أزمة رواتب الإقليم تعود من جديد.. معلمو كردستان يعلنون العودة للاحتجاج ويهددون بشمول مدن جديدة

انفوبلس/..
تواصل الأحزاب الحاكمة في إقليم كردستان العراق، المماطلة والالتفاف على قرارات المحكمة الاتحادية الباتة والملزمة بتوطين جميع رواتب الإقليم على المصارف الرسمية الاتحادية، الأمر الذي دفع الموظفين هناك، وبالتحديد الكوادر التربوية والتعليمية، بالتهديد وإعلان عزمها العودة لساحات الاحتجاج مع التوسع بالمدن لتشمل جميع كردستان.
*تهديد صريح
في هذا الصدد، هدد المعلمون في السليمانية بعودة الاحتجاجات بسبب عدم تنفيذ قرارات المحكمة الاتحادية المتعلقة بتوطين الرواتب على المصارف الاتحادية.
وأكدت لجنة المعلمين المحتجين أنهم “لن يقبلوا بمحاولات أحزاب السلطة في كردستان الالتفاف على قرار القضاء”.
وأشارت اللجنة إلى أن “الاحتجاجات لن تقتصر على السليمانية فقط، بل ستشمل مدن الإقليم الأخرى. كما أعلنت عن ترتيبات لزيارة بغداد للمطالبة بتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية بتوطين الرواتب حصرا على مصرفي الرشيد والرافدين”.
*عودة للتظاهر
من جهته، قال عضو لجنة المعلمين المحتجين في السليمانية دلشاد ميراني، اليوم السبت (19 نيسان 2025)، انهم سيعودون التظاهر والاحتجاج مجددا.
وذكر ميراني في حديث صحافي، إنه "بسبب عدم تنفيذ قرارات المحكمة الاتحادية بتوطين رواتب الموظفين في الإقليم على المصارف الاتحادية، ومحاولة أحزاب السلطة في الإقليم، الالتفاف على قرار القضاء، فسنعاود التظاهر".
وأضاف أن "التظاهرات لن تختصر على السليمانية، وانما ستشمل مدن الإقليم، وستكون لنا زيارة إلى بغداد، نجدد فيها مطالبنا بالتوطين، حصرا على مصارف الرشيد والرافدين".
وكانت المحكمة الاتحادية، قد قررت في 21 شباط 2024، إلزام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني بتوطين رواتب موظفي إقليم كردستان لدى المنافذ المنتشرة في الإقليم أو المصارف المفتوحة والمرخصة من قبل البنك المركزي العراقي، وتخصم من موازنة الإقليم لهذه السنة والسنوات المقبلة.
*إضراب سابق
في السابع من شباط السابق، أعلن المعلمون والموظفون المضربون في السليمانية، عن قرار جديد يقضي بعدم تلقي أي علاج طبي، في تصعيد جديد لاحتجاجاتهم التي كانت مستمرة لاسبوعين.
وجاء ذلك القرار بعد فشل الاستجابة لمطالبهم المتعلقة بصرف الرواتب في مواعيدها ووقف تدهور أوضاعهم الاقتصادية.
وقال المتحدث باسم المعلمين والمضربين عثمان كولبي، خلال مؤتمر صحفي، إنهم قرروا "رفض أي تدخل طبي ومعالجة صحية اعتبارًا من اليوم، في خطوة تهدف إلى الضغط على الجهات المعنية للاستجابة لمطالبنا".
وشدد على أن "الاحتجاجات ستستمر حتى تحقيق مطالبهم بشكل كامل".
وفي سياق متصل، حذر الدكتور صباح هورامي، المدير العام لصحة السليمانية، خلال مؤتمر صحفي، من أن "الوضع الصحي للمعلمين المضربين قد دخل مرحلة جديدة وخطيرة".
وأكد أن "قرارهم بعدم تلقي العلاج يشكل تهديدًا مباشرًا لحياتهم، لا سيما أن الإضراب عن الطعام يؤدي إلى تدهور وظائف الأعضاء المختلفة في الجسم".
