تدهور فظيع في الاقتصاد المصري.. رجال اعمال ومستثمرون يهربون من سفينة السيسي.. هل مصر مقبلة نحو يناير جديدة؟
انفوبلس/..
يمكن للمراقب أن يشاهد بعض إنجازات السيسي وحكومته خلال ١٠سنوات، وسيلمح في مقدمتها انهياراً اقتصادياً شاملاً، وانهيار العملة الوطنية، فالجنيه بين العملات العشر الأسوأ أداءً في العالم، بعد أن تسلم عبد الفتاح السيسي الحكم والدولار يساوي 7 جنيهات، فوصل اليوم إلى 60 جنيها، علاوة على انهيار التعليم، وتصنيف مصر في عهده بين الأسوأ تعليماً في العالم (139 من أصل 140 دولة) وهروب الأطباء وتراجع مخيف لمنظومة الصحة.
ثاني أكبر الدول استدانةً من صندوق النقد الدولي حاليا هي مصر، وسط مقياس أسوأ معدل للادخار الوطني في تاريخها، وتراكم الديون بما لم يحدث في تاريخها، فالدَّين الخارجي حوالي 167 مليار دولار أما الدين المحلي فيبلغ حوالي 6 تريليونات جنيه، وما ترتب عليه من اتساع الفقر لأكثر من نصف الشعب تحت خط الفقر (حوالي 60% وفق تقديرات مستقلة).
وسجلت منظومة العدالة انهياراً في مؤشر العدالة وسيادة القانون، وضياع حقوق مصر في ماء النيل، شريان الوجود. وعجز تام عن حماية الأمن القومي في صميم، وضياع جزيرتي تيران وصنافير، وهروب جماعي للشباب في هجرات غير شرعبة بحثا عن فرصة عمل أو حياة.
اتساع العجز المالي
العجز المالي في مصر سيتسع هذا العام حيث إن أكثر من 60% من الإيرادات ستذهب إلى مدفوعات الفائدة في السنة المالية المنتهية في يونيو 2024، ما يترك للحكومة مرونة مالية محدودة للغاية للاستجابة للصدمات، بما في ذلك الصدمات الناجمة عن الحرب في غزة.
برنامج صندوق النقد الدولي، العالق حاليا، لن يغطي سوى جزء من الاحتياجات التمويلية للحكومة، ما يعني أن عليها الاعتماد على الاستثمار الأجنبي المباشر لسد الفجوة.
إضافة إلى ذلك تبقى قدرة مصر للوصول إلى الأسواق صعبة وقد كانت معتمدة على ضمانات بنوك التنمية المتعددة الأطراف لإصدار سندات في عام 2023.
تواجه مصر أزمة اقتصادية مستمرة منذ نحو عامين، حيث تكافح السلطات لتنفيذ برنامج إصلاح طموح يدعمه صندوق النقد الدولي ومن المقرر أن يشمل بيع العشرات من أصول الدولة وعملة أكثر مرونة. ويتوقع معظم الاقتصاديين انخفاضاً آخر في قيمة الجنيه المصري – وهو الرابع منذ أوائل عام 2022 – في الربع الأول من هذا العام.
هروب المستثمرين ورجال الأعمال
بشهادات عالمية عدة، وقرائن دامغة، ليست خافية على المراقب لاقتصاد مصر وحركتها الاجتماعية والاقتصادية، لم تعد مصر واجهة استثمارية سواء لمستثمرين أجانب أو حتى محليين، بل أصبحت طاردة للجميع حتى رجال الأعمال المقربين من نظام عبد الفتاح السيسي، قرروا أيضًا الخروج من مصر بحيل "غير معتادة" رغم الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها البلاد والتي تتطلب استمرارهم.
وذلك على الرغم من دأب السيسي، ووزراء حكومته على التأكيد على أن مصر ترحب بمشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، والإعلان عن تسهيلات هائلة للمستثمرين المصريين والعرب والأجانب لحثهم على الدخول والتوسع في السوق المصرية، إلا أن رسائل وقرارات نظام السيسي، لم يكن لها صدى نهائيًا لدى أصحاب رؤوس الأموال بل إنها قوبلت بقرارات وتحركات سلبية، فأعلن وزير المالية المصري، محمد معيط، خروج 90% من الاستثمارات الأجنبية من البلاد، علاوة على إعلان رجال أعمال مصريين وقف استثماراتهم، أو مغادرة السوق المصري.
هجرة المليارديرات
الظاهرة المتزايدة بمصر، يمكن قراءتها في ضوء قرار (ناصيف ساويرس) ومن قبله (نجيب ساويرس) ومستثمرين آخرين، حيث إن ساويرس يصدم المصريين ذاهبا إلى الإمارات، ففي خطوة ليست مفاجئة، قرر الملياردير الأغنى في مصر ناصف ساويرس نقل مكتب الاستثمار العائلي الخاص به، والمعروف بـ" مجموع NNS " والذي يمثل إمبراطوريته المالية والاستثمارية، إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي، فيما وصفت شبكة "بلومبرج" تلك العملية بأنها استمرار لـ"هجرة المليارديرات" إلى الإمارات.
