انفوبلس تغوص في ملف تهريب النفط.. كيف يُهرَّب؟ وكم سعره؟ ومن هم أشهر أُمراء التهريب؟

لماذا تصمت الحكومة الاتحادية!
انفوبلس تغوص في ملف تهريب النفط.. كيف يُهرَّب؟ وكم سعره؟ ومن هم أشهر أُمراء التهريب؟
انفوبلس/..
لا تزال قضية تهريب النفط عبر إقليم كردستان العراق متواصلة، وسط عجز حكومي عن بسط السيطرة على هذا الملف الشائك، لتسجل أرقام مهولة لا يعود منها دولار واحد إلى خزينة الدولة العراقية، حيث يتم بيع برميل النفط الخام بأقل من نصف سعره في الأسواق العالمية وبكميات كبيرة.
وفي هذا الإطار، تستعرض شبكة انفوبلس، أبرز أُمراء تهريب النفط من كردستان العراق والذين يتبع غالبيتهم للعائلات الحاكمة في الإقليم.
يوم الأربعاء (29 كانون الثاني 2025)، شدد تحالف الفتح على ضرورة إيقاف تهريب النفط من قبل إقليم كردستان، داعياً الحكومة الاتحادية الى التدخل وإنهاء هذا الملف.
وقال القيادي في التحالف علي الفتلاوي، إن "إقليم كردستان لا يزال مستمراً بعمليات تهريب النفط، ولم يتوقف عن هذه العمليات". مضيفا، إن "النفط المهرب ثروة وطنية عراقية لكل العراق، وليس للإقليم، ورغم تلك العمليات إلا أن الإقليم يريد أموالاً من بغداد دون أن يسلم ما في ذمته من التزامات مالية".
وتابع، إنه "لا يمكن السكوت أكثر على عمليات تهريب النفط من قبل إقليم كردستان، بل يجب وضع حد لهذا الخرق الذي يُعد نهباً واضحاً للثروة الوطنية، والحكومة الاتحادية، مطالبة بالتدخل والضغط لإيقاف عمليات التهريب التي تجري دون أي محاسبة".
ورغم صدور قرارات دولية وقانونية تمنع عمليات تهريب النفط عبر إقليم كردستان، إلا أنها مستمرة عبر شبكة منظمة تشمل جهات متنفذة في حكومة الإقليم بالتعاون مع شبكات تهريب محلية ودولية.
ويتم استخدام خطوط نقل غير قانونية لنقل النفط إلى دول مجاورة، مثل تركيا، حيث تُستخدم العائدات في تمويل جهات حزبية وشخصيات سياسية داخل الإقليم، بدلاً من إدخالها خزينة الدولة.
أكثر من 300 ألف برميل من النفط يتم تهريبها يومياً من كردستان، دون معرفة واضحة بمصير الأموال الناتجة عن هذه العملية، وفقا لتقارير إعلامية.
*قيمة النفط المُهرَّب
بدوره، كشف الخبير الاقتصادي رشيد السعدي، اليوم السبت، قيمة النفط المهرَّب إلى تركيا عبر منافذ غير رسمية من إقليم كردستان وصلت إلى أعلى مستوى لها في ظل ضعف الرقابة من قبل حكومة المركز.
وفي تصريح له، قال السعدي، إن "قيمة النفط المُهرَّب من إقليم كردستان إلى تركيا بلغ نحو 300 مليار دينار شهرياً، إذ إن عمليات التهرُّيب نشطت خلال الفترة الحالية لتصل إلى 400 ألف برميل نفط يتم تهريبه إلى تركيا شهرياً عبر شاحنات حوضية".
وأضاف، إن "شبكات ومافيا تهريب محلية وأجنبية تقوم بعمليات تهريب النفط من إقليم كردستان إلى تركيا". مبينا، إن "توقف عمليات تصدير النفط العراقي إلى تركيا عبر ميناء جيهان أنعش عمليات تهريب المشتقات النفطية من إقليم كردستان إلى تركيا على الرغم من أن عمليات تصدير النفط إلى تركيا متوقف بشكل رسمي من قبل شركة تسويق النفط (سومو)".