وأضاف هورامي: "نحن كجهات طبية لا ندعم هذا القرار، ونرفض بشكل قاطع الامتناع عن تلقي الرعاية الصحية، لأنه قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على حياتهم".
وجاء ذلك التصعيد في ظل الاحتجاجات أمام ممثلية الأمم المتحدة في السليمانية، حيث كان المضربون عن الطعام يواصلون اعتصامهم للمطالبة بصرف رواتبهم دون تأخير وإعادة تفعيل الترقيات الوظيفية، ومع دخول الأزمة مرحلة جديدة، تتزايد المخاوف من تفاقم الوضع الصحي للمضربين إذا لم يتم إيجاد حل سريع لهذه الأزمة المتفاقمة.
واتخذ المحتجون تلك الخطوة التصعيدية عبر الإضراب عن الطعام أمام مبنى ممثلية الأمم المتحدة، تعبيرًا عن غضبهم من تكرار الأزمة المالية وتأخر دفع المستحقات.
وشهد إقليم كردستان احتجاجات متواصلة من قبل المعلمين منذ فترة، مطالبين بتحسين أوضاعهم الوظيفية وصرف رواتبهم المتأخرة. وقد تصاعدت الاحتجاجات في الأيام الأخيرة، حيث لجأ بعض المعلمين إلى الإضراب عن الطعام كخطوة تصعيدية للضغط على الحكومة.
وتسببت هذه الخطوة في نقل عدد من المعلمين إلى المستشفى، وسط تفاعل واسع من قبل النقابات والمنظمات الحقوقية التي تدعم مطالبهم.
*قمع وانتهاكات
وتعرض المعلمون المحتجون إلى عمليات قمع وانتهاكات من قبل السلطات الحاكمة في إقليم كردستان.
واستنكر تحالف الدفاع عن حرية التعبير في العراق، في 10 شباط المنصرم، القمع والانتهاكات التي تعرض لها المعلمون والموظفون المحتجون في إقليم كردستان.
وذكر التحالف في بيان، انه "ندين بأشد العبارات القمع الممنهج الذي مارسته سلطات إقليم كردستان ضد المعلمين والموظفين المحتجين في السليمانية، ويستنكر بشدة الاعتداءات العنيفة، وشيطنة الحراك السلمي الذي يطالب بحقوق مشروعة تتعلق بالرواتب والأوضاع المعيشية المتدهورة".
وتابع، إن "القمع الذي تعرض له المتظاهرون، بما في ذلك استخدام العنف المفرط والغاز المسيل للدموع والاعتقالات، يعكس نهجا سلطويا خطيرا، يهدف إلى تكميم الأفواه وترهيب المواطنين الذين يمارسون حقهم الدستوري في الاحتجاج السلمي. هذا السلوك القمعي لا يليق بسلطة تدعي احترام الحقوق والحريات، بل يرسخ صورة نظام يواجه المطالب العادلة بالقوة بدلا من الاستجابة لها بحلول جادة".
وأضاف، إن "استمرار حملة التحريض والتشويه ضد المحتجين، ووصفهم بصفات تهدف إلى تقويض شرعية مطالبهم، هو جزء من استراتيجية متعمدة لتجريم الحراك الشعبي وتبرير القمع".
وطالب تحالف الدفاع عن حرية التعبير، بحسب البيان: "حكومة إقليم كردستان بوقف فوري لكافة أشكال العنف ضد المتظاهرين، والإفراج عن جميع المعتقلين، وضمان بيئة آمنة لممارسة حرية التعبير والتظاهر السلمي"، فيما حذر " من التمادي في قمع الأصوات سيؤدي إلى نتائج كارثية، ونؤكد أن حرية التعبير وحقوق الإنسان ليست امتيازات تمنحها السلطة، بل حقوق أصيلة لا يمكن التنازل عنها تحت أي ظرف".
