"صابرين نيوز": أهم منصة إعلامية عربية تتصدر المشهد وتواجه تحديات الحظر

انفوبلس/ تقرير
في غضون سنوات قليلة، حجزت شبكة "صابرين" الإعلامية مكانها كواحدة من أبرز وأكثر الأصوات تأثيرًا في المشهد الإعلامي العراقي المتشابك. فبين تأسيس متسارع لمنصات متنوعة، وجمع مئات الآلاف من المشتركين، ومواجهة حظر حكومي مستمر، تُقدم "صابرين" قصة نجاح لافتة في عالم الإعلام الرقمي، وتحديًا مستمرًا لحرية التعبير في البلاد.
تأسيس متعدد المسارات: "صابرين نيوز"
انطلقت نواة "صابرين نيوز" بتاريخ 12 كانون الثاني/يناير 2020، في خضم تصاعد التوتر بين واشنطن ومحور المقاومة في العراق، لتكون شبكة تنقل رواية مغايرة لما تنشره المؤسسات الإعلامية المرتبطة بالغرب أو الجهات الرسمية.
تُعد "صابرين نيوز" القناة الرئيسية للشبكة، وتتصدر المشهد بأكثر من 720,751 مشتركًا. هذا العدد الهائل يؤكد مكانتها كواحدة من المصادر الإخبارية البارزة في العراق، وقدرتها على جذب متابعين يبحثون عن تغطية سريعة ومختلفة للأحداث.
وتتجلى قدرة القناة على جذب المتابعين في قدرتها على تقديم "تغطية سريعة ومختلفة للأحداث". ففي بيئة إعلامية تحتاج إلى السرعة والدقة، استطاعت "صابرين نيوز" أن تلبي هذا المطلب، مما جعلها وجهة مفضلة للكثيرين.
وعلى الرغم من التحديات التي قد تواجهها أي شبكة إعلامية في بيئة معقدة كالعراق، إلا أن الأرقام تتحدث عن نفسها: "صابرين نيوز" ليست مجرد شبكة إخبارية، بل هي قوة مؤثرة في الفضاء الإعلامي العراقي، تواصل جذب مئات الآلاف من المتابعين بتركيزها على الشأن المحلي وتقديم محتوى يلبي تطلعات جمهورها.
كما ومنذ لحظة انطلاقتها، لم تكن "صابرين" مجرد شبكة إعلامية؛ بل باتت أداة مقاومة. فقد وثّقت تحركات الاحتلال الأجنبي، وغطّت العمليات النوعية، وكشفت بجرأة قضايا فساد، وفضحت الكثير من صفقات التواطؤ السياسي.
هذه الشبكة لم تكن تقف عند حدود التغطية، بل تجاوزتها إلى بناء سردية وطنية سيادية، تدافع عن الحشد الشعبي، وتكشف تواطؤ بعض النخب مع المشاريع الخارجية. ولهذا السبب، لم تمر "صابرين نيوز" دون استهداف سنتطرق له لاحقا في هذا التقرير.
ومع التفاعل الشعبي العراقي والعربي المتزايد، جرى توسيع شبكة "صابرين" إلى منصات متخصصة ومتنوعة:
"صابرين بلس"
أطلقت شبكة "صابرين" الإعلامية منصة "صابرين بلس" بتاريخ 10 ديسمبر/كانون الاول 2021. جاءت هذه القناة كمشروع مكمل للمحتوى الإخباري الرئيسي الذي تقدمه "صابرين نيوز"، مع تركيز خاص على الجانب التعبوي وتحليل الأحداث بصيغة أكثر عمقًا، لا سيما القضايا التي تتجاوز الحدود العراقية كالأوضاع في غزة وغيرها من الشؤون الدولية.
