إدخال عبر الفواكه وأحشاء الأبقار.. غزوة "كبتاغونية" في الأنبار.. 20% من المجتمع يتعاطى والكريستال يتصدر

انفوبلس/ تقارير
عِبر الفواكه وداخل أحشاء الحيوانات، باتت الأنبار تتفنّن في طرق تهريب المخدرات، وبالوقت ذاته فهي تتصدر المحافظات بنسب التعاطي وفق إحصائية رسمية أكدت تجاوز تلك النسب الـ20%، انفوبلس سلّطت الضوء على هذا الملف وتوصلت إلى العديد من المعلومات منها أن الكريستال والكبتاغون هما الأكثر انتشاراً في المحافظة، فما الذي كشفته المعلومات أيضا؟
الكريستال والكبتاغون الأكثر انتشارا
يؤكد قاضي محكمة تحقيق الأنبار عبد السلام موعد، أن "المواد المخدرة الأكثر انتشاراً في محافظة الأنبار هي الكريستال والكبتاغون، وأن المتعاطين والمتاجرين يتجهون إلى هذه المواد ليس لأنها رخيصة الثمن، بل لكونها السائدة تقريبا في المحافظة".
وأضاف موعد، أن "المتعاطين بدأوا مؤخرا بالتوجه إلى تعاطي عقاقير دوائية مثل كبسولات لاريكا والسومادرين، بالإضافة إلى أنواع أخرى منتشرة في العراق كالهروين والحشيشة".
بدوره، يتفق مدير مكافحة المخدرات في محافظة الأنبار أكرم الراشد مع ما قاله القاضي موعد، إذ قال، إن "مادة الكبتاجون تحتل المرتبة الأولى من حيث الانتشار بين المواد المخدرة في المحافظة، تليها مادة الكريستال، بينما تسجل بقية المواد، مثل الحشيشة والعقاقير المخدرة والهيروين، معدلات أقل في التداول".
وأضاف، أن "نسبة تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية في محافظة الأنبار تُظهر تفوقاً واضحاً للذكور مقارنة بالإناث".
أبرز طرق التهريب
ا ينفك مروّجو ومهرّبو المخدرات عن ابتداع طرق جديدة لتهريب هذه المواد، وآخرها إدخالها عبر أحشاء الحيوانات أو عن طريق تجويف إطارات العجلات أو تحشية الفواكه، بحسب قاضي تحقيق متخصص بنظر هذه القضايا.
وعن أبرز الطرق وأكثرها انتشارا في عمليات تهريب المخدرات، كشف القاضي موعد عن أساليب جديدة وغريبة متبعة وذلك عبر تهريبها في "إطارات السيارات والفواكه والخضر بعد تجويفها".
وأكد، أن "حالات سُجلت مؤخرا تكاد تكون الأغرب في تهريب هذه المواد، وذلك من خلال الحيوانات، حيث رصد تهريب للمخدرات عبر حشوها داخل أحشاء بقرة".
أماكن التوزيع والفئات العمرية المستهلكة
وعن الفئات العمرية الأكثر عرضة لتعاطي المخدرات، ذكر قاضي محكمة تحقيق الأنبار، أن "الأعمار ما بين خمس عشرة وثلاثين سنة، هي أبرز ضحايا التعاطي".
وأوضح، أن "أحد أهم العوامل التي تساهم في انتشار المخدرات وتدفع الشباب إلى الإدمان هي البطالة والفقر والتفكك الأسري داخل العائلة إضافة إلى عدم وجود متابعة من قبل الأهل تجاه الأبناء وضعف الوازع الديني".
ولفت إلى أن "أكثر الأماكن التي يتم فيها توزيع المخدرات بين المتعاطين هي المقاهي ومحلات الحلاقة والملاهي الليلية ومواقع المولدات الأهلية التي تزود المناطق بالطاقة الكهربائية".
نسبة المتعاطين في الانبار 20%
وفيما يتعلق بالإحصائيات، بين الراشد (مدير مكافحة المخدرات في محافظة الأنبار) أن "نسبة المتعاطين في عموم المحافظة تبلغ نحو 20%، ومع ذلك، تُعد الفئة الأخطر هي فئة المتاجرين والناقلين، الذين يشكلون التهديد الأكبر في هذا السياق".
وأشار إلى "وجود مركز متخصص لتأهيل المدمنين في الأنبار، بسعة تصل إلى 450 سريراً، يهدف لمعالجة حالات الإدمان وفصل المتعاطين عن التجار والمروجين، مما يسهم في تعزيز جهود مكافحة هذه الظاهرة".
