مأزق لنتنياهو وترامب.. انتهاكات الكيان تؤجل إطلاق سراح أسراه وبيان أبو عبيدة يثير الأزمات في تل أبيب وواشنطن

انفوبلس..
عصر أمس الاثنين، أعلن الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، أنه سيتم تأجيل الإفراج عن الأسرى الصهاينة لدى المقاومة الفلسطينية إلى حين التزام الاحتلال ببنود الاتفاق وتعويض استحقاق الأسابيع الماضية وبأثر رجعي، وذلك قبل 5 أيام من موعد الإفراج المتفق عليه يوم السبت المقبل، لتبدأ ارتدادات ذلك الإعلان على الفور في كل العالم ويدخل كيان الاحتلال وداعمه الأول دونالد ترامب حالة من الهستيريا وصلت إلى حد التهديد بـ"فتح أبواب الجحيم".
أسباب التأجيل
وقال أبو عبيدة، إن قيادة المقاومة راقبت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية انتهاكات العدو وعدم التزامه ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، وتأخير عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة واستهدافهم بالقصف وإطلاق النار.
وأضاف، إن "العدو قام بتأخير عودة النازحين لشمال قطاع غزة واستهدفهم بالقصف وإطلاق النار في مختلف مناطق القطاع، كما منع إدخال المواد الإغاثية بكافة أشكالها بحسب ما اتُفق عليه، في حين نفذت المقاومة كل ما عليها".
وقال، إنه سيتم "تأجيل تسليم الأسرى الصهاينة الذين كان من المقرر الإفراج عنهم يوم السبت المقبل الموافق 15 فبراير/شباط الجاري حتى إشعار آخر وإلى حين التزام الاحتلال وتعويض استحقاق الأسابيع الماضية وبأثر رجعي، ونؤكد على التزامنا ببنود الاتفاق ما التزم بها الاحتلال".
وعقب إعلان أبو عبيدة، قالت حركة حماس إن تأجيل إطلاق الأسرى هي رسالة تحذيرية للاحتلال وللضغط باتجاه الالتزام الدقيق ببنود الاتفاق، مشيرة إلى أن الحركة تعمدت أن يكون تأجيل الإفراج عن الأسرى قبل 5 أيام من التسليم لإعطاء الوسطاء فرصة الضغط على الاحتلال، وإبقاء الباب مفتوحا لتنفيذ التبادل بموعده إذا التزم الاحتلال.
وأضافت، "نفذنا كل ما علينا من التزامات بدقة وفي المواعيد المحددة والاحتلال لم يلتزم ببنود الاتفاق". مشيرة إلى، أن خروقات الاحتلال شملت "تأخير عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، واستهداف أبناء شعبنا بالقصف، وإعاقة دخول متطلبات الإيواء من خيام وبيوت جاهزة والوقود وآليات رفع الأنقاض".
وتابعت: "أحصينا تجاوزات الاحتلال وزوّدنا الوسطاء بها أولاً بأول لكن الاحتلال واصل تجاوزاته"، داعية إلى الالتزام الدقيق بالاتفاق وعدم إخضاعه للانتقائية بتقديم الأقل أهمية وتأخير وعرقلة الأكثر أهمية.
رد فعل أولي
وفي رد فعل على إعلان حماس، قال مكتب نتنياهو إن "إسرائيل" تُصر على الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار كما هو مكتوب وتنظر إلى أي انتهاك بجدية.
وقالت هيئة البث الصهيونية، إن نتنياهو بدأ مشاورات أمنية في ضوء موقف حماس الأخير بتعليق تسليم الأسرى، بحضور وزراء الدفاع والخارجية والمالية وعضو الكنيست أرييه درعي. وأفادت الهيئة بأن رئيسَي الأركان الحالي والمُعيَّن يشاركان في المشاورات الأمنية مع نتنياهو بعد بيان حماس.
وكانت هيئة البث قالت، إن الوفد الصهيوني عاد من الدوحة وإن المجلس الوزاري المصغر كان سيجتمع الثلاثاء لبحث المرحلة الثانية من الصفقة.
بدوره، قال وزير الدفاع الصهيوني يسرائيل كاتس إن إعلان حماس التوقف عن إطلاق سراح المختطفين الإسرائيليين يُعد خرقاً كاملاً لاتفاق وقف إطلاق النار وصفقة التبادل.
وأوضح كاتس، إنه أصدر تعليمات للجيش بالاستعداد بأقصى درجات التأهب لأي سيناريو محتمل في غزة، والدفاع عن "البلدات الإسرائيلية".