واستطاعت "صابرين بلس" مؤخراً أن تجمع قاعدة جماهيرية لا يُستهان بها. وصل عدد مشتركيها إلى 109,173 مشتركًا. هذا الرقم يدل على قدرتها على تقديم محتوى يجذب "شريحة لا بأس بها من الجمهور المهتم" بالتحليلات العميقة والقضايا الدولية التي تغطيها المنصة.
ويُعد هذا النجاح في جذب المشتركين مؤشرًا على وجود طلب على هذا النوع من المحتوى المتخصص والتحليلي، خاصة في ظل التطور المستمر لوسائل الإعلام الرقمية التي تتيح للجمهور خيارات أوسع للحصول على المعلومة والتحليل.
"صابرين الرياضية"
في خطوة تؤكد على اتساع استراتيجيتها الإعلامية وتغطيتها لمختلف المجالات، أطلقت شبكة "صابرين" منصتها الجديدة "صابرين الرياضية" في فبراير/شباط 2023.
جاء هذا الإطلاق ليعزز حضور الشبكة حتى في المجالات التي تُصنف ضمن الخفيفة والترفيهية، مما يدل على رؤية أوسع تتجاوز التركيز على الأخبار السياسية والتحليلات العميقة.
رغم حداثة تأسيسها، استطاعت "صابرين الرياضية" أن تحقق نجاحًا ملحوظًا في جذب جمهور كبير من عشاق الرياضة. فقد تمكنت المنصة من جذب 52,826 مشتركًا، وهو ما يؤشر إلى نجاحها في اقتحام عالم الأخبار الرياضية واكتساب متابعين في هذا المجال الحيوي الذي يشهد اهتمامًا جماهيريًا كبيرًا في العراق والمنطقة.
إن إضافة "صابرين الرياضية" إلى مجموعة منصات الشبكة، التي تضم "صابرين نيوز" الإخبارية و"صابرين بلس" التحليلية، يبرهن على استراتيجية إعلامية شاملة تسعى لتغطية جميع جوانب اهتمامات الجمهور.
هذا التنوع يُعزز من مكانة شبكة "صابرين" كلاعب رئيسي في المشهد الإعلامي الرقمي العراقي، ويُمكنها من الوصول إلى شرائح أوسع من المتابعين، مؤكدة بذلك قدرتها على التكيف والنمو في بيئة إعلامية متغيرة.
"صابرين الاجتماعية":
أطلقت شبكة "صابرين" الإعلامية منصتها الجديدة "صابرين الاجتماعية" في 14 ديسمبر/ كانون الاول 2022. تهدف هذه المنصة إلى أن تكون "نافذة تواصل شعبي واسعة"، معنية بالتفاعل الجماهيري والنقاشات المجتمعية التي تهم الشارع العراقي.
ومثلت "صابرين الاجتماعية" إضافة نوعية لشبكة صابرين، حيث تكمل الأوجه الأخرى للشبكة المتمثلة في الأخبار السياسية والتحليلات العميقة والأخبار الرياضية. من خلال هذه المنصة، سعت صابرين إلى توفير مساحة للمواطنين للتعبير عن آرائهم، ومناقشة القضايا الاجتماعية التي تؤثر في حياتهم اليومية، وتبادل وجهات النظر حول مختلف التحديات والظواهر المجتمعية.
يُعد التركيز على "التفاعل الجماهيري" و"النقاشات المجتمعية" استراتيجية مهمة في الإعلام الرقمي الحديث، حيث يبحث الجمهور عن منصات تتيح لهم المشاركة لا مجرد التلقي. وسعت "صابرين الاجتماعية" مؤخراً إلى ملء هذا الفراغ، لتكون جسرًا بين الشبكة والشارع العراقي، ومرآة تعكس هموم وتطلعات المجتمع.
قرار الحظر.. والمعركة مستمرة
في ظل تصاعد تأثيرها، قررت الحكومة العراقية مؤخراً حظر منصتي "التأسيس بلس" و"صابرين الاجتماعية"، وهو قرار قرأه البعض بوصفه استجابة لضغوط خارجية، ومحاولة لتقويض الإعلام المقاوم والمحارب للفساد.
