الجرائم الإلكترونية في العراق.. تحركات "متصاعدة" من الداخلية والسوداني وقانون "معطل"

انفوبلس/ تقرير
بعد أن أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق "أرضاً خصبة" لنمو الجرائم الإلكترونية، سارعت وزارة الداخلية من خطواتها بهذا الشأن، إذ أعلنت، عن موافقة القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على استحداث "مديرية مكافحة الجرائم الإلكترونية"، فماذا تعرف عن هذه الجرائم؟ وما طبيعة عمل المديرية المستحدثة؟
وتُعرّف الجرائم الإلكترونية على أنّها، أيّ نشاط إجراميّ تتعرّض لها أجهزة الكمبيوتر أو أجهزة الشبكات ممّا يؤدّي إلى تعطيلها، أو إتلافها، أو استخدام البيانات والمعلومات التي تحتويها بصورة غير قانونية، أو خليط من جميع الأضرار السابقة معاً، وغالباً ما يكون ذلك عن طريق إصابة أحد الأجهزة بفايروس ينتشر في باقي أجهزة الشبكة.
يُمكن تصنيف الجرائم الإلكترونية بناءً على الفئة المستهدفة من الهجوم كالآتي، الجرائم ضدّ الأفراد: تشمل هذه الجرائم عادةً الإزعاجات والمضايقات الإلكترونية، ونشر المحتوى غير الأخلاقي، وجرائم الاحتيال على بطاقات الائتمان، وسرقة الهوية الإلكترونية، والاستغلال، والتشهير أو الإساءة على مواقع الإنترنت.
الجرائم على الممتلكات: تهدف هذه الهجمات للوصول لأجهزة الكمبيوتر وخوادمها وسرقة محتوياتها، حيث تُخرّب الأجهزة وتنتهك حقوق النشر والملكية. الجرائم ضدّ الحكومات: تستهدف هذه الجرائم انتهاك سيادة الدول، والوصول إلى معلومات سرّية، ويُمكن أن تصل إلى شنّ الحروب وأعمال إرهابية.
*تحركات الداخلية
في إطار منع توسع رقعة هذه الجرائم، كشفت وزارة الداخلية أمس الأربعاء 19 شباط/فبراير 2025، عن موافقة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، على استحداث مديرية مكافحة الجرائم الإلكترونية، لمنع ومكافحة عمليات الابتزاز والاعتداء عن طريق مواقع التواصل والإنترنت.
وذكرت الوزارة في بيان ورد لشبكة "انفوبلس"، إنه بهدف دعم العمل الأمني في مكافحة الجريمة بمختلف أشكالها، حصلت موافقة القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني على ما عرضه وزير الداخلية لاستحداث مديرية مكافحة الجرائم الإلكترونية".
وستعمل هذه المديرية المستحدثة – بحسب البيان - على التحقيق في الجرائم التي تتم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن هذه الخطوة وتأتي بدعم مباشر من قبل القائد العام للقوات المسلحة وبإشراف وزير الداخلية لمنع او الحد من هكذا جرائم إلكترونية.
وبحسب حديث ضابط (رفض الكشف عن اسمه)، فإن الجريمة الالكترونية معناها ارتكاب أفعال السرقة والاحتيال واختراق أجهزة الحاسوب لأفراد أو لشركات أو جهات سياسية أو جهات أخرى، ويتم ذلك عبر أساليب الاحتيال والاستغلال من خلال المراسلة الالكترونية في الأجهزة، أو اختراق جهات أو شركات للحسابات وسرقة ما تخزنه من معلومات وإعادة استخدامها بشكل سيئ أو مضر بتلك الجهات، أو الاستحواذ على الصور الشخصية وإعادة ترتيبها بشكل مسيء أو مخجل وتهديد أصحابها لكسب المال أو الإيغال بالإساءة لهم.
ويضيف: "يحدث أحيانا أن يقوم شخص ما باختراق موقع أو شبكة، لبث أخبار أو صور مسيئة أو مخالفة للأخلاق ويرفضها المجتمع، أو أن يقوم بتعطيل عمل الموقع أو ما توفره الشبكة الالكترونية للمستخدمين وهي ايضا من الجرائم الالكترونية".
أما المواطن جاسم العبودي، فقد يرى أن "استحداث مديرية لمكافحة الجرائم الالكترونية يُعد خطوة مهمة من أجل التخلص من العصابات التي تحاول ارتكاب الجرائم بهدف زعزعة أمن البلاد وافتعال المشاكل الاجتماعية عبر الخطف والابتزاز والسعي الى خلخلة الوضع الامني عبرها"، لافتا الى إن "البلاد في الوقت الراهن تحتاج إلى كل جهد خير من أجل الاستقرار الأمني ولذلك فإن على الجميع مساعدة وزارة الداخلية في عملها والتعاون معها بإنجاز مهمتها في حفظ الأمن عبر الإبلاغ عن الجرائم الإلكترونية التي تحدث في أي مكان من البلاد".
