آثار العراق.. بين "فرج" البعثات و"رحمة" مواسم الجفاف.. مئات المواقع تنتظر التنقيب وانفوبلس تعد لائحة بأبرز المناطق المكتشفة
انفوبلس/ تقارير
يزخر العراق بالمواقع والمناطق الأثرية، تكفلت مواسم الجفاف بإزاحة الغبار عن العديد منها، في حين تنتظر مئات المواقع الأخرى بعثات التنقيب لاكتشافها. ومع أن السرقات تسببت بأضرار كبير في العديد منها إلا أن المكتشَف ليس بالهَيّن وهو ما ستتناوله "انفوبلس" في سياق التقرير الذي سيفصل أبرز تلك المواقع والمناطق المكتشفة في العراق والتي كان آخرها اكتشاف ثور مجنّح و"أثر غير عادي" قد يؤكد وجود برج نبوخذ نصر في بابل.
*آخر الاكتشافات
في الأسبوع الماضي، ذكرت صحيفة "إكسبرس" البريطانية أن علماء الآثار وجدوا أدلة على طوب قديم من مادة البيتومين، يعود إلى العصر التوراتي، ما قد يكون دليلا على وجود برج بابل.
وبدايةً، أشار التقرير البريطاني، إلى وجود روايات غامضة عديدة في الكتاب المقدس، ولعل أكثرها سحراً هو برج بابل حيث تتحدث الرواية الدينية على أنه تم بناء البرج في أرض شنعار، أي في بابل، في مرحلة ما بعد وقوع الطوفان العظيم، في ما صار يُعرف باسم العراق.
وتابع التقرير، أن المؤرخين لا يؤكدون بشكل قاطع وجود البرج من عدمه، أو أنه مجرد شيء رمزي، إذ إنه لم يتم العثور على أي أثر له في أي مكان.
وبرغم ذلك، قال التقرير إن هذا الوضع لم يمنع عددا لا يحصى من الباحثين من محاولة إثبات وجود برج بابل، وقد ساعدت مجموعة من الآثار التي تم العثور عليها في الموقع المفترض لبابل سابقا وما حوله، في هذه الأبحاث.
وأوضح التقرير، إن أحد هذه الآثار هو أكثر ما أثارَ اهتمام العلماء إذ تم اكتشاف بعض "مواد البناء" التي وصفها بأنها "ليست عادية" على لَبَنة يُعتقد أنها تعود الى نفس الوقت الذي تم فيه تشييد البرج. مضيفا، إنه بعد فحص دقيق، توصل العلماء الى أن الطوب كان يُستخدم بأوامر من الملك نبوخذ نصر الثاني، وهو الرجل الذي يعتقد الباحثون أنه أمر ببناء برج بابل.
*الثور المجنح
وفي أكتوبر الماضي، عثرت بعثة تنقيب بإدارة عالم آثار فرنسي، على ثور مجنّح يتجاوز عمره الـ2700 سنة، في شمال العراق، ويُعرف باسم «لاماسو»، لا يزال محفوظاً بشكل جيّد، بحجمه الـ"ضخم".
ويصف أستاذ علم آثار الشرق الأدنى القديم في جامعة باريس 1 بانتيون السوربون، الذي قاد بعثة من علماء آثار فرنسيين وأوروبيين وعراقيين، باسكال بوترلان، هذا التمثال بـ«المذهل»، متوقفاً عند «الاهتمام بالتفاصيل الفنية».
وتبدو الريَش المنحوتة التي تشكّل جناحي التمثال كأنها لا تزال جديدة، كما حواف هذا المخلوق «الهجين بين إنسان وحيوان»، كما يشرح بوترلان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
ولا ينقصه سوى الرأس الذي «سُرق في التسعينيات على يد لصوص»، وفق بوترلان، ثم عثرت عليه قوات الأمن العراقية مقطَّعاً، قبل أن ينتهي به المطاف في المتحف الوطني ببغداد.
*المقبرة الملكية
وفي سبتمبر الماضي، تم اكتشاف المقبرة الملكية في أور، ويُعرف هذا الاكتشاف بكونهِ من أعظم الإنجازات الأثرية في تاريخ العراق حيثُ تم العثور على أكثر من 2500 مقبرة بمكان واحد، وفي وسط هذا الاكتشاف تم اكتشاف شيء أغرب حيثُ تم العثور على 16 مقبرة منها تمثل مقابر جماعية دُفنت فيها أفراد العائلات السومرية المالكة بطريقة جماعية مع حاشيتهم وأتباعهم ومتاعهم وكنوزهم الثمينة وأثاثهم بطريقة فريدة لم تتكرر بأماكن أخرى في العراق.
