تبليط المطار بـ 100 مليار.. تفاصيل "صادمة" تثير السخط حول تكاليف "قمة بغداد"

انفوبلس / تقرير
بالتزامن مع توجه الأنظار إلى العاصمة العراقية بغداد التي تستعد لاستضافة القمة العربية الرابعة والثلاثين، وسط ظروف إقليمية بالغة التعقيد، أثارت التكلفة المالية لها الجدل داخل الأوساط الشعبية والسياسية في العراق، حيث يمكن أن تحدث فرقًاً ملموساً في حياة العراقيين إذا تم استثمارها بحكمة وشفافية في المشاريع التي تلبّي الاحتياجات الأساسية وتعزز التنمية المستدامة، فكم تبلغ؟ وما هي ردود الفعل حول ذلك؟
وفي أغلب الأحيان لا تنشر الدول المستضيفة أرقاماً حول الكلفة الفعلية لاستضافة القمة العربية على أرضها، حيث تقتصر هذه المعلومات على التقديرات فقط ومن مصادر غير رسمية.
وتلعب الكثير من الأمور دوراً في زيادة الكلفة أو خفضها، على رأسها التجهيزات الأمنية لمكان انعقاد القمة، وتأمين الشخصيات العامة المشاركة، وفي مقدمتهم رؤساء الدول والملوك والأمراء، وتأمين مقر إقامة القمة وأماكن استضافة الشخصيات العامة.
وهناك عناصر أخرى تدخل في بند كلفة القمة، مثل كلفة أسطول الطيران المخصص لنقل الشخصيات المشاركة في القمة من قيادات ووزراء والوفود المصاحبة، وكلفة الفنادق التي تقيم فيها الشخصيات العامة والصحافيين، إضافة إلى تكاليف أخرى غير مباشرة، منها تعطيل الأنشطة في المنطقة المستضيفة للقمة، وتعطيل وسائل المواصلات أثناء وجود القادة وخلال توجههم للمطار، ناهيك عن مصاريف وبدلات سفر للوفود المشاركة، ومصاريف مندوبي وسائل الإعلام وكلفة تأجير كاميرات التصوير والمعدات والبث المباشر، وغيرها من الأمور.
تكلفة القمة العربية في بغداد
كشف النائب مصطفى السند، عن أرقام فلكية تم صرفها للتحضير للقمة العربية. وقال السند في حديث متلفز تابعته شبكة "انفوبلس" إن "العراق يعاني من مشاكل كثيرة ومعاناة وعوائل شهداء في حين الحكومة تتغاضى عنها”، مبينا أن "تكلفة القمة العربية ليوم واحد تجاوزت 250 مليار دينار".
وأضاف، أن "تبليط شارع المطار بلغ 100 مليار بمشروعين واحد مباشر والآخر إلى قاعة الشرف"، لافتا الى أن "تكاليف الضيافة من أدوات طعام وصلت إلى 13 مليار دولار، من دون الطعام". وأكد أن "العديد من رؤساء العالم اعتذروا عن حضور القمة، حيث ستقتصر على عدد من الوزراء والشيوخ"، متسائلا “لماذا هذه المصاريف على قمة بلا جدوى؟".
وتشهد العاصمة العراقية بغداد، خلال هذه الأيام، حملة تجميلية، استعداداً لاستضافة القمة العربية المرتقبة، حيث رُصدت مبالغ مالية ضخمة لتنظيف وتجميل بعض أجزاء المدينة التي ستستقبل قادة الدول العربية، وفق ما رصدته شبكة "انفوبلس".
وبحسب النائب في البرلمان زهير الفتلاوي، فإن القمة العربية المرتقبة ستُكلّف خزينة الدولة العراقية نحو 600 مليون دولار، تشمل نفقات التحضير اللوجستي، ومواقع الضيافة الرسمية، فضلًا عن الجوانب الأمنية والتنظيمية.
وأثارت هذه الأرقام تساؤلات في الأوساط الشعبية، التي اعتبرت أن توجيه هذا المبلغ الكبير لعقد قمة قد لا تنتج عنها تحولات جوهرية، يتعارض مع أولويات البلاد في ظل الأزمات الاقتصادية والخدمية التي يواجهها المواطن.
وكشف السياسي، سالم مشكور، الاثنين، عن عروض وتنازلات، قدمتها الحكومة العراقية، مقابل حضور بعض قادة الدول إلى القمة، مؤكدا أن كافة القمم العربية هي إجراء روتيني لا جدوى منه، واصفا الجامعة العربية بـ"الميتة سريريا".
وتستضيف بغداد في 17 أيار/مايو الجاري، اجتماع مجلس جامعة الدول العربية الـ34 على مستوى القمة، بعد 13 عاما من الانتظار، حيث من المقرر أن تناقش العديد من القضايا ألرزها التطورات السورية، وملف السودان، وتداعيات المحادثات وتقلبات الاقتصاد.
حيث من المقرر أن تكون مشاركة الوفود من إحدى وعشرين دولة عربية، وهي البحرين والأردن وقطر ومصر والإمارات، أضافة إلى السعودية وفلسطين وسوريا وجيبوتي وموريتانيا والاتحاد القمري، واليمن وليبيا والكويت والصومال، ناهيك عن لبنان والمغرب وعُمان وتونس والجزائر والسودان.
