يبدأ بـ5 أرصفة والطموح 99.. أشهر قليلة على افتتاح ميناء الفاو.. كيف تقلص عدد أرصفته؟ وما كلفته الكلية وتفاصيله الشاملة؟
انفوبلس..
ميناء الفاو، اسم لمشروع علّق عليه العراقيون آمالهم لسنوات طويلة وانتظروه كثيراً ليساهم بشكل فعّال بدعم الاقتصاد وتنويع مصادر دخل الدولة، وها هو يقترب من الافتتاح في مطلع العام المقبل ولكن بـ5 أرصفة فقط، وهو عدد لا يُلبّي الطموح حيث كان المشروع يهدف لبناء ميناء هو الأكبر في منطقة غرب آسيا بـ99 رصيفاً، ولكنه سينطلق وهو أصغر من ميناء أم قصر والذي يحتوي على 29 رصيفاً، فلماذا تقلص عدد الأرصفة؟ وما هي كلفة المشروع الكلية؟
يوم الجمعة الماضي، أكد مدير مشروع الأرصفة الخمسة في ميناء الفاو رائد الشرفي، أن نسبة الإنجاز في الأرصفة تجاوزت 98 بالمئة، فيما أشار إلى أن الميناء يتسع لاستقبال 5 سفن عملاقة في وقت واحد، وهنالك مفاوضات لإدخال أرصفة جديدة.
وقال الشرفي، إن "العمل متواصل في مشروع الأرصفة الخمسة والتي تُعد العمود الفقري للميناء"، مبينا، أن "نسبة الإنجاز تجاوزت 98 بالمئة".
وأوضح، إن "الأعمال انتهت بالكامل بالنسبة للجسور الرابطة"، مُنبهاً، إن "نصب مصدات السفن وصلت الأعمال فيها إلى 80 بالمئة".
وأشار إلى، أن "الطول الكلي للأرصفة يبلغ 1750م"، لافتا إلى، أن "الأرصفة تتسع لاستقبال 5 سفن عملاقة في وقت واحد".
وأضاف، إن "المفاوضات بشأن إضافة 5 أرصفة جديدة قد وصلت إلى مراحل متقدمة مع إحدى الشركات الصينية الكبيرة".
وبعد أكثر من 14 عاما على وضع حجر الأساس، يقترب ميناء الفاو الكبير من فتح مراسيه للسفن والبواخر في العام المقبل، مبتدئاً بخمسة أرصفة على أمل زيادتها في حال نجاح العمل.
وفيما أكدت وزارة النقل وصول الإنجاز إلى مراحل متقدمة، تحدث متخصصون في الاقتصاد وترسيم الحدود البحرية، عن أبرز التحديات التي تواجه انطلاقة أحد أهم مشاريع العراق في تاريخه الحديث، مؤكدين أبرز العقبات تكمن في الفساد وسوء الإدارة والتحديات الأمنية المحتملة بسبب “أطراف” تريد استغلاله للحصول على مكاسب.
ويقول الخبير في ترسيم الحدود البحرية جمال الحلبوسي، إن “الأخبار القادمة من ميناء الفاو طيبة ومفرحة، خاصة وأن نسبة العمل في المشروع الآن تصل إلى 98 بالمئة بحسب شركة دايو المنفذة للميناء المجهز بخمسة أرصفة، إذ يجري العمل الآن على إكمال الرصيف الخامس بطول 1750 مترا”.
ويضيف الحلبوسي، إن “الأهم من هذه الأرصفة هي قناة الملاحة المؤدية إليها، إذ يجري العمل فيها بالسعة المتفق عليها حتى تستوعب البواخر الكبيرة وتكون الملاحة بمستوى اقتصادي عال جدا، أي أن لا يكون عمق مجرى الملاحة أقل من 19.8 مترا، وهو حتى الآن وصل إلى 12 مترا أو أكثر بقليل”.
وكانت وزارة النقل قد أكدت أن مشروع الأرصفة الخمسة أحد مشاريع ميناء الفاو الكبير يشهد تقدما ملحوظا على أرض الواقع وأسرع من التوقيتات الزمنية له، لافتة إلى أن شركة دايو الكورية وصلت إلى نسب إنجاز في المشروع بلغت 98 بالمئة.
يذكر أن مشروع إنشاء محطة الحاويات لميناء الفاو الكبير وهو أحد المشاريع الخمسة للمشروع، يتضمن بناء خمسة أرصفة عملاقة لتفريغ السفن بطول 1750 مترا، وإنشاء ساحة الحاويات بطول 2000 متر.
