تهريب كردستان أحد الأسباب.. أوبك+ تزيد الإنتاج رغم انخفاض أسعار النفط.. البرميل يتجه للخمسينات قريباً

انفوبلس..
في خطوة تعكس تحولاً استراتيجياً في سياسة الإنتاج، قررت ثماني دول من "أوبك بلس" رفع إنتاج النفط بمقدار 411 ألف برميل يومياً خلال حزيران 2025، استمراراً لنهج التخلّص التدريجي من التخفيضات. القرار الذي جاء عقب اجتماع افتراضي، يهدف لتعزيز استقرار السوق وسط ضغوط من فائض المعروض وتباطؤ الطلب، وسط تحذيرات من نشوب حرب أسعار قد تعمّق الأزمات الاقتصادية العالمية.
اتفقت 8 دول أعضاء في مجموعة "أوبك بلس"، على زيادة المعروض بمقدار 411 ألف برميل يومياً لشهر يونيو (حزيران) المقبل، بما يتوافق مع التوقعات، وبعد زيادة مماثلة الشهر الماضي، وتُعد هذه الخطوة الأحدث في خطة التخلُّص التدريجي من تخفيضات الإنتاج التي طبقتها المجموعة.
والدول الثماني التي سبق أن أعلنت عن تعديلات طواعية إضافية في أبريل (نيسان) ونوفمبر (تشرين الثاني) 2023، هي السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وعُمان.
وجاء هذا القرار بعد اجتماع افتراضي للدول الثماني لمراجعة أوضاع السوق العالمية وتوقعاتها.
قرارات أوبك+
وقال بيان صحافي صادر عن منظمة "أوبك"، إنه "في ضوء أسس السوق الإيجابية الحالية، كما يتضح من انخفاض المخزونات النفطية، وبناء على ما اتفق عليه في اجتماع 5 ديسمبر 2024 بشأن الاستعادة التدريجية والمرنة لتعديلات الإنتاج الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً اعتباراً من 1 أبريل 2025، قررت الدول المشاركة تنفيذ تعديل في الإنتاج قدره 411 ألف برميل يومياً في شهر يونيو 2025 مقارنة بمستوى الإنتاج المطلوب في مايو (أيار) 2025، وهو ما يعادل ثلاث زيادات شهرية".
وشدد البيان على أن هذه الزيادات قابلة للتعديل أو الإيقاف مؤقتاً، بحسب متغيرات السوق، مما يمنح المجموعة المرونة اللازمة لدعم استقرار السوق.
كما أشارت دول "أوبك بلس" الثماني إلى أن هذا الإجراء سيتيح للدول المشاركة فرصة لتسريع خطط التعويض الخاصة بالدول المشاركة.
وجددت الدول الثماني التزامها الكامل بإعلان التعاون، بما في ذلك التعديلات التطوعية الإضافية المتفق عليها في الاجتماع الثالث والخمسين للجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج المنعقد في 3 أبريل 2024. كما أكدت عزمها على تعويض كامل الكميات الزائدة في الإنتاج منذ يناير (كانون الثاني) 2024.
وأكد البيان أن الدول الثماني ستعقد اجتماعات شهرية لمتابعة تطورات السوق، ومستوى الالتزام، وتنفيذ خطط التعويض، وستجتمع في 1 يونيو المقبل لتحديد مستويات إنتاج يوليو (تموز).
أسعار دون الـ60
وتضم مجموعة "أوبك بلس"، الدول الـ13 الأعضاء في منظمة البلدان المصدر للنفط (أوبك)، و10 دول منتجة رئيسية أخرى من خارج المنظمة.
وأسهم قرار زيادة المعروض، إلى جانب الرسوم الجمركية الأميركية، في الضغط على أسعار النفط، لتهبط إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل، وهو أدنى مستوى لها في 4 سنوات.
وتراجعت أسعار النفط بأكثر من واحد في المائة خلال جلسة يوم الجمعة، مع تأهب الأسواق لزيادة إمدادات "أوبك بلس"، في الوقت الذي دفعت فيه المخاوف من تباطؤ اقتصادي ناجم عن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، الخبراء لترقب خفض توقعات نمو الطلب لهذا العام.