علميًا، يُرجع المختصون أسباب تنامي هذه الظاهرة إلى تزايد الاعتماد على المنصات الرقمية ونقص الوعي بمخاطرها. في هذا الفضاء المفتوح، تتيح بعض الثغرات التقنية والقانونية للمحتالين استغلال ثقة المستخدمين بشكل يهدد أمنهم المادي والمعنوي.
من جهة أخرى، لم تسلم المؤسسات من استهداف هذه الجرائم، ما زاد الحاجة إلى تطوير آليات رصد ومكافحة فعّالة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإجراءات القانونية الحديثة، التي لم تواكب التغيرات السريعة في الفضاء الرقمي، تعتبر من أبرز العوائق التي تتيح للمحتالين التسلل بسهولة، مما يثير الحاجة الملحة لتطوير قوانين محدثة وفعّالة في مواجهة هذه الجريمة، بحسب المختصين.
كما أظهرت الدراسات – بحسب المختصين - أن التصدي لهذه الجرائم ليس مجرد مهمة تقنية، بل يحتاج أيضًا إلى تطوير ثقافة رقمية شاملة تكون جزءًا من التربية والتعليم في المجتمع. فلا يمكننا الاعتماد فقط على أدوات الحماية التقنية، بل يجب أن يترافق ذلك مع تعزيز وعي الأفراد بخطورة هذه الجرائم وسبل الوقاية منها. من هذا المنطلق، لا بد من توجيه اهتمام خاص إلى أهمية بناء ثقافة رقمية فاعلة تعزز من حماية الأفراد والمؤسسات من مخاطر الاحتيال الرقمي.
في سياق متصل، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي ياسر وتوت، إنّ "حالات الابتزاز تزايدت في الفترات الماضية، تحديداً تلك التي تستهدف النساء والمراهقين الشبّان من أجل الحصول على مبالغ مالية. وفي حالات كثيرة أودى الابتزاز بانتحار ضحايا العصابات الناشطة في ذلك، بالتالي فإنّ استحداث مديرية خاصة تُعنى بالجرائم الإلكترونية أمر مهمّ جاء بعد انتظار طويل".
وأضاف وتوت أنّ "الخطاب المتطرّف يُعَدّ جريمة كذلك، بالتالي فإنّ مديرية مكافحة الجرائم الإلكترونية سوف تكون وحدة رصد للحالات التي لا يمكن الوصول لها، عبر التنسيق مع الأجهزة القضائية والتنفيذية في سبيل إنهائها".
*ماذا عن قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية؟
وبالنسبة لقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية في العراق هو قانون مقترح يهدف إلى تجريم بعض الأفعال التي تتم عبر الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة، ومكافحة الجرائم المعلوماتية، لكنه لم يقر لغاية الآن.
أبرز ما جاء في القانون: "تجريم الأفعال الإلكترونية الضارة": يشمل القانون تجريم مجموعة واسعة من الأفعال، مثل اختراق الأنظمة الإلكترونية، وسرقة البيانات، ونشر المعلومات الكاذبة، والتحريض على العنف والكراهية، والابتزاز الإلكتروني، والتحرش عبر الإنترنت. وكذلك "عقوبات رادعة": ينص القانون على عقوبات مشددة للمجرمين الإلكترونيين، تتناسب مع خطورة الجرم المرتكب.
وإضافة إلى "حماية الضحايا": يتضمن القانون نصوصًا لحماية ضحايا الجرائم الإلكترونية، وتوفير الدعم القانوني والنفسي لهم. بالإضافة الى ان "التعاون الدولي": يسمح القانون بالتعاون الدولي في مجال مكافحة الجرائم الإلكترونية، وتبادل المعلومات مع الدول الأخرى.
والتحديات التي تواجه القانون، وهي المعارضة، اذ البعض أن القانون المقترح قد يؤدي إلى تقييد حرية التعبير، ويستخدم لقمع المعارضين السياسيين.
*الجرائم الإلكترونيَّة في القانون العراقي
وبحسب حديث القاضي زهير كاظم عبود، فان التطور التكنولوجي، الذي أصبح اليوم علما يتسابق الإنسان في استخدامه وتطويره وتطويعه، وسواء كان هذا التطور فعلا يساهم الإنسان بنشاطه أو تطويع الأجهزة المستخدمة للمساهمة أو المساندة لهذا النشاط، ويستغل بعض الناس استخدام هذه التقنيات بشكل سيئ أو خاطئ سهوا أو عمدا، وبهذا الشكل يتحول هذا الاستخدام إلى فعل إجرامي يعاقب عليه القانون ويستهجنه المجتمع.
