تراجع حاد بأعداد السياح خلال عطلة العيد.. استغلال الوافدين العرب ينذر بانهيار سياحة كردستان

انفوبلس/ تقارير
من 250 إلى 150 ألفاً، سجّلت كردستان تراجعا كبيرا في أعداد السياح خلال عطلة عيد الفطر المبارك، وبمتابعة دقيقة من شبكة انفوبلس، فإن استغلال الوافدين العرب وتراجع الخدمات هناك كانت من أبرز أسباب ذلك التراجع، فماذا قالت هيئة السياحة هناك؟ وهل يُعد ذلك إنذارا مبكرا لبدء انهيار قطاع السياحة في الإقليم؟
من 250 إلى 150 ألفا
خلال عطلة عيد الفطر المبارك، أعلنت أربيل عن استقبالها 76 ألف سائح، فيما أعلنت السليمانية عن استقبالها 50 ألفا، ليصل العدد الإجمالي إلى قرابة 150 ألف سائح، بما فيها دهوك، فيما بلغت أعداد السياح العام الماضي، أكثر من 250 ألفا، بحسب الأرقام الرسمية.
وتظهر الأرقام تراجعا واضحا في أعداد السياح، وهو ما يعود لجملة أسباب ستستعرضها شبكة انفوبلس بالتفصيل في سياق التقرير.
ما يصرفه السائح في كردستان يقارب ما يصرفه بدولة أجنبية
يقول عماد كريم، وهو مسؤول إحدى المجموعات السياحية القادمة إلى السليمانية، إن “الكثير من العوائل في محافظات الوسط والجنوب، باتت تفضّل السياحة في دول مجاورة وإقليمية، مثل تركيا وإيران، ومصر، ودول شرق آسيا، بسبب الدخل المادي الجيد، والحصول على تجربة جديدة سياحية جديدة، غير متوفرة في إقليم كردستان”.
ويوضح كريم في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، “باستثناء أجور الطيران، فإن ما يصرفه السائح في إقليم كردستان يقارب ما يصرفه بدولة أجنبية، في ظل عدم حصول تطور كبير للمواقع السياحية التي زارها السائح العراقي مرارا”.
ويؤكد أن “الكثير من المزارع والمنتجعات السياحية افتتحت مؤخرا في بغداد، وصلاح الدين، ونينوى، ومحافظات أخرى، وباتت تستقطب المئات من العوائل، وهذا خفف من رغبة السياح بالسفر إلى إقليم كردستان”.
استغلال
ومن أهم العوامل التي قادت إلى تراجع نسبة السياح هو ارتفاع الأسعار في الإقليم خلال مواسم العطل، من حيث أسعار الفنادق والمطاعم، والمصايف، والبيوت السياحية في المنتجعات، فهي أسعار يصفها السياح مُبالغ بها جدا، ما يشعر السائح بالاستغلال المادي، دون أي تدخل حكومي في الأمر.
إلى ذلك، عزا مختصون هذا الانخفاض إلى عوامل عدة، بينها الإهمال، وسوء الخدمات، وارتفاع الأسعار، ورغبة المواطنين في خوض تجارب جديدة، ورغم كل ذلك قللت هيئة السياحة في الإقليم من أهمية الأرقام، وأرجعته إلى سوء الأحوال الجوية فقط ولم تتطرق إلى هذه العوامل.
الإهمال وتراجع الخدمات في الإقليم
إلى ذلك، يعزو الخبير في الشأن الاقتصادي فرمان حسين، هذا النقص في عدد السياح، إلى عوامل عدة، من بينها الإهمال وتراجع الخدمات، مؤكدا أن “حكومة الإقليم لم تقم بواجبها تجاه تطوير المرافق السياحية، وبالتالي فإن السائح الذي يأتي إلى الإقليم، ويخرج إلى المصايف، يحتاج إلى عدة مقومات مثل الفنادق، والمطاعم، ومحطات الاستراحة، والطرق والجسور والأنفاق، والدليل السياحي، والمطاعم”.
