سلالم الطوارئ في العراق.. اهتمام ضعيف وغياب يعرقل عمل الدفاع المدني

إليك أهميتها ودورها في درء المخاطر
انفوبلس..
رغم أهميتها التي تصل إلى إنقاذ حياة الأشخاص، ما زال الاهتمام بسلالم الطوارئ ضعيفاً في العراق، حيث مع كل حادثة يعود الحديث عن افتقار الأبنية لتلك السلالم أو منافذ الهروب، انفوبلس سلطت الضوء على هذا الموضوع وتناولته بالتفصيل في سياق التقرير الآتي.
حاجة ماسّة
مع كل حادثة حريق أو تسرب غاز، يعود الحديث مجدداً عن افتقار العديد من الأبنية، سواء الحكومية أو الأهلية، إلى سلالم إنقاذ أو منافذ هروب يمكن أن تحدث فارقاً في إنقاذ الأرواح خلال الحالات الطارئة.
ففي ظل غياب هذه الضرورات، تصبح فرص النجاة ضئيلة، وتتكرر المآسي المؤلمة التي كان بالإمكان تجنبها.
هذه المشاهد تتكرر رغم التحذيرات المستمرة، ما يسلط الضوء على الحاجة الماسة إلى تفعيل إجراءات السلامة، وتطبيق القوانين الصارمة على المباني المخالفة، وزيادة وعي المواطنين بآليات الإخلاء وتجنب السلوكيات العشوائية في لحظات الطوارئ.
بسماية إنموذجا
يؤكد رئيس قسم الإعلام في مديرية الدفاع المدني، نؤاس صباح شاكر، أن "قانون الدفاع المدني يشدد على ضرورة اتخاذ تدابير السلامة الخاصة بسلالم الطوارئ في المباني متعددة الطوابق، من حيث موقعها، مساحتها، وتصميمها، وذلك استناداً إلى طبيعة المبنى وعدد المتواجدين فيه".
ويقول شاكر في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "السلالم الواقعة قرب المصاعد أو على أطراف البنايات تُعتمد كمخارج طوارئ، بشرط أن تُعرض المخططات الخاصة بالمبنى على مديرية الدفاع المدني لغرض المصادقة، قبل الشروع بعملية البناء، مع التأكيد على تخصيص مراكز للدفاع المدني داخل المجمعات الكبيرة، كما هو معمول به في مدينة بسماية السكنية".
قانون 44
عدم التزام الجهات المالكة أو المشغلة بتنفيذ إجراءات السلامة، يؤدي إلى استدعائهم إلى جلسة فصل تُعقد داخل مقر المديرية، وتشبه المحكمة المصغرة، ويترأسها المدير العام للدفاع المدني، حيث يتم فرض غرامات مالية على المخالفين بحسب القوانين النافذة
ويؤكد شاكر، أن المديرية تسعى بشكل حثيث إلى تطبيق معايير السلامة العامة ومتطلبات الدفاع المدني وفقاً لأحكام قانون الدفاع المدني رقم 44 لسنة 2013، والذي يفرض إجراء كشوفات شاملة ومنظمة تشمل القطاعات الحكومية والخاصة والمختلطة، ويتم تنفيذ كشفين في كل عام.
ويوضح أن الكشف الأول يجري في النصف الأول من السنة، وتحديداً خلال الفترة من كانون الثاني إلى حزيران، حيث تُوثق الملاحظات الفنية والإدارية، من خلال استمارة رسمية يعدّها ضابط الدفاع المدني المسؤول عن المنطقة الجغرافية.
ويتعين على مالك أو شاغل المبنى أو المشروع التوقيع على هذه الاستمارة، التي تشمل توصيات تتعلق بأنظمة الإنذار المبكر، وأجهزة استشعار الحريق، ونظم الإطفاء الرطب والجاف، إضافة إلى توفير مطافئ الحريق، وتطبيق التعليمات الخاصة بمخارج الطوارئ، وإزالة المواد المحظورة كألواح "السندويج بنل" سريعة الاشتعال، وتغليف واجهات المباني المغلفة بمادة "الإيكوبوند" بطرق آمنة، وفق شاكر.
بعد ذلك، يتم إجراء كشف متابعة في النصف الثاني من العام، لتقييم مدى تنفيذ الملاحظات والتوصيات التي تم تسجيلها مسبقاً.
