خليفة حسين أمير عبد اللهيان.. مَن هو "علي باقري كني" وزير الخارجية الإيراني الجديد؟
انفوبلس/ تقرير
منذ الساعات الأولى لتأكيد وفاة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، مع وزير خارجيته، حسين أمير عبد اللهيان، طفا إلى الواجهة ثانيةً اسم مساعده، علي باقري كني، الذي كان قد لعب دوراً بارزاً قبل أكثر من سنتين خلال مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب.
وأشار العديد من المراقبين ووسائل إعلام ايرانية إلى أن مساعد وزير الخارجية الراحل للشؤون السياسية، علي باقري كني، الذي شغل منصب المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي، من أبرز المرشحين لخلافة عبد اللهيان، وهو ما حدث بالفعل.
حيث أعلنت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)، اليوم الإثنين، أن اجتماع الحكومة الطارئ قرر اختيار علي باقري كني، لتولي مهام وزير الخارجية في البلاد، خلفاً لحسين أمير عبد اللهيان، الذي توفي رفقة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي في ولاية أذربيجان الشرقية يوم أمس الأحد 19 مايو/أيار 2024، بحادثة المروحية.
كما أعلن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي بهادري جهرمي، أنه تم تعيين علي باقري كني وزيرا للخارجية، خلفاً لحسين أمير عبد اللهيان، الذي توفي بحادثة تحطم الطائرة مع الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي.
وقال حسبما ذكرت وكالة "تسنيم" الإيرانية، إن تولي باقري مهام وزير الخارجية، تم بأمر من محمد مخبر، النائب الأول لرئيس الجمهورية، الذي يتولى منصب الرئيس خلفاً لرئيسي.
*من هو علي باقري كني؟
سياسي وأكاديمي إيراني، من مواليد عام 1967، شغل منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية، ارتبط اسمه بالمفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، وقاد فريق بلاده التفاوضي في فيينا وعدد من العواصم العربية، ويوصف بـ"المفاوض المحنك". ويُعد من التيار المحافظ، كان مساعدا لكبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي.
أدى دورا بارزا في العملية التفاوضية مع القوى الغربية، وأصبح أحد أركان وزارة الخارجية الإيرانية، وترقَّى إلى أن أصبح نائبا لوزير الخارجية، ثم وزيرا للخارجية في مايو/أيار 2024 بعد وفاة أمير حسين عبد اللهيان في حادث تحطم طائرة مروحية يوم 19 من الشهر نفسه.
*المولد والنشأة
وُلد علي باقري كني عام 1967 في منطقة كن شمالي العاصمة طهران، ونشأ في أسرة متدينة محافظة، فهو نجل رجل الدين البارز محمد باقر باقري كني، العضو الأسبق في مجلس خبراء القيادة، والذي كان أيضا عضوا في البرلمان الإيراني.
كما أن عمه هو محمد رضا مهدوي كني، رئيس الوزراء الإيراني الأسبق، الذي ترأس مجلس خبراء القيادة وكان من أبرز الشخصيات الثورية المحافظة.
وشقيقه مصباح الهدى باقري كني، صهر المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي، إذ تزوج مصباح الهدی من هدى خامنئي، ويعتبر من الشخصيات الموثوق بها في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. كما تزوج علي باقري كني عام 1997 من إحدى قريباته، وله ابنتان .
*الدراسة والتكوين
يحمل علي باقري كني شهادة الدكتوراه في المعارف الإسلامية والاقتصاد من جامعة الإمام الصادق، وتتلمذ على يد أبيه الذي كان أستاذا في هذه الجامعة، والتي كان يديرها عمه محمد رضا مهدوي كني.
*الوظائف والمسؤوليات
بدأ باقري كني مسيرته المهنية عام 1989، عندما كان في العقد الثاني من عمره، إذ عمل في الأمانة العامة بالمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ثم انتقل عام 1994 إلى هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني محللا سياسيا في غرفة الأخبار بالإذاعة الإيرانية، ولم يقضِ سوى عدة أشهر في هذه المؤسسة.
استهل نشاطه الدبلوماسي رسميا في إدارة الشؤون العربية والأفريقية بوزارة الخارجية الإيرانية، ومنها إلى إدارة الشؤون الأوروبية عام 2005. وبعد تعيين السياسي المحافظ سعيد جليلي أمينا لمجلس الأمن القومي الإيراني عام 2007، انتقل باقري كني إلى جوار صديقه القديم، وتولى منصب مساعد أمين المجلس. كما أضحی حينها الشخص الثاني في فريق بلاده التفاوضي بشأن الملف النووي.
*المفاوضات النووية
وكانت المفاوضات النووية التي قادها سعيد جليلي برفقة صديقه علي باقري كني عام 2013 خلال حقبة الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد قد اختُتمت دون التوصل إلى اتفاق.
وخلال رئاسيات عام 2013، تولى الحملة الانتخابية للمرشح سعيد جليلي وهاجم بشدة مرشح التيار المعتدل حسن روحاني باعتباره الرئيس السابق للمفاوضات النووية مع الغرب إبان حقبة الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي.
وبعد أن عُين المرشد الإيراني عام 2019 الرئيس إبراهيم رئيسي رئيسا للسلطة القضائية، تقرب علي باقري كني منه، وعينه نائبا لرئيس السلطة القضائية للشؤون الدولية.
