خطاب نتنياهو يعمق الفجوة الصهيونية.. "أسطوانة مشروخة لتبرير الحرب والاستسلام يداهم الإسرائيليين"

انفوبلس/..
عاد رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو في خطاب جديد يوم أمس كرر فيه "أسطوانته المشروخة" في تبرير الحرب الهمجية التي يشنها على قطاع غزة المحاصر، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، ليقابل بردة فعل مستهجنة وهجوم من الداخل الإسرائيلي الذي أكال الاتهامات عليه، وسط تأكيدات بأن "الاستسلام خطر يهدّد كل الإسرائيليين".
*التفاصيل
دون اكتراث بمصائر المحتجزين في غزة ممن يهددهم هم أيضاً القصف التدميري، ولا بمذكّرات القطاعات المختلفة الداعية لوقف الحرب، عاد نتنياهو ليتحدث عن “الحسم القريب”، بعدما كان يتحدّث، قبل عام تماماً، عن النصر المطلق، والبعد خطوة واحدة عنه.
وسارعت عائلات المخطوفين الإسرائيليين للقول، إن “الشعارات الرنانة لا تطمس حقيقة أن نتنياهو منشغل بالشعارات، ولا يملك خطة”.
وزادت خيبة أمل جهات واسعة من الإسرائيليين، الذين يؤيد 70% منهم وقف الحرب الآن، وفق استطلاعات رأي أسبوعية منذ شهور.
ويرى مراقبون، أمثال المعلق السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” بن درور يميني، اليوم الأحد، أن خيبة الأمل جاءت كبيرة، بعدما رفع مكتب نتنياهو سقف التوقّعات بإعلانه عن شريط الفيديو قبل يومين من بثه.
وفي مقال بعنوان “دراما كبيرة وصفر بشائر”، يؤكد بن درور يميني أن الخيبة تأتي على قدر الأمل.
وتبعه زميله في “يديعوت أحرونوت” عاميحاي أتالي، راسماً صورة أكثر حدة وخطورة بقوله إن شريط الفيديو يقول إن "إسرائيل دولة بلا مستقبل وأمل بدون رؤية"، وفق قوله.
*تدمير حماس وهم
من جهته، يواصل رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب ميخائيل ميليشتاين التحذير من عدم فهم حقيقي في إسرائيل لـ “حماس”، فيقول بلُغة ساخرة، إن نتنياهو يزعم أنه يريد تحقيق هذه وتلك من غايات الحرب المعلنة، لكن الواقع على الأرض يقول “لا هذا، ولا ذاك من الأهداف، لا تدمير حماس ولا تحرير الرهائن”.
في حديث للإذاعة العبرية الرسمية، اليوم، يتكاتف الجنرال في الاحتياط ميليشتاين، رئيس وحدة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية سابقاً، مع مراقبين كثر يرون باستحالة تحقيق الهدفين المعلنين للحرب.
ويضيف: “حماس تلقّت ضربة قاسية جداً، لكن الحديث عن تدميرها بالكامل وَهْمٌ، مثلما أن قلّة السيولة النقدية ستثقل على مجاهديها هو الآخر سراب، فالحديث يدور عن متشدّدين عقائديين مستعدين للتضحية بأرواحهم في سبيل الجهاد”.
ومن هنا يستنتج ميليشتاين: “هكذا تورّطت إسرائيل في وضع هي غير قادرة على الابتلاع، ولا الاستفراغ، كأنها ابتلعت منجلاً، وعلق في حنجرتها. من جهة؛ لا تحرير مخطوفين، ومن جهة أخرى تتزايد الشكوك حيال القدرة على احتلال كل القطاع.. والأكثر حيال القدرة على السيطرة عليه لفترة طويلة، فهذه مهمة عسكرية كبيرة وثقيلة ومكلفة جداً”.
مزاعم نتنياهو عن تحقيق الهدفين تعني أنه لم يفهم بعد السابع من أكتوبر “فالمعارك التي تنتظرنا ستكون أكثر مرارة وكلفة، وستقتل المخطوفين".
*ورطة أكبر
من جهتها، تسلّط صحيفة “هآرتس” الضوء على ما تقوم به حكومة الاحتلال في الضفة الغربية أيضاً من تهويد واستيطان وضمّ بشكل منهجي، منوهة، كعادتها، أن حكومة نتنياهو السادسة تدفع لورطة أكبر كونها تنتج واقع سيادة إسرائيلية في الضفة الغربية من خلال حثّ خطوات الضمّ.
ويرى مراقبون إسرائيليون من دعاة الحل السياسي مع الشعب الفلسطيني أن هذا الضمّ يعني قتل فكرة حل الصراع بتسوية الدولتين، وبالتالي اختلاط الحابل الإسرائيلي بالنابل الفلسطيني بين البحر وبين النهر، ودفع البلاد لحالة بلقانية تشهد لاحقاً نوعاً من “الحرب الأهلية”، في ظل وجود نحو ثمانية ملايين يهودي، مقابل عدد مشابه من الفلسطينيين في البلاد، وفق التقرير.
ويمضي التقرير: "يبدو أن نتنياهو، في عناده على مواصلة الحرب، يواصل الصراع من أجل البقاء في وعي الإسرائيليين، في التاريخ، وفي سدة الحكم، فهو يدرك أن نهاية الحرب تعني بداية لجنة تحقيق رسمية، وبداية نهايته السياسية، وهو المغرور صاحب الأنا المتضخمة، المسكون بجنون العظمة، وتسبب له السابع من أكتوبر إهانة شخصية".
*"فزاعة إيران"
وهذا يفسّر أيضاً مواصلته التلويح بإيران، التي لم يبادر لمهاجمتها فعلاً، رغم أنه موجود في الحكم منذ 1996.
منذ الولاية الأولى، لوّحَ نتنياهو وأبواقُه بإيران فزّاعة لجعل إسرائيل بصورة الضحية، وصرف الأنظار عن احتلالها الأرض الفلسطينية، واستثمارها شخصياً لترهيب الإسرائيليين كي يصطفوا خلف “القائد القوي”، وبذلك يجعلون منها “دجاجة من بيضها السمين يأكلون”، كما كان يقول نزار قباني عن تعامل بعض الأنظمة العربية مع القضية الفلسطينية.
وتعقيباً على خطابه المسجّل ليلة البارحة، سخر مراقبون إسرائيليون من إفراطه بالأقوال دون الأفعال عن منع إيران من حيازة السلاح النووي، على غرار أقطاب المعارضة الذين اتهموه بالجبن، في الأيام الأخيرة.