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت في التداولات 84 سنتاً، أو 1.4 في المائة إلى 61.29 دولار للبرميل عند التسوية.
وقالت حليمة كروفت، المحللة في "آر بي سي كابيتال ماركتس": "يبدو أن الالتزام هو محور التركيز الأساسي، مع استمرار كازاخستان والعراق في عدم تحقيق أهدافهما للتعويض، إلى جانب روسيا بدرجة أقل".
وتخفض "أوبك بلس"، إنتاجها بأكثر من 5 ملايين برميل يومياً، ومن المقرر أن يستمر تطبيق عدد من التخفيضات حتى نهاية عام 2026.
التأثيرات على العراق
وقبل يومين، كتب الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي منشوراً على صفحته في فيسبوك، وقال: "لماذا انخفضت أسعار النفط الى أقل من 60 دولار؟
أولا: تعرضت الأسعار لضربات قوية بسبب المخاوف المتزايدة من تباطؤ الطلب، خاصة مع إظهار البيانات انكماشاً غير متوقع في الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الأول من هذا العام. كما أبقى عدم اليقين بشأن سياسات التجارة للرئيس دونالد ترامب توقعات الطلب منخفضة.
ثانيا: وجود إشارات من أوبك بلس والسعودية على زيادات محتملة في انتاج نفط أوبك بلس اعتبارا من حزيران القادم وبمستوى لا يقل عن 411 ألف برميل يوميا وهو نفس مستوى شهر آيار الحالي.
ثالثا: وقعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فجر الخميس، اتفاقية مع أوكرانيا لإنشاء صندوق استثماري لإعادة الإعمار، ويمنح الاتفاق الولايات المتحدة امتيازات في الوصول إلى مشروعات استثمارية جديدة لتطوير الموارد الطبيعية لأوكرانيا، بما في ذلك الألومنيوم والجرافيت والنفط والغاز الطبيعي، فيما يعرف باسم اتفاق المعادن. وهذا الاتفاق سيسهل كثيرا انهاء الحرب الروسية – الأوكرانية مما سيسمح لروسيا بإنتاج المزيد من النفط الخام في سوق تعاني أساسا من تخمة المعروض النفطي".
ويوم أمس كتب المرسومي: "أوبك بلس وبداية حرب أسعار جديدة.. قررت اوبك بلس رفع إنتاجها من النفط الخام بمقدار 411 ألف برميل يوميا اعتبارا من شهر حزيران القادم وهو ما يعادل ثلاثة اضعاف التخفيض المخطط له وبموجب هذا القرار سيرتفع انتاج النفط في السعودية الى 9.367 مليون برميل يوميا والعراق الى 4.086 مليون برميل يوميا ويأتي هذا القرار ليضيف اعباء جديدة على سوق النفط العالمية المتخمة بالمعروض النفطي قياسا بالطلب الشحيح وستدفع بالأسعار نحو الانخفاض وهو ما يبدو بأنه بدابة حرب اسعار تستهدف الحصول على مزيد من الحصص السوقية والحاق الضرر بمنتجي اوبك بلس غير الملتزمين بحصصهم الانتاجية وكذلك الاضرار بمنتجي النفط الصخري العالي الكلفة".
وأضاف في منشور آخر: "لماذا رفعت أوبك بلس إنتاجها من النفط الخام؟
أولا: الزيادة رسالة واضحة بأن أوبك بلس قد غيرت استراتيجيتها وتسعى إلى استعادة حصتها في السوق بعد سنوات من التخفيضات.
ثانيا: يهدف هذا التغيير في الاستراتيجية أيضاً إلى إقامة "علاقات جيدة مع الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب". اذ دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب السعودية إلى إنتاج المزيد من النفط لخفض سعره.
ثالثا: الزيادة في الإنتاج التي قادتها السعودية تشير الى رفضها لسياسة الراكب المجاني أي رفض السعودية ان تتحمل لوحدها عبء تخفيضات الإنتاج من دون مشاركة الآخرين معها سواء من داخل او خارج أوبك بلس
رابعا: إن هذا التحول في الاستراتيجية سيؤدي إلى زيادة المعروض النفطي وانخفاض الاسعار لمعاقبة الدول غير الملتزمة داخل اوبك بلس".
