وزارة الاتصالات تحجب موقع (ABC) وتتسبب بجدل واسع.. تراشق في البيانات يحسمه القضاء بوثيقة مهمة
انفوبلس/ تقارير
ضجّة واسعة عقب قرار وزارة الاتصالات حجب موقع وكالة ABC الإخبارية، وجدل كبير بين من يرى أن الوزارة لا تملك صلاحية الحجب وبين تمسك الأخيرة بقرارها، ووسط تراشق في البيانات تطورت القضية ووصلت لمجلس القضاء الذي سرعان ما حسمها وحظي قراره بتأييد كبير، فما الذي قرره القضاء؟ وما أسباب وأسرار حجب الوزارة هذا؟ إليك كامل التفاصيل وأبرز ما تحدثت به النائبة سروة عبد الواحد بهذا الشأن.
ماذا حدث؟
قبل أيام، أقدمت وزارة الاتصالات على حجب موقع وكالة abc الإخبارية، فيما بررت ذلك بأن الوكالة غير مرخصة.
وعقب الحجب، استنكرت رئيسة كتلة الجيل الجديد النائبة سروة عبد الواحد، ما وصفته بالإجراءات التعسفية لوزارة الاتصالات لتكميم الأفواه من خلال إغلاق المواقع الإخبارية.
وتابعت عبد الواحد، "حيث تم وفقاً لتوجيهات الوزارة حجب موقع وكالة abc الإخبارية في الوقت الذي تترك وزارة الاتصالات سرقات شركات الإنترنت والاتصالات وتركض وراء الإعلام الذي كفل الدستور حقه في حرية التعبير عبر المادة ٣٨".
ووجهت عبد الواحد رسالة إلى وزارة الاتصالات وهيئة الإعلام جاء فيها، "لا يحتوي الدستور أو قانون المحكمة الاتحادية على أي نص يمنح رئيس المحكمة الحق في إصدار توجيهات بحجب مواقع إلكترونية، تصرفكم هذا يضعكم أمام المساءلة القانونية".
وزارة الاتصالات: الوكالة غير مرخصة
عقب ذلك، وبعد الجدل الكبير الذي تسبب به الحجب، أصدرت وزارة الاتصالات، يوم أمس، بيانا فيه أوضحت ملابسات ما جرى، وبررت قرار الإغلاق بأن الوكالة غير مرخصة.
وجاء في بيان الوزارة، "إشارة لما تداولته بعض وسائل الإعلام بخصوص حجب المواقع وما رافقه من تهويل وعدم دقة، تود وزارة الاتصالات التوضيح للرأي العام أنها ملتزمة بالقانون والتعليمات النافذة وأن الحجب يتم وفقاً لقرارات قضائية باتة وملزمة أو طلبات رسمية من هيئة الإعلام والاتصالات او الأجهزة الأمنية او الجهات العليا في الحكومة او البرلمان، لأن الوزارة جهة فنية تنفيذية فقط تمتلك الاجهزة اللازمة للحجب وليست هي من يتخذ القرار بحجب المواقع من عدمه".
وأوضحت، أن "قناة (عربيةABC) غير مرخصة أصولياً بحسب الموقف الرسمي الوارد إلينا من هيئة الإعلام والاتصالات".
الوكالة ترد على بيان الاتصالات: يحمل مغالطات واضحة
بعد بيان الوزارة، ردت وكالة (ABC عربية) في بيان لرئيس تحريرها سالم الشيخ زاجي على ما حدث، وقال إن أسرة تحرير وكالة ABC عربية الإخبارية تود أن تلفت انتباه السلطات الثلاث وعلى رأسها السلطة القضائية ومتابعيها إلى أنَّ ما ورد في بيان وزارة الاتصالات حول حجب موقع الوكالة يحمل مغالطات واضحة وتشويهًا للحقائق، ويعدُّ محاولةً لإيهام الرأي العام عبر نشر معلومات غير حقيقية.
وأضاف، "تحتفظ الوكالة بحقِّها القانوني في مقاضاة كلِّ من يحاول نشر الأكاذيب حول أصل الموضوع. ونسجِّل فيما يلي ملاحظاتنا حول ما ورد في البيان:
أولًا: القضاء العراقي أقرَّ أنَّ حجب المواقع الإلكترونية لا يدخل ضمن اختصاص وزارة الاتصالات، مِمَّا يضع الوزارة في موقف مخالف لقرارات السلطة القضائية، ويمثِّل تحديًا للقضاء، وهو مؤشِّر يتطلَّب تدخُّلًا عاجلًا ومحاسبة المسؤولين عن ذلك.
ثانيًا: نؤكِّد أنَّ ABC عربية وكالة مرخَّصة ومعترف بها من قبل نقابة الصحفيين العراقيين، وفق الإجازة المرقَّمة 2004، مِمَّا يثبت قانونية وجودها وبطلان الإجراء التعسُّفي للوزارة بحقِّها.