وقالت الشركة، في كانون الأول الماضي، إن مجموعة “NNS” تهدف من هناك إلى بناء حصص كبيرة في عدد كبير من الشركات، خاصة في أوروبا والشرق الأوسط وأمريكا الشمالية.
وقال ناصف ساويرس، في بيان: "يسعدني أن أعلن عن التزامنا طويل الأمد تجاه الإمارات وسوق أبوظبي العالمي على وجه الخصوص.. أهمية الإمارات بالنسبة للنظام المالي العالمي تجعل NNS تعتقد أن نقل أنشطتها الرئيسية للإمارات سيساهم في مواصلة تطوير ونمو محفظتها وأنشطتها الأساسية".
وسبق ذلك، إعلان رئيس شركة أوراسكوم للفنادق والتنمية، سميح ساويرس، عدم الدخول في استثمارات جديدة في مصر بسبب الأوضاع والقرارات الاقتصادية الحالية، وصعوبة دراسة ربحية المشروع إثر أزمة صرف العملة.
وأضاف ساويرس، أنه بدأ بالفعل التفاوض بشأن تنفيذ العديد من المشاريع في المملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى أن المملكة تشهد حاليًا ثورة على جميع المقاييس، وأن فرص الاستثمار بها واعدة في ظل ما تقدمه من تسهيلات.
وكذلك استحوذ رجل الأعمال ناصف ساويرس، على 46% من أسهم الشركة الرياضية التابعة لأحد الأندية البرتغالية.
وأعلن نادي فيتوريا جيماريش البرتغالي، عبر موقعه الرسمي، عن استحواذ ساويرس على نسبة كبيرة من أسهم الشركة الرياضية التابعة للنادي، مشيرًا إلى أن الصفقة تمت مقابل 5.5 مليون يورو.
ويعد ساويرس أغنى رجل في مصر، حيث تبلغ ثروته الصافية حوالي 7.6 مليار دولار، وفقا لمؤشر “بلومبرج” للمليارديرات.
وتتنوع استثمارات ناصف ساويرس، حيث استثمر في شركة Adidas AG الألمانية لصناعة السلع الرياضية وكذلك في نادي كرة القدم الإنجليزي أستون فيلا، وفقاً لما ذكرته "بلومبرج".
ويأتي قرار ناصيف ساويرس، ضمن سلسلة متواصلة من هجرة المستثمرين والأموال إلى خارج مصر.
قلق وترقب بعد قرار ساويرس
وقد أثار القرار مخاوف جمّة في الوسط الاقتصادي والأوساط المالية فى مصر، إذ يُعد "ساويرس" من أكبر الكيانات الاقتصادية بمصر، وأمام الاضطراب الكبير الذي حدث بالسوق المصري، وخشية من بطش السلطات بأموال آل ساويرس، حاول نجيب ساويرس الشقيق الأصغر لناصيف تلطيف الأجواء، بتصريحات إعلامية، بأن شقيقه نقل مكتبه فقط من لندن إلى دبي، وأن أعماله ومشاريعه قائمة بالقاهرة، مشيرا إلى أن ناصيف يقيم خارج مصر منذ نحو 10 سنوات.
وفي وقت سابق رد رجل الأعمال، سميح ساويرس رئيس مجلس إدارة شركة أوراسكوم القابضة للتنمية، على أنباء خروج استثمارات العائلة من مصر وأكد أن كل مشروعات آل ساويرس في مصر مستمرة دون توقف.
إلا أن سميح ساويرس عاد وأكد في بيان له ضرورة إنهاء تعدد أسعار الصرف لضمان استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية والمحلية، مشددا على خطورة تأثير سعر صرف الدولار سلبا على الاستثمار فى مصر، وذلك في إشارة إلى فوضى أسعار صرف العملات الأجنبية بمصر، حيث تربط الحكومة سعر الدولار بالبنوك عند نحو 31 جنيه للدولار، فيما يصل سعره في السوق الموازية إلى أكثر من 52 جنيها للدولار، بل يسعّر كل أصحاب سلعة ومهنة الدولار بسعر معين يختلف عن الآخر، كما بين أصحاب شركات السيارات والذهب والأغذية والمستوردين…إلخ.
ليس أول الهاربين
ومع إعلان ناصيف ساويرس نقل مكتبه إلى أبوظبي، تثور الكثير من التساؤلات، وهنا تُطرح تساؤلات حول الأسباب التي تؤدي إلى هروب الاستثمارات من مصر إلى خارجها؟ وإلى متى ستظل البيئة الاقتصادية في مصر طاردة للاستثمار؟ وهل ما يحدث هروب أم بحث عن استثمارات جديدة؟
وعلى مدار سنوات، وتحديدًا منذ تحرير سعر العملة الوطنية، اتجه الكثير من كبار رجال الأعمال المصريين والشركات الكبرى إلى الاستثمار خارج مصر وبالأحرى في دول الخليج، وهو ما يعني هروب رؤوس الأموال المصرية، وأيضًا يؤكد نظرية أن رأس المال «جبان»، أي إنه عندما لا تتوافر البيئة الاقتصادية المناسبة يهرب بعيدًا… ومن نماذج الهروب الواضحة بمصر.
انتقال "بلتون" القابضة للأردن
ومؤخرا، كشفت مؤسسة "بلومبيرج" أن مؤسسة "بلتون المالية القابضة"، والتي تُعد إحدى المؤسسات المالية الكبرى في مصر، تدرس دخول سوق التمويل الاستهلاكي في الأردن من خلال شركتها التابعة لها "سفن".
يُذكر أن «بلتون» تأسست كشركة مساهمة مصرية في مايو 2006، وأُدرجَت أسهمها في البورصة المصرية في أبريل 2008، ورفع رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة حصته بها، ولديها سيولة وفيرة قدرت بنحو 10 مليارات جنيه، ستنفق منها 1.1 مليار جنيه على شراء مبنى إداري جديد لها في القاهرة الجديدة بالتقسيط.
وكانت "بلتون" استحوذت على شركة «كاش» للتمويل متناهي الصغر بنحو 120 مليون جنيه، وعلى حصة تبلغ 20% من شركة "أريكا" الناشئة المتخصصة بصناعة وبيع مفروشات المنازل ومستلزمات الديكور.
وتتبع "بلتون" أيضا 18 شركة متخصصة في نشاطات الاستثمار، وإدارة الأصول، والأوراق المالية، وتغطية الاكتتابات، وأظهرت القوائم المالية المستقلة لشركة «بلتون» تكبدها خسائر بقيمة 71.37 مليون جنيه خلال الثلاث أشهر الأولي من العام الحالي، مقابل صافي خسائر بقيمة 18.93 مليون جنيه خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
وذلك على خلفية عدم الاستقرار الاقتصادي بمصر، وتفاقم أزمة العملة وعدم وضوح الرؤية الاقتصادية بالسوق المصري..
هروب أبناء فريد خميس
وكان الهروب الفَج لـ ياسمين وفريدة خميس، ورثة رجل الأعمال المصري الراحل، محمد فريد خميس، فكشف إفصاح صادر عن البورصة المصرية أن ياسمين وفريدة نقلا حصتهما البالغة 24.61% في شركة "النساجون الشرقيون" إلى شركة إنجليزية تحمل اسم FYK LIMITED بقيمة 52.62 مليون دولار.
بيان شركة "النساجون الشرقيون"، في شهر يناير الماضي، أشار لاحقًا إلى أن فريدة وياسمين هما المالكان للشركة الإنجليزية الجديدة، والموجودة في مدينة مانشستر بنسبة 100%، تنهال الانتقادات عليهما من اقتصاديين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، بدعوى تخليهما عن البلاد في أزمتها.
هروب نجيب ساويرس
ونجيب ساويرس، أحد أبرز رجال الأعمال الساخطين على النظام المصري وفتح المجال للشركات العسكرية لابتلاع السوق المصري، وهو ما أثار جدلا في مصر خلال السنوات القليلة الماضية، بعد انتقاده تدخل الجيش في الحياة الاقتصادية والبيئة الاستثمارية في مصر، ودعا إلى خروجه من ذلك المجال، ما أثار عاصفة هجوم ضده من مؤيدي نظام عبدالفتاح السيسي.
وكان نجيب ساويرس قد انتقد سياسات السيسي عدة مرات، آخرها وصفه الانتخابات الرئاسية الأخيرة بأنها غير حقيقية..
وسبق نجيب ساويرس الكثير من رجال الأعمال في الخروج منذ نحو عقد تقريبًا، بإعلانه أولًا تحويل نصف ثروته إلى ذهب، قبل أن يتخلى أو يخفض استثماراته في مصر، ليُرجِعَ الجميع الأسباب إلى سوء الأوضاع الاقتصادية والاستثمارية في البلاد.
وبنى ساويرس واحدة من أغنى العائلات في مصر، ثروته من الاستثمار في مجال الاتصالات، حيث كان يملك شبكات الهواتف الجوالة في دول مثل بنغلاديش والعراق وباكستان، كما حصل على رخصة الاتصالات العاملة الوحيدة في كوريا الشمالية.