وتابع، إن "عمليات تهريب المشتقات النفطية من إقليم كردستان إلى تركيا كبيرة وأثَّرت بشكل كبير على واردات العراق النفطية وتسببت بخسائر مالية كبيرة".
*مطالبات بقرار جريء
وفي هذا السياق، كشف القيادي في الإطار التنسيقي عصام الكريطي، عن إشكاليات وراء تهريب النفط عبر كردستان، فيما طالب بغداد بقرار جريء تجاه ما يحصل.
وتأتي عمليات التهريب في ظل إيقاف التصدير من إقليم كردستان العراق، فمنذ صدور قرار المحكمة التجارية الدولية في باريس خلال آذار/ مارس من العام الماضي، والذي قضى بأن يكون تصدير النفط حصراً عبر شركة سومو ووزارة النفط الاتحادية والتصدير متوقف.
وقال الكريطي، إن “تهريب النفط هو استنزاف لثروات العراق وخرق للدستور”، مشيرا الى أن “النفط ثروة لكل أطياف المجتمع العراقي”.
وأوضح الكريطي، إن “ملف النفط معقد وكبير، متورطة فيه الكثير من الجهات، علماً أن عائدات هذا النفط تذهب إلى قوى متنفذة في الشمال، مما يثير القلق”.
وأشار إلى أن ”عمليات التهريب ليست محددة بفترة معينة، بل تمتد إلى ما بعد عام 2003، لذلك لا توجد إحصائيات دقيقة عن حجم الأموال أو الإيرادات التي تم استحصالها من عمليات التهريب”.
وأكد، إن “التقرير الأخير الذي نُشر عن تهريب قرابة 200 ألف برميل يومياً كان صادماً، ويكشف عن إدراك دولي لحقيقة ملف التهريب الحاصل في مناطق شمال البلاد”.
وتابع، إن “بغداد يجب أن تتخذ قراراً جريئاً بإيقاف كل أشكال التهريب ووضع عمليات تصدير النفط تحت إدارة اتحادية حصرياً، لأن استمرار التهريب يمثل تجاوزاً لكل القوانين والأعراف، ويؤدي إلى إشكاليات كبيرة في ملف التسويق والتصدير النفطي عبر شركة التسويق النفطية (سومو)”.
*ضمن الحصة الرسمية للعراق!
وكان خبير النفط والطاقة كوفند شيرواني، أكد في تقرير سابق، أن “منظمة أوبك تحتسب كل نفط يخرج من العراق ضمن الحصة الأصلية للعراق التي كانت 3.5 براميل يوميا قبل أن تنخفض إلى 3.3، وبالتالي فكل شحنات تخرج، سواء من موانئ الجنوب أو الإقليم تُحتسب ضمن الحصة الرسمية للعراق”.
واتهم عضو لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية علاء الحيدري، إقليم كردستان بالاستمرار بعمليات تهريب النفط، وأكد أن منظمة أوبك أبلغت وزارة النفط بوجود زيادة في صادرات النفط العراقي، وبعد بحث وزارة النفط الاتحادية تبين أن لا زيادة من المنافذ الجنوبية، وتأكد أن هناك ما يقارب نحو 220 ألف برميل يُهرَّب من الإقليم.
وتذهب شاحنات النفط المهرَّب عبر الطرق السريعة الجبلية المتعرجة من محيط مدينة أربيل، مركز إقليم كردستان العراق، إلى تركيا، حيث ازدهرت هذه العمليات منذ إغلاق خط أنابيب تصدير النفط الرسمي العام الماضي.
ونقلت وكالة “رويترز” في تموز يوليو الماضي، عن مصادر مطلعة ومسؤولين حكوميين، أن مئات من شاحنات النفط تنقل ما لا يقل عن 200 ألف برميل من النفط الرخيص يوميا من كردستان العراق إلى تركيا، وبحسب تقرير فإن القيمة الشهرية لهذه الشحنات النفطية تقارب 200 مليون دولار.
وكشف النائب السابق في مجلس النواب سوران عمر، في وقت سابق، عبر منشور على صفحته في موقع “فيسبوك”، عن قيام وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كردستان بإعادة أموال بناء خط أنابيب النفط إلى شركتين محليتين وأجنبيتين بـ240 قسطا، والمجموع هو 11.16 مليار دولار.
