أنبوب البصرة – حديثة.. لا أهداف واضحة وفائدة لـ5 دول غير العراق!
انفوبلس/ تقارير
جدل ولبس في الموضوع، فرغم أنه جزء من أنبوب النفط العراقي – الأردني، لكن ثمة متغيرات وتفاصيل تختلف عما موجود في خط البصرة – عقبة، إذ أقرّ مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، مشروع خط أنابيب البصرة – حديثة وتحدث بعدها رئيس الوزراء عن إنتاج النفط بدلا من بيعه، ثم اشتدت السياسات النفطية الغامضة بعدم معرفة أهداف هذا المشروع وفي الوقت ذاته معرفة فائدته لـ5 دول غير العراق! فما القصة؟ وما تفاصيل سلسلة الأنابيب هذه؟
ما هو المشروع؟
أقرّ مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، مشروع خط أنابيب "البصرة-حديثة" بكلفة أولية تبلغ 4.6 مليار دولار، وفقاً لما جاء في وكالة الأنباء العراقية.
المشروع الذي تبلغ طاقته 2.25 مليون برميل، ليس جديداً، إذ تعود فكرته إلى ثمانينيات القرن الماضي، وجاءت بهدف تعزيز إمكانيات تصدير النفط العراقي خلال الحرب مع إيران واحتمال إغلاق "مضيق هرمز" آنذاك.
ويصدّر العراق، الذي يُعتبر ثاني أكبر المنتجين في "منظمة الدول المصدرة للنفط" (أوبك)، نحو 90% من نفطه من المضيق، ما يعني أن أي اضطرابات قد تحدث، من شأنها التأثير على صادرات البلاد النفطية.
والجدير بالذكر، أن أنبوب النفط العراقي - الأردني هو مشروع قيد التفيذ لنقل النفط الخام المُستخرج من حقول البصرة الواقعة جنوب العراق إلى مدينة العقبة في جنوب الأردن. يمتد هذا الأنبوب مسافة مقدارها 1700 كم عبر مرحلتين، الأولى تمتد من من البصرة إلى حديثة في غرب العراق، والثانية تمتد إلى أن ينتهي في ميناء العقبة لتصدير النفط إلى باقي العالم.
وسينقل الجزء الأول من الأنبوب حوالي 2.25 مليون برميل نفط يوميا، فيما تبلغ كمية النفط التي ستصل إلى ميناء العقبة عبر الأنبوب مليون برميل يوميا سيتم تحويل 850 ألف برميل إلى مصفاة البترول الأردنية، بالإضافة إلى أنبوب آخر لنقل 100 مليون متر مكعب يوميا من الغاز سيقوم الأردن باستخدامها لإنتاج الكهرباء.
محاولات لإحياء المشروع
ينتج العراق بموجب اتفاق تحالف"أوبك+" 4 ملايين برميل يومياً، رغم أنه رفع الإنتاج إلى 4.251 مليون برميل يومياً خلال يوليو، وفقاً لتقرير "أوبك" المعتمد على المصادر الثانوية.
تواجه خطط العراق لزيادة الإنتاج النفطي مشكلات محلية، بما في ذلك القدرة التصديرية المحدودة بسبب البنية التحتية القديمة والمتدهورة. كما أثرت الخلافات بشأن السيطرة على الإنتاج في إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي، على إنتاج البلاد من النفط الخام. تم إغلاق خط أنابيب "كركوك-جيهان" في مارس 2023، وقام العراق بزيادة الإنتاج في حقول أخرى للتعويض عن الإنتاج المفقود في الشمال.
حاولت الحكومات المتعاقبة إعادة إحياء المشروع، إلا أنه لم يرَ النور، وبقيت المخططات حبراً على ورق.
في يونيو الماضي، تحدث المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي فادي الشمري، عن المشروع في تصريحات إعلامية، قائلاً إن "مشروع أنبوب (البصرة-حديثة) طُرح في زمن حكومة رئيس الوزراء الأسبق (نوري) المالكي عندما زار الأردن، ودخل مرحلة الإعداد الفني في حكومة (حيدر) العبادي، كما أن "حكومة (عادل) عبد المهدي مضت بالمشروع بالوتيرة ذاتها"، وفقاً لما نقلته صحيفة "الشرق الأوسط".
وأضاف، إن "العراق لديه الآن منفذ واحد لتصدير النفط، وكذلك أنبوب ميناء جيهان المغلق في الوقت الحالي، وأي مشكلة قد تحدث في الخليج ستؤثر في تصدير العراق للنفط بوصفه المنفذ الوحيد لتصدير النفط العراقي إلى العالم".
كانت وزارة النفط العراقية أشارت في بيان إلى هذا المشروع، معتبرة أنه يهدف إلى "تحقيق المرونة العالية في عملية نقل النفط الخام لأغراض تجهيز المصافي والمستودعات ومحطات الطاقة الكهربائية داخل العراق، وهي ضمن أولويات خطط الوزارة والبرنامج الحكومي.
