مدارس المتميزين في العراق.. إقبال واسع وتوزيع جغرافي مضطرب
انفوبلس..
في عام 2016 أصدرت وزارة التربية قراراً خاصة بمدارس المتميزين في العراق ينص على تدريس طلبتها المواد العلمية (رياضيات، كيمياء، فيزياء، أحياء) باللغة الإنجليزية بدلاً من اللغة العربية، مع وعود وزارية بإصدار امتيازات خاصة لخريجي هذه المدارس عند قبولهم في الكليات الحكومية، وكعادة الكثير من القرارات الحكومية في العراق بقيت هذه الوعود حبراً على ورق ما دفع طلبة هذه المدارس إلى مناشدة الوزارة تارة والتظاهر تارة أخرى للحصول على ما وعدوا به.
بالإضافة إلى عدم الجدية بتحقيق الوعود من قبل الوزارة، تعاني مدارس المتميزين في العراق من الإرباك في التعليمات، والتوزيع الجغرافي المضطرب، وطرق استقطاب ونقل المدرسين، والفجوة بينها وبين المدارس الاعتيادية، فضلا عن شكاوى الأهالي في بعض الحالات من حالات يجب على تلك المدارس تجاوزها لتوفير بيئة دراسية ملائمة لأبنائهم المتميزين.
- تعليمات مدارس المتميزين
تصدر وزارة التربية في كل عام تعليمات جديدة بما يخص مدارس المتميزين، وهذا ما يسبب إرباكا كبيرا لدى الطلبة ودوائر الوزارة، حيث تختلف معدلات القبول مثلا من سنة إلى أخرى، كما تحدث بعض المتغيرات المصيرية كتغيير لغة الدراسة، وتغيير عدد أيام وساعات الدوام وعدد المحاضرات، إضافة إلى تغيير شروط قبول المدرسين أحياناً، وهذا ما يجعلها غير مريحة -على أقل تقدير- للمدرسين وذوي الطلبة على حد سواء.
- التوزيع الجغرافي لتلك المدارس
في أحد قرارات وزارة التربية بخصوص مدارس المتميزين، وجهت بالاقتصار على افتتاحها في مراكز المحافظات وعدم شمول الأقضية والنواحي، ولكن واجه هذا القرار عدم قبول من قبل الكوادر التدريسية وتم اعتباره قراراً طبقياً لا يجدر بوزارة تخص كل العراقيين تطبيقه، وهذا ما أضطرها إلى اتخاذ بعض القرارات الارتجالية غير المدروسة بدقة لمعالجة هذا الرفض، حيث عمدت في بعض الأحيان إلى افتتاح مدارس للمتميزين في بعض أقضية ونواحي المحافظات وخصوصا العاصمة بغداد، وإعادة إغلاقها مرة أخرى لعدة أسباب أبرزها عدم وجود أعداد كافية من الطلاب لتلك المدارس، ثم قامت بفتح صف واحد أو عدة صفوف للمتميزين في المدارس الاعتيادية، وكذلك أغلق بعضها واستمر بعضها الآخر بحسب حالة كل مدرسة وكل مدينة.
وهذا ما تسبب باضطراب كبير في الوزارة ودوائرها والمدارس والكوادر التدريسية، والذي بقي قائما إلى يومنا هذا بدون حلول ومعالجات عملية.
- مشكلات المدرسين في مدارس المتميزين
تشترط الوزارة على المدرسين لنقلهم إلى مدارس المتميزين، حصولهم حصرا على الشهادات العليا، حيث يوفر هذا القرار كوادر مميزة لتلك المدارس، والتي يكون العمل فيها متعباً للمدرسين من جهة حجم الضغط والمسؤولية، ومريحاً من جهة أخرى من ناحية قلة عدد الطلبة وحجم التكاتف والتواصل بين المدرس وإدارة المدرسة وأولياء الأمور للخروج بأفضل نتيجة ممكنة.
ويفوق عدد المدرسين الحاصلين على الشهادات العليا، حجم احتياج مدارس المتميزين، وهذا ما يدفع بعض الراغبين بالالتحاق بها لمطالبة الوزارة بمساواتهم بأقرانهم وافتتاح مدارس بعدد أكبر لاستيعابهم فيها.
