محادثات "طهران-واشنطن" وبغداد.. العراق أمام آثار إيجابية وسلبية لو تحقق الاتفاق المرتقب.. تعرّف عليها

انفوبلس..
بعد سقوط النظام البعثي في العراق عام 2003، وحدوث فراغ سياسي وأمني كبيرين في البلاد، أصبح للعديد من دول العالم دور ووجود في الداخل العراقي، وكان بعضها سلبياً كالدور الأمريكي الذي بدأ بالاحتلال ولم ينتهِ إلى اليوم، وبعضها الآخر إيجابياً كدور الجمهورية الإسلامية الإيرانية الداعم لاستقرار النظام العراقي والمساند لجهود البلاد الأمنية خلال حقبة انتشار الإرهاب، وبهذا الوجود، ومع بدء المحادثات بين طهران وواشنطن سيكون العراق الدولة الأولى -بعد إيران وأمريكا- التي ستنعكس عليها نتائجه سواء كانت نهايته إيجابية أو سلبية، فما الموقف العراقي الرسمي؟ وما توقعات المرحلة المقبلة؟
تداعيات محتملة على العراق
وعن تداعيات الاتفاق المحتمل بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية على العراق، كتب الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي إن "هناك إشارات إيجابية توحي بقرب الاتفاق حول الملف النووي الإيراني وإذا ما حصل ذلك فهناك آثار إيجابية وسلبية يمكن التطرق اليها بما يلي:
اولاً: سيزداد الضغط على اسعار النفط العالمية نتيح لإطلاق ما بين نصف إلى مليون برميل يوميا من النفط الإيراني مما سيعزز المسار التنازلي لأسعار النفط
ثانياً: سيكون للاتفاق ارتدادات إيجابية على ملف الطاقة فيما يتعلق باستيراد العراق للكهرباء والغاز الايراني بسبب إمكانية تحويل الدولار إلى إيران من خلال النظام المصرفي
ثالثاً: من المتوقع أن تتقلص الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي للدولار مقابل الدينار بسبب السماح بتمويل النجارة الخارجية من خلال القنوات المصرفية".
وفي لقاء متلفز، كشف الخبير الأمني أحمد الشريفي، إن "انعكاسات المحادثات الايرانية - الامريكية لن تكون بعيدة عن العراق وإنه جزء لا يتجزأ من هذه المعادلة جغرافياً وأمنياً واقتصادياً"، ونوه إلى إن "واشنطن رفضت طلبا عراقيا للوساطة بينها وبين طهران لأنها ترى إن العراق منحازا لإيران".
الموقف الرسمي
وأمس السبت، أعربت وزارة الخارجية العراقية، عن ترحيب بغداد ببدء المباحثات الإيرانية - الأمريكية في سلطنة عمان، كما وثمّنت الخارجية في بيان المؤشرات الإيجابية التي أسفرت عنها الجولة الأولى من الحوار بين الجانبين.
وأكدت الوزارة، موقف العراق الثابت الداعم للدبلوماسية والحلول التفاوضية، باعتبارها السبيل الأمثل لحل الخلافات وتعزيز الاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وأعربت عن أملها في أن تُفضي هذه المباحثات إلى نتائج إيجابية في المستقبل القريب، تُسهم في تخفيف حدة التوتر وبناء الثقة بين الجانبين، بما يصب في مصلحة شعوب المنطقة ويعزز الأمن والسلام.
تفاصيل جولة المحادثات الأولى
عقدت إيران والولايات المتحدة جولة أولى من المحادثات رفيعة المستوى في العاصمة العمانية مسقط اليوم السبت، وصفت بأنها "إيجابية وبناءة"، والتقى خلالها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بالمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.
واتفق الجانبان على عقد جولة أخرى من المحادثات يوم السبت المقبل (19 أبريل/نيسان).
واستغرقت المحادثات ساعتين ونصف الساعة، جرى خلالها تبادل الرسائل 4 مرات بين الوفدين اللذين كانا في قاعتين منفصلتين، وفقا لما ذكرته الخارجية الإيرانية.
ويترأس عراقجي الوفد الإيراني، بينما يدير ويتكوف المحادثات من الجانب الأميركي.
وقالت الخارجية الإيرانية إن الوفدين تبادلا عبر الوسيط العماني "مواقف حكومتيهما بشأن برنامج إيران النووي السلمي ورفع العقوبات غير القانونية".
وأضافت أن المحادثات "في أجواء بناءة قائمة على الاحترام المتبادل"، مؤكدة أن الجانبين اتفقا على مواصلة المفاوضات الأسبوع المقبل.