ويشير الحلبوسي، إلى أن “العديد من الجوانب أنجزت، كالطرق التي اكتمل معظمها، وكذلك المجسرات والنفق المغمور وساحة الحاويات”، لافتا إلى أن “هناك خمسة مشاريع أخرى مكملة للميناء وهذه يجب أن تنجر، وحسب وزارة النقل فإن نسبة الإنجاز فيها تفوق التوقيتات المحددة لها، ولكن حتى الآن نحتاج إلى تجربتها، فخلال 20 يوما يجب ضخ الماء في النفق المغمور للتجربة”.
ويأمل الحلبوسي، بـ”نجاح مشروع ميناء الفاو، لأن من شأن ذلك غلق كل الأبواب على الموانئ المنافسة الموجودة في المنطقة، لذا يجب أن تكون الأرصفة الخمسة متناسقة ومتداخلة ويكون العمل بسلسلة واحدة، ويجب أن يكون هناك تدرج في الإنجاز، ووجود آلية مناسبة للعمل وفكرة نقل البضائع وتحويلها”.
وعن العقبات، يرى أن “الفساد اكبر عقبة تواجه ميناء الفاو، لذا يجب أن تكون هناك إدارة كفوءة، وللأسف فالعراق يفتقر إليها حتى الآن، وإذا ما انعكس العمل الإداري نفسه في موانئ البصرة الأخرى كخور الزبير وغيره على ميناء الفاو فستكون نكبة للميناء الجديد، أما إذا تمت إدارته من قبل شركات خبيرة فالميناء فرصة تاريخية للعراق من أجل إنعاش الاقتصاد”.
ويشير إلى أن “الميناء سيبدأ العمل بخمسة أرصفة، ونجاحها في العمل سيمنح العراق فرصة لتطوير وزيادة الأرصفة لأن ميناء أم قصر يعمل بـ29 رصيفا، وما مخطط لميناء الفاو الكبير أن يحتوي على عدد أرصفة أكبر مما موجود في ميناء أم قصر”.
وكان يفترض أن يضم ميناء الفاو 99 رصيفا ليكون أكبر ميناء في غرب آسيا، متجاوزاً بذلك ميناء جبل علي في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويضفي الميناء أهمية إستراتيجية على العراق ويحقق عوائد مالية ضخمة من خلال عمليات نقل البضائع والمنتجات النفطية وبشكل أسرع من قبل.
ومر 14 عاما منذ وضع الحجر الأساس لإنشاء هذا الميناء، لكن الصراعات السياسية وتقاطع المصالح الداخلية والخارجية فضلاً عن عوامل الفساد حالت دون استكماله، وهو ما دفع “الحراك الشعبي من أجل الحزام والطريق”، في نيسان أبريل الماضي، إلى التظاهر في محيط المنطقة الخضراء، لكشف ملفات الفساد المالي والإداري في ميناء الفاو الكبير.
ويمثل مشروع الفاو الكبير هدفا اقتصاديا وسياسيا مهما، نظرا لكلفته المالية الكبيرة وأهميته السياسية والاجتماعية حيث يسعى العديد من الفاعلين السياسيين والجماعات المسلحة إلى السيطرة عليه أو تقويضه لتحقيق مكاسب شخصية وأهداف سياسية.
وميناء الفاو الكبير يقع في شبه جزيرة الفاو جنوب محافظة البصرة، وتبلغ تكلفة المشروع حوالي 5 مليارات دولار، بمساحة كلية تبلغ 54 كيلو متر مربع وتقدر طاقة الميناء المخطط إنشاؤه 99 مليون طن سنوياً ليكون واحداً من أكبر الموانئ المطلة على الخليج والعاشر على مستوى العالم.
من جهته، يذكر الخبير الاقتصادي، زياد الهاشمي، أن “ميناء الفاو يحمل أهمية إستراتيجية كبيرة للاقتصاد العراقي المتنامي والذي ترتفع فيه معدل الواردات بشكل سنوي”.
ويضيف الهاشمي، أن “ميناء الفاو بأرصفته الخمسة سيتمكن من توفير خدمات وعمليات حديثة تسهل سرعة وانسيابية مناولة الحاويات الداخلة والخارجة من الميناء ما يعزز الحركة التجارية ووفرة البضائع المطلوبة داخل الأسواق العراقية”.
