مسيرات شعبية واسعة تدعم تعديل "الأحوال الشخصية".. انفوبلس تكشف تفاصيل المدونة الشرعية
من سيكتبها؟ وكيف سيتم التعامل معها؟
مسيرات شعبية واسعة تدعم تعديل "الأحوال الشخصية".. انفوبلس تكشف تفاصيل المدونة الشرعية
انفوبلس/..
في بغداد وبابل والبصرة ومحافظات أخرى، خرجت تظاهرات شعبية تؤيد خطوة تشريع قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية، وذلك بعد الهجمة الشرسة التي شنتها بشكل مباشر السفيرة الامريكية لدى العراق الينا رومانوسكي وكذلك دول الاتحاد الأوروبي، ضد المضي بهذا التشريع.
*التظاهرات
ويوم أمس وقبلها، خرجت جماهير عراقية في محافظات متفرقة بينها بغداد وبابل والبصرة، حضيت بتغطية إعلامية ومساندة برلمانية تؤيد خطوة المضي بتعديل قانون الأحوال الشخصية وعدم الالتفات إلى نعرات المدفوعين خارجيا من أجل معارضة هذا التشريع الذي يتفق وما جاء في سنة الرسول الأعظم (ص).
*من سيكتب المدونة الشرعية؟
جدل أخذ يكبر ويتصاعد حول المدونة الشرعية ومَن الجهات التي ستكتب هذه المدونة، لكن عضو مجلس النواب رائد المالكي حسم جدل هذا الموضوع.
وقال النائب المالكي، إن "عملية صياغة المدونة ستتم مع مجلس القضاء الأعلى وبمشاركة مجلس الدولة العراقية".
وأضاف، "نحن نعتمد الصياغات الصحيحة، ولن نسير بشكل مخالف".
وبين، إن "المدونة لا تتضمن فقط أحكام الزواج وإنما كل مسائل الأحوال الشخصية ولكن وفق المنظور الشرعي".
وبحسب المالكي، فإنه قال: "تلقينا طلب شفوي من بعض ممثلي المكون السني والقوى السنية في البرلمان بأنهم لا رغبة لهم بوضع مدونة تخص الأحكام الشرعية لأتباع المذهب السني وأنهم يريدون الالتزام بالقانون الوضعي الحالي".
وأكد، إن "مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية يؤكد ولاية القضاء العراقي ولا ينتقص منها".
وتابع المالكي: "مقترح القانون لا يتضمن تفويضا تشريعيا للسلطة التنفيذية، وإنما سياق تشريع القوانين حسب الدستور إن تقدم مشروعاتها من الجهات القطاعية المتخصصة (مجلس الوزراء والوزارات)، ودواوين الاوقاف مرتبطة بمجلس الوزراء، وستقدم المدونة الشرعية بمشاركة مجلس القضاء ومجلس الدولة وبالاستعانة بأهل الاختصاص في علوم الشريعة والقانون".
وأتم بالإشارة إلى أن "المدونة الشرعية مواد قانونية شكلا موافقة لأحكام الشريعة مضمونا".
ما التعديلات الجديدة؟
وكان قانون الأحوال الشخصية في العراق قد أُقّر عام 1959 خلال عهد رئيس الوزراء آنذاك عبد الكريم قاسم، وهو قانون يسري على جميع العراقيين دون تمييز مذهبي حتى الآن، لكن التعديلات الجديدة تشير في إحدى فقراتها على أنه "يحق للعراقي والعراقية عند إبرام عقد الزواج أن يختار المذهب الشيعي أو السني الذي تطبق عليه أحكامه في جميع مسائل الأحوال الشخصية، ويجوز لمن لم يسبق له اختيار تطبيق أحكام مذهب معين عند إبرام عقد الزواج، تقديم طلب إلى محكمة الأحوال الشخصية المختصة لتطبيق أحكام الشرع على الأحوال الشخصية، وفق المذهب الذي يختاره ويجب على المحكمة الاستجابة لطلبهم".