وبقراءة سريعة لكلفة 7 قمم عربية عقدت في الفترة من 2012 إلى 2108، فإن المعلن عن كلفتها رسميا أو بتوقعات من وسائل الإعلام هي قمم بغداد بالعراق 2012، والكويت 2014، ونواكشوط بموريتانيا 2016، والبحر الميت بالأردن 2017. بينما لم يعلن عن كلفة قمم الدوحة بقطر 2013، وشرم الشيخ بمصر 2015، والظهران بالسعودية 2018، إلا أنها في غالبيتها تدور حول المتوسط العام لانعقاد قمة بهذا الحجم على مستوى الرؤساء والأمراء والملوك، وتزداد كلفتها بارتفاع المستوى الاقتصادي للدولة المضيفة.
وبالنسبة لقمة بغداد 2012، إذ تعتبر السلطة العراقية الوحيدة التي صرحت عن الكلفة المقدرة لاستضافة القمة، والتي بلغت نحو 450 مليون دولار. وخصصت الحكومة العراقية 300 مليون دولار لإعادة تأهيل أكبر 6 فنادق في بغداد استعداداً للقمة. لكن الأمانة العامة لمجلس الوزراء أفادت في إبريل/ نيسان 2012، بأن "المبالغ التي تم إنفاقها على فعاليات القمة العربية التي استضافتها العاصمة بغداد نهاية مارس، تراوح بين 50 إلى 60 مليون دولار من أصل 480 مليون دولار خصصت لتغطية نفقاتها".
ماذا تستطيع الحكومة القيام بـ250 مليار دينار؟
بحسب جردة قام بها فريق شبكة "انفوبلس"، فإنه التأكيد، 250 مليار دينار عراقي مبلغ ليس بالقليل، ويفتح آفاقًا لعدة مشاريع تنموية وإصلاحات في العراق. وبناءً على سعر الصرف الحالي، يعادل هذا المبلغ حوالي 190 مليون دولار أمريكي. وفي السطور التالية بعض الأمثلة لما يمكن أن تفعله الدولة بهذا المبلغ:
في مجال البنية التحتية والخدمات:
بناء أو ترميم مدارس: يمكن بناء عدد كبير من المدارس الابتدائية والثانوية، أو ترميم وتحديث المدارس القائمة لتوفير بيئة تعليمية أفضل. تشير التقديرات إلى أن تكلفة بناء مدرسة ابتدائية قد تتراوح بين 280 مليون دينار و4 مليارات دينار اعتمادًا على الحجم والمواصفات.
تطوير الرعاية الصحية: يمكن إنشاء مراكز صحية أولية أو حتى البدء في بناء مستشفيات صغيرة أو ترميم وتجهيز أقسام في المستشفيات الحالية. تكلفة بناء مستشفى قد تتراوح بين 4 ملايين دولار و50 مليون دولار أو أكثر.
مشاريع عديدة: يمكن استثمار جزء من المبلغ في إصلاح وتوسيع شبكات المياه والصرف الصحي في المناطق التي تعاني من نقص الخدمات. كما يمكن تخصيص جزء من المبلغ لصيانة الطرق المتضررة والجسور لضمان سلامة النقل وتحسين البنية التحتية للمواصلات. فيما يمكن البدء في مشاريع لبناء وحدات سكنية بأسعار معقولة للمواطنين ذوي الدخل المحدود.
في المجال الاقتصادي:
دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة: يمكن تقديم قروض ميسرة أو منح لدعم رواد الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، مما يساهم في خلق فرص عمل وتحفيز النمو الاقتصادي. ويمكن استثمار جزء من المبلغ في دعم المزارعين وتحديث التقنيات الزراعية لتحسين الإنتاج المحلي وتحقيق الأمن الغذائي.
الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة: يمكن البدء في مشاريع صغيرة لتوليد الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية، لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
في مجالات أخرى:
دعم الثقافة والفنون: يمكن إنشاء مراكز ثقافية أو دعم المبادرات الفنية والثقافية. ويمكن استثمار جزء من المبلغ في تطوير المواقع السياحية والبنية التحتية المتعلقة بها.
ملاحظات مهمة:
التخطيط الفعال: لضمان الاستخدام الأمثل لهذا المبلغ، من الضروري وجود خطط استراتيجية واضحة وأولويات محددة.
مكافحة اافساد: الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد هي عناصر أساسية لضمان وصول الأموال إلى المشاريع المخصصة وتحقيق أهدافها.
التوزيع العادل: يجب أن تهدف المشاريع إلى تحقيق التنمية المستدامة وتوزيع الفوائد بشكل عادل على مختلف مناطق البلاد وشرائح المجتمع.
وخلاصة الأمر، فإن 250 مليار دينار عراقي يمكن أن تُحدث فرقًا ملموسًا في حياة العراقيين إذا تم استثمارها بحكمة وشفافية في المشاريع التي تلبّي الاحتياجات الأساسية وتعزز التنمية المستدامة.