إحصائيات رائد المالكي عن الطلاق تثير الجدل.. هل تعديل قانون الأحوال اخفض النسب فعلاً؟

انفوبلس/ تقرير
بعد إعلان مجلس القضاء الأعلى لحالات الطلاق على مستوى المحافظات العراقية عدا إقليم كردستان لشهر آذار/ مارس الماضي 2025، ادّعى النائب رائد المالكي أن تلك الحالات باتت في "انخفاض مستمر" نتيجة إقرار تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي اقترحه النائب، فما صحة ذلك؟ وما ردود الفعل حوله؟
4974 حالة طلاق خلال آذار
وفقا لإحصائية حصلت عليها شبكة "انفوبلس" فإنأعداد حالات الطلاق خلال شهر اذار الماضي بلغت 4974 وتصدرت كل من العاصمة بغداد ومحافظة البصرة الحصيلة، كما سجلت المحاكم خلال الشهر ذاته 22967 عقد زواج.
وينشر مجلس القضاء الأعلى شهريا أعداد الطلاق والزواج، لكن لا تشمل تلك الإحصائيات حالات الطلاق المسجلة في محاكم إقليم كردستان العراق، مما يعني أن الرقم أكبر بكثير عند احتساب كافة الحالات في العراق ككل.
تغريدة المالكي
استغل النائب رائد المالكي، إحصائية جديدة أعلنها مجلس القضاء الأعلى لحالات الطلاق على مستوى المحافظات العراقية، ليكشف معلومات بهدف إظهار نتائج إيجابية لتعديل قانون الأحوال الشخصية الذي دخل حيز التنفيذ بعد منتصف شباط/ فبراير الماضي.
ونشر المالكي تغريدة على منصة إكس، ثم نقل فحواها عبر صفحته على فيسبوك، مؤكدًا أنّ معدلات الطلاق باتت في "انخفاض مستمر" نتيجة إقرار "تعديل قانون الأحوال الشخصية"، الذي اقترحه النائب، كما أكّد أنّ العراق سجل خلال شهر آذار مارس الماضي "أدنى مستوى لحالات الطلاق".
ولم يكتف عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب بهذا، بل أشار إلى انخفاض معدلات الطلاق في جانب الرصافة من بغداد بالمقارنة مع جانب الكرخ، في إشارة إلى انخفاض نسب الطلاق في الجانب الذي تقطنه غالبية شيعية، على حساب المناطق ذات الكثافة السكانية السنية.
وتشير احصائية لحالات الطلاق الواقع في (شهر اذار) لثمان سنوات سابقة – بحسب المالكي - الى ان شهر اذار 2025 انخفضت فيه معدلات الطلاق مع التفريق القضائي بشكل كبير جدا وكالاتي: اذار 2017 عدد الحالات: 6242،واذار 2018 عدد الحالات: 6582، واذار 2019 عدد الحالات:6751، واذار 2021 عدد الحالات: 6603، اما في اذار 2022عدد الحالات: 6606، واذار 2023 عدد الحالات: 6715، إضافة الى ان اذار 2024 عدد الحالات: 6222، كما ان في اذار 2025 عدد الحالات: 4974.
انفوبلس تدقق
وبعد تدقيق فريق شبكة "انفوبلس"، الإحصائيات التي نشرها مجلس القضاء الأعلى على مدى الأعوام السابقة، تبين صحة حديث النائب رائد المالكي حول احصائيات شهر اذار لثمان سنوات سابقة، لكن تبين أنّ معدلات الطلاق تشهد تفاوتًا لم يتغير بعد إقرار تعديل قانون الأحوال الشخصية كما سنوضح عبر مقارنة الإحصائيات الشهرية وتحليلها بالاستناد إلى بيانات مجلس القضاء طوال العام الماضي.
