إضراب شامل يدخل حيز التنفيذ و"القچقچي" يطلق قناة فضائية جديدة.. مَن يوقف فساد حكومة بارزاني؟

انفوبلس/ تقرير
دخل، اليوم الأحد 26 كانون الثاني/ يناير 2025، الإضراب الشامل لموظفي إقليم كردستان حيز التنفيذ مع الخروج بتظاهرات "غاضبة" احتجاجاً على عدم توزيع الرواتب وكذلك فساد حكومة رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني "القچقچي" مسعود بارزاني، الذي أطلق مؤخراً قناة فضائية جديدة، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على آخر التطورات والمستجدات.
ويشهد إقليم كردستان منذ عدة أشهر احتجاجات متواصلة من قبل فئات مختلفة من الموظفين والأساتذة، نتيجة تأخر دفع الرواتب المستحقة بسبب الأزمة المالية التي تعصف بالإقليم.
*الإضراب الشامل يدخل حيز التنفيذ
أعلن عضو لجنة التنسيق بين الأساتذة والموظفين المحتجين في إقليم كردستان، دڵشاد ميراني، عن إضراب شامل ابتداءً من اليوم الأحد، في محاولة للضغط على الجهات المعنية للاستجابة لمطالبهم المتعلقة بتأخر الرواتب.
وذكر ميراني في منشور له على صفحته الشخصية عبر "فيسبوك" تابعته شبكة "انفوبلس"، أنه "اعتبارًا من يوم الأحد، سنبدأ بإضراب شامل عن العمل وتصعيد للمطالبة بحقوقنا"، مضيفا أن "هذه الخطوة تأتي في سياق تصعيد الاحتجاجات السلمية، والتي تهدف إلى لفت أنظار الحكومة والمجتمع الدولي إلى معاناة هذه الفئات المتضررة من أزمة الرواتب المتأخرة".
وتواجه حكومة إقليم كردستان حالة من الغضب الشعبي المتصاعد جراء ما وصفه العديد من المواطنين والموظفين بـ"الإدارة الفاشلة" للأزمة المالية والاقتصادية في الإقليم، والتي أفضَت إلى تدهور مستوى الخدمات العامة وتزايد عدم دفع الرواتب، ما أثّر بشكل مباشر على حياة المواطنين، وخاصة العاملين في القطاع العام.
في السنوات الأخيرة، شهد إقليم كردستان تراجعًا كبيرًا في الأداء الاقتصادي نتيجة لعدة عوامل داخلية وخارجية، أبرزها انخفاض أسعار النفط، والصراعات السياسية بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة الإقليم. ومع ذلك، يرى المواطنون في الإقليم أن الحكومة المحلية فشلت في إيجاد حلول حقيقية لهذه الأزمات، بل وأدت إلى تفاقم المعاناة اليومية للمواطنين.
في مؤتمر صحفي عُقد مؤخرًا، أكدت الجمعية المعنية بحقوق المعلمين في إقليم كردستان أن التأخير المستمر في دفع الرواتب كان السبب الرئيسي وراء اتخاذ قرار الإضراب. وأوضحت الجمعية، أنه رغم الجهود المضنية التي بذلتها للوصول إلى حلول مرضية، إلا أن السلطات الكردية استمرت في تجاهل حقوق المعلمين وعدم الوفاء بالتزاماتها المالية. وبينما عمل المعلمون بلا كلل على تحسين النظام التعليمي والارتقاء بمستوى الطلاب، إلا أن الحكومة استمرت في تقليص حقوقهم وتباطأت في دفع مستحقاتهم المالية.
وفي بيانها، أعلنت الجمعية عن استمرار الإضراب في كافة مراكز التعليم في الإقليم، حيث يطالب المعلمون بالحصول على رواتب شهري كانون الأول من العام الماضي وكانون الثاني من العام الحالي. كما طالبت الجمعيةُ، الحكومةَ بتوضيح إجراءات فعلية وواقعية لضمان تسليم الرواتب في المستقبل، مع التأكيد على ضرورة تحويل البيانات المالية بشكل دقيق وشفاف إلى البنوك الفيدرالية، لتفادي التأخيرات المتكررة.
