تعديلات "مرتقبة" على قانون 35 الخاص باستئجار الأراضي الزراعية.. انفوبلس تستعرضها وتكشف أثرها على المشمولين
انفوبلس/ تقرير
من أجل تنمية القطاع الزراعي وتطويره في العراق ومنح مميزات أخرى، ظهرت مساعٍ من لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية في مجلس النواب، لإجراء تعديلات على قانون 35 لسنة 1983 الخاص بتأجير الأراضي الزراعية، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على التفاصيل الكاملة لهذه التعديلات، وأثرها قطاع الفلاحين والمهندسين الزراعيين.
عرض قانون إيجار الأراضي الزراعية رقم 35 لسنة 1983 للتصويت خلال الجلسات المقبلة
يقول عضو لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية رفيق الصالحي، إن "اللجنة تعمل باهتمام على عرض قانون إيجار الأراضي الزراعية رقم 35 لسنة 1983 للتصويت خلال الجلسات المقبلة".
ويلفت الصالحي الى، أن "القانون يخدم شريحة مهمة من المهندسين الزراعيين والفلاحين وإطالة أمد التعاقد على تأجير الأراضي الزراعية"، منوها إلى أن "قانون الأراضي 35 منصف للمزارع العراقي وهناك عدة نقاط إيجابية وأهمها العقد يكون لمدة 25 سنة بعد أن كان يُجدد سنويا".
يشار الى أن لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية أكدت في وقت سابق، المضي في إقرار القوانين الداعمة لتطوير القطاع الزراعي والحيواني في البلاد، مشيرا إلى وجوب الاستفادة من المهندسين الزراعيين.
*المشكلة في الاعتراض على بعض الفقرات
ونهاية العام الماضي 2023، كشفت لجنة الزراعة والمياه والأهوار في مجلس النواب، أنها تعمل باهتمام على تعديل قانون إيجار الأراضي الزراعية رقم 35 لسنة 1983، وتمت القراءة الأولى لهذا القانون والقراءة الثانية وعُرِض للتصويت، لكن المشكلة في الاعتراض على بعض الفقرات ويجري إغناء هذا القانون بإرسال توصيات وملاحظات القوى السياسية.
واضافت، أن "أهم ما يتميز به هذا القانون إطالة مدة التعاقد في إيجار الأراضي الزراعية، والسماح بإنشاء البساتين على أن تكون قطعة واحدة غير مجزّأة ويكون التمليك بعد خمس سنوات لبساتين النخيل وطبعا بمساحة لا تقل عن عشرة دوانم، وكذلك بساتين النخيل والزيتون والحمضيات والسدر، وهذا سوف يعطي ثقة كبيرة للفلاح للتمسك بأرضه، وقانون خمسة وثلاثين يتعلق بالمحاصيل الاستراتيجية وغيرها".
وتتابع، أن دعم القطاع الزراعي يحتاج إلى دعم الأنشطة القائمة على هذه العقود ومنها عقود الموافقة على النشاط النباتي والحيواني حيث كان هذا سابقا، أما الآن فالقانون الحالي لا يسمح بإقامة هذه المشاريع على عقود خمسة وثلاثين، وهذا من أهم ما يتميز بهذا القانون، وفي تفصيل من ضمنها توريث العقود وأيضا في هذا القانون هو فسخ العقود التي لا تُزرع بعد مرور عامين والتجديد في الإجراءات.
وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية المستغلة في العراق 18 مليون دونم من أصل 32 مليون دونم، حسب تصريحات سابقة لوزارة الزراعة، بعد أن كانت تُستغل كلها قبل الغزو الأميركي للعراق منذ نحو 20 عاماً.
أما مساحة الغابات الطبيعية والاصطناعية فتشكل نسبة 6.1% فقط من إجمالي مساحة العراق، بحسب ما أفاد الجهاز المركزي للإحصاء الحكومي عام 2020، الذي أشار إلى تدهور نسبة 69% من المساحات الزراعية بسب الجفاف وتعرض مساحات كبيرة منها للتجريف والتصحر.
أما الخبير بشير خزعل، فيُبين، أن "الارتقاء بالعملية الزراعية في العراق بحاجة إلى خطوات كبيرة لإصلاح ما خرّبه الإهمال على مدى سنوات طويلة، فالاعتماد على المزارعين والفلاحين لتوفير مستلزمات الإنتاج وتسهيل مهمة الزراعة، بحاجة إلى اهتمام الحكومة بشكل جدّي لا لبس فيه، فالظروف المناخية وتقلباتها ليست المشكلة الوحيدة، بل المشكلة الحقيقية هو ما يتعلق بالبنى التحتية الخاصة بالزراعة".