ويختم رئيس قسم الإعلام في مديرية الدفاع المدني، أن عدم التزام الجهات المالكة أو المشغلة بتنفيذ إجراءات السلامة، يؤدي إلى استدعائهم إلى جلسة فصل تُعقد داخل مقر المديرية، وتشبه المحكمة المصغرة، ويترأسها المدير العام للدفاع المدني، حيث يتم فرض غرامات مالية على المخالفين بحسب القوانين النافذة. وفي حال عدم حضور الطرف المعني، تُحال القضية على الجهات القضائية لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة.
الافتقار إلى سلالم الطوارئ
نحو 90 بالمئة من المشاريع العمرانية المنفذة من قبل القطاع الخاص، لا تخضع لأي نوع من التدقيق من قبل لجان فنية متخصصة بالسلامة أو الإنشاءات، ما يفاقم من ضعف البنية التنظيمية المتعلقة بمتطلبات السلامة
نسبة كبيرة من المباني في العراق، سواء كانت حكومية أو أهلية، تفتقر إلى سلالم الطوارئ أو تصاميم خاصة لمواجهة الكوارث مثل الحرائق والزلازل، رغم أن الأخيرة تُعد أقل شيوعاً في البلاد، وفق المهندس المعماري ليث نعيم.
ويقول نعيم في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن الكثير من هذه السلالم، إن وُجدت، تكون غير صالحة للاستخدام في لحظات الخطر، بسبب سوء التنفيذ أو الإهمال خلال مراحل التخطيط والإنشاء، ما يجعلها غير مطابقة للمعايير الهندسية الدولية الخاصة بالسلامة.
ويضيف أن غياب هذه السلالم يمثل خللاً جوهرياً في منظومة الحماية من الكوارث، ما يؤدي إلى تضاعف الخسائر البشرية والمادية في حال وقوع حوادث كبيرة، خصوصاً مع تزايد عدد الحوادث المرتبطة بالتماس الكهربائي وحرائق الصيف، التي غالباً ما تضرب الأبنية المكتظة.
ويوضح، أن تقريراً صادراً عن وزارة الإعمار والإسكان أشار إلى أن نحو 90 بالمئة من المشاريع العمرانية المنفذة من قبل القطاع الخاص، لا تخضع لأي نوع من التدقيق من قبل لجان فنية متخصصة بالسلامة أو الإنشاءات، ما يفاقم من ضعف البنية التنظيمية المتعلقة بمتطلبات السلامة، ويُظهر وجود فجوة واضحة في الإشراف الفني على المباني الجديدة.
ورغم خطورة هذه المشكلة، يرى نعيم أن معالجتها لا تزال ممكنة، من خلال تعزيز ثقافة السلامة وتفعيل أدوات الرقابة، خاصة عند إصدار رخص البناء، على أن تُربط بموافقات ملزمة من جهات معتمدة في مجال السلامة المهنية.
وأشار إلى أهمية اعتماد نماذج إقليمية ناجحة، مثل "تفتيش ما قبل الإشغال"، وهو الإجراء الذي يُشترط فيه خضوع المبنى لاختبارات إخلاء وسلامة صارمة قبل منحه رخصة التشغيل النهائية، وهو ما يُطبق حالياً في عدد من المشاريع الحديثة.
أهمية سلالم الطوارئ
وعن أهمية سلالم الطوارئ في العراق، فهي كثيرة لكن يمكن حصرها بعدة نقاط أبرزها:
ـ إنقاذ الأرواح في حالات مثل الحرائق، الهزات الأرضية، أو أي طارئ، وهنا تكون السلالم خط النجاة الوحيد، لاسيما في حال تعطل المصاعد أو انطفاء الكهرباء.
ـ ضرورية في المباني العالية، حيث توجد في العراق الكثير من العمارات والمجمعات التجارية الكبيرة، وسلالم الطوارئ هنا يجب أن تكون متوفرة بكل دور، وبأماكن واضحة ومفتوحة.
ـ ضرورة تفقدها وصيانتها باستمرار إذا كان السلم مسدودا أو غير صالح، كأنّه غير موجود أساساّ وهنا ينبغي على الجهات المسؤولة التأكد من سلامته، ويفضل أن تكون هناك تدريبات دورية للناس على استخدامه.
ـ ثقافة السلامة ليس فقط بناء السلالم، بلا لابد من زراعة ثقافة استخدامها وكيفية التصرف وقت الطوارئ.