فشل مقترح نقل مصفى الدورة لأطراف بغداد بسبب الكلفة الباهظة واحتمال تلف المعدات
انفوبلس..
خلال الأشهر الماضية، ومع تكرار انتشار رائحة الكبريت بالعاصمة بغداد، تم تقديم مقترح لمجلس الوزراء يتضمن تفكيك ونقل مصفى الدورة من بغداد إلى خارجها، واليوم أصبح هذا المقترح غير قابل للتنفيذ بسبب العديد من العقبات، فما هي التفاصيل؟
لجنة النفط النيابية عدّت مقترح نقل مصفى الدورة إلى خارج العاصمة بغداد بأنه إجراء غير عملي، وذلك بسبب كلفة النقل التي قد تصل إلى أكثر من أربعة مليارات دولار، فضلا عن خطر تلف المعدات.
وقال عضو لجنة النفط النيابية، بهاء النوري، إن "المصافي الموجودة في العراق، سواء الحكومية أو الاستثمارية، تم تطويرها بشكل كبير خلال الفترة السابقة لتكون صديقة للبيئة".
وأوضح النوري، إن "وزارة النفط بدأت خطة شاملة تتجه نحو جعل جميع المعامل والمصافي تتوافق مع شروط الأمان البيئي، لاسيما من حيث تقليل الغازات التي تلوث البيئة". لكنه أشار إلى أن "التلوث الرئيسي لا يأتي فقط من المصافي، بل من عمليات الاستخراج النفطي وخروج الغازات المشعة".
وأضاف النوري، إن "الحكومة بدأت معالجة هذا الأمر عبر خطط حقيقية لمعالجة الغاز المحترق، وقد حققت وزارة النفط خلال السنوات الثلاث الأخيرة إنجازات مهمة في هذا المجال، كما تعمل الوزارة على تطوير معامل الطابوق لتعمل بالغاز والوقود الأقل تلويثًا".
وفي ما يخص مصفى الدورة، قال النائب: "يُعد المصفى قديمًا جدًا، ورغم عمليات التطوير المستمرة، مثل تركيب العديد من المرشحات الصديقة للبيئة، فإنه لا يزال دون مستوى مصفى كربلاء الذي يعتبر صديقًا للبيئة بالكامل". منوها بأن، مقترح نقل مصفى الدورة إلى خارج بغداد يمثل تحديًا كبيرًا بسبب التكلفة العالية التي تتراوح بين 3 إلى 4 مليارات دولار أو أكثر، إضافة إلى خطر تلف المعدات أثناء النقل، مما يجعل الأمر غير عملي في الوقت الراهن".
من جهته، أوضح عضو مجلس النواب، ضياء الهندي، أن "أغلب المصانع في العاصمة بغداد غير صديقة للبيئة، وهذا يجعل نسبة التلوث مرتفعة للغاية، ويزيد من المشكلة وجود مصفى الدورة"، مشددا على ضرورة إخراج المصافي من داخل المدن لتقليل التلوث".
واستبعد الهندي إمكانية إخراج مصفى الدورة حاليًا لتجنب حدوث أزمة في توفير الوقود، خاصة أنه لا توجد خطوط بديلة لتغطية الحاجة". وأشار الهندي إلى أن "المسألة تحتاج إلى دراسة شاملة، وتأمين بدائل مستدامة قبل اتخاذ خطوات جذرية في إخراج المصانع والمصافي من المدن".
يذكر أنه في شهر نيسان الماضي، حدّدت وزارة النفط، شرطين لنقل مصفى الدورة لموقع بديل، فيما أكدت حرص رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على اختيار موقع بديل للمصفى.
وقال المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد، إن "مصفى الدورة تم إنشاؤه في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي لإنتاج مجموعة من المشتقات النفطية ومنها البانزين والكازويل والنفط الأبيض ومجموعة زيوت السيارات وغير ذلك، لتلبية حاجة البلاد من المشتقات النفطية". لافتاً إلى، أن "مصفى الدورة حقق معدلات إنتاج للطاقة التكريرية من 110 ألفاً إلى 140 ألف برميل باليوم".
وأضاف، إن "فكرة تغيير موقع المصفى موجودة أساساً، لكن تم تأجيلها بسبب الظروف التي مر بها العراق سواء كان ذلك قبل 2003 أو ما بعد العام 2003 والتي حالت دون تغيير موقع المصفى، بالإضافة الى سبب آخر يتعلق بحاجة العراق إلى المشتقات النفطية"، موضحاً أن "البلاد وبعد العام 2003 شهدت ارتفاعاً في حجم استهلاك المنتجات النفطية بالإضافة إلى الظروف التي واجهت الصناعة النفطية واستهداف المنشآت النفطية والأنابيب والمصافي ومن ضمنها تعرض مصفى الدورة الى عدة استهدافات والذي كان يتسبب بنقص في المشتقات النفطية".