- الفجوة بين مدارس المتميزين والمدارس الاعتيادية
من الواضح وجود فجوة كبيرة بين المدارس الحكومية الاعتيادية ومدارس المتميزين، فمن ناحية عدد الطلبة في الصف الواحد تمتلك المدارس الاعتيادية معدلات كبيرة تصل إلى 40-50 طالباً في الصف الواحد، فيما يتكون صف مدارس المتميزين من 25 طالباً كحد أقصى.
أما من ناحية وقت الدوام وحجم الانضباط والمتابعة فهنالك فروقات كبيرة كذلك، إضافة إلى قضية مراعاة الجانب النفسي للطلبة وشكل التواصل مع أولياء الأمور فهو من واجبات كوادر مدارس المتميزين، لكنه من "مستحبات" كوادر المدارس الاعتيادية، ويختلف حجمه من مدرس إلى آخر بحسب شخصية ومزاج كل شخص على انفراد.
هذه الفجوات وغيرها تدفع أولياء الأمور بشكل عام إلى محاسبة الوزارة، حيث يؤكدون إن ما تسير عليه مدارس المتميزين هو أقل ما يجيب أن يحدث في جميع مدارس العراق بلا استثناء، فمع التطور العلمي في طرق التدريس ومجال الجوانب النفسية للطلبة، ومع ما توصل إليه العالم في هذا المجال، من المعيب على الوزارة استخدام أسلوب تمييزي لهذه الدرجة تتعامل فيه مع الطلبة بطريقة طبقية، فهي -على حد تعبيرهم- تكافئ ذوي المعدلات العالية بفرص أكبر لا تمنحها لذوي المعدلات الأقل، متجاهلة أن أحد أبرز أسباب عدم حصول الطلبة على معدلات جيدة هو نظام التعليم وعدم الانضباط المسؤولة عنه الوزارة نفسها.
يرى أولياء الأمور أن ما تسير عليه الوزارة بهذا الشأن ينتج متفوقين دراسيا، لكنه لا ينتج مبدعين، فهي تبحث عن أصحاب المعدلات الدراسية الأعلى، ولا تبحث عن المتميزين فعلا حتى لو لم تكن ظروفهم ملائمة للحصول على معدلات جيدة، أو لم تكن حياتهم تسمح بالالتحاق بمدارس المتميزين رغم حصولهم على معدلات تؤهلهم للقبول.
- شروط قبول الطلبة في مدارس المتميزين
1. نظام هذه المدارس المتوسطة يخضع إلى القبول وفق المعدلات من (95-100) في مرحلة السادس الابتدائي.
2. صفوف تلك المدارس نموذجية لا يتجاوز عدد طلاب الصف الواحد 25 طالبا فقط.
3. ملاكها من حملة الشهادات العليا حصرا وحسب شروط افتتاحها.
4. تعمل وفق نظام المختبرات العلمية والحاسوب والنظام التقني في التعليم.
5. تمتاز المدرسة بقراراتها الحازمة والتزامها في تطبيق القوانين التربوية بدقة.
6. تكافئ طلبتها المتفوقين وذوي الخلق الرفيع وأصحاب الخطوط الجميلة التي تدل على تنظيم عالي للدفاتر المدرسية.
7. يتم افتتاحها -غالبا- في مراكز المحافظات ولا يسمح لها في الاقضية والنواحي.
8. ولكل سنة ضوابط مختلفة بحسب الظروف الآنية، وتتغير كذلك آلية وشروط قبول الطلبة في كل عام.
9. المناهج الدراسية بدون مادة الفرنسي والكردي.
10. يقبل الطالب من الصف الاول المتوسط فقط ولا يجوز الانتقال إليها من المراحل الأخرى.
ومع كل تلك المشاكل بهذا الملف، يسعى الكثير من أولياء الأمور للحصول على فرصة لإدخال أبنائهم إلى تلك المدارس، رغبةً في ضمان مستقبلهم الدراسي لأقصى درجة ممكنة تارة، وهروباً من الواقع المزري للمدارس الاعتيادية تارةً أخرى، وهذا الاقبال الواسع يسبب ضغطاً كبيراً على الوزارة التي لم تحل الكثير من مشاكل مدارس المتميزين لعقود كاملة.