انتخابات 2025.. حراك سياسي "مبكر" وجدل حول "سانت ليغو" ومشروع قانون "الحوافز الانتخابية"

انفوبلس/ تقرير
قبل نحو 8 أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية، تشهد الساحة العراقية حراكاً سياسياً مبكراً هدفه تشكيل التحالفات الانتخابية، وكسب المرشحين، استعداداً لخوض الانتخابات المقررة في شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، فما هي طبيعية هذه التحركات؟ وهل سيتم تعديل قانون الانتخابات، توسعة عدد مقاعد مجلس النواب بعد التعداد السكاني؟
من المقرر أن يُجري العراق انتخابات تشريعية بحلول تشرين الأول/ أكتوبر 2025، وسط جدل بشأن القانون الذي ستجرى عليه الانتخابات، وكذلك في توسعة عدد مقاعد مجلس النواب لتناسب الزيادة التي أظهرتها نتائج التعداد السكاني الأخير في البلاد.
وشهد العراق بعد "الغزو الأميركي" في عام 2003، خمس عمليات انتخاب تشريعية، أولها في عام 2005 (قبلها أُجريت انتخابات الجمعية الوطنية التي دام عملها أقل من عام)، وآخرها في أكتوبر 2021، وتمّ اعتماد قانون الدائرة الواحدة لكل محافظة في النسخ الأربع الأولى، والانتخابات الأخيرة في عام 2021 أُجريت وفق الدوائر المتعددة، بعد ضغط قوي من الشارع والتيار الصدري لإجراء هذا التعديل الذي كان يعارضه الإطار التنسيقي.
وفي مارس/آذار 2023، صوّت البرلمان العراقي على قانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات، الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة.
حراك "مبكر" لتشكيل التحالفات
شهدت محافظات كربلاء والنجف والبصرة والأنبار ونينوى وبغداد وواسط وذي قار، خلال الأيام الماضية، زيارات مكثفة لقادة قوى سياسية وأحزاب تحت غطاء حضور مؤتمرات ومنتديات واجتماعات قبلية ودينية مختلفة.
ووصف عضو تحالف الإطار التنسيقي، فاضل موات، الظهور المتكرر لقادة القوى السياسية في المدن والمحافظات خلال الأيام الماضية، بأنه "حراك سياسي مبكر لتشكيل التحالفات الانتخابية في العراق واختيار المرشحين الأقوياء".
لكنه أكد في الوقت ذاته، وجود "انقسام داخل قوى الإطار التنسيقي، فهناك من يريد دخول الإطار بشكل جماعي عبر تحالف أو تحالفين، وهناك من يريد خوض الانتخابات بشكل منفرد، ولا اتفاق نهائيا بشأن ذلك"، لافتاً إلى أنه "حتى رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، لم يحسم أمر تياره السياسي بشأن خوض الانتخابات بشكل منفرد عن قوى الإطار أو تحت مظلّة تحالف انتخابي كبير يمثل الإطار التنسيقي".
وبالنسب لموات، فإن "الحال ذاته ينطبق لدى البيوت السياسية السنية والكردية، فهناك حراك في ما بين تلك القوى بشكل غير معلن لرسم التحالفات الانتخابية في العراق بالمرحلة المقبلة، لكن لا اتفاق سياسيا في ما بينهم، فالوقت لا يزال مبكراً بشأن حسم المواقف من التحالفات الانتخابية، خصوصاً أن الكل ينتظر ما سيكون شكل قانون الانتخابات المرتقبة، حتى تحسم الكتل والأحزاب مواقفها بشأن التحالفات".
ووفقاً لناشطين سياسيين عراقيين، فإن التركيز ينصب حالياً على كسب أساتذة الجامعات، والضباط المتقاعدين، وزعماء القبائل البارزين، وشخصيات اجتماعية تتحدر من عوائل معروفة في المدن والمناطق المختلفة.