ويشدد حسين، على “ضرورة تحويل المصايف إلى الاستثمار، لكي يتم الاهتمام بها، وتأسيس سياحة حقيقية كما هو الحال في بلدان مجاورة مثل تركيا، وعدم تركها تعاني الإهمال، وبالتالي تتراجع أعداد السياح، ويفقد الإقليم موردا اقتصاديا مهما، ينعش حركة الأسواق”.
ومع امتلاك الإقليم للمناظر الخلابة والمواقع السياحية والواحات خضراء، والجبال، إلا أن حسين، يرى الأمر، غير كاف كونه “يحتاج إلى عمل كبير، لغرض تأسيس قرى سياحية متكاملة، يجد السائح فيها كل وسائل الراحة، من خدمات وكهرباء، وماء، وأماكن للاستجمام”.
سياحة الإقليم تقلل من أهمية الأرقام
من جانبه يرد المتحدث باسم هيئة السياحة في إقليم كردستان إبراهيم عبد المجيد، بالقول “لا يوجد هناك تراجع في أعداد السياح، لأن هيئة السياحة تعتمد الإحصائية خلال عام كامل، وليست خلال مواسم الأعياد فقط”.
وبشأن انخفاض أعداد السياح مقارنة بعيد الفطر السابق، يرى عبد المجيد، أن “العيد الحالي جاء في أواخر فصل الشتاء، حيث لا تزال درجات الحرارة منخفضة، مع سقوط للأمطار، وبالتالي فإن السياح يبحثون عن استقرار الأجواء، لغرض الاستمتاع والخروج في الطبيعة الخلابة” بحسب قوله.
إنذار مبكر
يؤكد مراقبون، أن التراجع المسجل لأعداد السياح خلال عطلة عيد الفطر المبارك يُعد بمثابة الإنذار المبكر لقطاع السياحة في إقليم كردستان.
ويضيف هؤلاء، جملة من الأسباب تقف وراء ذلك التراجع، أهمها قلة الاستثمارات الجديدة، حيث لا توجد هناك مشاريع سياحية ضخمة مثل المنتجعات أو المرافق الترفيهية الحديثة، وهذا كفيل بجعل السياح يشعرون بالملل.
وتابعوا، "كذلك تُعد المنافسة الإقليمية إحدى أسباب تراجع السياحة في الإقليم، فدول قريبة مثل تركيا، جورجيا، ، وأذربيجان تقدم عروض أرخص وخدمات أقوى، فصار كثير ناس يتجهوا لها بدل كردستان".
كما لعب الوضع الاقتصادي المحلي دورا كبيرا في تراجع السياحة بالإقليم وفق المراقبين الذين أكدوا أن أهل الإقليم نفسهم صاروا يسافروا أقل بسبب تأخر الرواتب، وهذا أثر على السياحة الداخلية أيضا.
خُلاصة
كما ذكرنا، يواجه قطاع السياحة في إقليم كردستان تراجعًا ملحوظًا في أعداد الزوار خلال الفترات الأخيرة، ويتضح مما ذكر أن ذلك يعود إلى جملة من الأسباب أهمها:
ـ الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، إذ إن تأخر صرف الرواتب وارتفاع تكاليف المعيشة أثّرا سلبًا على قدرة المواطنين على السفر.
ـ تراجع الخدمات السياحية داخل الإقليم، فالإهمال وسوء الخدمات وارتفاع الأسعار في المرافق السياحية داخل الإقليم أدت إلى عدم رضا الزوار.
ـ رغبة المواطنين في تجارب سياحية جديدة، حيث توجه العديد من العائلات إلى دول مجاورة وإقليمية، مثل تركيا وإيران ومصر ودول شرق آسيا، بحثًا عن تجارب سياحية مختلفة.
ـ الظروف الجوية، تؤثر برودة الطقس خلال فصل الشتاء على حركة السياحة، خاصة أن القطاع يعتمد بشكل كبير على العائلات التي تفضل السفر خلال فترات العطل.
ـ الضرائب والرسوم، ففي السنوات الأخيرة، ارتفعت رسوم دخول بعض المناطق أو حتى الفنادق، وهذا خلّى الناس تحس إن السفر لكردستان ما عاد "رخيصا" مثل قبل.