أزمة السكن تلامس الخط الأحمر.. أكثر من 3 ملايين وحدة مطلوبة لإنهاء معاناة الأسر وتفادي انفجار عمراني غير منظم

انفوبلس/..
تركت الظروف التي مَر بها العراق منذ عام 2003، ترسباتها على الواقع السكني في البلاد، حتى أصبحنا نعيش في أزمة سكن كبيرة، وهو ما دفع الحكومة الى التحرك نحو المجمعات السكنية كجزء من الحل، سواء عبر الشراكة مع القطاع الخاص أو حتى من خلال الاستثمار الأجنبي أو تمويل الدولة، مع تأكيدات على أن العراق يحتاج إلى 3 ملايين وحدة سكنية لسد العجز.
*البرلمان يدعم الخطوات الحكومية
لجنة الخدمات والاعمار النيابية، أكدت دعمها الكامل للتوجهات الحكومية التي يقودها رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، بهدف القضاء على أزمة السكن في العراق، مشيدة بالجهود الرامية إلى بناء مجمعات سكنية متكاملة، سواء بالشراكة مع القطاع الخاص أو من خلال الاستثمار الأجنبي أو تمويل الدولة، مع ضرورة ضمان العدالة في التوزيع.
وقال عضو اللجنة، النائب حسين حبيب، إن "ملف السكن يعد من أبرز أولويات الحكومة العراقية في المرحلة الحالية، ويحظى بمتابعة شخصية من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ضمن رؤية شاملة تهدف إلى إيجاد حلول واقعية ومستدامة لأزمة السكن المتفاقمة التي تثقل كاهل المواطن العراقي منذ سنوات طويلة".
وأوضح، أن "العراق مرّ خلال العقود الماضية بتضخم سكاني متسارع، لاسيما في المراكز الحضرية الكبرى، وعلى رأسها العاصمة بغداد، دون أن ترافق هذا النمو الديموغرافي المتزايد مشاريع سكنية موازية أو توسعة حقيقية للبنى التحتية، وهو ما أدى إلى تشكل ضغط هائل على القطاعات الخدمية، من مدارس ومستشفيات وجامعات، فضلاً عن ارتفاع غير مسبوق في أسعار الإيجارات والعقارات، بسبب محدودية العرض واتساع فجوة الطلب".
وأشار حبيب، إلى أن "العاصمة بغداد باتت اليوم من أكثر المدن ازدحاماً، ليس فقط بسبب الكثافة السكانية، بل نتيجة غياب السياسات السكانية والتخطيط العمراني المناسب لعقود طويلة، ما جعلها تئن تحت وطأة الزحام ونقص الخدمات، في ظل وجود أحياء مكتظة وعشوائيات محرومة من أبسط مقومات العيش الكريم".
وبيّن أن "الحكومة الحالية، وبدعم من مجلس النواب، بدأت بتبني سياسة جديدة تعتمد على التوسع في بناء مجمعات سكنية حديثة خارج مراكز المدن، لاسيما في أطراف العاصمة بغداد، كمناطق (النهروان والمعامل والحسينية والتاجي واليوسفية) وغيرها من المواقع الاستراتيجية التي يمكن أن تتحول إلى مدن سكنية متكاملة".
وأضاف، أن "هذه المجمعات لن تكون فقط مجرد مبان سكنية، بل مشاريع متكاملة تتضمن بنى تحتية حديثة، ومدارس، ومراكز صحية، ومستشفيات، ومراكز شرطة، وخدمات لوجستية، بما يضمن توفير بيئة ملائمة للعيش الكريم ويخفف الضغط عن مراكز المدن".
*الحاجة لـ3 ملايين وحدة
وأكد حبيب، أن "العراق يحتاج حالياً إلى ما لا يقل عن 3 ملايين وحدة سكنية لسد العجز المتراكم، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال رؤية وطنية طموحة تتخطى الحلول الترقيعية، وتنطلق نحو مشاريع كبرى توفر وحدات سكنية مدعومة لذوي الدخل المحدود، والموظفين، وذوي الشهداء، وسكان العشوائيات".
وتابع "نحن في لجنة الخدمات والإعمار النيابية ندعم بشكل كامل أي توجه حكومي نحو بناء مجمعات سكنية متكاملة، سواء بالشراكة مع القطاع الخاص أو من خلال الاستثمار الأجنبي أو تمويل الدولة، مع ضرورة ضمان العدالة في التوزيع، ومنع التلاعب، والابتعاد عن البيروقراطية التي عطّلت مشاريع كثيرة في الماضي".
عضو اللجنة النيابية، أكد أنه "لا يمكن معالجة أزمة تراكمت خلال عشرين عاماً بعامٍ أو عامين، لكننا على قناعة تامة بأن البداية الصحيحة تكمن في وضع خطة وطنية واضحة المعالم، تنفذ وفق جدول زمني، وتشرف عليها جهات رقابية تضمن النزاهة والجودة والشفافية"، مبيناً أن "ما بدأته الحكومة اليوم من مشاريع سكنية هو بداية مبشّرة، ونأمل أن تتوسع لتشمل مختلف المحافظات، بما يحقق العدالة السكنية ويعيد الأمل لآلاف العائلات العراقية في امتلاك سكن لائق".
*فجوة العرض والطلب
في المقابل، تواصل الجهات الرسمية الحديث عن مشاريع إسكانية قيد التنفيذ، أو أخرى "قيد الإحالة"، في وقت يترسّخ فيه شعور عام بأن هذه الوعود باتت أقرب إلى أرشيف طويل من الخطط المؤجلة. هذا الواقع المرهق يمر مثقلاً بالأسئلة، فهل تلبّي هذه المشاريع المتأخرة تطلعات العراقيين إلى سكن كريم؟.
