تأكيد لأصالة الحضارة العراقية.. اكتشاف مدينة أثرية في محافظة واسط تعود إلى العصر البابلي تمثل حقبة مزدهرة قبل أكثر من 8 آلاف عام
انفوبلس/..
كشفت وزارة الثقافة والسياحة والآثار، عن مدينة أثرية عمرها نحو 8 آلاف سنة قبل الميلاد شرق العراق.
وقال مدير قسم التحريات الأثرية في الهيئة العامة للآثار والتراث في الوزارة أحمد عبد الجبار خماس في تصريح صحفي، أن "أعمال المسح الأثري المحلية توجد حالياً في محافظة واسط وحددت مدينة (مالكيوم) إحدى مدن العصر البابلي المهمة وتحديدها بدلالة النصوص المسمارية المنتشرة على الطابوق الآجر التي تشير إلى اسم المدينة، والملك الذي بناها.
وبحسب الهيئة العامة للآثار والتراث، فإن "الموقع يسمى (كلياسة)، ويرجع تاريخ المدن بين 7-8 آلاف سنة قبل الميلاد، مما يؤكد قِدَم وأصالة الحضارة العراقية".
وبين خماس، أن "99 بالمئة من المواقع الأثرية عبارة عن تلول من أطلال المدن والقرى التي تم إنشاؤها من الطين سابقاً، وتختلف ارتفاعاتها تبعاً للمستوطنات القديمة، حيث يتم الاستدلال إليها من خلال العثور على القطع الفخارية والأبنية".
وأكد، أنه "يتم تسجيل المواقع الأثرية وأعمال المسح الشامل للمحافظات بإعلانها في جريدة الوقائع لإكسابها الصفة الرسمية والالتزام بحمايتها من التجاوزات الرسمية أو المواطنين".
وأضاف، أن "المسح الأثري الأجنبي يقتصر على بعثات قليلة، منها البعثة الإيطالية في واسط وذي قار، بينما تهتم أغلب الفرق بأعمال تنقيب الآثار وتختلف نتائجه عن المسح الأثري، حيث يشمل هذا النوع مساحات واسعة من أراضي المحافظات، إذ قد تسجل مواقع أثرية تتمثل بالمدن ولا يمكن الجزم بتسميتها إلا من بعد التنقيب واكتشافها بالنصوص أو الدلالات التاريخية".
وتابع خماس، أن "أعمال المسح الأثري يرتبط بها عدد من الإجراءات من تسجيل المواقع وتحديد الحراسة عليها، حيث نعاني من قلَّة عدد الحمايات الأثرية لاسيما من أهالي المدن المكتشفة لحراسة التلول، وحدوث صراعات مع المتجاوزين من المواطنين وحتى الجهات الرسمية التي قد تكون زراعية أو صناعية، ولا يمكن تسييجها بسبب قلَّة التخصيصات وقد تكون معدومة".
ولفت إلى "زيادة أعمال النبش من قبل سرَّاق المواقع الأثرية في المحافظات وانعكاسها سلبياً على الواقع الآثاري".
بعثات تنقيب جديدة
أكدت الهيئة العامة للأثار والتراث في وزارة الثقافة والسياحة والآثار قدوم بعثات دولية جديدة للتنقيب في المواقع الأثرية بالإضافة إلى تلك العاملة حاليا.
وقال رئيس الهيئة الدكتور ليث مجيد حسين في حزيران 2023، أن "البعثات الجديدة هي البعثة الفرنسية التي تعاود العمل في خورسباد شمال مدينة الموصل والبعثة الإيطالية التي تبدأ أعمال الصيانة في منطقة عكركوف وسلوقيا في المدائن في حين تتولى البعثة الأمريكية التنقيب في نفر بمحافظة الديوانية".
وأشار إلى عمل البعثة الألمانية التي تباشر أعمالها في بابل الأثرية بعد تقديم دراسات علمية مؤكَّدة للتغلب على مشكلة المياه الجوفية فيها.
وكشف مدير عام دائرة التحريات والتنقيبات، علي شلغم، في وقت سابق، عن قيام كوادر مفتشية آثار وتراث واسط بالتعاون مع مراقبية آثار الدجيلي، بتوثيق مدينة واسط الأثرية ومجرى نهر دجلة القديم بتقنية الصور الجوية باستخدام طائرة درون (Drone).
وقال شلغم، إن "فريق التوثيق قام بإعداد تقرير وشروحات مفصلة عن تاريخ المدينة وأهميتها، موضحا أن تلك الجهود تأتي من أجل إعداد ملف إدراج المدينة على لائحة التراث العالمي، فضلا عن رفع مجموعة من التوصيات التي أكدت على ضرورة تسييج المدينة وصيانتها بالشكل الذي يُسهم في الحفاظ عليها من فعل العوامل المناخية وتقادم الزمن، فضلاً عن منع وقوع أي تجاوزات مستقبلية عليها".
أبرز معالم واسط الأثرية
وتُعد واسط مدينة تاريخية، ازدهرت خلال العصور الوسطى، وتقع المدينة التاريخية في الوقت الحاضر إلى الجنوب الشرقي من مدينة الكوت مركز محافظة واسط بحدود 65 كيلومتراً، وإلى الشمال الشرقي من مدينة الحي بحدود 20 كيلومتراً ضمن أراضي المنارة، وأُعلن عن أثرية المدينة في الجريدة الرسمية الوقائع العراقية عام 1935.
ومن أبرز المعالم الأثرية في المدينة هي "منارة الحجاج" او "بوابة المدرسة الشرابية" التي تُعد واحدة من أهم الآثار في محافظة واسط العراقية، وترتفع نحو11 مترا وهي في القسم الشرقي من المدينة وتمثل بقايا بوابة المدرسة الشرابية في واسط.
وكذلك من المواقع الأثرية في المدينة، موقع "تل البقرات" الواقع في قضاء الأحرار 30 كم جنوب غرب مدينة الكوت، عبارة عن ثلاثة تلول هلالية الشكل تشغل مساحة واسعة من الأرض ويصل ارتفاعها إلى 7م، وتضم العديد من الآثار المكتشفة حديثاً منها زقورة ومعبد وبعض الوحدات السكنية وأختام أسطوانية، وأوانٍ وأقداح وجِرار فخارية ورُقُم طينية، وجميعها تعود إلى العصر البابلي الحديث، وتم اكتشاف تلك الآثار على يد فرق التنقيب الايطالية التي باشرت البحث منذ عام 2009م برئاسة المنقّب كارلو ليبوليز من جامعة تورينو الإيطالية.