معضلة كردستان
وفي نيسان الماضي، كشفت تقارير دولية، تصاعد أزمة تهريب النفط من إقليم كردستان، وسط تجاوز العراق ودول أخرى حصص الإنتاج في "أوبك+"، ما أثار غضب السعودية وهدّد بخفض أسعار النفط عالميًا. مع تحذيرات متزايدة تشير إلى حرب أسعار مرتقبة قد تُفاقم الأضرار الاقتصادية وتُهدد استقرار السوق العالمي.
منذ أعوام طويلة وإقليم كردستان مستمر بتهريب النفط إلى الخارج، مسجلاً أرقاماً مهولة لا يعود منها دولار واحد إلى خزينة الدولة العراقية، حيث يتم بيع برميل الخام بأقل من نصف سعره في الأسواق العالمية وبكميات كبيرة، فيما لم يتم اتخاذ أي إجراء حكومي لوقف عمليات التهريب هذه، الأمر الذي انعكس سلباً على سمعة البلاد الدولية.
وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة "ذا انسايدر"، عن نفاد صبر السعودية على خرق العراق ودول أخرى في منظمة الدول المنتجة للنفط "أوبك" سقف الإنتاج، وهو ما أدى لخفض أسعار النفط وتهديد مشاريعها ورؤية العام 2030، مشيرة في الوقت ذاته الى أن غضب السعودية قد يدفعها لشن حرب أسعار تحد بها من تجاوز البلدان الثلاث.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها، أن "تجاوز إنتاج العراق من النفط أثار غضب وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان، وهو نفس الرجل الذي تسبب في انهيار أسعار النفط قبل خمس سنوات".
وأضافت، أن "الأمير عبد العزيز بن سلمان "لاعبٌ قويٌّ للغاية"، وفلسفته هي "ركل من هو على وشك السقوط"، ولا يتسامح إطلاقًا مع المُخادعين الذين يتجاوزون حدود إنتاجهم النفطي، فهو لا يُحبّذ مُساعدة من يستفيدون من مكاسب أوبك، لهذا السبب، يُخفّض الأسعار من حين لآخر – ويفعل ذلك تحديدًا في أكثر اللحظات فعالية، عندما تكون الأسعار في طريقها إلى الانخفاض"، على حد تعبير الصحيفة.
وأوضحت، أن "ما أثار غضب عبد العزيز حقًا هو سلوك ثلاث دول الى جانب روسيا، وهي العراق وكازاخستان والإمارات العربية المتحدة، وقد تجاوزت حصصهم الإنتاجية منذ فترة طويلة بنسب كبيرة، إضافةً إلى ذلك، تخشى السعودية فقدان حصتها السوقية لصالح لاعبين مثل: الولايات المتحدة والبرازيل وغيانا، ولذلك تستعد السعودية للانتقال إلى الخطة البديلة: زيادة الإنتاج واستغلال انخفاض الأسعار لإقصاء المنافسين ذوي تكاليف الإنتاج المرتفعة".
وحول الملف، كشف عضو لجنة النفط والغاز النيابية، علاء الحيدري عن وجود عمليات تهريب يومية لنحو 180 ألف برميل من النفط الخام من إقليم كردستان، مشيرًا إلى أن هذه العمليات تُلحق ضررًا اقتصاديًا كبيرًا بالعراق وتكلّفه قرابة 4 مليارات دولار سنويًا، في وقت نفى فيه بشكل قاطع وجود أي تهريب من مناطق الجنوب.
وقال الحيدري: "في أعقاب قرار محكمة باريس الدولية، الصادر في 25 آذار 2023، والقاضي بإيقاف صادرات النفط من الإقليم عبر ميناء جيهان التركي، توقفت الصادرات رسميًا"، مضيفًا أن "القرار جاء بعد دعوى رفعتها وزارة النقل العراقية ضد الاتفاق النفطي غير الشرعي بين حكومة الإقليم وتركيا، واستمرت المداولات في المحكمة لعدة سنوات قبل أن يُحسم الأمر لصالح العراق".