يقول المتحدث الرسمي باسم وزارة الإعمار والإسكان نبيل الصفار، إن "أزمة السكن في العراق تفاقمت بفعل فجوة كبيرة بين العرض والطلب، حيث تخضع سوق العقارات لمنطق السوق الحر، وهو ما انعكس سلباً على أسعار الإيجارات وساهم في تفاقم المعاناة المعيشية للأسر".
ويضيف الصفّار، في حديث لمنصّة "الجبال"، أن "بعض رجال الأعمال والمستثمرين استغلوا هذه الظاهرة لصالحهم، في ظل غياب رقابة فاعلة أو تنظيم حقيقي للسوق"، مشيراً إلى أن "المشاريع الحالية التي تعمل عليها الوزارة لا تواكب الحاجة السكانية المتزايدة".
وفي قراءة لأداء الوزارة، يكشف الصفّار أن "خمسة مشاريع فقط تم إنجازها من أصل 49 مشروعاً سكنياً أُطلقت خلال السنوات الماضية في محافظات مختلفة"، مؤكداً أن "العديد من المشاريع توقفت نتيجة للظروف الأمنية التي مر بها العراق، لا سيما في المناطق المتضررة من الإرهاب".
ويشير المتحدث إلى، أن "الوزارة تعمل حالياً بالتعاون مع الحكومات المحلية لإعادة تفعيل هذه المشاريع، إما بإحالتها للاستثمار أو بإعادة الشركات المنفذة لمباشرة العمل مجدداً، حتى لو ساهمت هذه المشاريع بجزء يسير من سدّ العجز الكبير في الوحدات السكنية".
*مؤشرات العجز
منتصف العام الماضي، أفاد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، يوم الثلاثاء، ان محافظة بغداد احتلت المرتبة الاولى في مؤشر العجز في الوحدات السكنية قياساً لنسبة السكان بنسبة 31%، تلتها محافظة نينوى بنسبة 28% ومحافظة البصرة ثالثا بنسبة 10%.
وذكر الغراوي في تقرير نشره المركز، أن نسبة العجز السكني من الوحدات السكنية للعامين 2023 _ 2024 بلغ 26% من مجموع سكان العراق البالغ عددهم 45 مليون حسب إحصائيات وزارة التخطيط.
وأضاف، أن معدل ملكية المنازل في العراق نحو 74 بالمئة، أي أن 26 بالمئة أو أكثر من ربع العراقيين يسكنون في الإيجار او في وحدات عشوائية.
كما أشار الغراوي إلى أن نسبة الحاجة للوحدات السكنية في المناطق الحضرية سيزيد بواقع 3% سنويا لغاية العام 2030، ووفقا لهذا المؤشر فان العراق بحاجة الى اربعة ملايين وحدة سكنية بحلول العام 2027.
وطالب رئيس المركزي الحكومة بإطلاق المبادرة الوطنية للسكن وتوزيع قطع الاراضي السكنية في المحافظات كافة مع مبادرة القروض السكنية بدون فوائد واقامة المدن السكنية لمعالجة العجز الكبير في نسبة الوحدات السكنية.
* خطة لبناء 60 مدينة جديدة في العراق.. السوداني يعلن إحالة 6 حتى الآن
في نهاية حزيران الماضي، ترأس رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اجتماعاً لمتابعة عمل هيأة المدن الجديدة، بحضور السادة وزيري؛ الإعمار والإسكان، والبيئة، وعدد من المستشارين والمسؤولين المعنيين.
واستعرض الاجتماع الخطوات المنجزة، وأهمية المضي بما خططت له الحكومة في هذا المجال، حيث أشار إلى وجوب اعتماد المعالجات الجذرية والستراتيجية لأزمة السكن التي تعاني منها العائلة العراقية.
وبيّن السوداني أن المعوقات والعقبات التي تظهر خلال تنفيذ المدن الجديدة تتم معالجتها، خاصة في ما يتعلق بحلول مشاكل الملكية، ونقلها وفق القانون إلى المستثمرين، وحسمها للمباشرة بالتنفيذ.
وأكد أن 6 مدن جديدة قد أُحيلت إلى التنفيذ، وهناك 3 مدن قيد الإحالة، من مجموع 60 مدينة مخطط لها في عموم العراق، تستلزم مواجهة التحديات البارزة، ومنها ملف الأراضي، والتسجيل العقاري وحقوق الملكية، وتقاطع شبكات الماء والصرف الصحي وباقي شبكات الخدمات والبنى التحتية.
ووجه بوضع حلول سريعة وعملية، والتخطيط الجيد لإيصال الخدمات للمدن الجديدة، وتوفير التواصل بينها وبين طرق النقل، وأن تضاف إلى خطط الخدمات في المحافظات أو في المناطق التابعة للعاصمة، مشدداً على أهمية أن تتحول كل هذه الملفات إلى أرقام وحلول تُضاف إلى الموازنة، موجهاً بإعداد خطة متكاملة لصيانة خارطة للبنى التحتية المتكاملة لبغداد الكبرى، التي تضم مدينة بغداد الحالية والمدن الجديدة التي ستنشأ في ضواحيها.
كما استعرض الاجتماع، التقدم الحاصل في مشاريع مدن؛ الجواهري، علي الوردي، الفرسان، الغزلاني، ضفاف كربلاء، وباقي المدن الجديدة الأخرى.