بينهم حاخام متطرف.. بعد سماحها لقوات الكيان بالتوغل في الأراضي السورية.. إدارة الجولاني تستقبل وفدا يهوديا بـ"ترحيب حار"

انفوبلس..
أثارت عودة وفد يهودي إلى سوريا، بعد غياب 33 عامًا، جدلًا واسعًا حول أبعاد هذه الخطوة ودلالاتها السياسية، فقد زار الحاخام هنري حمرا ووالده، دمشق بإذن السلطات الجديدة برفقة حاخام داعم لضم الجولان للكيان الصهيوني، وسط تساؤلات حول نوايا حكومة الجولاني، خاصة مع مشاركة شخصيات داعمة للاحتلال، مما يفتح باب التكهنات حول مستقبل علاقة حكومة الجولاني مع الكيان الصهيوني.
وتُوضع علامات استفهام كبيرة حول توقيت السماح بعودة "اليهود السوريين" إلى بلادهم، وتحديدًا بعد سُقوط نظام الأسد، وما إذا كانت لتلك خطوة ما بعدها بالسماح لليهود "الصهاينة" الإسرائيليين الدخول إلى سوريا، ومن باب السماح لكل سوري بغضّ النظر عن ديانته العودة إلى بلده الذي يُفترض أنه "حُرّر"، وما إذا كان ذلك تمهيدًا لتطبيع حكومة الجولاني مع الكيان الصهيوني.
الحاخام هنري حمرا، والذي زار سوريا بإذن السلطات الجديدة، قال وفق ما نقلت عنه تقارير صحفية، إن وزارة الخارجية السورية الجديدة "تعهّدت" الآن بحماية "التراث اليهودي"، فيما قال حكام دمشق الجدد بأن كل الطوائف في سوريا سوف تلعب دورًا كبيرًا في مُستقبل بلادها، ويبدو أن الطائفة اليهودية ستكون من بينها.
معاذ مصطفى، المدير التنفيذي للمنظمة السورية للطوارئ، أكّد من جهته عودة أوّل وفد يهودي إلى سوريا بعد 33 عامًا، مضيفًا بأن الحكومة الجديدة في دمشق، تدعم عودة جميع السوريين إلى وطنهم.
ويبدو أن حكومة الجولاني تعمل على مُغازلة الغرب بانفتاحها على كل الطوائف الدينية، وتريد تقديم نفسها كحامية جديدة لهم، لإقناع العالم بوسطيتها، وعدالتها، رغم خلفيّتها المتطرفة.
ووصل الأمر إلى إعادة بناء الكنس اليهودية، الأمر الذي سيُفضي إلى رفع العقوبات عن سوريا، وأشار إلى مسألة إعادة بناء الكنس اليهودية، بل ووجّه دعوة صريحة ليهود سوريا في جميع أنحاء العالم للعودة، وقال إن وطنكم آمن، يُمكنكم العودة، وفقا لمصطفى.
تقارير صحفية أفادت بأن حاخامًا يهوديًّا من سوريا عاد إلى دمشق، وأن عودته جاءت بعد مُغادرته سوريا "قسرًا" على يد النظام السابق في 1992.
وذكرت التقارير، أن الحاخام يوسف حمرا زار مع مجموعة من اليهود، بعض الكنس التاريخية في دمشق، مثل كنيسي "الفرنج" و"الراكي"، إضافة إلى مدرسة "ابن ميمون" اليهودية، وكنيس "جوبر" الذي تعرّض للتدمير إثر الأحداث الأمنية في سوريا.
ويبدو أن نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد كان يتحفّظ على عودة "اليهود" إلى سوريا، وما يُمكن أن يترتّب على ذلك من عودتهم، حيث أقر الحاخام يوسف حمرا بأنه حاول العودة إلى دمشق، ولكن النظام "لم يسمح لي بذلك".
وبحسب التقارير فإن نظام الأسد كان يمنع اليهود المتبقين في سوريا من زيارة كنيس جوبر، قبل أن يتمكّن رئيس الجالية اليهودية السورية، بخور شمنتوب، من زيارته بعد سقوط النظام.
والحاخام الزائر لسوريا هنري حمرا هو نجل يوسف حمرا "الحاخام الأكبر لليهود السوريين"، وقد زار كلاهما العاصمة السورية دمشق على رأس وفد، حيث عاشا حياتهما في الولايات المتحدة الأمريكية.
وعودة اليهود السوريين إلى بلدهم، أثارت جدلًا بطبيعة الحال بين السوريين، ولكن الجدل اللافت كان حول أسباب وجود الحاخام الأمريكي الداعم للاحتلال الصهيوني آشر لوباتين ضمن الوفد الزائر، الأمر الذي يضع زيارة الوفد في سياقات أكثر خطورة، والمطامع الأمريكية الصهيونية في الأراضي السورية، وتحويلها حكومتها من نظام مُمانعة إلى نظام مُصافحة.
