بناية الإدارة العامة لأغنى بنك في الشرق الأوسط آيلة للسقوط.. وانتقادات تستهدف إجراءات الحكومة للمعالجة
انفوبلس/..
أظهرت صور ومقاطع فيديو، حدوث تشققات وتهالك أجزاء من بناية الإدارة العامة لمصرف الرافدين، الواقعة في منطقة الشورجة وسط العاصمة بغداد.
وفي سياق هذه الملاحظات، أوضحت وثيقة، موجهة من البنك المركزي إلى إدارة مصرف الرافدين، بضرورة إيجاد موقع بديل عاجل عن البناية الرئيسية للإدارة العامة لمصرف الرافدين خوفاً من الهزّات والمياه الجوفية، بناءً على كتاب مكتب الاستشارات للجامعة التكنولوجية، لخطورة الوضع الإنشائي.
وقبل أيام انطلقت مناشدات على مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة لمناشدات رسمية من قبل موظفي مصرف الرافدين الفرع الرئيسي، يحذرون فيها من أن بناية المصرف "آيلة للسقوط" وقد تنهار في أية لحظة.
وفي منتصف خمسينيات القرن الماضي، صمّم البريطاني "فيلب هيرست" بناية مصرف الرافدين وسط بغداد، كانت تُعد من أجمل وأبهى تجليات العمارة الحديثة في العاصمة العراقية، وبقيت البناية صامدة كثيراً حتى بدأت جدرانها بالتشقق وانطلقت تحذيرات انهيارها في أواخر العقد السادس من عمرها.
البناية التي صمدت منذ 1955 لغاية الآن، يبدو أنها ستخرج عن الخدمة، لكن يظهر هنا السؤال الذي جرى تداوله كثيرا: ما الذي يمنع أهم وأغنى مصارف العراق والمنطقة من إنشاء بناية خاصة به تُليق بحجمه وأهميته؟
ولم تُجِب أي جهة رسمية على هذا السؤال، ولكن مختصين ومراقبين رجحوا بأن السبب وراء هذا هو الإجراءات الترقيعية المتمثلة بترميم أجزاء من البناية بين فترة وأخرى ترميمات شكلية دون معالجة المشكلات الأساسية، وهذا ما جعل القائمين على المصرف يعتقدون أن بنايته ليست بحاجة للتغيير.
التأسيس والتاريخ
وتأسس مصـرف الرافـدين بموجب القانون رقم (33) لسنة 1941 وباشـر أعمالــه في 19/ 5/ 1941 برأس مال مدفوع قدره (50) خمسون ألف دينار، ومرَّ المصرف بمراحل متعددة خلال مسيرته التاريخية تمثلت أولاً بتواجده كأول مصرف وطني يمارس الصيرفة التجارية بين العديد من المصارف الاجنبية، وبدأ بالتوسع التدريجي داخل البلاد.
ومرَّ المصرف بمراحل دمج متعددة بدءاً من عام 1964، وقد شملت المصارف التجارية التي كانت تعمل في العراق حيث تم في عام 1974 توحيدها مع مصرف الرافدين الذي أصبح المصرف التجاري الوحيد في العراق، حيث استمر يعمل بمفرده في ميدان الصيرفة حتى عام 1988 الذي شهد تأسيس مصرف حكومي آخر هو مصرف الرشيد الذي ابتدأ عمله بفروع مصرف الرافدين التي انتقلت أعمالها إليه.
ويوجد لمصرف الرافدين 146 فرعا داخل العراق، وبعض الفروع الأخرى تنتشر خارجه في كل من الأردن ومصر والإمارات العربية المتحدة ولبنان والبحرين واليمن.
ويضع مصرف الرافدين، رقم هاتف واحد لاستقبال الشكاوى، بالرغم من امتلاكه أكثر من 140 فرعاً، وتعاملات محلية وخارجية كثيرة في المجال الاقتصادي وحركة الأموال.