ودخل التعديل الذي أقره مجلس النواب في 17 شباط/فبراير 2025 الماضي، بعد نشره في جريدة الوقائع الرسمية في العدد رقم "4814"، مع تعديل قانون العفو العام وقانون العقارات، إذ صوت البرلمان على القوانين الثلاثة بصيغة السلة الواحدة وسط الكثير من الاعتراضات والإشكالات القانونية.
وسجل شهر شباط/فبراير الماضي، أي شهر دخول القانون حيز التنفيذ 6392 حالة طلاق، بارتفاع بفارق 68 حالة عن ذات الشهر خلال العام الماضي، إذ سجل شهر شباط/فبراير 2024 حالات طلاق بلغت 6324 حالة.
جردة بالحالات السابقة
وعلى الرغم من التراجع الذي شهدته حالات الطلاق خلال شهر آذار مارس 2025، حيث وثق مجلس القضاء الأعلى 4974 حالة، إلاّ أنّ العام الماضي شهد تسجيل أعداد أقل قبل تشريع التعديل الذي اقترحه النائب المالكي، وبالتحديد في شهر حزيران/ يونيو 2024، اذ نجد أنّ شهر حزيران/ يونيو 2024 سجل حالات طلاق أقل بفارق 195، أي أنّ حالات الطلاق كانت أدنى قبل 8 أشهر من دخول تعديل قانون الأحوال الشخصية حيز التنفيذ.
أما بخصوص ادعاء المالكي بأنّ المناطق ذات الغالبية السكانية الشيعية سجلت معدلات طلاق أقل من المناطق ذات الكثافة السنية، بمعنى أنّ الأحكام الشرعية وفق المذهب الجعفري، التي سمح التعديل بتطبيقها، أدت إلى تقليل نسب حالات الطلاق، على خلاف القانون الأساسي المعتمد من قبل السنة.
فهذا الادعاء غير صحيح أيضًا وفقًا لما يظهره تحليل بيانات حالات الطلاق خلال العام الماضي والشهر الأول من عام 2025 الجاري، إذ أنّ جانب الكرخ يسجل في معظم الأشهر أرقامًا أعلى من حالات الطلاق، والأمر غير مرتبط بالتعديل، كما أنّ العاصمة بغداد تشهد تداخلاً سكانيًا كبيرًا في جانبيها، ولا يمكن تقسيمها على أساس طائفي.
مقارنة بين الكرخ والرصافة
وبلغ الفارق بين حالات الطلاق في الكرخ والرصافة 271 حالة فقط خلال الشهر الماضي، في حين سجلت بعض أشهر العام الماضي فارقًا يفوق ضعف هذا الرقم، كما يظهر هذا التحليل ادناه:
📌 كانون الثاني يناير 2024:
◾️ الرصافة: 1189
◾️ الكرخ: 1737
🟧 الفارق 548
📌 شباط فبراير 2024:
◾️ الرصافة: 994
◾️ الكرخ: 1167
🟧 الفارق: 173
📌 آذار مارس 2024:
◾️ الرصافة: 1068
◾️ الكرخ: 1108
🟧 الفارق: 40
📌 نيسان أبريل 2024:
◾️ الرصافة: 895
◾️ الكرخ: 1061
🟧 الفارق: 166
📌 أيار مايو 2024:
◾️ الرصافة: 925
◾️ الكرخ: 1397
🟧 الفارق: 472
📌 حزيران يونيو 2024:
◾️ الرصافة: 835
◾️ الكرخ: 947
🟧 الفارق: 112
📌 تموز يوليو 2024:
◾️ الرصافة: 1186
◾️ الكرخ: 1173
🟧 الفارق: 13 أكثر في الرصافة
📌 آب أغسطس 2024:
◾️ الرصافة: 931
◾️ الكرخ: 989
🟧 الفارق: 58
📌 أيلول سبتمبر 2024:
◾️ الرصافة: 1029
◾️ الكرخ: 1165
🟧 الفارق: 136
📌 تشرين الأول أكتوبر 2024:
◾️ الرصافة: 923
◾️ الكرخ: 1291
🟧 الفارق: 368
📌 تشرين الثاني نوفمبر 2024:
◾️ الرصافة: 869
◾️ الكرخ: 1132
🟧 الفارق: 263
📌 كانون الأول ديسمبر 2024:
◾️ الرصافة: 627
◾️ الكرخ: 1220
🟧 الفارق: 593
📌 كانون الثاني يناير 2025:
◾️ الرصافة: 1012
◾️ الكرخ: 1245
🟧 الفارق: 233
الإحصائيات تثبت عكس كلام المالكي
كما أنّ إحصائية مجلس القضاء لشهر آذار/مارس الماضي تشير إلى ارتفاع حالات الطلاق في محافظات ذات غالبية شيعية مقارنة بإحصائيات العام الماضي، مثل محافظةالبصرة، بما يدحض ما ذهب إليه النائب المالكي.