وقال ناشط سياسي في بغداد، يدعى محمد العبيدي، إن التنافس على كسب بعض المرشحين من قبل الأحزاب لضمّهم إلى قواها أو قوائمها الانتخابية وصل إلى دفع أكثر من مليار دينار (نحو 800 ألف دولار) للشخص المعني الذي يوافق على الانضمام، وهذا في بغداد، ما يعني أن التنافس الانتخابي بدأ فعلياً مبكراً هذه الانتخابات". واعتبر الظاهرة "مؤشرا على استنفاد مختلف القوى السياسية الوجوه الحزبية التي لديها، واستشعارها بخطورة وضعها انتخابيا".
عزام الحمداني، القيادي في تحالف "العزم"، قال إن "هناك تفاهمات أولية ما بين بعض الكتل والأحزاب السياسية بشأن شكل التحالفات الانتخابية في العراق قبل الانتخابات المقبلة، لكن هذه التفاهمات لم تتحول حتى الآن إلى اتفاقات رسمية ملزمة لهذه الأطراف".
ورأى الحمداني أن انتخابات البرلمان العراقي المقبلة، بدأت مبكراً، من خلال التحضير والاستعداد الحالي، موضحاً أن "هناك مساعي من قبل بعض الجهات السياسية لتشكيل تحالفات انتخابية عابرة للطائفية، أي تضم مرشحين وكتل من مكونات مختلفة، وهو أمر مطروح لدى بعض الجهات وربما يكون مقبولاً لدى بعض الأطراف السياسية".
وبرأي القيادي في تحالف "العزم"، فإن "ما سيحسم شكل التحالفات الانتخابية المقبلة، هو شكل قانون الانتخابات، والذي سيحدّد شكل وطبيعة التحالفات الانتخابية في العراق خلال الفترة المقبلة، فإما تكون كبيرة، أو صغيرة متعددة داخل الدائرة الانتخابية الواحدة".
من جهته، وصف الباحث في الشؤون السياسية العراقية حسين الأسعد، الخلافات داخل الإطار التنسيقي الحاكم في العراق بأنها "كبيرة" حيال استمرار التحالف بشكله الحالي أو تفككه. وأوضح الأسعد أن "الغموض في موقف مقتدى الصدر، بشأن مشاركته في الانتخابات البرلمانية من عدمها، يزيد من ضبابية الموقف، فإذا شارك الصدر، فإن بعض قوى الإطار سوف تجبر على الدخول بتحالفات كبيرة من أجل مواجهة نفوذ الصدر الشعبي للحصول على أعلى الأصوات، خصوصاً في بغداد ومدن الوسط والجنوب".
وبيّن الأسعد، أن "حال وضع القوى السياسية العربية السنية لا يختلف كثيراً عن الإطار التنسيقي، فالخلافات كبيرة في ما بينهم"، متوقعاً أن "تخوض تلك القوى في النهاية من خلال الترشح الفردي، دون تحالفات كبيرة، وربما تجتمع فقط في بعض المحافظات لضمان عدم هدر أصوات أبناء المكون، خصوصاً في كركوك والموصل وبعض مناطق بغداد أيضا".
ورأى الأسعد أن "الوضع الانتخابي المقبل، سيكون هو الأصعب لدى كل الأحزاب والكتل السياسية، خصوصاً في ظلّ الرفض الشعبي المتصاعد ضد هذه الطبقة السياسية، حتى من داخل قواعدهم الشعبية التي انتخبتهم في السابق"، متوقعاً "أن تكون الأجواء الانتخابية مشحونة بالخلافات السياسية، وكذلك حتى الطائفية، التي يسعى البعض إلى استخدامها وسيلةً للدعاية الانتخابية وكسب عاطفة بعض الجمهور".
*تعديل قانون الانتخابات
ووفق نواب في البرلمان العراقي، فإن هناك صعوبة كبيرة ستواجه تعديل قانون الانتخابات، بسبب الانقسام السياسي بين الكتل الكبيرة، خصوصاً أن كل طرف سياسي سيعمل على تمرير القانون وفق ما يخدم مصلحته الحزبية.