وبين عمر، أنه “مع 120 قسطا كل شهر حتى نهاية العام 2027، ستعيد 55 مليون دولار شهريا إلى شركة روسنفت، وابتداءً من العام 2028، سيعود بمبلغ 38 مليون دولار شهريا على 120 قسطا، لكلتا الشركتين، 60 في المئة لروسنفت و40 في المئة لشركة كار”.
وأشار إلى أنه “بناءً على ذلك، بحلول نهاية العام 2038، ستسدد الحكومة 11.16 مليار دولار لهاتين الشركتين، بينما باعت حكومة الإقليم سابقا خط الأنابيب لهاتين الشركتين بمبلغ لم يتجاوز ملياري دولار”.
وكانت الحكومة الاتحادية برئاسة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي قد عقدت اتفاقا مع حكومة إقليم كردستان أواخر العام 2019، يقضي بتسليم الإقليم 250 ألف برميل يوميا إلى شركة تسويق النفط “سومو” مقابل حصوله على حصته في الموازنة الاتحادية البالغة نحو 12 في المئة.
إلا أن بغداد قامت في نيسان أبريل 2020 بقطع حصة الإقليم بما في ذلك رواتب موظفي الدولة، بسبب امتناع الحكومة الكردية عن الالتزام بالاتفاق المسبق.
وكان معاون مدير شركة “سومو”، علي نزار، قد أعلن في تموز يوليو 2021، أن عدم التزام إقليم كردستان باتفاق “أوبك بلس” ساهم في تراكم تعويضات على العراق، فيما بين أن البرلمان منح الشرعية بعدم التزام الإقليم بالاتفاق، حيث أصبح البلد مطالبا بخفض 6 ملايين برميل شهريا بسبب عدم التزام الإقليم.
يذكر أن العراق ملتزم باتفاق “أوبك بلس” لخفض الإنتاج، الذي أُبرم في أيار/ مايو 2020، وقضى بتخفيضات قياسية في الإنتاج بمقدار 9.7 ملايين برميل يوميا لدول المنظمة الـ13، وجرى تقليص هذه التخفيضات تدريجيا إلى 5.8 ملايين برميل في اليوم في تموز يوليو 2021.
*أُمراء التهريب
من المعروف أن عائلة بارزاني ومعهم مسؤول شركة "كار" باز البرزنجي من المتهمين بشكل مباشر بتهريب النفط العراقي عبر محافظة أربيل، لذا سنستعرض في هذا التقرير أبرز عمليات هؤلاء الأباطرة المهرِّبين.
والبداية من منصور بارزاني هو نجل الرئيس السابق لإقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، والشقيق الأصغر لمسرور بارزاني يعتبر أحد صقور مهرِّبي النفط.
وتأكيداً على ذلك، كشف العضو السابق في لجنة النفط والطاقة النيابية غالب محمد علي، عن سيطرة الابن الثاني لمسعود بارزاني "منصور" على حقل صفية النفطي بمحافظة نينوى، لافتا الى أن نفط هذا الحقل يتم تصفيته في مصفى لاناز ويُباع إلى تركيا لتحصل العائلة البارزانية على إيراداته.
وقال علي، إن "سلطات الإقليم تعمل على تهريب النفط للخارج لتركيا ودول آسيوية والكيان الصهيوني وبعلم الحكومات الاتحادية وجميع مسؤولي الدولة من دون اتخاذ أي إجراءات تذكر".
وأضاف، إن "حقل صفية القريب من محافظة نينوى والتابع الى شركة نفط الشمال يخضع لسيطرة العائلة الحاكمة في الإقليم وتحديداً منصور مسعود بارزاني، حيث يتم تهريب نفط هذا الحقل الى كردستان ويتم تصفيته في مصفى لاناز ليتم بيعه الى تركيا".
وبين غالب، إن "إيرادات حقل صفية الخاضع لسيطرة منصور بارزاني تذهب إيراداته الى هذه العائلة من دون أن تحصل الحكومة الاتحادية على أي إيرادات، رغم علمها بما يحصل في هذا الحقل وغيره من الحقول النفطية الخاضعة لسيطرة البارزاني".