بدوره، أعلن جيش الاحتلال رفع مستوى الجاهزية وتأجيل إجازات الجنود والوحدات العملياتية في القيادة الجنوبية في محيط قطاع غزة.
وأضاف المتحدث باسمه، أنه تقرر أيضا تعزيز المنطقة بشكل كبير بقوات إضافية لمهام دفاعية.
وفي وقت سابق، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن القيادة الجنوبية للجيش ألغت إجازات الجنود استعداداً لاستئناف القتال حال انهيار الاتفاق.
من جانبه، قال وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير، إن الرد الوحيد على بيان حماس يجب أن يكون هجوما ناريا واسعا من الجو والبر، ووقف كل أشكال المساعدات لغزة.
احتماليات انهيار الاتفاق
ونقلت القناة الـ12 العبرية عن أعضاء في الوفد المفاوض الذي عاد من الدوحة أنهم يتهمون حماس بأنها هي من تُخِل بالاتفاق. وقالت إن الوفد المفاوض أوضح للوسطاء أن سلوك حماس قد يؤدي إلى التصعيد، ويعرّض استمرار الاتفاق للخطر.
لكن عائلات الأسرى الصهاينة ناشدوا الوسطاء التدخل فورا للتوصل لحل فوري وفعال يعيد تنفيذ الاتفاق، وطالبت الحكومة بالامتناع عن أي إجراءات من شأنها أن تمس بتنفيذ الاتفاق.
وقال والد أحد الأسرى في غزة، إن تأجيل حماس تسليم الأسرى ناتج عن سلوك نتنياهو غير المسؤول، محذرا من أنه إذا لم يرسل نتنياهو وفدا مفاوضا لإنجاز المرحلة الثانية فإنه يحكم على الأسرى بالموت.
وفي السياق، قال موقع أكسيوس نقلا عن مسؤول صهيوني، إن موقف حماس بتأجيل الإفراج عن الأسرى قد يكون رداً على خطة ترامب للاستيلاء على غزة.
وأضاف المسؤول، إن موقف حماس إشارة إلى أنها تشك في أن نتنياهو لن يعقّد مفاوضات جادة بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
في غضون ذلك، قال مصدران أمنيان مصريان إن الوسطاء يخشون انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد أن عبّرت حركة حماس عن مخاوفها من عدم جدية الكيان الصهيوني في تنفيذ الاتفاق، وإعلانها تعليق الإفراج عن الأسرى حتى إشعار آخر.
وقال مفاوضون من حماس، إن الضمانات الأميركية لوقف إطلاق النار لم تعد قائمة في ضوء خطة الرئيس الأميركي تهجير سكان غزة من القطاع، وأرجأوا المحادثات حتى يروا إشارات واضحة على نية واشنطن مواصلة الاتفاق المؤلف من مراحل.
هستيريا أمريكية
وبعد بيان حماس، وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديد حماس بتأخير إطلاق سراح رهائن إسرائيليين بأنّه مريع، متوعداً الحركة الفلسطينية بجحيم حقيقي إذا لم تتم إعادة جميع (الرهائن) بحلول ظهر السبت.
وفي لقاء مع الصحافيين في البيت الأبيض اقترح ترامب أن يلغي الكيان الصهيوني اتفاق وقف إطلاق النار الساري في قطاع غزة منذ 19 يناير (كانون الثاني) إذا لم تفرج حماس عن جميع الرهائن بحلول ظهر السبت المقبل. وقال إنّه سيترك هذا الأمر للكيان لكي يقرّر بشأن ما ينبغي أن يحدّث للهدنة الهشّة السارية بينه وبين المقاومة الفلسطينية. وأضاف، لكن فيما يخصّني، فإذا لم تتمّ إعادة جميع الرهائن بحلول الساعة 12 من ظهر السبت ـ أعتقد أنّه موعد معقول ـ فأنا أدعو لأن تُلغى (الهدنة) ولأن تُفتح أبواب الجحيم.
وشدّد ترامب على وجوب أن تطلق حماس سراح جميع الرهائن الصهاينة الذين ما زالت تحتجزهم في القطاع دفعة واحدة و"ليس على دفعات، وليس اثنان وواحد وثلاثة وأربعة واثنان". وأضاف "نريد عودتهم جميعا. أنا أتحدّث عمّا يعنيني ويمكن لإسرائيل أن تتجاهل هذا الأمر، لكن بالنسبة إليّ، فإنّه يوم السبت الساعة 12 ظهرا، إذا لم يكونوا هنا، فإن أبواب الجحيم ستُفتح".