*اكتشافات مرتقبة
مصادر متخصصة في مجالات الآثار، أكدت أن المواقع الأثرية في العراق تزيد عن 15 ألف موقع، موزَّعة بين محافظات شمال ووسط وجنوب العراق، لكن المكتشف منها، لا يتجاوز بضعة آلاف فقط، وذلك وفقاً للمسوحات الحديثة، مبينة أن "العراق يُصر على استكشاف معظم هذه المواقع في سبيل السيطرة عليها ومنع فرق التنقيب الخارجة عن القانون من الاستيلاء عليها وتهريب الآثار إلى الخارج".
*الآثار التي كشفها الجفاف
ساعد موسم الجفاف الذي اجتاح العراق خلال العام الماضي، علماء الآثار الألمان والعراقيين في اكتشاف مدينة زاخيكو القديمة في بحيرة سد الموصل، التي تعود إلى العصر البرونزي، وكان الأمر بمثابة سباق مع الزمن قبل أن تغمرها المياه مرة أخرى. كما تم اكتشاف عشرات المواقع الأخرى ستفصل انفوبلس أبرزها أدناه:
*حانة سومرية
في جنوب العراق، أرض "المدن الأولى"، اكتشف علماء آثار أميركيون وإيطاليون حانة سومرية تعود إلى نحو خمسة آلاف عام، وتحتوي على نظام تبريد يعمل عمل الثلاجة، وعلى مقاعد وأوعية فيها بقايا طعام.
*موقع تلبس
من جانبه، يقول الوثائقي عبد السلام الدزدار، إن "تلبس" جزيرة في نهر الفرات على مسافة 65 كيلومترا من مدينة حديثة، ونحو 14 كيلومترا إلى الجنوب من المدينة المغرقة، وكانت هذه الجزيرة محصّنة في القديم، ولعل اسمها الحالي محرّفاً عن "تلبوتا"، وقد وردت في الكتابات المسمارية بشكل "تلمش" أو "تلبش" و"تلباش"، فقد ورد هذا الاسم في حملة الملك الآشوري "أكلوتي" من عام 884 إلى 889 قبل الميلاد.
*مدينة أثرية تعود إلى ما قبل الميلاد
لم يؤدِ انحسار المياه إلى ظهور مواقع أثرية في عانة فقط، إذ أعلنت دائرة الآثار في محافظة دهوك ضمن إقليم كردستان، شمالي العراق في عام 2022، اكتشاف موقع أثري داخل حوض نهر دجلة بعد انحسار مياه النهر، يضمّ قصراً ومجموعة من المباني، إضافة إلى سور حجري.
*قصر يعود للإمبراطورية الميتانية
في عام 2019، أعلنت جامعة توبنغن الألمانية عن اكتشاف فريق من علماء الأثار الألمان والعراقيين لقصر يبلغ من العمر 3400 عاما ويعود إلى فترة الإمبراطورية "الميتانية".
*سنحاريب
في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، أعلن رئيس فريق الآثار العراقي، فاضل محمد، اكتشاف جداريات آشورية جديدة تعود إلى 2700 عام في مدينة الموصل، مرجّحا أن "الآثار المكتشفة كانت تزيّن قصر سنحاريب، ثم نُقلت بعد ذلك إلى بوابة ماشكي". في حين أكد مجلس الآثار والتراث العراقي، في بيان، أن "تاريخ هذه الآثار يعود إلى الملك الآشوري سنحاريب الذي حكم مدينة نينوى القديمة من عام 705 إلى عام 681 قبل الميلاد". وقد عثر على هذه الآثار خبراء من جامعة الموصل العراقية، وجامعة بنسلفانيا الأميركية، جرّاء انخفاض مناسيب المياه في المدينة.
*نهب الآثار في العراق
نُهبت الآثار في العراق منذ أواخر القرن التاسع عشر على الأقل، وقد وفرت الفوضى التي أعقبت الحرب الفرصة لنهب كل ما لم يتم تسميره، كما كانت هناك محاولات لحماية المواقع مثل الفترة ما بين 8 أبريل 2003، عندما غادر الطاقم متحف العراق و16 أبريل 2003 عندما وصلت القوات الأمريكية بأعداد كافية، لكن تلك المرحلة شهدت اختفاء حوالي 15000 قطعة أثرية ثقافية. وعلى مر السنين تم انتشال ما يقرب من 14800 من داخل وخارج العراق وسط تأكيدات بأن الولايات المتحدة كان لها النصيب الأكبر من سرقة تلك الآثار.