ومطلع الشهر الماضي، عقدت الرئاسات الثلاث، اجتماعاً بحثت فيه جملة ملفات، أبرزها كان الاستعدادات لإجراء الانتخابات النيابية لسنة 2025 ووجوب توفير المستلزمات اللوجستية والفنية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
وكان مجلس النواب العراقي، صوت خلال جلسته الاعتيادية في 13 كانون الثاني/يناير الماضي، على تمديد عمل مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، وذلك بعد أن قرر القضاء العراقي، تمديد مدة ولاية أعضاء مجلس المفوضية الدورة الحالية لمدة سنتين.
في هذا الصدد، قالت المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، جمانة الغلاي، إن "مفوضية الانتخابات تعتمد إجراء انتخابات مجلس النواب العراقي على قانون انتخاب مجلس النواب ومجالس المحافظات المعدل رقم 12 لسنة 2018".
"أما التعداد السكاني وتغيير عدد المقاعد، فهذا يخص المشرع، وأن مفوضية الانتخابات ملتزمة لحد الآن بالقانون الانتخابي النافذ الذي حدد 329 مقعداً"، وفق الغلاي التي كشفت ان أنه وفق القانون، "يكون تحديد موعد الانتخابات في تاريخ يسبق انتهاء الدورة البرلمانية الحالية بمدة لا تقل عن 45 يوماً من تاريخ أول جلسة عقدها البرلمان الحالي، في 9 كانون الثاني 2022، ونعود بالتاريخ 45 يوماً وهي المدّة الأصغرية"، موضحة أنه "يمكن تحديد الموعد قبل (9 كانون الثاني)، لكن لا يمكن وضعه بعد هذا التاريخ، أي من الممكن تحديد موعد للانتخابات النيابية على أن لا يتجاوز 25/ 11/ 2025".
وكان رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، فاضل الغراوي، أكد في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أن نسبة التعداد السكاني لعام 2024، التي بلغت 45 مليون فرد، لن تؤثر على زيادة عدد مقاعد مجلس النواب.
وأوضح الغراوي، في بيان ورد لشبكة "انفوبلس"، أنه لا يمكن اعتماد العدد المعلن البالغ 45 مليون نسمة في تعداد 2024 لتغيير عدد أعضاء مجلس النواب من 329 إلى 453 نائباً، لأن ما جرى هو تعداد سكاني وليس إحصاء شامل، كما ينص الدستور.
وطالب الغراوي الحكومة والبرلمان بالعمل على تعديل المادة (49) بإلغاء فقرة "نائب لكل 100 ألف نسمة" وتثبيت العدد بحد أقصى لا يتجاوز 329 نائباً، وعرض هذا التعديل للاستفتاء في نفس يوم الانتخابات البرلمانية المقبلة، لتجنب الأعباء المالية على موازنة الدولة وتسهل عملية تصويت المواطنين على التعديل.
وفي هذا السياق، استبعد المتحدث باسم ائتلاف دولة القانون، النائب عقيل الفتلاوي، تطبيق توسعة مقاعد البرلمان بما يلائم أعداد العراقيين وفقاً للتعداد السكاني الأخير في الانتخابات المقبلة.
وبين الفتلاوي، أن "الحكومة تعتبر أعداد العراقيين خارج العراق غير محسوم لحد الآن، وبالتالي فإن وزارة التخطيط لم تكمل إجراءاتها كافة بما يخص التعداد، وعليه لن تكون هناك زيادة في أعداد النواب وفقاً لنتائج التعداد السكاني، وبالتالي سيبقى أعداد النواب 329 نائباً فقط".
وعن قانون الانتخابات، كشف الفتلاوي، عن وجود وجهات نظر متعددة عند الكتل السياسية، "قسم منها يفكر بالإبقاء على دائرة واحدة، وقسم يرغب بدائرتين لكل محافظة، ولبغداد 4 دوائر موزعة بالتساوي بين الكرخ والرصافة، ويبقى هذا الأمر منوط باتفاقات الكتل السياسية".