وتم التأكيد على عدة نقاط أساسية تضمن حقوق المعلمين، أبرزها:
1. تأخير الرواتب: استمرار الإضراب في جميع مدارس الإقليم حتى يتم دفع رواتب شهري كانون الأول وكانون الثاني من العامين الماضي والحالي.
2. المطالبة بتوضيح إجراءات الحكومة: الضغط على الحكومة لتوضيح آلية الدفع المستقبلية والتحويلات البنكية المتعلقة بالرواتب.
3. رفع الرواتب: دعوة الحكومة لإعادة تقييم رواتب المعلمين والمديرين بما يتناسب مع الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهونها.
4. العدالة في الرواتب: التأكيد على ضرورة توحيد الرواتب في كافة المؤسسات التعليمية وتطبيق التعديلات وفقًا للقوانين والأنظمة المعمول بها.
5. دفع مستحقات المعلمين: ضمان دفع الرواتب المستحقة بشكل منتظم، دون تأخير، للحفاظ على استقرار الوضع المالي للمعلمين وعائلاتهم.
6. الالتزام بالقانون: مطالبة الحكومة الاتحادية بالوفاء بالاتفاقات الموقعة بشأن دفع الرواتب، مع التحذير من تصعيد الإجراءات في حال استمرار التأخير.
7. الوضع التعليمي: دعوة البرلمان الكردي إلى التدخل العاجل لتشكيل لجان متابعة ورصد للوضع المالي للمعلمين، وضمان أن حقوقهم لن تُهدر.
لطالما كانت أزمة رواتب موظفي إقليم كردستان تتصدر الخلافات بين بغداد وأربيل، لكن هذه المرة يبدو أنها قد أخذت منحى آخر بعد تهديد حكومة إقليم كردستان بالانسحاب من العملية السياسية في العراق.
وتستمر هذه الأزمة في التأثير بشكل كبير على العملية التعليمية في الإقليم، حيث يعاني المعلمون من ضغوط مالية شديدة، ما يهدد استقرار حياتهم وحياة أسرهم. ويطالبون بتحقيق مطالبهم في أقرب وقت ممكن، لضمان حقوقهم المالية وتأمين استقرارهم الوظيفي والاجتماعي، وهو ما سينعكس إيجابيًا على أداء العملية التعليمية في الإقليم.
ويضع هذا التصعيد، الحكومة أمام اختبار جديد في ظل الأوضاع الاقتصادية المتأزمة، ويثير تساؤلات حول مدى قدرتها على إيجاد حلول عملية لأزمة الرواتب المتأخرة وضمان استمرارية العمل في المؤسسات التعليمية والخدمية.
وتُعد أزمة تأخر الرواتب في إقليم كردستان جزءًا من التحديات الاقتصادية التي يعاني منها الإقليم منذ فترة، نتيجة الخلافات المالية بين حكومة الإقليم والحكومة المركزية في بغداد.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا، ألزمت، في شباط فبراير الماضي، حكومة بغداد بدفع رواتب موظفي إقليم كردستان مباشرة، دون إرسالها إلى سلطات الإقليم، في ظلّ تأخير في تسليم جزء من الرواتب على مدى أشهر. لكن رغم قرار المحكمة الاتحادية إلا أن حكومة الإقليم تصر على توطين الرواتب في مشروع حسابي، الذي يضم مجموعة بنوك داخل إقليم كردستان.
وبالرغم من الزيارات المتبادلة للوفود السياسية والفنية، والتي كان أبرزها زيارة وزيرة المالية طيف سامي، إلى أربيل، إلا أن مسألة رواتب الموظفين، لا تزال تنطوي على الكثير من التعقيدات والإشكاليات الإدارية والقانونية.
"القچقچي" يطلق قناة فضائية جديدة!
