عنف كبير ضد اللاجئين السوريين في بلاد الأناضول يقابله غضب في الشام.. تعرف على أسرار هذه الاضطرابات
ماذا يحدث في تركيا وسوريا
عنف كبير ضد اللاجئين السوريين في بلاد الأناضول يقابله غضب في الشام.. تعرف على أسرار هذه الاضطرابات
انفوبلس/..
شهدت بلدات تركيّة حالات عنف ضد اللاجئين السوريين، قابل ذلك غضب في الشام وتمرد شعبي عنيف في الشمال السوري على التواجد التركي، وذلك بعدما هاجم أتراك متاجر وممتلكات لسوريين في قيصري وسط تركيا، بعد اعتقال سوري للاشتباه في تحرشه بقاصر تركية.
*بداية الأزمة
في البداية، جرى تداول معلومات مغلوطة عن قيام رجل سوري بالتحرش بفتاة تركية (قاصر) لتبدأ بعد تلك المزاعم حملات تحريضية ضد اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا.
وشددت وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية التركية، في بيان الاثنين، على أن الطفلة القاصر وإخوتها ووالدتها باتت تحت حماية الدولة، كما “بدأت فرق الخبراء لدينا عملية دعم نفسي واجتماعي للطفلة وعائلتها”، وأكدت الوزارة تدخلها لمتابعة القضية وضمان حصول المجرم على أشد عقوبة.
كما أفادت وكالة الأناضول التركية، بأن السوري المعتدي ي.أ (26 عاماً)، اعتدى على ابنة عمه م.أ (7 سنوات) في دورة مياه بالسوق. وأصدرت المحكمة الجنائية الثانية للصلح في قيصري أمراً جاء فيه: “من أجل حماية صحة الضحية والأسرة ومنع الأحداث الاجتماعية التي تتزايد بعد الحادث، يمنع نشر جميع أنواع الأخبار، بما في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي وتداول صور الطفلة الضحية في وسائل الإعلام المرئية ووسائل الإعلام العاملة على الإنترنت، ومنع المقابلات والنقد والمنشورات المشابهة لحين الانتهاء من مرحلة التحقيق.
*تحريض
وبعد التحريضات التي برزت في مختلف المدن التركية، ذكرت وسائل إعلام تركية أن مجموعات من الرجال استهدفت متاجر وممتلكات لسوريين في قيصري، بوسط تركيا، مساء الأحد، بعد اعتقال سوري للاشتباه في تحرشه بقاصر.
ونشرت مقاطع مصورة على شبكات التواصل الاجتماعي، رجالاً يحطمون نافذة محل بقالة يُزعم أنه بإدارة تجار سوريين، قبل إضرام النار فيه.
وأظهرت صور أخرى شباناً يعملون بواسطة حجارة وأدوات معدنية على تحطيم دراجات نارية ومركبات في المنطقة نفسها، بجنوب قيصري المعروفة باستضافة كثير من اللاجئين الذين فرّوا من الحرب في سوريا، وفقاً لما ذكرته "وكالة الصحافة الفرنسية".
وذكرت وكالة "دوغان" الخاصة للأنباء "دي إتش إيه" أن مثيري الشغب استهدفوا ممتلكات أخرى تعود لسوريين.
وصاح رجل، في مقطع فيديو صُوِّر ليلاً: "لا نريد مزيداً من السوريين! لا نريد مزيداً من الأجانب!".
وانتشرت قوات من الشرطة، مساء الأحد، في المدينة؛ لمحاولة استعادة الهدوء، وفق صور التقطها هواة، وأخرى لوكالة «دي إتش إيه».
ودعت ولاية قيصري السكان إلى ضبط النفس، موضحة، في بيان، أن القاصر (خمس سنوات) من الجنسية السورية أيضاً.