وأوضح ترامب، أنّه قد يتحدّث إلى نتنياهو بشأن هذه المهلة النهائية التي ذكرها. ولم يوضح ما الذي يقصده تحديدا بتهديده هذا، مكتفيا بالقول إنّ "حماس ستكتشف ما أعنيه". وعندما سُئل عمّا إذا كان يستبعد تدخّلا مباشرا للقوات الأميركية ضدّ الحركة الفلسطينية، أجاب ترامب "سنرى ما سيحدث".
تلاعب صهيوني
ويوم أمس، وقبل إعلان حماس، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، عن رسائل قطرية وصلت إلى تل أبيب، تعبّر عن قلق الدوحة من تعامل الحكومة الصهيونية مع التحضيرات للمرحلة الثانية، مشيرة إلى أنّ قطر تحذر من تصرفات نتنياهو وتهديدها للمرحلة الأولى من صفقة الأسرى.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ "قطر غير راضية بشكل عميق عن تصرفات نتنياهو بعد أسبوع من الفرح بواشنطن، خصوصا تصريحاته حول تهجير الفلسطينيين، وفشله في إرسال وفد إلى الدوحة لبدء مفاوضات المرحلة الثانية من الصفقة".
وذكرت، أن تصريحات نتنياهو الاستفزازية تهدد حتى التنفيذ الكامل للمرحلة الأولى من الصفقة، منوهة إلى أنه وفد صهيوني منخفض المستوى وصل إلى الدوحة للمفاوضات، ويضم نائب رئيس الشاباك المنتهية ولايته والمفضل لدى نتنياهو.
وتابعت "هآرتس": "رغم أن الوفد من المفترض أن يبدأ المحادثات حول المرحلة الثانية، بعد تأخير أسبوع، إلا أنه ليس لديه تفويض للقيام بذلك، وهو في الأساس بمثابة عنصر مؤقت يركز على الترتيبات الفنية للمرحلة الأولى".
ولفتت إلى أنه "لم يتم عقد اجتماع المجلس الوزاري الصهيوني الذي من المفترض أن يعالج هذه القضايا ويحدد الإشارات العامة، رغم أنه من المتوقع أن يعقد اجتماعا هذا الأسبوع".
ونقلت "هآرتس" عن مصدر صهيوني مطلع، أن القطريين أرسلوا رسائل غاضبة، مذكّرين تل أبيب مرارا وتكرارا بأن هذا الاتفاق يشملهم أيضا، وهم ضامنون لتنفيذه، وليس مجرد اتفاق بين الكيان الصهيوني وحماس.
وأشار القطريون إلى أن تعامل الكيان المحتل مع الوضع، يهدد استمرار الإفراج عن الأسرى في المرحلة الأولى، ودليل على ذلك جاء يوم الجمعة الماضي عندما تأخرت حركة حماس في تسليم أسماء الأسرى الصهاينة، وفق الصحيفة العبرية.
واستكملت الصحيفة بقولها: "إذا لم يتم تسريع مفاوضات المرحلة الثانية، فقد يحدث تأخير بالإفراج عن الأسرى يوم السبت المقبل، ما يعني انهيار المرحلة الأولى، ونظرا للتصعيد الدبلوماسي، لا يمكن استبعاد هذا الاحتمال".
ودللت "هآرتس" على الغضب القطري، بالبيان الذي أصدرته الخارجية القطرية يوم الأحد، منددة بالكيان الصهيوني، مؤكدة أنه بالأسبوع الماضي فضلت الدوحة الحفاظ على الصمت، وتمسكت بمبدأ الحياد كوسيط، لكن مقابلة نتنياهو التلفزيونية، دفعها لتغيير موقفها.
وصرحت الخارجية القطرية قائلة: "تدين دولة قطر بأشد العبارات التصريحات الاستفزازية نتنياهو بشأن إقامة دولة فلسطينية على أراضي المملكة العربية السعودية. تعتبر قطر هذه التصريحات انتهاكًا سافرًا للقانون الدولي وخرقًا سافرًا لميثاق الأمم المتحدة".
وأضافت الوزارة، أنها "تؤكد تضامنها الكامل مع السعوديين"، "وتحث المجتمع الدولي على التصدي بحزم لاستفزازات الكيان الصهيوني".
ولفتت "هآرتس" إلى أنه تم نقل هذه الرسائل الغاضبة أيضا إلى الولايات المتحدة، رغم أنه من غير الواضح كيف سترد إدارة ترامب، منوهة إلى أنه من المتوقع أن يصل المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف إلى المنطقة الأسبوع المقبل.