وأشارت الوزارة إلى أن رئيسي الوفدين "تحدثا لدقائق بحضور وزير الخارجية العماني قبل مغادرة مقر المحادثات".
وقال عراقجي في تصريحات للتلفزيون الإيراني عقب انتهاء الجولة الأولى إن الطرفين أظهرا التزامهما بدفع هذه المحادثات نحو اتفاق يرضي كلا منهما وعلى أساس متكافئ.
وأضاف أن المحادثات كانت "بناءة وجرت في محيط هادئ ومحترم"، و"من المؤكد أن الطرفين لا يرغبان في مفاوضات عقيمة، أو التفاوض من أجل التفاوض".
وتابع قائلا: "تبادلنا حديثا لعدة دقائق مع الوفد الأميركي قبل مغادرة مقر المحادثات، فنحن في تعاملنا مع الدبلوماسيين الأميركيين نراعي اللباقة الدبلوماسية".
وقد كررت واشنطن وصفها للمحادثات بأنها مباشرة، بينما تؤكد طهران أنها غير مباشرة.
وقال عراقجي إن الطرفين أكدا رغبتهما في التوصل إلى اتفاق في أقصر وقت ممكن، و"هذا ليس سهلا، ويحتاج لإرادة الطرفين".
من جانبه، وصف البيت الأبيض المحادثات مع إيران بأنها "إيجابية وبناءة جدا"، مؤكدا أن الجانبين اتفقا على عقد لقاء آخر يوم السبت المقبل.
وذكر البيت الأبيض أن ويتكوف أكد لعراقجي أنه تلقى تعليمات من ترامب لحل خلافات البلدين عبر الحوار والدبلوماسية إن أمكن.
وأضاف أن هذا "التواصل المباشر الذي أجراه ويتكوف اليوم كان خطوة إلى الأمام في تحقيق نتيجة مفيدة للطرفين".
وأكد البيت الأبيض في الوقت نفسه أن هناك قضايا "بالغة التعقيد" مع إيران.
وقال مصدر عُماني لوكالة رويترز إن المحادثات تركز على "تهدئة التوتر في المنطقة وتبادل السجناء والتوصل إلى اتفاقات محدودة لتخفيف العقوبات على إيران مقابل كبح البرنامج النووي الإيراني".
وقبيل انطلاق المحادثات -وهي الأولى بين طهران وواشنطن منذ سنوات- اجتمع عراقجي مع نظيره العماني بدر البوسعيدي، في مسقط.
وقالت وسائل إعلام رسمية إيرانية إنه "في إطار المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، قدم عراقجي لنظيره العماني النقاط والمواقف الرئيسية لطهران لنقلها إلى الجانب الأميركي".
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول إيراني أن مرشد الثورة علي خامنئي منح وزير الخارجية "الصلاحيات الكاملة" في المحادثات.
ونقل موقع أكسيوس الإخباري عن مسؤول أميركي قوله إن ترامب مستعد لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى تسوية سلمية مع إيران.
كما نقل الموقع الأميركي -عن مصدر آخر- أنه إذا سارت الاجتماعات بشكل إيجابي فمن الممكن إجراء محادثات مباشرة بين ويتكوف وعراقجي اليوم أو غدا.
وقبل المحادثات قال وزير الخارجية الإيراني في تصريحات للتلفزيون الرسمي إن "هناك فرصة للتوصل إلى تفاهم أولي بشأن المزيد من المفاوضات إذا خاض الطرف الآخر المحادثات على أساس التكافؤ".
ورأى عراقجي أن من السابق لأوانه الحديث عن مدة المحادثات، مبينا أن "هذا هو الاجتماع الأول، وسيتم خلاله توضيح العديد من القضايا الأساسية والأولية، بما في ذلك ما إذا كانت هناك إرادة كافية لدى الجانبين، وعندها سنتخذ قرارا بشأن الجدول الزمني".
وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية إن "المفاوضات التي تعد مقبولة من جانبنا دقيقة وبلا ضجيج".
وأضافت "اخترنا إطار المحادثات بأنفسنا وهذا دليل على وجود عقلانية دبلوماسية لدينا".
بدورها قالت الخارجية الإيرانية إنه لا هدف لطهران في محادثات مسقط غير تأمين المصالح الوطنية، مؤكدة أنها تعطي فرصة حقيقية للدبلوماسية لتسوية الملف النووي ورفع العقوبات عن البلاد.
وأوضحت الوزارة أن "اليوم مهم" وأن هذه هي البداية "وفيها يعلن الطرفان المواقف المبدئية، ونتوقع ألا تكون طويلة".
وشددت الخارجية الإيرانية على أن طهران أثبتت
خلال العقود الماضية أنها ملتزمة بمبدأ الدبلوماسية.