وتابع جهاد، إن "مصفى الدورة وعند إنشائه تم اختيار منطقة الدورة في ذلك الوقت لقربها من نهر دجلة، وأيضاً لأن المنطقة كانت منطقة بساتين تتوفر فيها عوامل البيئة الخضراء وبالتالي هي منطقة مثالية لإنشاء المصفى، ولكن وبعد الامتدادات العمرانية التي حدثت والتطور السكاني أصبح المصفى هو في داخل المدينة بعد أن كان في أطرافها".
وأكد، إن "هناك حرصاً من الحكومة ورئيس الوزراء ومن وزارة النفط على اختيار موقع بديل للمصفى خاصة بعد نجاح الحكومة والوزارة في افتتاح مصفى كربلاء بطاقة (140) ألف برميل والذي أسهم بسد جزء من الحاجة المحلية، وأيضا افتتاح الوحدة الرابعة في مصافي الجنوب بطاقة (70) ألف برميل والتي أصبح إنتاجها بحدود (280) ألف برميل، وأيضا نجاح الجهد الوطني في إعادة إعمار مصافي الصمود التي تضم مصفى الشمال بطاقة (150) ألف برميل باليوم، ومصفى صلاح الدين واحد بطاقة (70) ألف برميل، ومصفى صلاح الدين بطاقة (70) ألف برميل أيضا، بالإضافة إلى المشروع الذي تعمل عليه مصافي الجنوبي ومشروع FCC، وأيضاً إضافة عدد من الوحدات الإنتاجية إلى المصافي الصغيرة، وكذلك توجه الوزارة لبناء عدد من المصافي في المحافظات، وتمت دعوة الشركات الاستثمارية لبناء عدد من هذه المصافي الاستثمارية".
وتابع جهاد، إنه "بعد الوصول إلى الاكتفاء الذاتي بالتأكيد الحكومة ستكون قادرة على الانتقال التدريجي أو نقل المعدات ومنشآت المصفى تدريجياً الى الموقع البديل، وهذه العملية تستغرق بعض الوقت حتى لا تؤثر على عملية الإنتاج"، مشيراً الى أن "اختيار الموقع يتم بمواصفات معينة وقريبة من مصادر تغذية المصفى بالنفط الخام وقربه من شبكة الأنابيب، وتوفر العامل للبيئة وغير ذلك".
وحول أزمة انتشار رائحة الكبريت، يقول المهندس البيئي حسام الربيعي، إن الدخان الكبريتي الذي لوحظ في بغداد "ليس قاتلاً"، لكنه يؤثر سلبياً على جودة الهواء و"تراكيزه العالية تسبب الاختناق".
ويضيف الربيعي، إن استمرار هذه الحالة من تصاعد دخان الكبريت واستنشاقه من قبل المواطنين سيتسبب لهم بـ"مشكلات في الرؤية، وأخرى في الجهاز التنفسي".
وكانت وزارة البيئة العراقية كشفت، خلال مؤتمر صحفي عن أسباب رائحة الكبريت التي أرّقت أهالي بغداد الأشهر الماضية، إن أحدها يتمثل في "حرق الوقود الثقيل المتمثل في النفط".
وأعلنت الوزارة في المؤتمر المشترك مع لجنة الصحة والبيئة التابعة للبرلمان العراقي، أن النفط العراقي يحتوي على نسبة عالية من الكبريت، وعند حرقه يولّد "غازات سامة".
وعن مصادر الرائحة، فهي بحسب المعلومات التي وردت في المؤتمر الصحفي: "مصفى الدورة ومحطة الطاقة الحرارة بالدورة ومحطة القدس في شمال بغداد والمحطات الكهربائية الأخرى، إضافة لمعامل الإسفلت والطابوق وعددها أكثر من 250، واستخدام بعض الكور لصهر منتجات النحاس وغيرها، وحرق النفايات في النهروان ومعسكر الرشيد".
ويشير الربيعي إلى أن انتشار رائحة الكبريت "ليس جديداً على أجواء العاصمة، إلا أنه كان يحدث على فترات متباعدة، وبدرجة تلوث أقل بكثير عما شهدته الأجواء العراقية" هذه المرة.
ويتابع، إن الدخان الكبريتي ناتج عن عمليات تصنيعية وتكريرية للنفط وحرق مواد نفايات يدخل النفط ضمن تركيبتها وأغلب مكوناتها هي ثاني أوكسيد الكبريت.