أهداف غير واضحة للعراق ومفيدة للأردن
وبهذا الصدد، كشف الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، جوانب مهمة عن خط أنبوب نفط البصرة – حديثة بعد أن وافقت الحكومة على تمويله ضمن الاتفاقية الصينية بنحو 6 ترليونات دينار.
وكانت وزارة النفط في آب الماضي قد نفت وجود أي خطة لتطوير الأنبوب من حديثة إلى العقبة وذلك بعد هجمة إعلامية وسياسية اتهمت الحكومة بمحاولة تصدير النفط العراقي إلى إسرائيل.
وتقول الوزارة مراراً إن الهدف من الأنبوب هو الاتصال بتركيا من جديد عبر فيشخابور لضمان عدم فقدان زبائن أوروبا وأميركا الشمالية بسبب توقف التصدير من كركوك وكردستان، إلى جانب الوصول لاحقاً إلى البحر المتوسط عبر طرطوس السورية أو طرابلس اللبنانية.
وتحدث المرسومي بتفاصيل أكثر عمقاً عن "الخطط العراقية المحتملة ومنها رفد مصفاة الزرقاء الأردنية بنحو 150 ألف برميل يومياً، وتصدير 65 ألف برميل أخرى عبر العقبة إلى مصر مع تأكيده أن الخط بالفعل سيتجه إلى تركيا وربما لاحقاً إلى سوريا".
واشار المرسومي إلى أن "كلف النقل البحري تبقى أقل من أجور المرور عبر الأردن، لكن المدافعين عن الخط يشددون على ضرورة ضمان العراق منافذ تصديرية لنفطه الكثير وعدم الاكتفاء بممر هرمز القلق قرب إيران أو الأنبوب التركي المتعثر".
وتشير الأرقام إلى أن "بإمكان الأنبوب الجديد تصدير أكثر من نصف صادرات البلاد بطاقة تتجاوز 2 مليون برميل يومياً، وغاب الحديث عن أنبوب العقبة طيلة شهور، قبل أن تعيد عمّان الحديث صراحة عن الاتفاق على تفعيله خلال زيارة قام بها رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني إلى المملكة بعد 9 أيام من سقوط نظام بشار الأسد في سوريا".
انتقادات للكلفة والجدوى
بعد أن ظهر للرأي العام أن أهداف المشروع غير واضحة بالنسبة للعراق، وذا فائدة لخمس دول أخرى، نشرت صفحة اقتصاديون معلومات جديدة تعمق من جدل هذا المشروع.
وذكرت، أن خط أنبوب البصرة حديثة في موازنة 2024 بمبلغ 4.962 مليار دولار، بينما 5 مليارات تكفي لبناء أكبر 5 مدن صناعية في الشرق الأوسط وتوفر أكثر من 7500000 فرصة عمل دائمية وبمنتجات تقلل 35% من الاستيرادات وتقوي قيمة الدينار بنسبة 6.3% سنوياً .
وتابعت، "مع العلم أن هذا المبلغ ممكن أن يُسترجع بعد 10 سنوات إلى خزينة الدولة، بينما الأنبوب يدعم تصدير النفط إلى دول الجوار بمبلغ أقل من السعرالعالمي حسب الاتفاقية المبرمة مع دول الجوار".
السوداني يتحدث عن إنتاج النفط بدلا من بيعه!
وفي خضم كل ذلك، أثار السوداني الجدل أمس الأول عندما تحدث عن إنتاج النفط بدلا من بيعه.
إذ قال خلال افتتاح وإطلاق عدة مشاريع في القطاع النفطي بقضاء بيجي في محافظة صلاح الدين، الكفاءات العراقية بدأت تصنع وتنشئ الوحدات في المصافي، وهو أمر يعطي قيمة للمنتج ويدفع لاستقرار السوق، ولا يمكن لبلد ينتج أكثر من 4 مليون برميل يومياً الاستمرار باستيراد المشتقات النفطية والغاز".
وبين السوداني، إننا "مستمرون بالترويج للرقع والحقول الخاصة بالغاز الحر، لافتا الى أن خط أنبوب بصرة- حديثة الاستراتيجي الذي صوت عليه مجلس الوزراء، بطاقة أكثر من 2 مليون برميل، سيعطي مرونة في النقل الداخلي للنفط".
وتابع، إنه" نتجه لتوفير النسبة الأكبر من إنتاج النفط الخام بدلاً من بيعه في الأسواق العالمية لاستخدامه في الصناعات النفطية لفائدته، وتوفير فرص عمل".
حديث السوداني هذا أثار الجدل، بين من يراه غير منطقيا، وبين من وجده عكس ذلك، لكن القصد من وراءه بحسب أحد الخبراء الاقتصاديين هو أن السوداني يريد إنتاج النفط واستثماره داخليا لا بيعه، ولكن هذه تقود إلى تبعات جمّة، أبرزها تأثر الاقتصاد والموازنة التي تعتمد على تصدير النفط بأكثر من تسعين بالمئة.