*رد
بالمقابل، أثارت أحداث مدينة قيصري جنوب تركيا، وحملات العنف والهجوم على ممتلكات السوريين ليل الإثنين، حالة من الغليان برزت بوادرها شمال غربي سوريا من خلال مظاهرات عمّت، مدن الباب وإعزاز والراعي وعفرين وجرابلس بريف حلب، وصولا إلى معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا، حيث اعترض المحتجون طريق شاحنات تركية وطالبوا سائقيها بالرجوع إلى بلدهم، كما كسروا زجاج بعض الحافلات، وأنزلوا الأعلام التركية ودعوا إلى إغلاق المكاتب التركية الرسمية في المنطقة.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، قال إن العشرات تجمعوا عند دوار مدينة الراعي لمنع دخول الأرتال والشاحنات التجارية التركية، وسط دعوات للخروج بمظاهرة حاشدة عند معبر باب السلامة الحدودي تنديداً بالانتهاكات بحق اللاجئين السوريين في تركيا، بينما أقدم شبان على إغلاق مركز البريد التركي وطرد الموظفين في مدينة إعزاز وبلدة الراعي، وإنزال العلم التركي من سطح مبنى دائرة النفوس في مدينة إعزاز، كما منعوا دخول السيارات التركية إلى مدينة الباب، وسط حالة احتقان شديدة.
ووثقت مقاطع فيديو موالين لما يسمى "المعارضة السورية المسلحة التابعة لتركيا"، وهم يزيلون الرايات التركية ويطردون الموظفين ردا على أحداث ولاية قيصري التركية، التي شهدت اعتداء اتراك على سوريين وتدمير وحرق محالهم.
وأفادت وسائل إعلام كردية بأن القوات التركية والجماعات المسلحة التابعة لها أطلقت النار على المحتجين في عفرين التي تشهد مظاهرات وقطعا للطرقات ردا على أحداث ولاية قيصري، بحسب روسيا اليوم.
وبحسب وسائل اعلام كردية سورية، فقد تم اقتحام مقار تابعة للقوات التركية وإحراق العلم التركي في عفرين والباب، كما حطم المحتجون شاحنات تركية في مدينة إعزاز شمال سوريا، قبل ان تطالب السلطات التركية موظفيها بالخروج على وجه السرعة من الشمال السوري.
وشهد الشمال السوري أحداثا مهمة في (مناطق سيطرة تركيا) ضد الوجود التركي في تلك المناطق كردة فعل شعبية على التعدي على منازل وممتلكات السوريين الليلة الماضية في مدينة قيصري التركية، كما توجد حملات كبيرة على السوشيال ميديا في تركيا ضد الوجود السوري في تركيا بشكل خاص والوجود العربي بشكل عام.
وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن عن تظاهرات "في مناطق واسعة" على طول الشريط الحدودي الخاضع لسيطرة تركيا في شمال سوريا "تترافق مع أعمال عنف".
وقال عبد الرحمن إن "أربعة أشخاص قتلوا خلال تبادل إطلاق النار بين متظاهرين وحراس مواقع تركية، ثلاثة منهم قتلوا في عفرين، وآخر في جرابلس". وأصيب 20 آخرون بجروح، وفق المرصد.
وكان المرصد تحدّث في وقت سابق عن "اشتباكات بالأسلحة الرشاشة دارت بين متظاهرين مسلحين من جهة، وعناصر من القوات التركية من جهة أخرى، أمام مبنى السرايا في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي". وتحدث حينها عن مقتل متظاهر وإصابة سبعة نقلوا إلى المستشفى.
*تعليق تركي رسمي
وفي خضم هذه الأحداث، أصدرت وزارة الخارجية التركية بيانا حثت فيه على عدم السماح لأي محاولات خارجية باستغلال الوضع للتحريض والكراهية.
وأوضحت الوزارة في بيان أنه "من غير المناسب استغلال الأحداث المؤسفة في قيصري لاستفزازات خارج حدود تركيا".
وأكدت أنه "ليس من الصواب، استغلال الحوادث المؤسفة التي وقعت في ولاية قيصري، وأطلقت إجراءات عدلية بحق المتورطين فيها، كأداة للاستفزاز خارج حدودنا".