وينص مشروع القانون على أنه "إذا اختلف أطراف القضية الواحدة في الأسرة بشأن تحديد مصدر الأحكام الواجب تطبيقها في طلبهم، فيعتمد الرأي الشرعي فيها"، كما يلزم التعديل الجديد "المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي والمجلس العلمي والإفتائي في ديوان الوقف السني بالتنسيق مع مجلس الدولة بوضع مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية وتقديمها إلى مجلس النواب للموافقة عليها خلال 6 أشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون".
ويشمل التعديل كذلك تصديق محكمة الأحوال الشخصية على عقود الزواج "التي يبرمها الأفراد البالغون من المسلمين على يد من لديه تخويل شرعي أو قانوني من القضاء أو من ديواني الوقفين الشيعي والسني بإبرام عقود الزواج، بعد التأكد من توافر أركان العقد وشروطه وانتفاء الموانع في الزوجين".
*انسجام مع الدستور
وبشكل عام، فإن خريطة القبول والرفض النيابي لتعديل القانون غير واضحة المعالم بشكل قطعي، ولكن عموماً فإن تعديل القانون يحظى بقبول شيعي متمثل بقوى الإطار التنسيقي في مجلس النواب فيما يجابه برفض من قبل قوى كردية كالحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الجيل الجديد، وكذلك مرفوض من قبل قوى سنية كحزب تقدم، فضلا عن الجبهة "المدنية" في البرلمان العراقي، أما بقية القوى فموقفها ضبابي تجاه التعديل ويرجح مراقبون بأنهم بانتظار تحديد الجبهة المنتصرة والانضمام إليها.
ويوم الثلاثاء الماضي، عقد العديد من أعضاء مجلس النواب مؤتمراً صحفيا أكدوا فيه أن تعديل قانون الأحوال الشخصية ينسجم مع الدستور.
وذكر بيان تمت قراءته في المؤتمر، أن "مقترح قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل، هو خيار غالبية واضحة لممثلي الشعب في مجلس النواب، وهو يمثل استجابة لمطلب شعبي يمثل ايضاً غالبية شعبية".
وأضاف، أنه "ينسجم مع احكام الدستور العراقي التي أُقرت المادة (2) (أولاً) منه، عدم جواز سَن القوانين التي تتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام ومبادئ الديمقراطية)، وكذلك يأتي تشريع هذا القانون تنفيذاً لحكم دستوري آخر ورد في المادة (41) من الدستور الذي نص على: العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية وحسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون وهو حكم ملزم شرعاً واخلاقاً، فضلاً عن كونه ملزم لأعضاء مجلس النواب في أداء دورهم التمثيلي وهو ايضاً بات وملزم للشعب والسلطات العراقية".
وشدد النواب في بيانهم: "نؤكد أن مسودة مشروع القانون قد ضمنت لجميع العراقيين بمختلف دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم اختيار الاحكام القانونية المنظمة لأحوالهم الشخصية من خلال منحها المواطن العراقي الخيار في تنظيم أحواله الشخصية وفق القانون الحالي أو اختيار إحدى المدونتين الملحقتين بمقترح تعديل القانون، وهذا من أكبر المصاديق التطبيقية لروح الديمقراطية ومبادئها".
وأكد النواب: "من هنا نؤكد على أهمية المضي بالإجراءات التشريعية للقانون والتزام أعضاء المجلس بثوابت الدين الإسلامي والقيم النبيلة للشعب العراقي ومبادئ الديمقراطية، بما يضمن الوفاء للشعب العراقي بكل مكوناته وأطيافه، كما أنه يضمن للقضاء التطبيق الدستوري السليم للأحكام القانونية في مسائل الأحوال الشخصية للمواطن العراقي دون التعارض مع أحكام الدين الإسلامي".
