مطار النجف يواصل بث أشرطة الفضائح.. السلامي يلجأ للقضاء والغزالي يكشف "المستور"

"اجلسوا مع اقتصادية الحكمة"
مطار النجف يواصل بث أشرطة الفضائح.. السلامي يلجأ للقضاء والغزالي يكشف "المستور"
انفوبلس/ تقارير
"اجلسوا مع اقتصادية الحكمة".. أربع كلمات تسببت بأزمة سياسية تدخلت على إثرها هيئة النزاهة الاتحادية، مطار النجف الأشرف يواصل بث أشرطة الفضائح، جلسة لمعالجة مكامن الخلل تتحول إلى قضية رأي عام.. ماذا يحدث؟ يتساءل هادي السلامي بغرابة! ثم يكشف جواد الغزالي كواليس حديث الـ30 ثانية، الجميع ينتظر التحقيقات، فما هي الخفايا؟
فيديو يتسبب بأزمة سياسية.. ماذا حدث؟
يوم أمس، زار أعضاء من مجلس النواب مطار النجف الأشرف، واجتمعوا مع المسؤولين فيه لبحث المشاكل العالقة وسبب عدم تواجد المدير لأكثر من شهر.
انعقدت بين الأطراف المذكورة جلسة، وبدأت النقاشات، حتى تفجرت الأزمة هنا، بعد مطالبة مسؤول الإعلام والعلاقات في المطار، النواب بالجلوس مع "اقتصادية تيار الحكمة" بغية تسوية المشاكل.
ووفق الفيديو المتداول والذي ورد لشبكة انفوبلس، فإن مسؤول الإعلام والعلاقات في مطار النجف الأشرف، خاطب النواب بالقول: "تريدون المطار يمشي؟ اكعدوا مع اقتصادية تيار الحكمة".
عقب هذه المخاطبة، حدث جدل قوي، وانتفض النائب هادي السلامي، وتوعد باللجوء إلى القضاء ووصف ما حدث بالكارثة.
السلامي خرج في فيديو عقب ما حدث، وأكد أنه سيلجأ إلى الأدعاء العام كون ما حدث يدل على فساد كبير، متسائلا "كيف لموظفين أن يطلبوا من النواب الجلوس والتفاوض مع الأحزاب؟".
خفايا الفساد في مطار النجف الأشرف
بعد ذلك، كشف رئيس الوفد البرلماني الذي زار مطار النجف الدولي، جواد الغزالي، عن وجود خروقات كبيرة في المطار، مشيراً إلى افتقار المطار لإدارة فاعلة وصلاحيات واضحة.
وقال الغزالي في تصريح صحفي تابعته شبكة انفوبلس، إن "المطار شهد تغييرات عدة في إدارته، بداية من شركة العقيق الكويتية التي فشلت في إدارة المطار، وصولاً إلى مجلس إدارة تابع للكتل السياسية في مجلس محافظة النجف. بعد حل هذا المجلس، تولى إدارة المطار مديرون من سلطة الطيران المدني، من بينهم عباس البيضاني الذي انفصل عن إدارة المطار قبل شهرين دون تعيين بديل له".
وأضاف، أن "غياب الصلاحيات المالية والإدارية للمسؤولين الحاليين أثّر على سير العمل، لافتاً إلى أن رواتب الموظفين غير مصروفة بسبب غياب مدير يملك صلاحيات كاملة".
كما أكد "حصولهم على معلومات عن وجود صفقات وفساد في إدارة المطار، وتمت مناقشة هذه القضايا مع رؤساء الأقسام الذين أكدوا محدودية صلاحياتهم".
وأشار إلى أن "مشادة كلامية وقعت بينه وبين معاون المدير خلال الزيارة، حيث تدخل أحد أعضاء الهيئة الإدارية واقترح الجلوس مع اقتصادية تيار الحكمة لحل المشكلة".
وبيّن الغزالي أن "هذا التصريح موثق بفيديو، وتسبب بانسحاب الوفد من الجلسة بعد مشادة بين العضو والنائب هادي السلامي".
وأكد أنه "لم يحصل على معلومات موثقة تثبت سيطرة اقتصادية الحكمة على المطار، مبيناً أن هذا التصريح صدر عن مدير الإعلام في المطار".
وشدد على "أهمية ضمان إدارة المطار بعيداً عن شبهات الفساد، مؤكداً أن المطار يشكل مورداً مالياً مهماً لمحافظة النجف التي لا تحصل على تخصيصات مالية كافية من الحكومة المركزية".
واختتم الغزالي بأن "الوفد قدم للهيئة الإدارية أكثر من 20 سؤالاً حول الخروقات المسجلة، وينتظرون إجابات عليها يوم غد الثلاثاء" معلنا "عن جولة تفتيشية ثانية تشمل البيوت السكنية، السيارات، مكاتب الفي آي بي، أقسام الصيانة والتدريب، والتي وصفها بأنها تعاني من الإهمال".
