فشلت في مهمتها حسب تقييمات أمريكية.. 15 عاما على هزيمة القوات البريطانية على أرض العراق أمام ضربات المقاومة في الجنوب
انفوبلس/..
طريق شائك وطويل قطعته قوات الاحتلال البريطاني في العراق منذ اليوم الأول لمشاركتها في الهجوم على هذا بلد واحتلاله في آذار 2003، حتى إعلانها سحب قواتها من هناك في 31 آذار 2009، والإبقاء فقط على ثلاثة آلاف جندي من أصل 46 ألفا كان لهم الأمر والنهي في الجنوب.
قسَّمت قوات الاحتلال (القوات المتعددة الجنسيات) التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية، العراق إلى ست مناطق عسكرية، اختصت بريطانيا بالمنطقة الجنوبية الشرقية في المثنى وذي قار وميسان فضلا عن البصرة.
وتركزت مهمة هذه القوات في السيطرة على مساحة جغرافية، بعد إسقاط نظام البعث الصدامي، ومراقبة الحدود الجنوبية الشرقية مع إيران فضلا عن سيطرتها على آبار النفط، وميناء أم قصر، ومساعدة الاحتلال الأميركي في عمليات استخباراتية تتم بالتنسيق بينهما.
وفقا لوزارة الدفاع البريطانية فإن عدد قواتها التي شاركت في الهجوم على العراق وصل في آذار ونيسان 2003 إلى 46 ألف جندي، في عملية أطلقت عليها لندن الاسم الرمزي "العملية تليك"، وهي واحدة من أكبر العمليات العسكرية في تاريخ بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، فعدد القوات التي حشدتها المملكة المتحدة لغزو العراق أكبر من تلك التي شاركت بها في حرب فوكلاند عام 1982 أو حرب الكويت عام 1991.
المقاومة والانسحاب
وبعد أن تصاعدت حملات المقاومة الإسلامية في العراق، ضد قوات الاحتلاب بمختلف أشكالها، اضطرت بريطانيا الى سحب قواتها، بعد أن سقط المئات من هذه القوات تحت ضربات المقاومة.
وبدأت القوات البريطانية المتمركزة في البصرة بالانسحاب رسميا من العراق يوم الثلاثاء 31 آذار 2009، وكان من المقرر أن تنتهي عملية الانسحاب في شهر أيار المقبل، وذلك بعد 6 سنوات من العمليات العسكرية التي بدأت مع اجتياح العراق بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، لتحل مكانها الفرقة عسكرية في جيش الاحتلال الأمريكي، الى حين انسحاب القوات الامريكية من العراق بشكل تام نهاية العام 2011.
ويشكل الجنود البريطانيون ثاني أكبر قوة في قوات الاحتلال "التحالف الدولي"، وقد لقي المئات من الجيش البريطاني حتفهم في العراق تحت الضربات المتواصلة للمقاومة الإسلامية في العراق.
فشل وهروب
وفي تقييمات أمريكية صادرة عن مؤسسات بحث استراتيجي كبرى، فالتقييم الذي أعدّه الباحث في شؤون الأمن انتوني كوردسمان، والصادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية بواشنطن، توصّـل إلى أن القوات البريطانية كانت قد فقدت السيطرة على منطقة البصرة وما حولها من المناطق التي كان من المفترض أن تكون مسيطرة عليها، لغاية منتصف 2006، والتي أصبحت مناطق خارجة تماما عن سيطرة الاحتلال البريطاني، ولا يشغل فيها الاحتلال سوى سيطرة غير مستقرة على ثكناته العسكرية فقط.
أما دراسة "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" بعنوان "الهدوء الذي يسبق العاصفة.. تجربة بريطانيا في جنوب العراق"، فقد توصّـلت إلى نتيجة أن حصيلة عمل القوات البريطانية في جنوب العراق هي الفشل الذريع.
عملية "شمس الحرية"
قوات الاحتلال البريطاني، كشريكتها القوات الامريكية، تلقت الضربات والهزائم أمام المقاومة العراقية بشكل متواصل، فقد كانت القوات البريطانية على موعد من الهزيمة التي أُطلق عليها عملية "شمس الحرية"، العملية التي أسهمت بتحرير الشيخ "قيس الخزعلي" من سجون المحتل الأمريكي مع العديد من المقاومين الذين بلغ عددهم أكثر من 500 من سجون الاحتلال، حينما تم أسر المستشار البريطاني (بيتر مور) وحراسه الشخصيين الأربعة من مبنى وزارة المالية.
وسجلت هذه العملية نصراً تاريخياً حققته المقاومة الإسلامية من إرغام الاحتلال الامريكي والبريطاني، ليأتي صاغراً في تنفيذ مطالب المقاومة، وإطلاق سراح الأسرى بعد أن تم التبادل بين الطرفين بوساطة الحكومة العراقية.
وأشرف الشيخ قيس الخزعلي على عملية شمس الحرية وتنفيذها من داخل سجون الاحتلال، وعلى إثرها تم تحرير 500 مقاوم عراقي بمقدمتهم النائب الحالي حسن سالم، وأبو آلاء الولائي، وآخرهم الشيخ الخزعلي الذي أتم مهمة تحرير جميع الأسرى ثم خرج.
مثل هذه العمليات النوعية، تؤكد على قيادة حكيمة في أدق العمليات العسكرية والسياسية لدى المقاوم العراقي الذي شهر سلاحه في مقاومة المحتل منذ أول لحظة دخوله الى الأراضي العراقية.
وبهذا تعتبر المقاومة العراقية قد أخضعت أقوى جيش في العالم للتفاوض بعملية نوعية في العراق بأسر المستشار البريطاني بيتر مور وجنوده ولم تستطع جميع التقنيات والتكنولوجيا والأقمار الصناعية وأنظمة المخابرات الدولية والاستخبارات من تخليصه من أيدي أبطال المقاومة.
وكانت حركة عصائب أهل الحق قد أسّرت في 2007 خبير المعلومات البريطاني "بيتر مور" وحرّاسه الأربعة في العراق، مشيرة إلى أنها "ستحتفظ بالرهينة البريطاني الخامس حتى تلبّي القوات الاميركية مطالبها المتمثلة بالإفراج عن عدد من قياداتها".
ونقل بيان عن نائب الامين العام للعصائب ـ حينها ـ أكرم الكعبي في 2011 قوله، إن "الاحتلال الاميركي لم يكفَّ عن مراوغته ومماطلته في تسليمنا أسرانا المجاهدين في سجونه، لذا فإننا نعلن عدم تسليمهم الرهينة البريطاني الن مكمينميني وسنبقى نحتفظ به حتى تُلبّى مطالبنا".