*ضغوطات دولية
وفي يوم الاثنين الماضي، كشف الإطار التنسيقي، حقيقة وجود ضغوطات خارجية من دول مختلفة لمنع مجلس النواب من تعديل قانون الاحوال الشخصية.
وقال النائب عن الإطار مختار الموسوي، إن "الأنباء التي تحدثت عن وجود ضغوطات خارجية لمنع مجلس النواب العراقي من تعديل قانون الاحوال الشخصية، غير صحيحة ولا توجد أي من تلك الضغوطات".
وبين الموسوي، إنه "حتى لو كانت هناك ضغوطات امريكية أو خارجية من أطراف مختلفة، فهي لن تستطيع منع مجلس النواب من هذا التعديل وأغلبية النواب في البرلمان من المكون الشيعي هم داعمون لهذا التعديل"، مشددا على أن "هذا التعديل سيمرر بهذه الاغلبية حتى لو قاطعت القوى السياسية السنية أو الكردية جلسة التصويت".
*تدخل خارجي
وفي إطار التدخلات الخارجية بالشأن العراقي الداخلي، فقبل نحو أسبوعين، كشف عضو اللجنة الخارجية النيابية، عباس الجبوري، قيام الاتحاد الاوروبي بتهديد العراق في حال عُدل قانون الاحوال الشخصية.
وقال الجبوري، إن "الاتحاد الاوروبي هدد العراق بفرض عقوبات وخفض مستوى العلاقات في حال تعديل قانون الأحوال الشخصية".
ويوم الإثنين الماضي، أكدت بعثة الاتحاد الاوروبي، ضرورة تطابق قانون الأحوال الشخصية العراقي مع القانون الدولي.
وذكرت البعثة في منشور لها على صفحاتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، أن "الاتحاد الأوروبي يعمل حالياً بتحليل المراجعة المقترحة لقانون الأحوال الشخصية"، مستدركة بالقول إنها "تتواصل مع الاطراف المعنية العراقية لمعرفة آرائهم واستخدام المعلومات المتاحة لهذا الغرض".
وأضافت: "نأمل أن يضمن المشرّعون التوافق بين النص المنقح والإطار القانوني العراقي والتزامات القانون الدولي، بما في ذلك عندما يتعلق الأمر بالاتفاقيات الدولية المصدق عليها".
وفي الرابع والعشرين من تموز الماضي، نشر السيد رشيد الحسيني تغريدة على صفحته قال فيها: "بعد المطالبة الحثيثة بإعادة النظر في فقرات قانون الأحوال الشخصية المجحف والبعيد عن ضوابط الدين الإسلامي لاحظنا بارقة أمل في تعديل فقرات هذا القانون بما يتلاءم مع الشريعة الإسلامية وقوانينها السماوية وفي هذا الشأن نشد على يد كل مسن يسعى الى إعادة صياغة فقراته بشكل متوافق مع الشريعة الإسلامية وذلك لضمان حقوق المؤمنين الذين تعرّضوا للظلم بسببه على مدار سنين طويلة ومع شديد الأسف طرق أسماعنا وجود بعض من باع ضميره وهويته الوطنية والمذهبية في سبيل إرضاء بعض الجهات والسفارات لإبقاء هذا القانون على حاله على الرغم من أنه مجحف لشريحة كبيرة متضررة منه".
وردا على تغريدة نشرتها السفيرة الأمريكية في العراق إلينا رومانوسكي، ذكرت فيها: "إننا نشعر بالقلق إزاء التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية العراقي والتي من شأنها أن تقوض حقوق المرأة والطفل، ونحن نحث العراقيين على الانخراط في حوار مدني يحترم بشكل كامل حرية الدين أو المعتقد وحقوق المرأة والطفل"، قال السيد الحسيني: "لم نُخطئ حينما قلما (سفارات!) ولم نتهم، إنما هذا هو الواقع للأسف".