النزاهة تدخل على الخط وتفتح تحقيقا
توالت الأزمة بالتداعي، حتى أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة قبل قليل، مُباشرتهَا التحقيق في الأحداث والمُلابسات التي رافقت الاجتماع الخاص بمُناقشة واقع حال مطار النجف الأشرف الدوليّ.
وأكدت الهيئة في بيان مقتضب ورد لشبكة انفوبلس، أنها "واستناداً إلى توجيهات رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، باشرت باتخاذ الإجراءات التحقيقيَّة، فيما تم تداوله حول ما دار في اجتماعٍ خاصٍّ بمناقشة واقع حال مطار النجف الأشرف بحضور أعضاءٍ من مجلس النوَّاب عن المُحافظة".
صراع للسيطرة على المطار
بالعودة قليلا إلى الوراء، نجد أن هناك صراعا للسيطرة على مطار النجف الأشرف، إذ وفي ما يبدو أنه جزء من الصراع الإداري والسياسي للسيطرة على المطار، أصدر مجلس محافظة النجف قراره رقم 17، في الجلسة (10/6) في 16نيسان/ أبريل2024، بإعفاء علي أحمد حسن، من مهام إدارة مطار النجف، وتعيين حسين عباس مهنه، محله لمدة ستة أشهر.
وتضمن القرار كذلك، ربط المطار إدارياً بمحافظ النجف، وإخضاعه لإشراف مجلس المحافظة ورقابته، وإلزام مدير المطار الجديد بتقديم خطة تطويرية، ورؤية مستقبلية للمطار مع موازنة سنوية تعرض على مجلس المحافظة.
برر المجلس قراره، أنه لتنظيم عمل المطار والارتقاء بأداء إدارته، مع التذكير بأن مطار النجف هو مشروع استثماري، أبرمت عقده محافظة النجف مع جهة استثمارية سنة 2008، وأن أموال إنشائه صُرفت من ميزانية تنمية الإقليم الخاصة بالمحافظة، والتي بلغت أكثر من 103 مليارات دينار، تعادل الآن ( نحو 80 مليون دولار).
جاء ذلك إثر عدم تنفيذ توصيات لجنة الأمر الديواني (23611) في 31/1/2024 بتسليم المطار الى مجلس محافظة النجف من سلطة الطيران المدنية. وقرار المجلس نجمت عنه ردود فعل متباينة، بدأت من المطار ذاته، إذ رفض مدير المطار المقال تنفيذ القرار وتسليم مهام عمله للمدير الجديد، لكونه لم يصدر من مرجعه أي سلطة الطيران المدني، وحدث اشتباك بالأيدي بينهما وتدخل فيه أعضاء من مجلس المحافظة.
مجلس المحافظة أمهل في أعقاب ذلك، الحكومة المركزية ومحافظ النجف مدة 24 ساعة لتنفيذ قراره وتسليم المطار للإدارة الجديدة، وتوجه قائد شرطة المحافظة مدعوماً بقوة أمنية كبيرة يوم 17/4/2024 لاستلام المطار من المدير المقال علي أحمد حسن الساعدي.
عشيرة الساعدي تدخلت للوقوف معه، وأصدرت بياناً في 17/4/2024، ذكرت فيه أن هنالك استهدافاً شخصياً لمدير المطار، وطالبت المرجعية الدينية للتدخل لحل الموضوع، وأكدت عشيرة السواعدة في بيانها أنها ستقف مع القانون في حال وُجد فساد مالي أو إداري في المطار.
أمهلت العشيرة الحكومة المركزية لغاية الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم التالي لحل الأمر والإبقاء على المدير السابق في منصبه، وحذر البيان من أن أي اعتداء يقع على شخص الساعدي، أي مدير المطار المقال، “سيكون اعتداءً على عشيرة السواعد عامة، واستهدافه سيؤثر على مستقبل العلاقة في محافظة النجف”.
رئاسة مجلس الوزراء أصدرت لحل المشكلة ومنع تفاقمها، أمرها الديواني المرقم 24154 في 18 نيسان/أبريل 2024، بتأييد قرار مجلس محافظة النجف، بإعفاء المدير السابق، لكنها قررت تكليف د.عباس صبار غالي، مدير عام الشركة العامة لإدارة المطارات والملاحة الجوية بمهام تسيير أعمال المطار لحين تسمية مدير آخر بدلاً عنه.
