العراق يقيّد تداول الدولار.. توقعات بارتفاع أسعار السلع الإيرانية المستوردة والتاجر العراقي هو المتضرر الأكبر.. تعرف على التفاصيل
انفوبلس..
في ثاني أيام العام الجديد، دخل حيّز التنفيذ قرار حكومي بتقييد بيع وتداول الدولار داخل العراق، القرار الذي سينعكس بشكل مباشر على أسعار السلع المستوردة من الجمهورية الإسلامية ويحمّل المستوردين العراقيين فرق سعر السوق الموازي للعملة الأمريكية.
وفي العام الماضي أعلن البنك المركزي العراقي أنه قرّر اعتبارا من كانون الثاني/ يناير 2023 "حصر التعاملات التجارية كافة وغيرها بالدينار العراقي بدلاً من الدولار" داخل البلاد. وفي حين أنه يمكن سحب الدولار نقداً من الودائع الموجودة سابقا بالعملة الصعبة بشكل طبيعي، سيصبح لزاماً اعتبارا من العام 2024 سحب كلّ حوالة مالية من الخارج بالدينار حصراً ووفق سعر الصرف الرسمي.
وحدد البنك المركزي العراقي الجهات المشمولة بالحصول على حوالاتها الخارجية نقدًا بعملة الدولار الأمريكي، اعتبارًا من 2 كانون الثاني 2024، وشمل بذلك:
- البعثات الدبلوماسية والمنظمات والوكالات الدولية كافة العاملة في العراق.
- منظمات المجتمع المدني غير الحكومية المسجلة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، في حال اشترطت الجهة الأجنبية المانحة دفع مبالغ الحوالات الخارجية الواردة بعملة الدولار داخل العراق.
- العقود الحكومية النافذة بعملة الدولار الأمريكي، والعقود المستمرة على المنح والقروض والاتفاقيات الخارجية.
- نسبة % 40 من الحوالات الواردة للمصدرين العراقيين الناتجة عن صادراتهم إلى الخارج.
وشدد البنك المركزي العراقي، وفق بيان له، على تنفيذ قرارات مجلس الوزراء بمنع إجراء التعاملات الداخلية بالعملة الأجنبية وتعزيز الثقة بالدينار العراقي.
عضو مجلس إدارة غرفة التجارة الإيرانية – العراقية المشتركة شعبان فروتن، رأى أن قرار حكومة بغداد بشأن تقييد بيع وشراء العملة الأجنبية في البلاد، والقيود التي تم وضعها ليست ناضجة وغير عملية.
وقال شعبان فورتون في تصريح أوردته وكالة أنباء فارس: فيما يتعلق بالموافقة على قانون الحكومة العراقية الجديد بشأن القيود على شراء وبيع العملة في هذا البلد، فإن هذا القانون لا يعتبر قرارا ناضجا من قبل العراق لأن النظام السياسي والحكومي والإداري في هذا البلد لا يمكنه الحد من بيع وشراء العملة بهذا الشكل.
وأضاف: بالطبع قد تواجه إيران أيضاً بعض المشاكل في عملية التصدير في بداية تطبيق هذا القانون، لكن هذه المشكلة يمكن حلها بحل مناسب، وهو ليس مستحيلاً.
وأضاف فروتن، "مما لا شك فيه أنه نظراً للنظام الحكومي والإداري في العراق، سيتم قريباً إيجاد حلول لتحويل العملة لأن العراقيين ليست لديهم رغبة كبيرة في استخدام النظام المصرفي بسبب معتقداتهم القبلية والعرقية وأسلوب حياتهم".
وأشار إلى الدبلوماسية الجيدة للحكومة والبنك المركزي الايراني، وقال: بالنظر إلى أداء الحكومة الإيرانية، رأينا دائما تحركات ومشاورات دولية ودبلوماسية إيجابية من قبل البنك المركزي، وهذه المرة يمكننا الاعتماد على هذه الإمكانات. وقد اتخذ البنك المركزي الايراني حتى الآن إجراءات قيمة في مناقشة تسهيل تبادل العملات مع دول المنطقة، والتي أعتقد أنها يمكن أن توفر منصة مناسبة لعلاقات العملة من خلال الدخول في هذه القضية".
ورأى فورتن أن القانون الجديد للحكومة العراقية "غير ناضج وغير مدروس"، وقال: "بينما نشهد مثل هذا القرار غير الناضج من قبل العراقيين، يجب علينا أن نرسل موظفينا من ذوي الخبرة والقدرة في وزارة الخارجية والبنك المركزي، إلى هذا البلد على شكل وفد، حتى يتمكنوا من تقليل القيود والتفاعل مع الدولة المجاورة.
وتابع، بالطبع، أظهر الممثلون الإيرانيون دائما أن لديهم قوة كبيرة في مجال الدبلوماسية ويمكنهم تسهيل الأمر في عملية التصدير إلى العراق هذه المرة ايضا.
وتُعد هذه الإجراءات مفارَقة في بلد غني بالنفط وفي رصيده احتياطات هائلة بالدولار الأمريكي تخطّت المئة مليار. لكن ظهور سوق موازية للصرف، وفرض السلطات قيوداً في إطار تعزيز الرقابة المصرفية امتثالاً للقواعد الدولية التي تفرضها واشنطن، تسبب في تعقيد الحياة اليومية للسكان.
ويبلغ سعر الصرف الرسمي 1320 ديناراً مقابل الدولار الواحد. لكن لدى الصرافين، يساوي سعر الدولار الواحد 1500 دينار وقد يصل إلى 1600. وباتت مكاتب صرف العملات تتعامل بحذر شديد مع الزبائن بعد القبض على عشرات الصرافين المتهمين بالتلاعب بالأسعار.
مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، أكد في وقت سابق، أن هذه هي القاعدة التي هي جزء من السيادة النقدية، لكن هناك استثناءات، تشمل خصوصاً السفارات. وأضاف "لنعزز السيادة النقدية…لا يمكن التعامل بعملتين داخل الاقتصاد الوطني".
لكن هذه القيود تثير الجدل وتعرقل الحياة اليومية للعراقيين، فقد أصبحت التحويلات المباشرة خارج إطار المصارف غير ممكنة بالدولار، وتقتصر على الدينار بالسعر الرسمي.
واعتمد القطاع المصرفي في العراق منصة إلكترونية للصرف، الهدف منها مراقبة استخدامات الدولار، وإحكام السيطرة على اقتصاد غير رسمي آخذ في الازدهار، فيما يجذب التهرب الضريبي بعض المستوردين والتجار.
وأقرّ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في وقت سابق من العام الماضي أنه مع الإجراءات الجديدة، فإنّ الكتلة النقدية بالعملة الصعبة المتوفرة في السوق تراجعت من 200 إلى 300 مليون دولار يومياً إلى 30 و40 و50 مليون دولار.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، قال السوداني إن التجار الذين يتعاملون مع إيران يصبحون مرغمين على التحول إلى السوق الموازية للحصول على العملة، نظراً لأن الجمهورية الإسلامية بلد عليه عقوبات، وغير مسموح له تسيير تحويلات مالية.
وأكّد في الوقت نفسه أن المصرفَين المركزيَّين في العراق وإيران يناقشان آلية من أجل تنظيم التجارة، من شأنها أن تقسم ظهر السوق الموازي.