انتقاد إجراءات المعالجة
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي جرى تداول الموضوع بشكل واسع، وانتقد بعض روادها الإجراءات الحكومية للمعالجة، حيث ذكر أحد المعلقين نقلا عن موظف في المصرف، إن توجيهاً وصل إليهم يبلغهم بإخلاء الطابق 13 فما فوق، لأن البناية إن سقطت فستسقط طوابقها العليا أفقياً ولن يتضرر الموجودون في الطوابق السفلى.
وكتب آخر، إن موظفي قسم الرقابة في بناية مصرف الرافدين الإدارة العامة يشكون من رفض مديرهم إخلاء البناية المعرّضة للانهيار الكلي بعد حدوث تشققات كبيرة فيها. علماً أن جميع أقسام البناية تم أخلاؤها الى مواقع بديلة، الرجاء من وزير المالية الضغط على مدير قسم الرقابة للموافقة على نقل موظفيه الى موقع بديل وإنقاذهم من كارثة متوقعة لا تُحمد عقاباها.
وقال ثالث: إن بناية مصرف الرافدين الادارة العامة تعرضت لانهيار وتخلخل للأساس بسبب تسرب المياه الى داخل البناية مما أدى الى تعرضها لانهيار جزئي أدى الى تشقق الجدران وانهيار السقوف الثانوية وكذلك تهشم الأرضيات.
وأضاف، إن "تقرير المكتب الاستشاري بعد وقبل الحادث يؤكد أن البناية آيلة للسقوط، وقامت إدارة المصرف بإخلاء جميع الأقسام الى أماكن بديلة باستثناء قسم الرقابة الذي يصر مديره على استمرار الموظفين بعملهم دون الاعتبار الى الخطورة المعرضين لها جراء انهيار البناية في أية لحظة".
وفي آخر إحصائية رسمية حول المباني الآيلة للسقوط في البلاد، كشفت “مديرية الدفاع المدني” العراقية، عام 2022، عن وجود أكثر من 2500 مبنى مُهّدد بالانهيار في مدن ومناطق مختلفة من البلاد، مؤكدة أن أغلب تلك المباني لم تكن مطابقة للمواصفات الهندسية، وتحوي تصدّعات خطيرة.
وتُمثل المباني المخالفة لشروط السلامة والمباني المتقادمة، تهديدًا حقيقيًا لحياة العراقيين، وقد حذرت “مديرية الدفاع المدني” العراقية؛ في وقتٍ سابق، من انهيارات قد تحدث في المباني الحكومية والأهلية في البلاد، فيما أكدت متابعتها الملف وسعيها لمحاسبة المخالفين للشروط الخاصة بإنشاء المباني.
انهيارات المباني
وأجرت مديرية الدفاع المدني، فحوصًا للمباني على إثر تسجيل انهيارات عدّة؛ خلال تلك الفترة، منها انهيار مبنى طبي بشكل كامل في منطقة “الكرادة”؛ وسط “بغداد”، ما تسبب بمقتل 3 أشخاص، فيما تم إنقاذ 13 آخرين من تحت الركام، فيما انهارت أجزاء من مبنى يُستخدم مخزنًا للعطور في منطقة “الوزيرية”؛ في “بغداد”، إثر اندلاع النيران فيه، ما تسبب بمقتل نحو: 13 شخصًا، كما سجلت محافظة “كربلاء” انهيار مبنى تابع لمصرف الرافدين في المحافظة كانت تُجرى به عمليات توسعة، ما أدى الى إصابة طفل.
ووفقًا لمدير عام الدفاع المدني؛ اللواء كاظم بوهان، فإن: "موضوع المباني المهددة بالانهيار ظهر في مقدمة الأحداث، بعد انهيار بناية “المختبر الوطني”؛ في “الكرادة”، وبعد فترة وجيزة تم الإبلاغ عن وجود تصدعات في بناية “الجادرجي” بمنطقة المنصور".
وأوضح، أنه "بعد الكشف على موقع المبنى، اتضح أيضًا أن هناك مشروعا بناية مجاورة له لم تُراعِ المعايير الهندسية الأصولية في عملها، وأُوقف العمل في المبنى، كما أُنذر ساكنو مبنى الجادرجي بعدم استخدامه لحين إصدار تقرير علمي من الجهة المسؤولة في وزارة الإسكان والإعمار بشأنها".