وأضاف البيان أن "الحكومة التركية تسعى بنشاط إلى اتخاذ الإجراءات القضائية المتعلقة بالحادث، وحثت على عدم السماح لأي محاولات خارجية باستغلال الوضع للتحريض والكراهية".
وأشارت الخارجية التركية إلى أن "جهود البلاد وموقفها المبدئي من أجل رفاهية الشعب السوري فوق أي استفزاز".
*أردوغان يستغل الحدث لمهاجمة المعارضة
من جانبه، علق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الهجمات التي نفذها أتراك على منازل وممتلكات تعود لسوريين، في مدينة قيصري، مشددا على أن هذا أمر غير مقبول.
وفي كلمة مباشرة له بمؤتمر لحزبه الحاكم العدالة والتنمية، قال أردوغان: "من غير المقبول أن يلوم بعض الناس اللاجئين على عدم كفاءتهم"، مؤكدا أن "حرق بيوت الناس وإشعال النار في الشوارع أمر غير مقبول، بغض النظر عمن كانوا ومن يقوم به".
وشدد على أن "أعمال التخريب، وإضرام النار في الشوارع، والقيام بأعمال الشغب والتخريب، وتغذية معاداة الأجانب واللاجئين هي أمور غير مقبولة ، ولن توصل إلى أية نتيجة"، معتبرا أن "أحد أسباب الأحداث المحزنة، التي تسببت بها مجموعة صغيرة في مدينة قيسري أمس، هو الخطاب المسموم للمعارضة التركية".
*اعتقالات
وقال وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، إنّ السلطات التركية أوقفت 67 شخصاً على خلفية الأحداث التي جرت في ولاية قيصري، مشيراً إلى أنّ “المواطنين الأتراك تصرفوا بطريقة غير لائقة بالقيم الإنسانية، وأقدموا على أعمال غير قانونية وألحقوا أضراراً بمنازل ومحال وسيارات تعود للسوريين”.
*اعتداءات سابقة
وخلال الحملات الانتخابية، تعهد أردوغان بإعادة مليون لاجئ سوري إلى بلادهم بعد إنجاز مشاريع بناء تقوم شركات تركية بتنفيذها داخل الأراضي السورية، بينما رفع زعيم المعارضة كمال قليجدار أوغلو عيار التصعيد متعهدا بطرد 10 ملايين لاجئ، قال إن حكومة أردوغان سمحت بدخولهم إلى تركيا.
وتسود البلاد موجات كراهية ضد السوريين على وجه الخصوص، حيث استغلت الأحزاب الرئيسية في البلاد، بعض الحوادث الفردية لإثارة مشاعر معادية ضدهم، تؤدي بدورها إلى زيادة توتر الأتراك ومجاميع اللاجئين الذين يقطنون، في الغالب، في أحياء فقيرة، ويقومون بأعمال رثة من أجل العيش.
ففي أغسطس 2021، دمرت عصابة قوميين أتراك محلات سورية في أنقرة، بزعم أن أصحابها لا يدفعون الضرائب ويعيشون على المساعدات الحكومية. وفي يناير 2022 قتلت مجموعة مقنعة لاجئا سوريا يبلغ من العمر 19 عاما في إسطنبول أثناء نومه في شقته.
وفي يونيو 2022، أطلقت القوات الأمنية التركية النار على 35 لاجئا في مدينة عصمانية، لأنهم حاولوا الهرب من ملجأ اللاجئين. وبالرغم من أن الآلاف من اللاجئين كانوا ضحية للدمار الذي نجم عن زلزال العام الماضي، وأدى إلى تشرد من بقي حيا، فإن هؤلاء المشردين تعرضوا لاعتداءات من جانب الأتراك.
وبحسب استطلاعات الرأي، فإن أغلبية تصل إلى 70 في المئة من اللاجئين السوريين ترغب بمغادرة تركيا. إلا أنهم بين فكي الرحى، لا يجدون مكانا يؤويهم في بلادهم، كما لا يجدون سبيلا للرحيل إلى بلد آخر.