قرار رسمي باعتماد العباءة يُربك الجامعات.. لا قانون موحدا والضوابط متباينة داخليا

الزيّ الجامعي تحت المجهر
انفوبلس..
قرر مجلس محافظة بغداد، اليوم الثلاثاء، اعتماد "العباءة الزينبية" كزيٍّ رسمي معتمَد في العاصمة، في خطوة وُصفت بأنها تهدف إلى ترسيخ قيم الحشمة والوقار، لا سيما داخل القاعات الامتحانية.
وأعلنت هدى جليل العبودة، رئيس لجنة البيئة في المجلس، أن هذا القرار جاء بعد تقديم طلب رسمي لاعتماد العباءة الزينبية ضمن الزيّ المعترف به في بغداد.
وأوضحت، أن القرار يعكس "احترام القيم المجتمعية والدينية" ويعزز حضور العباءة كرمز للهوية الثقافية.
القرار يأتي في ظل تزايد الجدل حول ما يُعرف بالزيّ الجامعي الموحد، خاصة بعد تقارير عن منع بعض الطالبات من دخول القاعات الامتحانية في جامعات عراقية بسبب ارتدائهن العباءة، رغم ارتداء الزيّ الموحد تحتها.
تعليمات الزيّ الرسمي
ورغم وجود تعليمات سابقة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بشأن ضرورة الالتزام بالزيّ المحتشم والموحد، إلا أن تلك التعليمات – ومنها الكتاب الوزاري رقم 516 لسنة 2011 – لا تتضمن نصًا صريحًا يمنع العباءة.
وتُركّز التعليمات على أن يكون الزيّ “لائقًا” و”محترمًا”، مع السماح للجامعات بوضع تفاصيله الداخلية.
ويؤكد مختصون أن قرارات بعض الجامعات بحظر العباءة تستند غالبًا إلى تعليمات إدارية داخلية، وليست على أساس قانوني واضح، مما يفتح الباب أمام الطعن فيها قانونيًا، خاصة إذا كانت تتعارض مع مواد الدستور العراقي التي تضمن حرية الملبس والمعتقد.
القرار الجديد من مجلس محافظة بغداد قد يضع الجامعات أمام مراجعة شاملة لسياساتها الداخلية تجاه الزيّ، خاصة إذا طُبّق فعليًا كتشريع محلي نافذ.
منع ارتداء العباءة في جامعة آشور
وفي خضم الجدل الذي أثاره قرار مجلس محافظة بغداد باعتماد "العباءة الزينبية" كزيٍّ رسمي، تصاعدت وتيرة السجال داخل الوسط الجامعي بعد شكوى قدّمها عدد من طلاب كلية الصيدلة في جامعة آشور، عبّروا فيها عن احتجاجهم على ما وصفوه بـ"إساءة وتجاوز" تعرضت له بعض الطالبات بسبب ارتدائهن العباءة أثناء دخولهن القاعات الامتحانية.
وجاء في الشكوى التي نُشرت على منصات التواصل الاجتماعي، في أيار الماضي، أن رئيس الجامعة الدكتور محمد الأعرجي منع طالبات من أداء امتحانهن النهائي بتاريخ 30 نيسان 2025، بدعوى مخالفة العباءة للزيّ الجامعي، رغم التزام الطالبات بارتداء الزيّ الطبّي (اللّاب كوت) تحتها.
وذكر الطلاب، أن رئيس الجامعة استخدم أسلوبًا وصفوه بـ"القاسي والمجحف"، وتلفّظ بعبارات نابية بحق العباءة، ما أثار استياءً واسعًا بين الطلبة، مؤكدين أن الحادثة مسجّلة على كاميرات المراقبة.
واعتبر مقدمو الشكوى أن ما حدث يشكل "تجاوزًا على حرية المعتقد وخرقًا صريحًا للدستور العراقي"، مطالبين وزير التعليم العالي والجهات المعنية بالتدخل ومحاسبة المسؤولين.
جامعة آشور تنفي
في المقابل، نفت جامعة آشور تلك الاتهامات جملةً وتفصيلًا، مؤكدة في بيان رسمي أن ما تم تداوله "ادعاءات عارية عن الصحة"، مشددة على احترامها الكامل للخصوصيات الدينية والثقافية، وعلى رأسها العباءة الإسلامية.
وأوضحت أن ما جرى كان يتعلق بملاحظات إدارية حول الزيّ الرسمي في الامتحانات، وتم التعامل معها دون تمييز.
وأكدت الجامعة التزامها بتوجيهات وزارة التعليم العالي الداعية إلى احترام القيم الوطنية والدينية، داعية إلى "تحري الدقة وتجنب نشر الشائعات التي تُسيء إلى المؤسسات الأكاديمية".
الجدير بالذكر أن الحادثة تسلط الضوء على فجوة قائمة بين القوانين الرسمية، وقرارات بعض إدارات الجامعات بشأن الزيّ، في ظل غياب توجيهات واضحة تلائم التنوع الثقافي والديني في العراق.
صلاحية وضع ضوابط الزيّ
تجدر الإشارة إلى أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لم تُصدر قانونًا يُلزم الطلبة بزيّ موحّد، بل منحت الجامعات صلاحية وضع ضوابط الزي بما يتناسب مع خصوصيتها الأكاديمية والثقافية.
ويعود آخر توضيح رسمي بهذا الشأن، الى بيان أكدت فيه الوزارة أن لكل جامعة حرية اعتماد زي لائق، يُدرج غالبًا ضمن دليل الطالب أو التعليمات الداخلية.
ولا يوجد نص قانوني اتحادي يُجرّم ارتداء العباءة أو يحدّد شكل الزي الجامعي تفصيلًا، بل تخضع هذه الأمور لاجتهاد إدارات الجامعات، ما يفسّر التفاوت الكبير في التطبيق من جامعة لأخرى.