الموقع الأثري "تل حسون" في بغداد مهدد بالزوال بسبب بيوت التجاوز.. انفوبلس تكشف أبعاد الملف
انفوبلس/ تقرير
يُثار في العراق بالآونة الأخيرة، ملف الموقع الأثري "تل حسون" بقضاء أبو غريب في العاصمة بغداد، الذي كثُرت فيه "منازل التجاوز" والمشاريع الخدمية التي تنفذها الجهات الحكومية، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء أبعاد هذا الملف وتداعياته.
ماذا تعرف عن موقع "تل حسون"؟
موقع "تل حسون" و"عراكيب أبو سديرة" هو موقع أثري ضمن مسؤولية مراقبية عكركوف التي تشرف على 30 موقعاً تنتشر في قضاء أبو غريب بالعاصمة بغداد.
واستنادا لأحكام المادة الثانية من قانون الآثار رقم 59 لسنة 1936، قررت وزارة الثقافة سابقاً، إدراج "تل حسون بغداد" (الكاظمية التاجي 15/ المسعود تل بيضوي قطره 150م وارتفاعه 3م عن الأرض المجاورة) ضمن المواقع الأثرية في محافظة بغداد.
* مشادات بين سكنة "تل حسون" والجهات الخدمية الحكومية
مؤخراً، اعترض عدد من سكنة "تل حسون وعكاريب أبو سديرة" في قضاء أبو غريب، على مشروع لمد أنابيب المياه الصالحة للشرب عبر منطقتهم إلى المناطق التي تقع خلفها بحجة أنها موقع أثري، في حين رفضت الجهات المسؤولة عن المشروع اعتراض الأهالي لكونهم من المتجاوزين على الأرض وعلى مسارات مد الأنبوب.
ويكثر في "تل حسون" بقضاء أبو غريب، بيوت التجاوز التي تهدد هذا الموقع الأثري بالزوال. وطالب مختصون في الآثار بالنظر الى هذا الملف بعناية من قبل الجهات المختصة.
وبحسب سكنة "تل حسون" فإن مركز ماء أبو غريب باشر في شهر نيسان الماضي 2023، بمد أنبوب للمياه إلى مئات المنازل في منطقة "حميد شعبان"، الجزء الذي يعترض عليه الأهالي يبدأ من مدخل منطقة حميد شعبان مروراً بالمرسلات وصولاً إلى مناطق زراعية بعد تل حسون، وعكاريب أبو سديرة.
وبحسب مصادر محلية في قضاء أبو غريب، فإن الأهالي قدموا شكوى ضد مسؤول مركز الماء بحجة أن الموقع أثري مطالبين بإقالته، في حين ترد البلدية أنهم متجاوزون بمنازلهم ومحالهم على الجانب الثاني للطريق الذي سيمر فيه الأنبوب.
ويقول ياسر الجبوري أحد المتضرّرين، "أبلغتنا بلدية أبو غريب ومركز الماء برفع بعض منازلنا ومحالنا التجارية لمد أنبوب المياه، هذا الموقع الذي نعيش فيه هو أثري ونحن نناشد رئيس الوزراء ووزير الثقافة بالتدخل وإيجاد بديل".
لكن مدير مركز الماء منعم أحمد حميد يبين، أن "العمل جارٍ وفق الإجراءات الصحيحة وهو مشروع لإنقاذ مئات المنازل من شحة المياه الصالح للشرب، وليس من مسؤوليتنا تحديد التجاوزات بل هو اختصاص مديرية بلدية أبو غريب، وهي حددت المسارات الخاصة بالأنابيب".
ويكشف، "توجد تجاوزات كثيرة على مسار الأنبوب وأغلب المتجاوزين أبدوا استعدادهم لرفع التجاوز، لكن بعضهم يعترض، وعلى كل حال لم يحصل أي هدم أو تجريف حتى الآن، لأن المشروع في مراحله الأولى".
فيما يقول مصدر من بلدية أبو غريب، إن "مد الأنبوب يأتي ضمن مخطط شارع حميد شعبان وتم رسم المخطط الأساسي عام 2019 وتم تعميمه بكتاب إلى جميع الوزارات، بما فيها الآثار ووزارة النفط ولم تعترضا على المخطط"، مشيرا الى أن "الاتهامات للمشروع كذبة من بعض المتجاوزين".
ويتابع، إن "منطقة المرسلات هي بالأصل تابعة للبلدية وتم إفرازها كقطع سكنية منذ عام 2017 وأيضاً تمت مفاتحة جميع الوزارات والهيئات الحكومية ولم يعترض أحد".
وفي السياق ذاته، تقول مصادر مسؤولة داخل مراقبية آثار عكركوف، إن موقع "تل حسون" و"عراكيب أبو سديرة" هو موقع أثري ضمن مسؤولية مراقبية عكركوف التي تشرف على 30 موقعاً تنتشر في قضاء أبو غريب.
وتضيف، "وردت إلينا شكاوى من الأهالي وشكلنا لجنة كشفت على الموقع وننتظر البت في قرارها حول ما إذا كان مد الأنابيب يضر الآثار أم لا"، مبينة، "سواء كان هذا أو ذاك، فإن الأهالي متجاوزون على مخطط الطريق، وحسب توجيهات رئيس الوزراء سيتم رفع التجاوزات في كل مكان".
وآثار عكركوف أو ما تُعرف بـ "زقورة عكركوف" هي واحدة من أهم المواقع الأثرية في العاصمة العراقية بغداد، تعود إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد، حيث كانت "عكركوف" واحدة من أهم مدن جنوب بلاد وادي الرافدين لكونها عاصمة سلالة الكيشين الذين بنَوا هذه "الزقورة" لتضم القصر الملكي ومعابد الآلهة. غير أن هذا الموقع التاريخي يعاني اليوم أيضا من الإهمال الذي يهدد مكانته كموقع أثري وسياحي.
ويتميز العراق بوفرة مواقعه الأثرية والتراثية المنتشرة في جميع مناطقه على نحو متساوٍ وكثيف، لكن تلك الآثار على الرغم من قيمتها الحضارية والمادية لم تحصل على المقدار الكافي والحقيقي من الرعاية والاهتمام، رغم مناشدات المنظمات الدولية ذات الصلة وتحذيراتها المستمرة لهذا الإهمال المتعمد من قبل العراقيين.
فضلا عن تعرض العديد من تلك المواقع الأثرية للسرقة عقب الانفلات الأمني التي كانت تعاني منه البلاد، والتدمير الذي لحق بالبعض منها نتيجة استخدام القوات الأمريكية كمواقع عسكرية، أو تعرضها لأعمال تخريبية على يد بعض الجماعات الإرهابية.
فيما تتعرض مواقع أثرية عمرها آلاف السنين في العراق إلى أضرار كبيرة بسبب العوامل الناجمة عن التغير المناخي، كالعواصف الرملية وتزايد الملوحة، في بلد "يعاني أكثر من غيره ويعمل أقل" لمواجهة هذه الظاهرة.
ويمتلك العراق أكثر من 150 ألف موقع أثري في عموم العراق، وذلك في أحدث إحصائية لهيئة الآثار والتراث.