في خضم هذه الأزمة، ينفق أعضاء الطبقة السياسية المشاركة في حكم الإقليم، أموالاً طائلة لإنشاء مؤسسات إعلامية جديدة وخاصة، بينما تملك وتدير أحزابها العشرات من مؤسسات الإعلام المماثلة، حيث يغضب الناس من إنفاق مبالغ مالية كبيرة، بينما يعانون من نقص الرواتب وسوء الخدمات الحكومية.
ومؤخراً، افتتح الحزب الديمقراطي الكردستاني "حزب البارزاني" قناة فضائية جديدة باسم "شمس" باللغة العربية مقرها في أربيل لاحتواء الكُتّاب والمحللين والصحفيين العرب والعراقيين لمواجهة بغداد وللتأثير على الرأي العام العراقي، بحسب ما أكدته مصادر خاصة لشبكة "انفوبلس"، وكذلك مدوّنين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتب الصحفي والمدون محمود ياسين كوردي في تغريدة مؤخراً، "حزب الديمقراطي الكردستاني يفتح قناة فضائية جديدة باسم "شمس" باللغة العربية مقرها في أربيل لاحتواء كتّاب ومحللين وصحفيين عرب وعراقيين لمواجهة بغداد وللتأثير على الرأي العام العراقي بأن إقليم كردستان أحسن من محافظات أخرى!.. سرقوا منك اسم حزبك يا كاك زيد الطلقاني!".
وبهذا يمتلك مسعود بارزاني خمس فضائيات ناطقة باللغة العربية أبرزها "زاكروس وكردستان تي في رووداو وكردستان 24".
ويرى العديد من الناشطين ومنظمات المجتمع المدني، أن تأسيس وسائل الإعلام الجديدة التابعة للأحزاب هو وسيلة لاستقطاب الصحفيين والشخصيات المستقلة، ما يشكل ضربة كبيرة للآفاق الديمقراطية في المنطقة، إذ يقول رئيس مؤسسة إعلامية مستقلة، رفض الكشف عن هويته، "لقد عانيتُ من قيام الأحزاب المهيمنة بأخذ أعضاء من طاقمي من خلال تقديم رواتب عالية لهم ومزايا أخرى، فخلال الأشهر الخمسة الماضية، وظّفت منظمات إعلامية جديدة أسستها الأحزاب الكردية، 7 صحفيين من مؤسستنا الإخبارية". مضيفا، إن "ذلك تسبب بضياع أكثر من عام من الجهد، لتدريب هؤلاء الصحفيين، بعد الحصول على منح وتبرعات من قبل المنظمات الدولية والمحلية، لصناعة صحافة مستقلة، ومراسلين محايدين".
ويشير إلى "وجود أكثر من 1400 مؤسسة إعلامية، بينها 30 فضائية، و127 قناة تلفزيونية محلية، في مدن إقليم كردستان (أربيل والسليمانية ودهوك)".
يتضح من خلال التقصي، أن هؤلاء الصحفيين حصلوا على مرتّبات جيدة، مقارنة بموظفي الدولة أو المؤسسات الإعلامية المستقلة في الإقليم، إذ تتراوح المدفوعات الشهرية لبعضهم بين 3500 و10 آلاف دولار (مرتّب أستاذ الجامعة الحاصل على درجة الدكتوراه بإحدى الجامعات الحكومية يتلقى بحد أعلى 1400 دولار شهريًا).
وينوه الإعلامي المستقل، إلى وثيقة مسربة من مصرف الإقليم التجاري (RT) للمدفوعات الشهرية لـ31 من كبار موظفي فضائية "رووداو" والتي تظهر الرواتب المرتفعة التي يتمتع بها موظفو مؤسسات الإعلام المرتبطة بالأحزاب، حيث تتراوح بين 4000 و30 ألف دولار شهريا.
وتُعد "رووداو" التي تأسست عام 2012، المؤسسة الإعلامية الأكثر شهرة في إقليم كردستان العراق، وتضم مواقع إخبارية (بالإنكليزية والكردية والعربية)، ومركزا للسياسات، وإذاعة، فضلا عن القناة الفضائية، وفيما تزعم حياديتها، إلا أن أحدا لا يجهل عائديتها لنيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كردستان.