مسلسل "النقيب" يحكي قصة البطل العراقي حارث السوداني ودوره في إحباط هجمات التكفيريين

انفوبلس..
مسلسل "النقيب" أول إنتاج درامي أمني عراقي يُعرض في شهر رمضان، ويشكل خطوة نوعية في تجسيد البطولات الوطنية وقصص الشجاعة التي خلّدها تاريخ العراق الحديث، مبنياً على قصة النقيب (حارث السوداني)، الضابط الذي أصبح رمزاً للتضحية والبطولة، والمعروف بلقب "صياد الدواعش"، إذ تمكن من اختراق صفوف التنظيم الإرهابي وجمع معلومات استخباراتية حيوية ساهمت في إحباط مئات الهجمات وتفادي وقوع خسائر بشرية فادحة.
ويستعرض العمل الدرامي بأسلوبه المشوِّق والدقيق الظروف الصعبة التي مرَّ بها حارث السوداني وزملاؤه في صفوف القوات الأمنية، مما يجعل منه سرداً واقعيّاً لتفاصيل معارك المقاومة ضد الإرهاب.
وتظهر دراما المسلسل، تكامل الجهود والتضحيات التي بذلتها الأجهزة الأمنية، حيث يسلط الضوء على روح الفريق والتعاون الوطني في مواجهة التحديات الكبيرة.
من خلال سيناريو محبوك وإخراج مُتقَن، يسعى "النقيب" إلى إعادة إحياء الذاكرة الوطنية وإبراز القيم الإنسانية التي تجمع العراقيين في زمن الأزمات، كما يُقدِّم العمل صورة واقعية لتفاصيل الحياة العسكرية والتكتيكات الأمنية التي اتُبعت لمواجهة التنظيمات الإرهابية، مما يمنح المشاهد فرصة للتعرف على خلف الكواليس الجوانب الصعبة والمعارك الخفية التي خاضها أبطال الأمن في سبيل حماية الوطن.
وبهذا الأسلوب الفني الراقي، لا يُعدُّ المسلسل مجرد عمل ترفيهي، بل هو شهادة حية على صمود الوطن وتضحيات أبطاله الذين لم يدخروا جهداً في سبيل أمن واستقرار العراق.
إعادة رسم ملامح القصة
وفي ملحمة التحرير ضد الإرهاب، سطّر أبناء العراق بطولات خالدة، حيث كانت لكل معركة قصة، ولكل بطل حكاية تُروى للأجيال، ومن بين تلك الحكايات المضيئة، تبرز سيرة الشهيد البطل، النقيب حارث السوداني، الذي أصبح رمزاً للشجاعة والتفاني، وواحداً من أعظم رجال الاستخبارات الذين واجهوا تنظيم داعش الإرهابي من داخل صفوفه.
نجح السوداني في تنفيذ عمليات استخباراتية دقيقة، مكّنته من إحباط العديد من المخططات الإرهابية، إذ تمكن من القضاء على عشرات الانتحاريين، والسيارات المفخخة، إلى جانب تفكيك أعداد هائلة من العبوات الناسفة والمتفجرات التي كانت تستهدف أرواح الأبرياء، بمهمة محفوفة بالمخاطر، لكنها لم تزده إلا عزماً وإصراراً على حماية وطنه.
وتكريماً لبطولته وتخليداً لذكراه، جاء مسلسل "النقيب" ليُعيد رسم ملامح هذه القصة الاستثنائية، ويعرض تفاصيل التحديات التي واجهها هذا البطل في حربه السرّية ضد الإرهاب، تم إنتاج هذا العمل ضمن المبادرة التي أطلقها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لدعم الدراما العراقية، ليكون شاهدًا على تضحيات أبطال الأمن العراقي، ولتظل قصة الشهيد النقيب حارث السوداني محفورة في وجدان الوطن، يرويها الزمن للأجيال القادمة.
تجسيد الشخصية كان تحديًا استثنائيًا
تحدث الفنان حيدر أبو العباس، بطل مسلسل "النقيب"، عن تجسيده لشخصية الشهيد حارث السوداني، قائلًا: "مسلسل (النقيب) قد يكون الأول والأهم من نوعه في الدراما الاستخباراتية، حيث لم يُنتج أي عمل درامي سابقًا يجسّد بطولات الاستخبارات العراقية بعد عام 2003".