وأوضح أن "التصدير عبر جيهان توقّف بالفعل، إلا أن عمليات الإنتاج استمرت، وبدأ النفط يُهرّب بطرق غير قانونية، من خلال الصهاريج ووسائل نقل أخرى، بعيدًا عن رقابة الحكومة الاتحادية".
وأضاف الحيدري أن "منظمة أوبك أبلغت وزارة النفط الاتحادية بوجود زيادة في كميات النفط العراقي المعروضة في الأسواق العالمية، بناءً على ما وصفتها بـ(المصادر الثانوية)"، مبينًا أن الوزارة باشرت تحقيقًا موسعًا لمعرفة مصدر الزيادة.
وتابع: "الوزارة دققت في الجنوب ومناطق الوسط، ولم تسجّل أي تجاوزات أو زيادة غير مبررة في الإنتاج، بفضل الرقابة الصارمة والقياسات الدقيقة"، مؤكدًا: "لا يوجد تهريب في الجنوب على الإطلاق، وأتحدى من يثبت العكس بدليل واحد فقط".
وأشار الحيدري إلى أن "وسائل إعلام موالية لحكومة إقليم كردستان تسوّق لرواية مفادها أن التهريب يتم من الإقليم إلى تركيا، وأن النفط يُباع لاحقًا في الأسواق، ويصل حتى إلى ميناء بندر عباس"، مشددًا على أن "كميات النفط المُهرّبة تُقدّر بنحو 180 ألف برميل يوميًا، ما يعادل أكثر من 11 مليون دولار يوميًا، تُباع بأسعار تقل عن السعر العالمي، الأمر الذي يُسبب خسائر سنوية تُقدّر بـ4 مليارات دولار".
وتطرق الحيدري إلى تأثير ذلك على أسعار البيع، موضحًا أن "العراق كان يبيع النفط رسميًا بسعر يقارب 70 دولارًا للبرميل بالتنسيق مع أوبك، لكن النفط المُهرّب يُباع بأقل من هذا السعر، خاصة بعد فرض الإدارة الأمريكية السابقة رسومًا أدت إلى انخفاض السعر إلى ما دون الستينات".
وأضاف: "الحكومة تحركت بالاتجاه الصحيح من خلال تعديل المادة 12 من قانون الموازنة، والتي واجهت اعتراضًا من بعض نواب الإقليم"، مشيرًا إلى أن "التعديل ينص على تحديد كلفة إنتاج البرميل في الإقليم، التي كانت تُحتسب بـ16 دولارًا، بينما اقترح الاستشاري سعرًا جديدًا يتراوح بين 20 إلى 23 دولارًا".
وأكد الحيدري أن "القانون ينص على أن تتولى شركة (سومو) الإشراف على عمليات إنتاج وتصدير النفط، وأن تُودع العائدات في الخزينة العامة ضمن حسابات وزارة المالية الاتحادية"، مضيفًا: "لكن، وكما جرت العادة منذ عام 2003، لا تزال المماطلة مستمرة، ولم يتم حتى الآن التوصل إلى اتفاق نهائي بين وزارة النفط وحكومة الإقليم، رغم صدور بيان رسمي من الوزارة يوضح الموقف بشكل صريح".
وكشف النائب السابق في مجلس النواب سوران عمر، في وقت سابق، عبر منشور على صفحته في موقع "فيسبوك"، عن قيام وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كردستان بإعادة أموال بناء خط أنابيب النفط إلى شركتين محليتين وأجنبيتين بـ240 قسطا، والمجموع هو 11.16 مليار دولار.
وبين عمر، أنه "مع 120 قسطا كل شهر حتى نهاية العام 2027، ستعيد 55 مليون دولار شهريا إلى شركة روسنفت، وابتداءً من العام 2028، سيعود بمبلغ 38 مليون دولار شهريا على 120 قسطا، لكلتا الشركتين، 60 في المئة لروسنفت و40 في المئة لشركة كار".
وأشار إلى أنه "بناءً على ذلك، بحلول نهاية العام 2038، ستسدد الحكومة 11.16 مليار دولار لهاتين الشركتين، بينما باعت حكومة الإقليم سابقا خط الأنابيب لهاتين الشركتين بمبلغ لم يتجاوز ملياري دولار".