ويتباين هذا الفعل الإجرامي المرتكب في التوصيف القانوني للفعل المخالف للقانون من حيث جسامة الفعل بين الجناية والجنحة والمخالفة، ويتم ارتكاب الفعل من قبل شخص أو عدد من الأشخاص أو شركات، مثلما تتباين الأسباب والقصد الجرمي، وفقا للقاضي.
ولما كان أي فعل مخالفا للقانون ينبغي تجريمه ومعاقبة فاعلة بوجود نص قانوني نافذ ينص على ذلك، كما ينبغي أن يكون هذا الفعل نتيجة السلوك المخالف للقانون، وأن تكون إرادة الفاعل متوجهة لارتكاب هذا الفعل، أي أن القصد الجرمي متوفر وهادف إلى تحقيق النتيجة الإجرامية، وسواء كان الفاعل وحده أو كان شريكا أو مساهما أو محرضا، لذا فان الأفعال الالكترونية المخالفة للقانون، يجب أن تتوفر لها النصوص القانونية الرادعة المتناسبة مع جسامتها وخطورتها في أمن واستقرار المجتمع.
ويبين القاضي، أن الأجهزة الالكترونية المتنوعة، والتي تتحكم بها الشبكات الالكترونية من أجهزة الكمبيوتر وأنواعها وصولا إلى أجهزة الهاتف المحمول، تم اختراعها وتصنيعها لخدمة الإنسان وتسهيل وتلبية خدماته وحاجاته، بما يتناسب مع التطور العلمي في جميع الأصعدة الصناعية والثقافية والاجتماعية، ولهذا فإن بعض الافراد يتخصصون في هذا المجال لما تتميز به قدراتهم ومهاراتهم الفنية والعلمية، غير أن بعض الأفراد من بين المتخصصين بمعرفة وتقنية هذه الأجهزة يرتكبون أفعالا مخالفة للقانون بالإساءة إلى أفراد آخرين بقصد شخصي أو بتكليف من آخر أو من مجموعة أخرى، أو يمكن ارتكاب أفعال السرقة والاحتيال واختراق أجهزة الحاسوب لأفراد أو لشركات أو جهات سياسية أو جهات أخرى، ويتم ذلك عبر أساليب الاحتيال والاستغفال عبر المراسلة الالكترونية في الأجهزة، أو اختراق جهات أو شركات لأجهزتها وسرقة ما تخزنه من معلومات وإعادة استخدامها بشكل سيئ أو مضر بتلك الجهات، أو الاستحواذ على الصور الشخصية وإعادة ترتيبها بشكل مسيء أو مخجل وتهديد أصحابها لكسب المال أو الايغال بالإساءة لهم، وكانت قد انتشرت قبل فترة عمليات سرقة المقالات والكتابات وإعادة ارسالها بأسماء أخرى، كما يحدث أحيانا ان يقوم فرد باختراق موقع أو شبكة لبث أخبار أو صور مسيئة أو مخالفة للأخلاق ويرفضها المجتمع، أو ان يقوم بتعطيل عمل الموقع أو ما توفره الشبكة الالكترونية للمستخدمين.
وقانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل لم يكن مواكبا لهذه الجرائم - بحسب حديث القاضي - مع أنه نص في المادة 182 علي معاقبة من ينشر أو يذيع اخبار بأية صورة وعلي أي وجه وبأية وسيلة معلومات أو صور أو وثائق أو مكاتبات أو غير ذلك، خاصة بدوائر الدولة والمصالح الحكومية وكانت محظور نشرها أو اذاعتها، كما ورد في بعض مواده تعريف الاصطناع في المادة 291 عقوبات (إنشاء محرر لم يكن له وجود من قبل ونسبته إلى غير محرره دون ما ضرورة لتعمد تقليد محرر بالذات وخط إنسان معين).
وعاقب في المادة 361 من عطَّل عمداً وسيلة من وسائل الاتصال السلكية أو اللاسلكية المخصصة للمنفعة العامة، وفي المادة 403 عاقب صانع أو مستورد أو حائز المطبوعات والكتب والرسوم المخلة بالحياء والآداب العامة، وفي المادة 404 عاقب كل من جهر باغان أو اقوال فاحشة أو مخلة بالحياء بنفسه أو بواسطة جهاز آلي وفي محل عام، وفي المادة 432 عاقب كل من هدد بالقول أو الفعل أو الإشارة كتابة أو شفاها، واعتبر في المادة 434 أفعال رمي الغير بما يخدش الشرف أو الاعتبار أو جرح المشاعر وان لم يتضمن اسناد واقعة معينة من الظروف المشددة اذا وقع بطريق النشر بالصحف أو المطبوعات أو طرق الاعلام الأخرى، وفقا للمتحدث.