وأضاف: "أُجسد في المسلسل شخصية الشهيد البطل حارث السوداني، الذي استشهد على أيدي عصابات داعش الإرهابية بعد أن نجح في اختراق صفوفهم ضمن عملية استخباراتية دقيقة، تمكن خلالها من الإطاحة بالعديد من الشبكات الإرهابية التي كانت تخطط لاستهداف الأبرياء العراقيين، لكنه استشهد بعد أن كُشفت هويته لدى الإرهابيين".
وأشار إلى أن "المسلسل كُتب منذ عام 2018، وبعد موافقة لجنة منحة رئيس الوزراء لدعم الدراما، دخل ضمن المنافسة مع الأعمال الدرامية الأخرى، ليكون من أبرز إنتاجات اللجنة".
وبيّن أبو العباس: "قضيت ستة أشهر في البحث والتدقيق، حيث التقيت بأصدقاء الشهيد وبعض أفراد أسرته، واطلعت على أسلوب حياته، عاداته، حركاته، طريقة كلامه ومشيته، وحتى حيثيات استشهاده، وذلك حتى أتمكن من تقمص هذه الشخصية الشجاعة بصورة كاملة. ومع مرور الوقت، شعرت وكأنني أصبحت حارث دون أن أُدرك، ضمن مجريات الأحداث الدرامية".
وأكد، أن "المسلسل يقدم قضية وطنية بعيدًا عن التزييف، ويستعرض أحداثًا واقعية تقشعر لها الأبدان، ضمن سياق درامي مؤثر يستحضر التضحيات العظيمة لأبطال العراق".
تخليد لبطولات الأمن العراقي
من جانبه، صرّح وديع نادر، مدير الدراما في شبكة الإعلام العراقي، قائلًا: "ضمن مبادرة منحة رئيس الوزراء لدعم الدراما، تم إنتاج أعمال درامية متميزة لهذا الموسم، أبرزها مسلسل (النقيب)، وهو من تأليف جعفر تايه وإخراج وثاب الصكر".
وأضاف: "المسلسل يجسد بطولات القوات الأمنية والحشد الشعبي والاستخبارات العراقية، الذين سطّروا أروع الانتصارات خلال فترة صعبة من تاريخ العراق، وتحديدًا خلال معارك تحرير الأرض من دنس داعش الإرهابي".
وأشار إلى أن "المسلسل جاء تكريمًا وتخليدًا لجهود قواتنا الأمنية، ومن منطلق رسالة الفن الهادفة في استذكار الرموز الوطنية الذين قدّموا أرواحهم دفاعًا عن الوطن".
وأوضح، أن "لجنة دعم الدراما حرصت على تسليط الضوء على الشخصيات التي ضحّت بحياتها من أجل الوطن، لتكون قصصهم وثيقة خالدة للأجيال القادمة، ويعد مسلسل (النقيب) من أبرز الأعمال الدرامية العراقية المنافسة هذا الموسم، حيث يعتمد على أحداث واقعية بحتة دون أي مبالغة أو تزييف".
كما أعرب عن "شكره لرئاسة شبكة الإعلام العراقي، لكونها الحاضنة الأولى للأعمال الفنية في موسم رمضان، برؤية عصرية ومهنية تعكس تطور الدراما العراقية".
واختتم حديثه قائلًا: "الكاتب جعفر تايه والمخرج وثاب الصكر نجحا في خلق بيئة فنية متناغمة بين جميع الفنانين المشاركين في المسلسل، وهو ما يشكّل أحد أسرار نجاح العمل، الذي أتوقع له حضورًا مميزًا بين باقي الإنتاجات الدرامية".
رؤية إخراجية مختلفة تُعزز التشويق
أما المخرج وثاب الصكر، فقد علّق على العمل قائلًا: "مسلسل (النقيب) هو أول دراما استخباراتية عراقية بعد التغيير، ويشارك في إنتاجه كوادر عربية وعراقية مشتركة، حيث يتناول أحداثًا جرت بين عامي 2015 و2016 وما بعدها".
وأضاف: "حرصنا على تقديم رؤية إخراجية جديدة تعتمد على التشويق والإثارة منذ الحلقة الأولى وحتى المشهد الأخير. فرغم أن المسلسل يتكوّن من 15 حلقة فقط، إلا أنه مليء بالأحداث المتشابكة والمشاهد الحركية (الأكشن)، ما يجعله قادرًا على شد انتباه المشاهد طوال فترة العرض".