إلى ذلك، يؤكد عضو حراك الجيل الجديد، ريبوار محمد، أن “ما قامت به السلطات الأمنية في أربيل، هو دليل واضح على أن الأحزاب الحاكمة في الإقليم باتت لا تريد سماع أي صوت معارض، وترى بأن الإقليم هو ملك لها ولعوائلها، ولهذا يخشون من وصول صوت المتظاهرين إلى قلب عاصمة كردستان، ويطلع الرأي العام على حقيقتهم”.
ولفت إلى أن “الشعب الكردي وصل إلى مرحلة اليأس، نتيجة استمرار الفساد والسرقات والنهب من قبل الأحزاب الحاكمة، والتي استحوذت على كل شيء، وتنتهك حقوق الشعب، وأبسط حقوقه، هو الراتب، حيث في كل عام يتم استقطاع راتب أو راتبين، مع تأخير في التوزيع وغلاء في المعيشة وارتفاع في الضرائب ونقص كبير في الخدمات”.
وتابع أن “هذه المرة التظاهرات تختلف، فهي قد أصابتهم بالخوف بعد أن أطلع العالم على حقيقة الأحزاب الحاكمة، حيث يصورون هم وإعلامهم، أربيل على أنها جنة، ولكن واقعها مؤلم”، مضيفا أن “سلطات الحزب الديمقراطي منعت دخول المتظاهرين من السليمانية، لأنها كانت تعرف بأنه في حال دخولهم، سينضم لهم الآلاف من أهالي أربيل، وتتوسع الاحتجاجات ضد الحكم العائلي في الإقليم، لهذا تصدت لها بكل قوة”.
ويعتبر ملف رواتب موظفي الإقليم أحد أبرز المشكلات العالقة بين أربيل وبغداد، حيث تؤكد الحكومة العراقية ضرورة تسليم أربيل نفطها إلى بغداد وأن يتم التصدير من خلالها، بينما ترفض حكومة كردستان ذلك، ما أدى الى قطع بغداد رواتب جزء كبير من موظفي الإقليم ودفعها إلى آخرين على شكل متقطع وغير منتظم منذ عام 2014، إلى أن توقفت المرتبات نهائيا في أكتوبر تشرين الأول 2017 مع تداعيات استفتاء الانفصال.
*حكومة كردستان تسرق رواتب موظفيها
في 19 شباط الماضي، أكد عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي سوران عمر، أن حكومة إقليم كردستان هي الجهة المسؤولة عن عملية صرف رواتب الموظفين لشهر 12 من العام الماضي.
وقال عمر في حديث صحفي، إن “وزارة المالية الاتحادية أرسلت مبلغ 441 مليار دينار لشهر كانون الأول من العام الماضي، وحكومة الإقليم لم تصرف ديناراً واحداً من هذا المبلغ“.
وأضاف أن “حكومة الإقليم تستطيع صرف رواتب شهر 12 وإكمال المبلغ من الإيرادات الداخلية غير النفطية، لآن هذا حق الموظف، ولا يمكن السكوت عنه، لآن الحكومة الاتحادية أرسلت المبالغ“.
فيما اكد عضو حزب العدل الكردستاني ريبوار محمد أمين، أن المصارف الاتحادية أبدت استعدادها لتوطين رواتب موظفي كردستان، ملقية الحجة على حكومة الإقليم.
وقال محمد أمين في حديث صحفي، إنه “بعد صدور وثائق من مصرفي الرافدين والرشيد يبديان الاستعداد لتوطين الرواتب، فإن المسؤولية كاملة على حكومة الإقليم وأحزاب السلطة“.
وأضاف أنه “بإمكان أي وزارة توطين رواتب موظفيها، ولكن لا توجد جدية، وحكومة الإقليم هي من تعمل على استمرار الأزمة، لأنها تريد أن تسري عملية الرواتب على هواها، وبما تريد هي، وهذا غير مقبول، وبالنتيجة المواطن هو من يتحمل الأزمة“.