ثالثًا: يبدو أنَّ بيان الوزارة يحاول توجيه اللوم نحو هيئة الإعلام والاتصالات، في حين كان من المفترض أن تتَّبع الوزارة الطرق القانونية السليمة بإرسال كتاب رسمي لتوضيح أسباب الحجب، إن كان هناك كتاب رسمي من الهيئة أصلًا، وهو ما نشكِّك في وجوده.
وتابع رئيس تحرير الوكالة، "كما نؤمن أنَّنا نعيش في ظل دولة مؤسَّسات، حيث ينبغي لوزارة الاتصالات أن تتَّخذ السبل الإدارية بنشر أسباب الحجب ومخاطبتنا حول ذلك، أو في الأقل إيضاح الإجراءات التعسُّفية التي اتَّخذتها ضد وكالتنا".
وعبّر زاجي عن "استغرابه من عدم تمييز وزارة الاتصالات بين القنوات الفضائية والوكالات الإخبارية، حيث تقول في بيانها إنَّ ABC عربية قناة، في حين أنَّها وكالة إخبارية لها جمهورها ومتابعوها، وتعمل منذ عامين في الوسط الإعلامي العراقي، وقد سعت منذ تأسيسها إلى دعم النجاح وفضح الفساد والفشل أينما وُجد، دون انحياز لأية جهة على حساب أخرى".
وختم، "نؤكِّد ثقتنا بالقضاء العراقي كمرجعٍ أعلى يسهر على تطبيق الدستور والقانون، كما عهدناه دائمًا. وقد رفعنا سابقًا دعويين قضائيتين ضد وزارة الاتصالات، ونحتفظ بحقِّنا القانوني في الردِّ على كلِّ ما ذكرته في بيانها من معلومات مغلوطة".
القضاء يجرّد وزارة الاتصالات من صلاحية حجب المواقع والوكالات
تطور الأمر حتى وصل إلى مجلس القضاء الأعلى، حيث ردت هيئة الإشراف القضائي في المجلس، أمس الثلاثاء، على استفسار النائب سروة عبد الواحد بخصوص حجب الوكالات والمواقع الإعلامية، العاملة في العراق.
وأوضحت الهيئة في وثيقة وردت لشبكة انفوبلس، أن "وزارة الاتصالات لا تملك صلاحية حجب الوكالات والمواقع الإعلامية العاملة في العراق في حال ارتكابها مخالفات قانونية، مشيرة أن "الجهة الوحيدة المخولة قانونيا لاتخاذ مثل هذه القرارات هي هيئة الإعلام والاتصالات".
وأشارت إلى، أن "رئيس هيئة الإعلام والاتصالات هو الوحيد الذي يمتلك صلاحية إصدار قرار الحجب استنادا إلى الأمر التشريعي رقم (65) لسنة 2004 النافذ، وبموجب الصلاحيات الممنوحة له بموجب القسم (1/9) من ذات الأمر”.
وتابعت، إن "أي قرار صادر عن الهيئة يمكن الطعن فيه أمام مجلس الطعن في الهيئة خلال فترة (30) يوما من تاريخ صدور القرار، وفقا للقسم (5/8) من الأمر التشريعي نفسه”.
سروة عبد الواحد: قرارات وزارة الاتصالات باطلة
بعد قرار هيئة الإشراف القضائي أكدت سروة عبد الواحد، أن ذلك القرار يعني أن قرارات وزارة الاتصالات باطلة، لأن الجهة التي لها علاقة هي هيئة الإعلام والاتصالات وقراراتها غير باتة ويمكن الطعن بها أمام مجلس الطعن في الهيئة خلال ٣٠ يوماً من صدور القرار.
وقالت عبد الواحد في تدوينة على منصة إكس، "شكراً للقضاء، ومبارك للجهات الإعلامية، فبعد اليوم وبموجب هذا القرار القضائي أمنتم شرَّ وزارة الاتصالات، والأفضل لها تحسين خدمة الإنترنت والاتصالات".
مركز النخيل يشيد بالقرار القضائي
إلى ذلك، أشاد مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية، بالقرار القضائي الذي جرّد وزارة الاتصالات من صلاحية حجب المواقع والوكالات الإعلامية.
وقال المركز في بيان ورد لشبكة انفوبلس، "يثمن مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية، قرار هيئة الإشراف القضائي بعدم صلاحية وزارة الاتصالات في حجب المواقع والوكالات الإعلامية كونه من اختصاص هيئة الإعلام والاتصالات، وأن قرارها قابل للطعن خلال 30 يوماً من تاريخ صدوره".
وأضاف "في الوقت الذي يشيد المركز بهذه الخطوة المهمة من قبل القضاء العراقي الموقر، فإننا نعدها خطوة مهمة لقطع الطريق أمام بعض الجهات الحكومية التي تسعى جاهدة لتطويع واستغلال النصوص القانونية في تكميم الأفواه واستهداف الرأي الآخر".