ومن أمراء التهريب أيضا، هو سيروان بارزاني (أحد أفراد عائلة رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني)، ومالك شركة كورك تيليكوم ومجموعة دارين وقائد عسكري في البيشمركة (محور مخمور بنينوى)، تُقدّر ثروته بـ 3.9 مليارات دولار ويعمل في مجالات الاتصالات والإسكان والسياحة.
وتطارد سيروان بارزاني، اتهامات بتهريب النفط العراقي من حقلي "سحيلة" و"عين زالة" الواقعين في محافظة نينوى، حتى إن هناك من يذهب إلى أن هذا الشخص بنى إمبراطوريته من عمليات تهريب النفط، خاصة وأنه كان المسؤول الأول في البيشمركة عن محور مخمور في نينوى.
وقبل 6 سنوات، إبّان الحرب مع تنظيم داعش الإرهابي، أفاد مصدر أمني مطلع بأن فصائل كردية وصفها بأنها “انفصالية” يقودها أبناء رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، “تَستميت” في القتال دفاعاً عن منطقة شمال ناحيتي زمار وربيعة، فيما عزا النائب عبد الرحمن اللويزي الأمر الى تأمين عمليات تهريب النفط السوري الى تركيا على أنه عراقي بالتواطؤ مع حزب العمال الكردستاني.
وقال المصدر في حديث لجهات إعلامية، إن “فصائل كردية انفصالية تستميت في القتال دفاعاً عن المنطقة الواقعة شمال ناحيتي زمار وربيعة”، موضحا أنها “تسمى قوات التايبت التي يقودها منصور بن مسعود البارزاني وذلك لقربها من حقول نفط ارميلان وحقول كراتشوك السورية”.
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن “أبناء مسعود البارزاني مسرور ومنصور، هما المحرك الأساسي لهذا العمل، حيث يجري شراء النفط السوري من PKK و YPG لعدم وجود منفذ لتهريب النفط الى تركيا من جهة سوريا”.
*باز وكار
يعمل باز البرزنجي، مديراً تنفيذياً لـ kar group مجموعة كار أو كار گروب، الشركة الكردية الخاصة، التي تعمل في المشروعات الهندسية والإنشائية وتركز بشكل رئيسي على المشروعات الاستراتيجية في مجال الطاقة التي تخص النفط والغاز والكهرباء.
وتأسست "مجموعة كار" عام 1999، ومقرها الرئيسي في مدينة أربيل، العراق، ولديها فروع في معظم المحافظات العراقية، بالإضافة لمكاتبها في تركيا والأردن، وممثليها في الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، ويقوم باز البرزنجي وهو واجهة لمسعود البارزاني، بتهريب النفط العراقي لإسرائيل.
تأسست "كار" بذروة الدعم "الإسرائيلي" لعائلة البارزاني، لتقوم بتهريب النفط عبر غطاء رسمي من السياسيين الأكراد المستفيدين منها، وفي عام 2019 تم طرد الشركة من منظومة تصدير النفط بسبب الفساد.
*البيشمركة
وأكد القاضي والوزير السابق، وائل عبد اللطيف، أن إقليم كردستان يسيطر على موارد النفط في كركوك وعلى 8 من أغلى الحقول النفطية في الموصل، مستغلًا قوات البيشمركة لتنفيذ ذلك، وسط صمت من الحكومة الاتحادية.
وقال عبد اللطيف، إن "الحكومة الاتحادية منذ عام 2004 تُجدد فقرة في الموازنة تنص على ضرورة تسديد إقليم كردستان للديون المترتبة عليه، دون اتخاذ أي إجراءات صارمة لتطبيقها، وهو ما سمح للإقليم بالتحكم بموارد الدولة بشكل منفرد".
وأوضح، إن "الإقليم يسيطر على موارد النفط في كركوك وعلى 8 حقول في الموصل، بواسطة قوات البيشمركة" مشيراً إلى أن "كميات كبيرة من النفط يتم تهريبها بطرق غير قانونية دون رقابة أو محاسبة من الحكومة الاتحادية".