وأشار إلى أن "وجهة نظر (دولة القانون) تغيير قانون الانتخابات إلى دوائر متعددة، ولكن ليس بالكم الذي حصل في انتخابات 2021، وتم طرح هذا الأمر على الشركاء، والتباحث مستمر معهم للتوصل إلى صيغة متفق عليها، وحينها ستكون هي الحل"، موضحاً أن "توجه دولة القانون هذا، هو لبعث رسالة محبة إلى من خارج العملية السياسية للعودة للعمل السياسي مرة أخرى، لخلق التوازن، وهذا أمر مهم".
وكان عضو اللجنة القانونية النيابية، محمد عنوز، أكد في 14 كانون الثاني/ يناير الماضي أن "الحديث عن نية مجلس النواب تعديل قانون الانتخابات لا يتعدى كونه تصريحات فردية وليس له وجود داخل المجلس أو اللجنة القانونية النيابية لغاية الآن"، مبينا أن "اللجنة لم يصل لها أي مقترح حول ذلك، وبحال وجود قرار سياسي أو اتجاه للتعديل، فبالتأكيد سيمر عبر اللجنة القانونية أولا، ثم يتم رفعه لرئاسة البرلمان ليوضع على جدول الأعمال".
وبالرغم من اعتماد القانون الانتخابي (رقم 16 لسنة 2005) القوائم المغلقة ونظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، إلا أنه قسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، واستمر العمل به حتى عام 2010، ليشهد بعدها تعديلا تمثل في اعتماد القوائم الانتخابية شبه المفتوحة.
وفي 2014 أصدر البرلمان قانونا جديدا للانتخابات، اعتمد فيه نظام سانت ليغو حسب معادلة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد إصدار قانون انتخابي جديد اعتمد معادلة 1.9.
وشهد القانون تغييرا جذريا عام 2020، استجابة لمطالب احتجاجات تشرين (خريف 2019)، إذ اعتمد على الأكثرية بدلا من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية، ما أسهمت بفوز عشرات المستقلين لأول مرة، وتراجع في حظوظ غالبية الأحزاب الكبيرة التي لم تتمكن من تحقيق الأغلبية، الأمر الذي دفع الأحزاب التقليدية للسعي إلى تغيير القانون، وهو ما حدث بالفعل في 27 مارس 2023، أي قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات بشهور.
يذكر أن مجلس النواب قد صوت خلال جلسته التي عقدت في الـ27 من آذار مارس 2023 بحضور 218 نائبا على قانون "التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لعام 2018".
وشملت التعديلات الأخيرة إلغاء النظام المعمول به في انتخابات تشرين الأول أكتوبر 2021، واعتمد بموجب النظام الانتخابي الجديد نظام الدوائر المتعددة وقسم البلاد جغرافيا إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة.
ماذا عن مشروع قانون "الحوافز الانتخابية" في العراق؟
شهدت الساحة السياسية العراقية مؤخراً جدلاً واسعًا حول مشروع قانون الحوافز الانتخابية، حيث أثار هذا القانون الكثير من الانتقادات والتحفظات من قبل النواب والخبراء القانونيين والسياسيين، حيث يرى معارضو هذا القانون أنه يمثل تهديدًا مباشرًا للديمقراطية ويقوّض مبدأ حرية الاختيار للمواطن العراقي، كما أنه يفتح الباب أمام العديد من التجاوزات والفساد الانتخابي.
ومن جهة أخرى، يرى آخرون أن طرح فكرة الحوافز للمشاركة الانتخابية أمر إيجابي، لكنهم أكدوا على أهمية تحديد آلية واضحة لتنفيذ هذه الحوافز أو طريقة توزيعها.
ويهدف مشروع القانون الذي قدمه النائب عامر عبد الجبار لرئاسة البرلمان إلى "منح حوافز لكل عسكري وموظف بقدم 6 أشهر، ومنح أولوية بالتعيين وقطع الأراضي وإطفاء ضريبي بنسبة 10% لغير الموظفين" حسب النائب.