تورط الأحزاب.. وقصة شركة "العقيق"
أُنشئ مطار النجف الأشرف على قاعدة عسكرية بتكلفة بلغت 50 مليون دولار، خُصصت من ميزانية تنمية الأقاليم الخاصة بمحافظة النجف، وافتُتح في 20تموز/ يوليو 2008، وكان حينها نوري المالكي رئيساً للوزراء.
ومذاك، أصبح مسرحاً للتجاذبات والصراعات السياسية بين الإدارة المحلية للمحافظة والحكومات الاتحادية المتعاقبة، لكونه أحد مصادر الإيرادات المالية المهمة في النجف.
وكانت المحافظة منحت حق إدارة المطار وتشغيله إلى شركة العقيق الكويتية لمدة خمسة أعوام، على أن تستثمر الشركة خلال هذه المدة 50 مليون دولار من أموالها في إكمال متطلبات تشغيل المطار (أجهزة ملاحية ومعدات أرضية وشركة أمنية وسياج أمني ورخص تشغيل) وأن تكون الأرباح مناصفة بينها وبين محافظة النجف.
وفي العام 2011، وقع صراع بين مجلس محافظة النجف وشركة العقيق، فادعى الأول أن الشركة لم تنفذ بنود العقد الخاص بها، أما الشركة فادعت أن المحافظة تقيدها فلا تستطيع تنفيذ خططها التطويرية، وتوقفت بسبب ذلك عن تشغيل المطار وطالبت باسترداد مستحقاتها البالغة 50 مليون دولار مع فوائد للفترة الزمنية التي استغرقتها في العمل، وفي عام 2012 لجأت الشركة إلى التحكيم الدولي لاسترجاع حقوقها.
وعادت شركة العقيق في كانون الأول/ ديسمبر2022، لتقيم دعوى قضائية ضد محافظ النجف الأسبق، ماجد الوائلي متهمة إياه بسرقة أموالها، وعدم إنهاء التسويات المالية بين الطرفين.
أسباب ترك شركة العقيق للمطار
عضو مجلس محافظة النجف أكرم شربة، يكشف عن أسباب ترك شركة العقيق للمطار، بقوله “حجم الفساد المالي في عملية إدارته يكاد لا يصدق، فشركة العقيق التي من المفترض أن تشغل المطار اصطدمت بحيتان الفساد التابعين للأحزاب، والتي نهبت واردات المطار، وسيطرت على الحسابات”.
في غضون ذلك، كان هنالك صراع نفوذ متفاقم للسيطرة على مطار النجف بين الأحزاب السياسية، وقد اتضح بنحو جليّ بعد إصدار القضاء العراق في عام 2021، حكماً بالحبس الشديد لمدة 4 أعوام بحق مدير مطار النجف السابق جواد عبد الكاظم الكرعاوي، المعروف بـ”أبو أكثم”، بتهمة تلقيه رشاوى تتعلق بعقود استثمارية خاصة بالمطار، ثم حُكم عليه مرة أخرى بالحبس لأربعة أعوام أخرى على خلفية قضية عقد المدرج الجديد في المطار، ليصبح مجموع الأحكام 8 أعوام.
ما علاقة التيار الصدري وحزب الدعوة؟
ويُعد “أبو أكثم” واحداً من قيادات التيار الصدري،، وهذا الأخير كان أصدر بيانا سنة 2017، بعد نشر هيئة النزاهة معلَمات تعلقت بحجم الفساد في إدارته للمطار.
وفي 16تموز 2023، أصدرت محكمة تحقيق الكرخ الثانية، أمر قبض بحق رئيس مجلس محافظة النجف السابق، فايد الشمري استناداً إلى أحكام المادة (331) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، والتي تتعلق بجرائم الفساد والإضرار بالمال العام.
والشمري، يُعد أحد قياديي حزب الدعوة الإسلامية، وهو خارج العراق منذ نحو ثلاث سنوات، وصدرت ضده الكثير من الأحكام القضائية غير المنفذة، بقضايا تتعلق بالفساد وهدر للمال العام بلغت تكلفتها أكثر من 600 مليون دولار، أثناء توليه رئاسة مجلس إدارة مطار النجف الدولي.
ومن أبرز ملفات الفساد التي تورط بها الشمري، عقود الإعمار والترميم التي بلغت قيمتها المعلنة 72 مليون دولار، فيما تبين أن التكلفة الحقيقة كانت 22 مليون دولار فقط، وعلى سنوات عدة من التأهيل، بحسب مصدر برلماني في لجنة النزاهة النيابية.
وأضاف المصدر قائلاً: “الكرعاوي وأعضاء مجلس المطار السابقين فايد الشمري وحسين الزاملي وكريم خصاف وخالد الجشعمي، كانوا يستلمون آلاف الدولارات كرواتب شهرية من إدارة المطار، بالإضافة الى تحويلهم مشاريعه الى حساب شركاتهم الخاصة”.