كما عينه سكرتيرا لحقوق الإنسان، وحل محل محمد جواد لاريجاني، الذي كان قد تولى المنصب طوال 14 عاما. وتعتبر سكرتارية حقوق الإنسان الجهاز الدبلوماسي في السلطة القضائية.
تعيينه وزيرا للخارجية
عينه وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان مساعدا له في الشؤون السياسية وكبير المفاوضين الإيرانيين خلفا للدبلوماسي الإيراني المخضرم عباس عراقجي عام 2021 بعد فوز إبراهيم رئيسي في انتخابات الرئاسة.
ثم ترقى في مراتب المسؤولية إلى أن وصل إلى منصب نائب وزير الخارجية، وظل في هذه المسؤولية إلى أن تم تعيينه وزيرا للخارجية خلفا لعبد اللهيان بعدما توفي الأخير رفقة رئيسي وشخصيات أخرى في تحطم طائرة مروحية في 19 مايو/أيار 2024 في محافظة أذربيجان الشرقية، شمال غرب إيران.
وكان من المتوقع أن يلتقي باقري كني في جنيف يوم الأربعاء المقبل مسؤولين من الاتحاد الأوروبي، عقب الاجتماع غير المباشر الذي عُقد في سلطنة عمان الأسبوع الماضي بين وفد أميركي وإيراني، حسب ما أفاد مراسل "وول ستريت جورنال".
إلا أن هذا الاجتماع ألغي الآن بطبيعة الحالي، على ضوء وفاة رئيسي وعبد اللهيان، فضلا عن 7 من مرافقيهما. فيما كان اسمه قد تردد أكثر من مرة قبل أشهر، عندما سلطت وسائل إعلام غربية الضوء على جولات التفاوض الخاصة بـ"النووي الإيراني".
وكان الهلال الأحمر الإيراني أعلن بوقت سابق اليوم الاثنين انتشال جثث ضحايا تحطم المروحية بمن فيهم رئيسي وعبد اللهيان، و7 أشخاص آخرين كانوا في المروحية التي تحطمت أمس الأحد في شمال غربي البلاد. فيما أوضح رئيس جمعية الهلال الأحمر الإيراني بير حسين كوليوند عبر التلفزيون الرسمي أن الجثث نُقلت إلى مدينة تبريز، مركز محافظة أذربيجان الشرقية حيث وقع الحادث، إثر سوء الأحوال الجوية والضباب الكثيف.
وأعلن التلفزيون الرسمي الإيراني، الإثنين 20 مايو/أيار 2024، وفاة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بتحطم المروحية التي كانت تقلُّه مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في محافظة أذربيجان الشرقية شمال غربي إيران.
وجاء إعلان نبأ الوفاة بعد نحو 15 ساعة من إعلان التلفزيون الرسمي الإيراني، تعرض مروحية تقل الرئيس رئيسي، وعدداً من المسؤولين لحادث، مساء الأحد، بعد مشاركته مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف، في افتتاح سد على حدود البلدين.
*أمير عبد اللهيان في سطور
دبلوماسي إيراني محافظ، من مواليد عام 1964، رشحه الرئيس إبراهيم رئيسي عقب فوزه في انتخابات 2021 لمنصب وزير الخارجية، وحظي بثقة البرلمان المحافظ، ويُعرف بقربه من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي وحركات المقاومة الإسلامية المتحالفة مع طهران، ومن بينها حزب الله اللبناني. توفي بحادث سقوط مروحية في مايو/أيار 2024.
واصل المفاوضات التي كانت قد بدأت في الحكومة السابقة مع مجموعة "4+1" (فرنسا وألمانيا وبريطانيا والصين وروسيا) بغية إحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، إلا أن مساعي المفاوضات باءت بالفشل رغم أنها أوشكت على أن تُحسم أكثر من مرة.
ولم يمنعه ذلك من المضي قُدُماً في المفاوضات غير المباشرة مع الجانب الأميركي، التي خلُصت يوم العاشر من أغسطس/ آب 2023 إلى صفقة أسفرت عن الإفراج عن 5 سجناء أميركيين لدى إيران، مقابل الإفراج عن 6 مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية.
وإلى جانب اهتمامه الكبير بسياسة التوجه شرقاً، التي تُوجت بتوقيع اتفاقيات استراتيجية بعيدة المدى بين طهران وكل من الصين وروسيا، وتمكنت دبلوماسيته في مارس/آذار 2023 من ردم الهوّة في علاقات بلاده مع الرياض بعد قطيعة استمرت 7 سنوات.
المعروف عن عبد اللهيان علاقاته الوثيقة بالحرس الثوري وقادته، وعلى رأسهم الجنرال قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس، الذي استُشهد في غارة أميركية على موكبه على طريق مطار بغداد الدولي مطلع عام 2020.
ويُعد عبد اللهيان أيضا على ارتباط قوي مع حركات المقاومة الإسلامية المتحالفة مع طهران، وذلك بسبب المناصب الدبلوماسية التي أُوكلت إليه في الشؤون العربية والشرق الأوسط، مما أدى إلى تكوين علاقات شخصية وطيدة مع قادة حركات المقاومة المناهضة لإسرائيل وبينها حزب الله، وعلى رأسهم السيد حسن نصر الله زعيم الحزب.
وعقب عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف غزة، قام عبد اللهيان بجولة إقليمية شملت كلا من العاصمة العراقية بغداد واللبنانية بيروت والسورية دمشق والقطرية الدوحة، وتحدث لأول مرة عن احتمالات لما وصفه بالتحرك الوقائي من قبل "محور المقاومة لوضع حد لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة".