جوليان أسانج يكافح من أجل الحياة والحرية.. المناضل العنيد كشف عورات واشنطن والغرب
توقعات بأن يموت غيلة
جوليان أسانج يكافح من أجل الحياة والحرية.. المناضل العنيد كشف عورات واشنطن والغرب
انفوبلس/..
تظهر المعاناة التي يتعرض لها مؤسس موقع "ويكيليكس" بما لا يقبل الشك حجم الأكاذيب التي تنادي بها الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، فهذا الرجل يعاني منذ سنوات في السجن، بتهمة من واشنطن زعمت أنه قام بتسريب معلومات والتجسس داخل الولايات المتحدة، فيما خاض أكثر من معركة قانونية داخل بريطانيا من أجل منع تسليمه إلى أمريكا، في وقت يعاني فيه هذا المناضل العنيد من حالة صحية سيئة، بل إنه "يموت ببطئ".
كان من بين الملفات التي نشرتها "ويكيليكس"، مشاهد لضربة أمريكية في العراق تسببت بقتل 11 مدنياً بينهم صحفيان عام 2007، وغيرها من جرائم الحرب التي ارتكبتها الولايات المتحدة في بغداد وكابول، فضلاً عن وثائق شكلت تهديداً حقيقياً للمصالح الأمريكية في المنطقة آنذاك.
*من هو جوليان أسانج؟
أسانج هو ناشط وصحافي ومبرمج أسترالي، أسس موقع «ويكيليكس» الشهير.
وُلد أسانج عام 1971 في كوينزلاند، بأستراليا. من خلال ممارسة ما سماه «الصحافة العلمية» - أي توفير المواد الأولية مع الحد الأدنى من التعليقات التحريرية - أصدر أسانج، من خلال "ويكيليكس"، آلاف الوثائق الداخلية أو السرية من مجموعة متنوعة من الكيانات الحكومية والشركات.
اكتسب أسانج سمعة طيبة في برمجة الكومبيوتر عندما كان مراهقاً. وفي عام 1995، تم تغريمه بتهمة جرائم القرصنة في محكمة ببلده الأصلي، أستراليا، ولم يتجنب عقوبة السجن إلا لأنه وعد بعدم القيام بذلك مرة أخرى.
وفي عام 2006، أسس موقع "ويكيليكس" الذي نشر كثيراً من الوثائق، بما في ذلك التقارير الرسمية السرية أو المقيدة المتعلقة بالحرب والتجسس والفساد.
*ماذا فعل موقع "ويكيليكس" بالضبط؟
في عامي 2010 و2011، نشر الموقع مئات الآلاف من الوثائق العسكرية والدبلوماسية الأمريكية حول الحربين في العراق وأفغانستان.
وقد تم وصف العملية مراراً وتكراراً، بأنها "واحدة من كبرى عمليات تسريب المعلومات السرية في تاريخ الولايات المتحدة".
وجاءت الوثائق المسربة من تشيلسي مانينغ، التي كانت تعمل محللة للجيش الأميركي بالعراق في ذلك الوقت.
كانت تُعرف آنذاك باسم الجندية برادلي مانينغ، لكنها تُعرف الآن بأنها امرأة انتقلت إلى السجن.
*آخر التطورات
وفي آخر تطورات معركته القانونية، حصل مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج على إذن من المحكمة العليا في لندن يوم 26 آذار 2024، لرفع طعنه ضد تسليمه إلى الولايات المتحدة بتهم التجسس إلى جلسة استماع جديدة.
وقضت المحكمة بأن أسانج يمكنه متابعة استئنافه في جلسة استماع كاملة، ما لم تقدم الولايات المتحدة “ضمانات مرضية” بشأن التساؤلات حول ما إذا كان قادراً على الاعتماد على التعديل الأول للدستور وما إذا كان يمكن أن يتعرض لعقوبة الإعدام. وأضافت أنه لا ينبغي المساس به أثناء المحاكمة أو الحكم “بسبب جنسيته”.
وجاء في الحكم: “إذا لم يتم تقديم هذه الضمانات، فسيتم منح الإذن بالاستئناف وستكون هناك جلسة استماع للاستئناف”. “إذا تم تقديم الضمانات، فستتاح للأطراف فرصة أخرى لتقديم احتجاجات”. ومن المقرر عقد جلسة استماع أخرى في 20 مايو/أيار “لتقرير ما إذا كانت الضمانات مرضية، واتخاذ قرار نهائي بشأن الإذن بالاستئناف”.
*أسانج يقاوم
ويقاوم أسانج تسليمه منذ أكثر من عشر سنوات، بما في ذلك سبع سنوات قضاها في المنفى الاختياري في سفارة الإكوادور في لندن، وآخر خمس سنوات في سجن بلمارش شديد الحراسة على مشارف العاصمة البريطانية.
بدأت مشاكل أسانج القانونية في عام 2010، عندما أُلقي القبض عليه في لندن بناء على طلب السويد، التي أرادت استجوابه بشأن مزاعم الاغتصاب والاعتداء الجنسي التي قدمتها امرأتان.
وبعد ذلك بعامين، أسقط الكفالة ولجأ إلى سفارة الإكوادور، مما جعله بعيدًا عن متناول السلطات، لكنه حاصره فعليًا في المبنى.
وبعد توتر العلاقة، تم طرده من السفارة في أبريل 2019 واعتقلته الشرطة البريطانية على الفور بتهمة انتهاك الكفالة في عام 2012، وهو في السجن منذ ذلك الحين على الرغم من أن السويد أسقطت التحقيقات في الجرائم الجنسية في عام 2019 بسبب مرور الكثير من الوقت.
وبينما حكم قاضي محكمة محلية بريطانية ضد طلب التسليم في عام 2021، مشيراً إلى خطر الانتحار الحقيقي و”القمعي”، فازت السلطات الأمريكية بالاستئناف في العام التالي، بعد تقديم سلسلة من التأكيدات حول كيفية معاملة أسانج إذا تم تسليمه. وتضمن ذلك تعهدًا بإمكانية نقله إلى وطنه أستراليا لقضاء عقوبته.
ودعا البرلمان الأسترالي الشهر الماضي إلى السماح لأسانج بالعودة إلى وطنه. وحاول المسؤولون الضغط على الولايات المتحدة لإسقاط جهود التسليم أو إيجاد حل دبلوماسي يسمح لأسانج بالعودة إلى وطنه.
ومنذ ذلك الحين، ظل رهن الاحتجاز البريطاني، أولاً بسبب انتهاك شروط الكفالة، ثم لجلسات الاستماع المعلقة لتسليم المجرمين.
*المزاعم الامريكية
ويقول المدعون الأمريكيون إن أسانج عرّض حياة الناس للخطر عندما ساعد محللة استخبارات الجيش الأمريكي تشيلسي مانينغ في سرقة البرقيات الدبلوماسية والملفات العسكرية التي نشرها موقع ويكيليكس قبل 15 عامًا تقريبًا. وقد وجهت إليه 17 تهمة بالتجسس وتهمة واحدة بإساءة استخدام الكمبيوتر بسبب نشر ويكيليكس لوثائق سرية.
وقال جيمس لويس، محامي الولايات المتحدة، في مذكرات مكتوبة إن تصرفات أسانج “هددت بإلحاق الضرر بالمصالح الاستراتيجية ومصالح الأمن القومي للولايات المتحدة” ووضعت الأفراد الذين وردت أسماؤهم في الوثائق – بما في ذلك العراقيون والأفغان الذين ساعدوا القوات الأمريكية – في عداد المفقودين. خطر “الأذى الجسدي الخطير”.
جادل محامو أسانج بأنه شارك في ممارسة صحفية منتظمة للحصول على معلومات سرية ونشرها، وأن الملاحقة القضائية هي انتقام ذو دوافع سياسية لكشف ويكيليكس عن إجرام الحكومة الأمريكية.
الموقع، الذي أطلقه في عام 2006 كمكان للمسربين لإسقاط الوثائق السرية، برز في عام 2010 عندما نشر مقطع فيديو سري قدمه مانينغ. وأظهرت اللقطات المسجلة قبل ثلاث سنوات مروحية عسكرية أمريكية وهي تقتل مدنيين، من بينهم صحفيان من رويترز، في العاصمة العراقية بغداد. وعندما وصلت شاحنة لنقل الجرحى، تم إطلاق النار عليها أيضًا. قُتل أكثر من 10 أشخاص.
وأدين مانينغ في محكمة عسكرية بالتجسس وتهم أخرى في عام 2013 لتسريب ملفات عسكرية سرية إلى ويكيليكس. وحُكم عليها بالسجن لمدة 35 عامًا، لكن أُطلق سراحها في عام 2017 بعد أن خفف الرئيس باراك أوباما عقوبتها.
*السجن 175 عاماً
وقال محامو أسانج إنه قد يواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى 175 عامًا إذا أدين، على الرغم من أن السلطات الأمريكية قالت إن العقوبة من المرجح أن تكون أقصر من ذلك بكثير.
*صحته متدهورة.. سوف يموت
وقالت زوجته ستيلا أسانج، التي تزوجها في السجن عام 2022، الشهر الماضي أيضًا إن صحة زوجها تدهورت خلال سنوات الحبس. وقالت أمام حشد خارج محكمة العدل الملكية في لندن: “إذا تم تسليمه، فسوف يموت”.
ووجّه أكثر من 60 طبيبا رسالة مفتوحة نُشرت يوم الاثنين (25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019) إلى وزيرة الأمن الداخلي البريطانية بريتي باتل يعربون فيها عن قلقهم إزاء الوضع الصحي لمؤسس ويكيليكس جوليان أسانغ.
وطالب الأطباء في رسالتهم الى باتل بنقل أسانغ من سجن بلمارش في جنوب شرق لندن إلى أحد المستشفيات الجامعية. واستندوا في تقييمهم إلى "روايات مروعة لشهود عيان" خلال مثول أسانغ أمام المحكمة في 21 تشرين الأول/أكتوبر في لندن، بالإضافة الى تقرير للمقرر الخاص للأمم المتحدة حول قضايا التعذيب نيلس ميلزر في 1 تشرين الثاني/نوفمبر.
وقال الخبير المستقل المعني بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إن تعرض أسانج المستمر "للمعاملة السيئة والتعسفية قد يؤدي قريبا الى ان يدفع حياته ثمن ذلك".
وقال الأطباء في رسالتهم المكونة من 16 صفحة "نكتب هذه الرسالة المفتوحة كأطباء للتعبير عن قلقنا الشديد بشأن الصحة الجسدية والعقلية لجوليان أسانغ".
وأشاروا إلى أنهم يشعرون بالقلق بشأن مدى "لياقة" أسانغ لحضور جلسة الاستماع بشأن تسليمه كاملة والتي من المقرر أن تجري في شباط/فبراير.
وكتبوا أن "السيد أسانغ يحتاج لتقييم عاجل من خبراء في مجال الصحة لوضعه الصحي الجسدي والنفسي". وأضافوا أن "على أي علاج صحي تتم الإشارة إليه أن يتم في مستشفى جامعي معد بشكل مناسب ويضم موظفين من ذوي الخبرة".
وحذروا من أنه "في حال لم يتم هذا النوع من التقييم العاجل، فلدينا مخاوف حقيقية، بناء على الأدلة المتوفرة حاليًا، من أن السيد أسانغ قد يموت في السجن. ولذا فإن الوضع الصحي عاجل. ولا مجال لإضاعة الوقت".
ويذكر أن الأطباء الذين كتبوا الرسالة هم من الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا والسويد وإيطاليا وألمانيا وسريلانكا وبولندا.