العقوبات
وبشأن العقوبات وتشديدها أو تخفيفها، بين القاضي موعد، أن "هناك حالات معينة تسهم في تخفيف الحكم على المتهمين ضمن هذه الجريمة مثل قلة كمية المواد المخدرة المضبوطة، صغر سن المتهم، عدم وجود أي سوابق للمتهم"، مشيرا إلى أنه "يتم تشديد العقوبات على المتهمين في عدة حالات منها العمل في تجارة المخدرات لفترات طويلة، التعامل مع متهمين خارج البلاد، التنقل بين المحافظات وبيع المخدرات في اكثر من مكان، كما تشدد العقوبة إذا ما كان المتهم خاضعا لعدة محكوميات سابقا والكمية التي ضبطت لديه كبيرة جدا، وإذا ما كان المتهم منتسبا في القوات الأمنية".
وتابع، أن "قانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016 المعدل التعديل الثاني لسنة 2025 عالج المواد 27 و28 و32 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية حيث عاقبت من يقوم بالمتاجرة بالحبوب المخدرة ويعمل على إدارتها وتهيئتها وإعدادها وحيازتها حيث شملت المادة الخامسة منه بالعفو من وجد بحوزته 50 غراما فما دون بغض النظر عن القصد من حيازتها على ان لا يكون محكوماً سابقا ويتعهد ذووه بعدم تكرار الجريمة".
وأكمل، أنه "من خلال التطبيقات العملية يستثنى من يقوم بزراعة النباتات المخدرة النباتات الطبيعية المعدلة جينيا بقصد الحصول على المادة المخدرة منها وكذلك التجار المحترفين في هذا المجال وكذلك من يقوم باستيرادها من خلال التعامل مع اشخاص اخرين في الدول المجاورة بقصد الاضرار بالبلد ومن يقوم بشغل بكميات كبيرة وتقديم مساعدة للمتاجرين بالمواد المخدرة وحيازتها داخل البلاد واي عمل مكمل للمتاجرة بالمواد المخدرة".
المعالجة والتوعية
وعلى صعيد متصل، وللجهود التي يبذلها مجلس القضاء الأعلى في سعيه لمكافحة نشاط المخدرات وزيادة الأثر التوعوي لدى المجتمع شارك المشرف القضائي القاضي ناصر عمران في مؤتمر سابق أقامته كلية صدر العراق الجامعة بالتعاون مع اتحاد الأكاديميين والتقنيين العرب والذي تم من خلاله الإشارة إلى الجهود الأخيرة لرئاسة مجلس القضاء الأعلى ودوره مع الوزارات والهيئات المختصة في الحد من تفشي ظاهرة المخدرات بعدما ثبت من خلال الإحصائيات الأخيرة أن هناك تدنيا في الخط البياني للإحصائيات الخاصة بجرائم الإتجار بالمخدرات إضافة إلى الرؤية الوقائية والتأهيلية لمجلس القضاء الأعلى بمعالجة ظاهرة الإدمان باعتبار الإدمان على المخدرات فيها الجانب المرضي اكثر منها حالة جنائية.
وبهذا الصدد، دعا القاضي ناصر عمران إلى ضرورة أن يُضاف إلى الفحص الطبي بعقود الزواج الحديثة فحص تعاطي المخدرات والذي جاء انسجاماً مع السياسة التي ارتأتها السلطة التنفيذية في الكشف عن تعاطي المخدرات في مؤسسات الدولة.
إحصاءات سابقة
وفي السنوات الأخيرة، أظهرت البيانات الرسمية في العراق زيادة ملحوظة في تجارة وتعاطي المخدرات، وقد تمكنت الأجهزة الأمنية العراقية من ضبط كميات ضخمة من الحبوب المخدرة في العام الماضي، بلغت قيمتها حوالي 144 مليون دولار.
ووفقًا لأحدث إحصائية صادرة عن وزارة الداخلية، تم القبض على نحو 10 آلاف شخص في العام الماضي، بتهم تتعلق بتعاطي المخدرات، فيما تمت محاكمة أكثر من 5 آلاف منهم.
كما كشفت الإحصائية عن نجاح الأجهزة الأمنية في تفكيك العديد من الشبكات الدولية المتورطة في تجارة المخدرات، في وقت حذرت فيه الأمم المتحدة من تحول العراق إلى “محور” رئيسي لتهريب المخدرات.
أسباب التفشي
في النهاية، بين الناشط المدني، يوسف الندا، أن "ظاهرة انتشار المخدرات في المحافظة أصبحت تهدد النسيج الاجتماعي بشكل خطير".
وأكد أن "الأسباب الرئيسة وراء تفشي هذه الآفة تعود إلى ضعف التوعية المجتمعية وغياب البرامج الوقائية الفعالة، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر بين الشباب".
واستطرد أن "غياب الرقابة الكافية على الحدود والمنافذ ساهم في تسهيل دخول المواد المخدرة، محذراً من أن استمرار هذه الظاهرة قد يؤدي إلى تفاقم المشكلات الاجتماعية والصحية".
ودعا الناشط "الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني إلى تكثيف الجهود في نشر الوعي وتنفيذ برامج تأهيلية وتعليمية تستهدف الفئات الأكثر عرضة لخطر الإدمان".