحلي مقارنة بالمنتجات المستوردة، مما يدعم الصناعة الوطنية ويعزز تنافسيتها.
فرص العمل والتنمية المستدامة
أكد مهتمون بالشأن الاقتصادي أن اعتماد العراق على النفط كمصدر أساسي للإيرادات يجعله عرضة للتقلبات الناجمة عن تذبذب الأسعار العالمية، مما يفرض ضرورة تنويع مصادر الدخل لتعزيز مرونة الاقتصاد وزيادة قدرته على مواجهة الأزمات.
وأوضحوا، أن "تنويع القطاعات الاقتصادية يضمن توزيع المخاطر، حيث يمكن لأي قطاع أن يعوض تراجع قطاع آخر، مما يعزز استقرار الاقتصاد. كما أن هذا التنوع سيسهم في توفير فرص عمل واسعة في مجالات مثل السياحة، والتكنولوجيا، والصناعات التحويلية، مما يدعم التنمية المستدامة".
وأشاروا، إلى أن "الحكومة تبذل جهوداً حثيثة لاستثمار الموارد الطبيعية بطريقة استراتيجية، من خلال جذب الشركات الاستثمارية العالمية".
كما بدأت بتنفيذ جولات تفاوضية شملت دول كبيرة، إضافة إلى مشاركتها في منتديات عالمية، حيث تم توقيع اتفاقيات مهمة، تمثل خطوة نحو تحول نوعي في الاقتصاد العراقي.
قطاعات الاستثمار الأساسية
وفي هذا الشأن، أكد مستشار رئيس الوزراء لشؤون الاستثمار، محمد النجار، أن صندوق العراق للتنمية يعتمد استراتيجية واضحة لضمان تنفيذ المشاريع بكفاءة وشفافية، مشيراً إلى "الدور المحوري الذي تلعبه شركات التدقيق الدولية في مراقبة سير العمل وضمان الامتثال للمعايير العالمية".
وأوضح النجار، أن "الصندوق يركز على الاستثمار في ستة قطاعات أساسية، تم تحديدها بناءً على أهم الأزمات التي يواجهها العراق، وهي: السكن، التعليم، التحول الرقمي، الصناعة الذكية، الزراعة الذكية، والبيئة". وأشار إلى أن "كل من هذه القطاعات يمثل تحدياً كبيراً يمكن تحويله إلى فرصة استثمارية تسهم في تحقيق التنمية المستدامة".
وأضاف، أن المشاريع التي يطلقها الصندوق تخضع لمعايير دقيقة لتقييم أثرها الاقتصادي، ومن بينها قدرتها على توفير فرص عمل سواء خلال مرحلة التنفيذ أو بعد التشغيل.
جهات عمليات التدقيق
وأكد أن القطاع الصناعي، على سبيل المثال، سيعتمد بنسبة تتراوح بين 30 إلى 40% على المواد المحلية، حيث يستطيع العراق حالياً تأمين جزء من احتياجاته من الحديد وكميات كبيرة من الإسمنت، مع خطط لإنشاء مصانع جديدة لتلبية متطلبات السوق.
كما أوضح النجار، أن عمليات التدقيق في الصندوق تتم عبر ثلاث جهات رئيسية: هيئة رقابية مستقلة ترفع تقارير مباشرة لمجلس الإدارة، شركة عالمية متخصصة بتدقيق العمليات المحاسبية، وديوان الرقابة المالية الذي يتولى التدقيق المحلي.
وأكد، أن الصندوق يعمل وفق معايير الحوكمة العالمية بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية، مشيراً إلى أن القوانين الحالية تعيق دخول الاستثمارات المباشرة إلى مؤسسات الدولة، لذا تم تأسيس الصندوق وفق إطار قانوني دولي، ما يجعله منصة آمنة وموثوقة للمستثمرين الدوليين الراغبين في دخول السوق العراقية.
التنمية المستدامة وتحفيز الاستثمار
ويشهد العراق تحولًا ملحوظًا في مجالات التنمية الاقتصادية، مع تنفيذ مشاريع استراتيجية تهدف إلى معالجة التحديات في البنية التحتية، النقل، والطاقة، مما يسهم في خلق بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا وجاذبية للاستثمارات، حيث شملت هذه الجهود إعادة تشغيل المصانع المتوقفة وإنشاء مصانع جديدة لتعزيز الإنتاج المحلي وتوفير فرص عمل تسهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي.
وقد اتخذت حكومة محمد شياع السوداني خطوات إصلاحية أثّرت بشكل إيجابي على الاقتصاد العراقي، حيث بدأت نتائج هذه الإصلاحات تظهر تدريجيًا، لا سيما في قطاعي الطاقة والزراعة. ومن المتوقع أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تحقيق نمو اقتصادي متزايد خلال السنوات القادمة، ما يعزز جاذبية العراق للاستثمارات الأجنبية ويحسن مستوى المعيشة للمواطنين.
ووفقًا للتقارير الرسمية، سجل الاقتصاد العراقي نموًا بنسبة 3.7% في عام 2024، ومن المتوقع أن ترتفع النسبة إلى 4.5% في عام 2025، بالتوازي مع انخفاض معدل البطالة بنسبة 1.8% نتيجة توسع فرص العمل في قطاعات الزراعة، الصناعة، والبنية التحتية، كما تم تخصيص 1.2 مليار دولار لدعم مشاريع التنمية في القطاعات الحيوية، مما يعكس التزام الحكومة بتعزيز الاستدامة الاقتصادية.
وفي إطار توسيع التعاون الاقتصادي الدولي، يواصل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عقد اتفاقيات وشراكات استراتيجية تعزز مكانة العراق على الساحة العالمية، وتساعد في تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات.
ويمكن للعراق أن يستلهم تجارب دول مثل سنغافورة، ماليزيا، كوريا الجنوبية، والنرويج التي حققت نجاحات اقتصادية عبر استراتيجيات تنويع الاقتصاد، تطوير التعليم، وتعزيز التصنيع والتصدير، وهو ما يمكن أن يسهم في تحقيق تحول اقتصادي مستدام للعراق.