كما أكد أن رئاسة البرلمان العراقي وافقت على مشروع القانون، معتبرا أنه يمثل "خطوة جادة لضمان مشاركة واسعة من الشعب العراقي في الانتخابات المقبلة"، وأعرب عن أسفه الشديد لرفض البعض لهذا القانون، مشيرا إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة كانت متدنية للغاية وأكثر من سابقاتها.
بلغت نسبة مقاطعة التصويت في الانتخابات التشريعية العراقية عام 2021 نحو 59%، بحسب ما أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في 11 أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، أي أن نسبة المشاركة الأولية قدرت بـ41%، ووفقا لهذه الأرقام، فإن نسبة المشاركة كانت أقل من تلك التي سجلت في انتخابات عام 2018 حيث بلغت حينها 44.52%.
وأوضح النائب عبد الجبار، أن عدم تقديم حوافز للمواطنين أو اتخاذ إجراءات تحفزهم على المشاركة في الانتخابات والتصويت على الأحزاب التي يرغبون بها، سيؤدي إلى استمرار الوضع على ما هو عليه، أي سيطرة الأحزاب نفسها على العملية السياسية لسنوات طويلة.
وأشار إلى أن الحوافز المقترحة في القانون، مثل منح كتاب شكر وخدمة إضافية مدتها 6 أشهر للموظفين والعسكريين، أو تقديم حوافز أخرى للمواطنين غير الموظفين، هي إجراءات طبيعية ولا يمكن اعتبارها شراء للأصوات، فالمواطن لن يصوت للمرشح الذي يريده النائب أو الحكومة، بل سيختار بنفسه المرشح الذي يراه مناسبا.
وأكد أن هذه الممارسة ليست جديدة، بل هي متبعة في العديد من دول العالم، بل إن بعض الدول تجعل المشاركة في الانتخابات إلزامية وتفرض عقوبات على من يتخلف عنها.
لكن النائب بالبرلمان العراقي محمد الزيادي وصف قانون الحوافز الانتخابية المقترح بأنه "مهزلة"، وأوضح أن هذا القانون يعتبر "إهانة للشعب العراقي، الذي يمتلك حسًّا وطنيًّا عاليًا ولا يحتاج إلى أن يجبر على المشاركة في الانتخابات من خلال تقديم مغريات مادية".
وأكد الزيادي أن "مضمون هذا القانون يمثل تحايلًا على العملية الديمقراطية، حيث إنه يهدف إلى شراء أصوات الناخبين بدلًا من كسبها عن طريق تقديم برامج وخطط انتخابية مقنعة"، معربا عن اعتقاده بأن هذا القانون لن يحظى بموافقة النواب، وأن تمريره سيكون أمرًا صعبًا للغاية.
من جهته، يرى الخبير القانوني أمير الدعمي أن مشروع القانون يعد "خطوة في الاتجاه الخاطئ، ويعكس عدم ثقة واضحة بالنظام الديمقراطي في العراق"، ويعتقد أنه يعتبر "ضربًا للديمقراطية والعملية الانتخابية، حيث إنه يفترض مسبقًا أن المواطن العراقي لن يشارك في الانتخابات طواعية، وبالتالي يجب إجباره على ذلك من خلال تقديم حوافز مادية أو معنوية".
وأكد الدعمي أن هذا القانون يمثل "استجداءً للأصوات وثقة المواطن، وهو أمر غير مسبوق في الدول الديمقراطية"، مشيرا إلى أن الدول التي تتمتع بتاريخ طويل في الديمقراطية لا تلجأ إلى مثل هذه القوانين، حيث تعتبر المشاركة الانتخابية حقًّا وليست واجبًا مفروضًا.
كما بيّن الدعمي أن هذا القانون يتعارض مع الدستور العراقي في المادة الـ20، التي كفلت حرية الناخب في المشاركة أو عدم المشاركة في الانتخابات، موضحا أن إجبار الناخب على المشاركة، حتى لو كان ذلك من خلال تقديم حوافز، يعتبر انتهاكًا لهذا الحق الدستوري.