رحلة طويلة من الكتابة والتطوير
تحدث المؤلف جعفر تايه عن خلفيات كتابة المسلسل، قائلًا: "العمل يروي قصة الشهيد حارث السوداني، وكيف تمكن من اختراق تنظيم داعش، وهو تنظيم يعتمد على نظام الشبكات العنقودية، ما يجعل عملية اختراقه غاية في الصعوبة".
وأضاف: "ما قام به الشهيد حارث السوداني ورفاقه من وكالة الاستخبارات، كان بمثابة نقلة نوعية في العمل الاستخباراتي العراقي، ولذلك حرصنا في المسلسل على إبراز المعاني الإنسانية العميقة، والتأكيد على أهمية عدم نسيان أولئك الذين قدّموا حياتهم من أجل العراق".
وأشار إلى أن "فكرة كتابة المسلسل وُلدت بعد مرور 11 شهرًا على استشهاد حارث السوداني، حيث التقيت صدفة بأحد أقاربه، والذي حدثني عن بطولاته، ومن هنا بدأت برسم الخطوط الأولى للنص".
وأوضح: "استغرقت الكتابة عدة سنوات، بدءًا من عام 2018 وحتى 2022، ثم دخل النص مرحلة التطوير في منتصف 2024 وحتى 2025. كان التحدي الأكبر يكمن في أن الشخصيات والأحداث حقيقية، مما جعل عملية خلق الجو الدرامي أشبه بالسير داخل حقل ألغام".
وبيّن أنه "بعد الاطلاع على ملف الاستخبارات المتعلق بالشهيد حارث السوداني، اكتشفت المزيد من التفاصيل التي لم تكن موجودة في النص الأول، ما دفعني إلى إجراء تعديلات كبيرة، أضافت للنص أبعادًا إبداعية جديدة".
واختتم قائلًا: "رغم كل الصعوبات التي واجهتها أثناء الكتابة، إلا أنني كنت أشعر بوجود حارث السوداني معي دائمًا، وهو ما منحني القوة والصمود حتى إتمام العمل".
كتاب "صائد الدواعش"
إضافة إلى التناول الدرامي في مسلسل "النقيب"، صدرت أعمال توثيقية أخرى تسلط الضوء على سيرة النقيب حارث السوداني، كان أبرزها كتاب "صائد الدواعش – القصة الكاملة للنقيب حارث السوداني بطل خلية الصقور الاستخبارية"، الذي نشرته دار سطور للنشر والتوزيع في بغداد. الكتاب هو ترجمة للنسخة الأصلية الصادرة في الولايات المتحدة عام 2021 بعنوان "The Spymaster of Baghdad" للكاتبة مارغريت كوكر، المديرة السابقة لمكتب صحيفة نيويورك تايمز في بغداد، وقام بترجمته الكاتب والمترجم العراقي عمار كاظم محمد.
يُعد هذا الكتاب الأول من نوعه الذي يكشف تفاصيل عملية اختراق خلية الصقور الاستخبارية لتنظيم داعش الإرهابي، حيث نجح النقيب حارث السوداني في التسلل إلى صفوف التنظيم تحت الاسم الحركي "أبو صهيب"، وعاش بينهم لمدة 16 شهراً في منطقة الطارمية شمال بغداد. خلال هذه الفترة، تمكن السوداني من إحباط 48 عملية إرهابية كانت تستهدف العاصمة العراقية بسيارات مفخخة وانتحاريين، قبل أن يتم كشفه وإعدامه من قبل عناصر داعش.
ويتألف الكتاب من 22 فصلاً وخاتمة تمتد على 482 صفحة، ويقدم صورة مفصلة عن التضحيات البطولية التي قدمها العراقيون خلال الحرب ضد الإرهاب. ويتميز بأسلوبه السردي المشوق، حيث يعتمد على أكثر من عشرين مقابلة حصرية أجرتها المؤلفة مع شخصيات بارزة، من بينها رئيس خلية الصقور الاستخبارية أبو علي البصري، بالإضافة إلى عائلة الشهيد حارث السوداني، مما يجعله شهادة تاريخية مهمة توثق إحدى أبرز العمليات الأمنية في العراق.