لكنه يؤكد أن “المشروع قد يواجه بعض التحديات المتعلقة بعملية التعاقد مع شركات تشغيل الموانئ وإدارة الأرصفة وحركة وعمليات الميناء، إضافة إلى أن عدم إنجاز مسارات طريق التنمية قد يتسبب بمحدودية في ربط مرافق الميناء مع المسارات البرية باتجاه المحافظات العراقية ما يخلق عنق زجاجة يتسبب في تأخير تدفقات البضائع”.
ويتحدث الهاشمي أيضا عن “وجود تحديات أمنية وسياسية محتملة لأطراف قد تريد استغلال الميناء للحصول على مكاسب وموارد مالية غير قانونية، كما أن الميناء قد يواجه انخفاضا في الطلب على خدماته للتجارة العابرة للحدود من والى تركيا وما جاورها من دول، بسبب الاستقرار الأمني والسياسي الهش، والذي قد يتسبب في رفع كلف العبور والتأمين للحاويات المارة عبر العراق من والى الميناء لصالح دول أخرى”.
يذكر أن المدة الزمنية البحرية للسفن المحملة بالبضائع من ميناء شنغهاي الصيني إلى ميناء روتردام الهولندي تستغرق نحو 33 يوما، في حين أنها ستستغرق 15 يوما فقط عندما تنتقل البضائع من شنغهاي إلى ميناء جوادر الباكستاني ثم إلى ميناء الفاو الكبير، ومنه عبر القناة الجافة العراقية إلى موانئ البحر المتوسط في تركيا، ومنها إلى ميناء روتردام الهولندي، بما يعني تقليص زمن الرحلة إلى أكثر من 50 بالمئة.
وخلال فترة العمل بالميناء، وتحديدا في مطلع 2022، كتب الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي منشوراً عن ميناء الفاو تناول فيه أهم تفاصيله، وقال: "نظرا للقيد المالي الذي يحول دون الإسراع بتنفيذ ميناء الفاو الكبير ولغرض عدم الاكتفاء بتنفيذ المرحلة الأولى والتي سيتمخض عنها عام 2025 بالإضافة الى مشاريع البنى التحتية بناء 5 ارصفة فقط بطاقة مليوني حاوية سنوية وهي طاقة ضئيلة لا تتناسب مع طاقات الموانئ المجاورة فميناء جبل علي مثلا تصل طاقته الى 22.4 مليون حاوية سنويا وهي في زيادة مستمرة من جهة كما انها لا تتناسب مع تطلعات العراقيين والآمال العريضة المعولة على الميناء في المساهمة في تطوير وتنويع الاقتصاد العراقي وفي توفير فرص عمل للعاطلين".
وأضاف: "في ضوء هذه الحقائق اقترح على الإخوة البرلمانيين وخاصة ممثلي البصرة أن يتبنوا مقترح تأسيس صندوق استثماري يسمى بصندوق الفاو تتكون موارده المالية من تخصيص دولار واحد في الموازنات القادمة يستقطع من الزيادة في السعر الفعلي لكل برميل نفط مصدر عن السعر التقديري في الموازنة فمثلا إن بُنيت الموازنة على سعر تقديري قدره 60 دولارا للبرميل واصبح السعر الفعلي في السوق العالمية 85 دولارا ففي هذه الحالة يستقطع دولارا واحد فقط من الزيادة المتحققة وقدرها 25 دولارا (وبذلك يتجمع في الصندوق نحو 1.2 مليار دولار سنويا وهي تعادل 3 أضعاف القرض الذي حصل عليه العراق من بنك الاستيراد والتصدير الكوري عام 2021 لتمويل المرحلة الأولى من ميناء الفاو الكبير) ويحول شهريا الى صندوق الفاو على أن تقوم وزارة النقل بإعداد الدراسات الفنية اللازمة بتنفيذ المرحلتين الثانية والثالثة بالتزامن مع المرحلة الأولى او بعدها مباشرة بحيث تصل الطاقة الاجمالية للحاويات الى 67 مليونا، و 24 مليون طن لبضائع الصب مثلما جاءت في دراسة الجدوى التي قدمها الفريق الاستشاري الإيطالي ، فضلا عن ذلك سيكون الصندوق قادرا أيضا على الإسراع بتنفيذ القناة الجافة حتى يستطيع الميناء ان يكون فاعلا في تغيير المشهد الاقتصادي في العراق".