قصة عمرها 8 سنوات.. ملف نفط إقليم كردستان يضع العراق امام مأزق
انفوبلس/..
بالرغم من أنّ بغداد تتحرّك بصفتها مدعيّة بالحق في قضية ملف نفط إقليم كردستان، وتتحرّك بثقل كبير لحسم قضية خصام مع تركيا تعود للعام 2014 بصفتها ساهمت بتسهيل تصدير وتهريب النفط العراقي دون علم بغداد، إلا أنّ ذات الملف الذي من المرجح أن تكسب منه بغداد تعويضًا بعشرات المليارات من الدولارات، قد تجد بغداد نفسها "مديونة" ومدعّى عليها، وذلك من قبل شركات النفط الأجنبية العاملة في الإقليم.
قضية عمرها 8 سنوات
من أحد الجوانب، ينتظر العراق أن يكسب قرار هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية، في نزاعه مع تركيا بشأن اتفاقية خط الأنابيب بين البلدين، وسط ترجيحات بأن يحصل العراق على تعويضات قد تصل إلى 32 مليار دولار.
قد يحصل العراق تعويضات بعشرات مليارات الدولارات بسبب ملف نفط إقليم كردستان
وزير النفط إحسان عبد الجبار وعقب انتهاء جلسة الاستماع الأخيرة والنهائية لمحكمة التحكيم الدولي في باريس، والتي اختتمت في 13 تموز/يوليو الجاري، قال في تصريحات إنّ "هيئة التحكيم أغلقت عرض القضية من قبل الأطراف، بعد سماع لوائحهم ودفوعاتهم وأن لا فرصة أخرى للتمديد أو التأجيل للدعوى، مبينًا أنّ "هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس سوف تصدر قرارها النهائي والحاسم خلال الأشهر القليلة المقبلة".
وأشار وزير النفط العراقي إلى أنّ "العراق تمكن من خلال انتداب خبراء بالقانون في الوزارة والمكاتب الدولية من انتزاع الاعتراف القانوني من المحكمة بإلزام تركيا بعد صدور القرار بدفع التعويضات المذكورة في حيثيات دعاواه".
ويرجح مختصون أن يحصل العراق على تعويض من تركيا قد يصل إلى 32 مليار دولار، بسبب مخالفة تركيا لأحكام اتفاقية خط الأنابيب العراقية التركية الموقعة في عام 1973.
ويقول الخبير النفطي وأستاذ الاقتصاد نبيل المرسومي في حديث صحفي إنّ "إقليم كردستان باشر باستغلال النفط منذ عام 2002 عندما أحال 3 حقول نفطية إلى الاستثمار، وبعد إبرام قانون النفط والغاز في الإقليم عام 2007 تسارعت خطى الاستثمارات الأجنبية في نفط الإقليم".
وأشار المرسومي إلى أن "معظم العقود هي عقود مشاركة أو عقود تقاسم الإنتاج، مبينًا أنه "منذ 2014 زاد إنتاج نفط إقليم كردستان وظهرت الحاجة للتصدير وكان لا بد أن من مد خط أنبوب وبطول أكثر من 220 كيلو متر يمتد إلى مدينة فيشخابور ويرتبط بخط الأنبوب العراقي التركي باعتبار لا يوجد طريق آخر يمكن من خلاله تصدير النفط المنتج في إقليم كردستان".
وباعت حكومة إقليم كردستان حصتها بهذا الأنبوب والبالغة 60% بمبلغ 1.7 مليار دولار إلى شركة روسنفت الروسية والتي تمتلك الآن 60% من خط الأنبوب، و40% تمتلكها شركة كار الكردية.
وشكّل استخدام خط الأنبوب العراقي التركي المنشأ في عام 1973 وبطاقة تصديرية تبلغ مليون برميل يوميًا، مخالفة للاتفاق المبرم بين العراق وتركيا باعتبار أنّ "تشغيل الأنبوب من صلاحية وزارة النفط العراقية حصرًا"، بحسب المرسومي الذي أشار إلى أنّه "منذ عام 2014 رفع لعراق دعوة لدى محكمة التجارة الدولية في باريس وتأخرت البت في هذه القضية 8 سنوات، وتمت دراسة 39 ألف ملف فيها، فيما كان أحد أسباب التأخر هو وفاة أحد القضاة الإنجليز في هذه المحكمة".
لكنّ المحكمة يبدو أنها ستصدر قراراها النهائي في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، وسط توقعات بأن يكون القرار لصالح العراق وستلزم تركيا بتسديد ما بين 30 إلى 32 مليار دولار تعويضات عن النفط الذي هرب من إقليم كردستان عن طريق ميناء جيهان التركي، وفقًا للمرسومي.
ولم يستبعد المرسومي أن تخضع القضية للمساومة والضغوط السياسية وربما تسوى هذه القضية سياسيًا مع تركيا، مستدركًا "لكن يمكن للعراق استخدام هذا الملف لأجل حل الإشكالات المائية بينه وبين تركيا على سبيل المثال".
تعويضات تركيا قد تدفع للشركات أجنبية
من جانب آخر، يقف العراق "مهددًا" بالخضوع للتحكيم الدولي أيضًا، لكنّ هذه المرة سيكون هو المدعى عليه من قبل شركات النفط العاملة في إقليم كردستان، حيث من المؤمل أن تطالب الشركات بتعويض من العراق جرّاء إنهاء عقود هذه الشركات في الإقليم.
وحذّر مكتب "جبسن دن" الدولي للمحاماة، من أنّ الشركات الأجنبية النفطية العاملة في إقليم كردستان، ستقاضي العراق بعشرات المليارات من الدولارات في حال اتخذ إجراءات لإلغاء عقود الشركات النفطية العاملة في الإقليم.
واعتبر المكتب أنّ "التدخل وضغط الحكومة العراقية على شركات النفط العالمية قد يدفعها إلى رفع قضايا قانونية ضد العراق، وسيطالب المستثمرون المتأثرون بالقرار بالتعويض لدى الأوساط القانونية الدولية، كما سيخضع العراق للمساءلة القانونية لخرقه للعقود الموقعة مع الإقليم في حال اتخاذه لأي إجراء ينهي هذه العقود أو يغيرها"، وسط وجود ما يقارب الـ30 شركة أجنبية مرتبطة بعقود طويلة الأمد مع
الإقليم.وحول هذا الملف، يشير الخبير النفطي نبيل المرسومي إلى أنّ "طبيعة العقود النفطية التي وقعتها حكومة الإقليم مع الشركات الأجنبية هي عقود تقاسم الإنتاج، بالتالي هي محمية دوليًا"، مبينًا في حديث لـ"ألترا عراق" وجود "فقرة مثبتة بعقود المشاركة تحمي العقود من أي تغيير في النظام المالي والضريبي للدولة".
الشركات النفطية الأجنبية العاملة في إقليم كردستان قد تقاضي العراق في حال قام بإلغاء العقود من طرف واحد
واعتبر المرسومي أنّ العراق لا يجب أن يذهب لإلغاء هذه العقود من طرف واحد، فيما "يمكن العمل على تجميد أصول الإقليم في بنوك العالم ووضع الشركات في القائمة السوداء، وهذا سيؤثر على أسهم هذه الشركات، وإذا كسب العراق الدعوة ستكون في وضع محرج وغير قادرة على تصدير نفطها وربما ستحول إدارة العقود إلى الجانب العراقي".