وظهر الحاخام الأمريكي لوباتين إلى جانب الحاخام الأكبر للسوريين يوسف حمرا ومجموعة من الحاخامات اليهود في دمشق، والانتقادات التي طالت زيارة الوفد لا تتمحور فقط حول دعم الحاخام الأمريكي لوباتين للاحتلال، بل دعوته الصريحة سابقًا لضم الجولان السوري المُحتل للكيان الصهيوني.
فهل يتبنّى يهود سوريا العائدين تحت يافطة "العودة للوطن السوري" ضم الجولان المُحتل لإسرائيل، وما هو رأيهم باحتلال إسرائيل لأراضي فلسطين؟
ولم يصدر عن إدارة الجولاني أي تعليق حول الاستقبال الذي حظي به آشر لوباتين.
وطرد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد "اليهود السوريين" قبل نحو 33 عامًا، وها هُم يعودون إلى سوريا بعد سقوط نظام نجله الرئيس السابق بشار الأسد، وبعد أكثر من شهرين فقط على سُقوطه.
ويبدو أن نظام الجولاني يُبارك عودة اليهود السوريين لسوريا، مع تجنّب نظامه المُريب الحديث عن التوغّل الصهيوني في الأراضي السورية، وعدم التصدّي له كلاميًّا، أو عسكريًّا، حيث أصدرت صفحة "يهود الشام" على "فيسبوك" بيانًا عبّرت فيه عن تقديرها لهذه المُبادرة، ووجّهت الشكر للإدارة السورية الجديدة ورئيسها أبو محمد الجولاني، وممثله أحمد بدرية، على دعمهم لعودة اليهود السوريين إلى وطنهم.
ومع بداية الأزمة السورية عام 2011 ومن ثم تحولها للحرب، تعرّض الكنيس حينها للقصف العنيف، وتم تدميره بالكامل، كما تعرّض لكثير من السرقات والنهب لما تبقّى من آثار ومقتنيات، حيث اتهمت الدولة السورية المجموعات المسلحة بسرقة مُحتوياته لحساب الكيان الصهيوني، وقبل الحرب كان للكنيس مخصصات من خادم وحرس يسكنون في منطقة باب توما بدمشق ويُشرفون عليه.
وحول أسباب مغادرته دمشق، قال حمراء: "عشنا في الحارة أياماً صعبة، خاصة عندما جاء حزب البعث. في البداية، كانت هناك الكثير من القيود وكانت الحياة قاسية. كان البعض يهرب من الحياة الصعبة، وكانت الحارة مغلقة، ولا أحد يستطيع الخروج منها. كان السفر يتطلب إذناً من المخابرات، مما جعل الحياة أكثر صعوبة". ولفت إلى أنه حضر مع ابنه واثنين من اليهود المقيمين في ميشيغن بالولايات المتحدة. وأضاف "هدفي من هذه الزيارة هو أن أرى بعد 33 سنة كيف تبدو الحارة، وكيف تغيّر الوضع. عند وصولنا، استقبلتنا سوريا والأمن بكل ترحاب، وكان هناك استقبال حار من الجميع".
من جهته، قال هنري حمراء، ابن الحاخام يوسف حمراء: "وُلدت عام 1977، غادرنا سوريا في عام 1992، ونحن الآن في كنيسة حوش الباشا التي تُعد من أقدم الكنائس في حارة اليهود في دمشق القديمة. هذه الكنيسة كانت مخصصة لليهود العرب الذين كانوا يعيشون في سوريا قبل مجيء اليهود الإسبانيين، أي منذ حوالي 450 إلى 500 سنة".
وأضاف، إنه "غادر يهود سوريا بسبب المخاوف الكبيرة التي واجهوها خلال فترة حكم الأسد، حيث كان هناك خوف من النظام وتبعاته. الكنائس اليهودية في سوريا، مثل الكنيسة التي نحن فيها، هي جزء من تاريخ اليهود السوريين، ومن واجبنا الحفاظ عليها وإعادتها إلى ما كانت عليه"، مشيراً إلى أنهم يهدفون إلى ترميم الكنائس وتحويلها إلى متاحف، و"من خلال جهودنا وأصدقائنا نعمل على إعادة بناء هذا التاريخ".
ولفت إلى "السعي لاسترجاع الممتلكات اليهودية المغلقة، مثل الأراضي والمنازل، وإذا كان هناك من يواجه صعوبات أو يرغب في بيع ممتلكاته، فنحن هنا لمساعدتهم. لدينا دعم من الحكومة السورية، وقد التقيت عدداً من المسؤولين الذين أبدوا استعدادهم للمساعدة في هذا الأمر".