إن هذا الحظر يثير تساؤلات جدية حول مدى التزام العراق بحرية الصحافة والتعبير. ففي حين قد ترى الحكومة مبرراتها لهذا الإجراء، يرى النقاد ومنظمات حقوق الإنسان أن حظر المنصات الإعلامية، حتى لو كانت ذات توجه سياسي، يقوض مبادئ الديمقراطية وحرية تدفق المعلومات. يُجبر هذا الحظر الشبكة على البحث عن طرق بديلة للوصول إلى جمهورها، مما يدل على مرونة الإعلام الرقمي وقدرته على التكيف مع القيود.
وبرغم الحظر، لم تتراجع الشبكة، بل ازدادت انتشارًا. فقد حافظت على قنوات بديلة ووسائل تواصل ميدانية، واستخدمت التكتيك الرقمي لإعادة بناء جمهورها. كما الحظر لم ينجح في إسكاتها، بل رسّخ في أذهان المتابعين أن هذه الشبكة تمثل صوتًا مغايرًا لا ترغب بعض الأطراف ببقائه.
في رد مباشر على قرارات الحظر التي طالت بعض منصاتها، أكدت شبكة "صابرين" الإعلامية استمرارها في مسيرتها، ودعت جمهورها لمتابعتها على قناتها الاحتياطية. وذكرت الشبكة في ردها على الحظر: "مستمرون معكم في مسيرةٍ من نور الحقيقة وضياء المقاومة، في وقتٍ هيمن فيه الغرب وأدواته على الإعلام... تابعونا على القناة الاحتياطية".
دعم شعبي وجماهيري واسع
"صابرين" لم تُبنَ على أساس نخبوي؛ بل كانت قاعدتها جماهيرية، تغذت على نقمة شعبية تجاه الفساد، وعلى غضب متصاعد من الهيمنة الأميركية. ولهذا، كان من الطبيعي أن تجد دعمًا واسعًا في المحافظات الجنوبية، وبين جمهور الحشد والمقاومة، وحتى داخل أوساط النشطاء غير المنتمين سياسياً.
وباتت تغطياتها وتحليلاتها تُستخدم كمصدر إعلامي بديل لدى شريحة واسعة من الشباب، الذين فقدوا الثقة بالإعلام التقليدي المحسوب على السلطة أو القوى الخارجية.
وفي سياق محاولات الحكومة للسيطرة على تدفق المعلومات، خاصة تلك التي قد تُثير الرأي العام أو تُخالف الخط الرسمي، يُعتقد أن النشاط المكثف لشبكة صابرين على تيليجرام دفع بالسلطات العراقي مؤخراً لاتخاذ قرار الحظر الشامل للتطبيق.
إلى جانب اهتمامها بالشأن العراقي، لعبت شبكة صابرين دورًا كبيرًا وواضحًا في التظاهرات المساندة للقضية الفلسطينية في بغداد والمحافظات العراقية.
ولم تقتصر مساهمة "صابرين نيوز" على المعركة الإعلامية فقط؛ بل كان لها دور تعبوي ملموس في لحظات التصعيد، حيث كانت تبث النداءات والتعليمات الميدانية، وتنسّق عبر قنواتها حملات الدعم اللوجستي، وتُحشد الجماهير في اللحظات الحرجة.
وفي النهاية، فإن قصة "صابرين" ليست مجرد تجربة إعلامية، بل تعبير صريح عن تحول الإعلام من أداة تغطية إلى سلاح استراتيجي في معركة النفوذ والسيادة. وعلى الرغم من التحديات، يواصل هذا المشروع ترسيخ نفسه كأحد أبرز أعمدة "الإعلام المقاوم"، المدعوم من جمهوره، والمستهدف من خصومه، والفاعل في صناعة وعي جديد في عراق اليوم.