ويوضح، أن أغلب الأراضي الزراعية تم تخريب عشرات الآلاف منها من الدونمات لأغراض بعضها عشوائية وغير مدروسة، أضف إليها التجاوزات والبناء غير الرسمي وغيرها من الانتهاكات، التي قضمت مساحات خضراء كانت تشكّل أحد روافد سلة الغذاء الوطني للبلاد. فحتى العام 1997 بلغ عدد العاملين في قطاع الزراعة في العراق وبموجب تعداد 1997 بحدود (950317) نسمة، وبنسبة مقدارها (6. 19%) من إجمالي السكان النشطين اقتصادياً في العام 2000، وبسبب فقدان أدلة البيانات والمعلومات الأساسية، لرسم أي سياسة عامة، تضاربت الآراء حول مساحة الأراضي الزراعية لعدم وجود إحصاء سكاني عام في العراق منذ آخر تعداد في العام 1997، ولخمس عشرة محافظة فقط، فبعض الآراء تشير إلى وجود (30) مليون دونم من مجموع مساحة الأراضي العراقية البالغة (177،770) مليون دونم كأراضٍ صالحة للزراعة وتشكِّل قرابة (17%) من مساحة العراق، وهي نسبة جيدة مقارنةً بكثير من الدول، فالأراضي الصالحة للزراعة في جمهورية مصر العربية لا تشكِّل إلا (6%) من مجمل المساحة الكلية، لكنها تنتج بطاقتها القصوى.
ويردف، "انحدار القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي بعد العام 2003 يُقدَّر بـ(5%) على وفْق تقديرات عام 2010، وفي عام 2013 كانت المساهمة النسبية للناتج المحلي الإجمالي لقطاع الزراعة والغابات والصيد (9. 3%)، هذه النسبة الضئيلة للإنتاج الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي وتخلُّف التنمية الزراعية، يُعدُّ مظهراً من مظاهر الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد العراقي في العقود الثلاثة المنصرمة، وأصبح القطاع الزراعي قطاعا ثانويا في مفهوم الاقتصاد الوطني يعاني من تحديات خارجية وداخلية في التطور العلمي والتكنولوجي وعدم الاستغلال الأمثل للموارد والطاقات الزراعية، إعادة الإنتاج الزراعي إلى ما كان عليه بحاجة إلى دعم حكومي مفتوح على جميع المجالات، التي من شأنها أن تطور الزراعية وتزيد من غلّة الانتاج، فالأمن الغذائي مرتبط بالاستقرار الاجتماعي والأمن الوطني للبلاد، تنويع الاقتصاد، وتخفيف وطأة الفقر، مكافحة البطالة، تقليص حجم الاستيراد، جميعها مشكل مؤثرة على واقع المجتمع العراقي وتطوره، وما من مجال امام الحكومة سوى الاتجاه نحو الزراعة ودعمها لتحسين الميزان التجاري وتحقيق حركة معظم القطاعات المرتبطة به وصولا إلى مرحلة الاكتفاء والتصدير".
يُعدُّ القطاع الزراعي أحد أهم النشاطات الاقتصادية التي تسهم في الاقتصاد الوطني، ويرتبط الأمن الغذائي بالأمن الوطني، إذ إنَّ تحقيق الأمن الغذائي معتمد بالدرجة الأساس على توفير الغذاء من الإنتاج الزراعي المحلي، فضلاً عن إسهام القطاع الزراعي بتنويع الاقتصاد، وتخفيف وطأة الفقر، وتحسين الميزان التجاري، وتحقيق حركة لمعظم القطاعات المرتبطة به، كما يسهم تطور القطاع الزراعي في مكافحة البطالة، وتقليص حجم الاستيراد، وتطور المجتمع ونهوضه، وتعزيز الاقتصاد الوطني، كما أنَّ المنتج الوطني الأكثر أماناً واطمئناناً على السلامة الصحية للمستهلك مقارنة بالمستورد؛ لأنَّ معظم الأمراض مرتبطة بالغذاء، والاستهلاك الغذائي، فضلاً عن تطور القطاع الاقتصادي الزراعي الذي ينعكس انعكاساً إيجابياً على تحسين الواقع البيئي.
كما يؤكِّد علماء الآثار أنَّ أول موطن للزراعة كان في العراق، وفي مناطقه الشمالية في العصر الحجري الحديث، في حدود (12 ألف عام قبل الميلاد)، طبقاً لكهوف زرزي في السليمانية، وقرية جرمو، إلى الشرق من جمجمال بنحو (11 كم)، وقرية حسونة التي تقع على بعد (35كم) جنوب مدينة الموصل، فضلاً عن القرى الزراعية في السهل الرسوبي، مثل: أور، وأريدو، والوركاء، وتُعدُّ الزراعة من أهم المهن الاقتصادية في أي دولة، وتكمن أهميتها في أنَّ الإنتاج الزراعي -بشقيه الحيواني والنباتي- المصدر الأساسي للغذاء لأي مجتمع، فضلاً عن توفيره فرص عمل لعدد كبير من السكان.