ولا يمكن بأي حال إثبات أي جدوى لتعديل قانون الأحوال الشخصية بما يتعلق بحالات الطلاق بالاعتماد على بيانات شهر واحد، كما يؤكّد الباحثين الاجتماعيين.
كما الانخفاض بحد ذاته ليس "مؤشرًا إيجابيًا"، كما تتفق آراء هؤلاء الباحثين، بل على العكس حيث يمكن أنّ يدفع التضييق المتعلق بحقوق المرأة إلى "ارتفاع معدلات الجرائم والعنف الأسري"، ويمكن أنّ يؤدي "تقييد حق المرأة في الطلاق إلى إجبارها على البقاء في زيجات عنيفة، بينما تُشجع أحكام تعدد الزوجات على اعتبار النساء "أدوات استهلاكية".
ويُكرس التعديل الجديد التمييز ضد النساء، عبر السماح بتطبيق قواعد المذاهب الدينية التي تُقلص حقوقهن في الطلاق والميراث، ويسمح بتعدد الزوجات دون اشتراط موافقة الزوجة الأولى، كما تخضع حقوق الحضانة بموجبه إلى تفسيرات المذاهب الدينية، التي غالبًا ما تُفضّل الأب في حالات الطلاق، حتى لو كانت الأم أكثر قدرة على الرعاية.
وعلى الرغم من أنّ تحالفات حقوقية محلية، مثل "شبكةالنساء العراقيات"، نجحت في إدخال تعديلات جزئية،مثل رفع سن الزواج، لكنها تعترف بأن المعركة لم تنتهِ، إذتُركز هذه التحالفات حاليًا على حملات توعية لتعريفالنساء بحقوقهن القانونية البديلة، مثل إمكانية اختيارقانون 1959 عند الزواج.
وسجّل العراق، خلال عام 2023، أكثر من 70 ألف حالة طلاق، وفق بيانات مجلس القضاء الأعلى رصدتها "انفوبلس، فيما سجل العراق قرابة 70 ألف حالة طلاق في العام 2022 وفق إحصائية رسمية من موقع مجلس القضاء الأعلى، الذي كشف ايضاً أن تم تسجيل أكثر من 73 ألف قضية طلاق خلال العام 2021 في العراق البالغ عدد سكانه 42 مليون نسمة، وهي حصيلة مماثلة لحصيلة العام 2018.
"تشكل الحالة الاقتصادية ما نسبته 50 في المئة من أسباب الطلاق"، وفقاً لبحث نشره مجلس القضاء الأعلى على موقعه الإلكتروني، لكن تردي الوضع الاقتصادي هو جزء من أسباب كثيرة أخرى أهمها "التدخلات الاجتماعية، وتفاوت المستوى العلمي والثقافي بين الشريكين".
وانتشرت خلال الفترة الماضية، ظاهرة الطلاق الوهمي، للحصول على راتب الرعاية الاجتماعية، حيث تخصص وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، راتبا شهريا لكثير من الفئات المستحقة، ومنها المطلقات والأرامل، وفق بيانات يتم التأكد من صحتها شهريا، وهناك 109 آلاف و567 مطلقة مشمولة بالمعونة، و244 ألفاً و689 أرملة.