كردستان تهدد بقطع المياه إذا لم تحصل على حصتها من الموازنة والسليمانية في مفترق طرق
انفوبلس/ تقرير
يتصاعد التوتر بين أربيل وبغداد، إزاء امتناع الأخيرة عن تحويل حصة كردستان من الموازنة العامة التي تم إقرارها مؤخراً، حيث هدد مستشار وزارة الزراعة في حكومة إقليم كردستان نبز رفعت، بقطع الإطلاقات المائية عن مناطق وسط وجنوب العراق، في المقابل تقول السليمانية إنها ستستلم حصتها بشكل منفصل في حال فشل أربيل بأداء التزاماتها لحكومة المركز.
كردستان تهدد بقطع الإطلاقات المائية عن مناطق وسط وجنوب العراق
مستشار وزارة الزراعة في حكومة إقليم كردستان نبز رفعت، قال في تغريدة تابعتها "انفوبلس"، "إذا لم تلتزم بغداد سنمنع الإطلاقات المائية عن مناطق وسط وجنوب العراق"، في إشارة الى امتناع حكومة بغداد المركزية من تحويل حصة كردستان من الموازنة العامة.
فيما زعم المتحدث الرسمي باسم حكومة إقليم كردستان، بيشوا هوراماني، اليوم الثلاثاء (29 آب 2023)، تنفيذ حكومة الإقليم لكامل شروط ومطالب الحكومة الاتحادية، مستغربًا امتناع بغداد عن إرسال مخصصات الموازنة للإقليم.
لكن النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني غريب أحمد، يؤكد أن تأخر إرسال تخصيصات إقليم كردستان من الموازنة، لا علاقة له بوجود مشكلة سياسية مع بغداد، بل يعود لإشكاليات فنية فقط.
في المقابل، أكدت النائبة عن الديمقراطي الكردستاني إخلاص الدليمي في تصريح صحافي سابقاً، أن "نواب الاتحاد الوطني أضافوا فقرة للتعامل مع محافظات الإقليم مباشرة في حال عدم التزام حكومة كردستان بالاتفاق الموقَّع مع حكومة السوداني"، مبينة، أن "الفقرة تنص على تعامل السليمانية مباشرةً مع بغداد باعتبارها محافظة مثل محافظات بابل والمثنى وصلاح الدين".
تصريحات وزارة الإقليم مرفوضة وغير مسؤولة
وردَّ رئيس لجنة الزراعة النيابية فالح الخزعلي على تهديدات وزارة الزراعة في كردستان بقطع المياه عن الوسط والجنوب، بالقول، "ملف المياه اتحادي وتصريحات وزارة الإقليم مرفوضة وغير مسؤولة".
وذكر الخزعلي، "نعارض دخول أي منتج من الإقليم للوسط والجنوب في حال عدم تسليم المنافذ من قبل كردستان"، مبينا، "على إقليم كردستان التعامل بشكل اتحادي في ملف المياه والمنافذ".
* نقطة تفصل بغداد وأربيل عن الاتفاق
أكد الوكيل الأسبق لوزارة المالية فاضل نبي، وجود نقطة وحيدة تعيق الاتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بشأن إرسال تخصيصات الإقليم من الموازنة. وقال نبي، إن "قضية الإيرادات غير النفطية هي العائق الوحيد أمام إرسال بغداد لتخصيصات الإقليم، ويمكن احتساب حصة كردستان من الجزء الجاري من الموازنة".
وأضاف، إنه "يمكن التقسيم على 12، ويطرحون منها الإيرادات غير النفطية، دون أن تُعاد إلى بغداد، ويمكن أن تُعاد دفترياً وليس مالياً، وتقوم وزارة المالية بالمقاصة، بين حصة الإقليم من التشغيلي وبين الإيرادات غير النفطية، ويرسلون بقية الحصة"، لافتاً الى أن "هذه النقاط تحل الكثير من المشاكل وأهمها قضية الرواتب".
*نقطتان جوهريتان
بالرغم من أن إقليم كردستان "فتح كل الأوراق" والأرقام فيما يتعلق بالإيرادات النفطية وغير النفطية كافة والنفقات أمام ديوان الرقابة المالية، إلا أن الإشكالية فيما يخص الإيرادات غير النفطية تتلخص بنقطتين، الأولى ماديّة بحتة، والأخرى معنوية.
وتتمثل النقطة المادية، بحسب ما تكشف المعلومات والتصريحات، أن أربيل متفقة مع بغداد فيما يتعلق بتسليم 50% من إيرادات المنافذ والكمارك، إلا أن بغداد تُصر على استلام 50% من الإيرادات غير النفطية كافة وحتى الضرائب الداخلية منها.
أما الفقرة المعنوية، فتتمثل بأن بغداد تريد استلام الإيرادات غير النفطية وإيرادات المنافذ كافة، ومن ثم العودة لإرسال 50% منها الى المحافظات، ومن بينها محافظات إقليم كردستان، أي تسليم السليمانية نصف إيرادات منافذها، وكذلك أربيل ودهوك كل على حدة، الأمر الذي لا توافق عليه أربيل، وترى أنه تعامُل يقوم بـ"تجزئة" الإقليم الى محافظات، ويعزز المركزية ويضرب فكرة الإقليم الفيدرالي.
والأربعاء الماضي، أكد النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني غريب أحمد، أن الخلافات الفنية بخصوص الإيرادات غير النفطية وطريقة تعامل بغداد مع الإقليم هو الذي أجّل عملية إرسال المستحقات المالية للإقليم.
وقال أحمد، إنه "مطلع الأسبوع المقبل سترسل بغداد رواتب موظفي الإقليم لشهري تموز وآب كخطوة أولى". وأضاف، إن "بغداد تريد التعامل مع محافظات الإقليم بشكل مباشر وأن يتم تسليمها جميع المستحقات المالية بنفسها، وتقوم هي بإرسال الـ 50% من إيرادات المنافذ للمحافظات بشكل مباشر".
وأوضح، إن "الخطوة الأولى للحكومة الاتحادية تتمثل بإرسال رواتب الشهرين، وبعد التفاهم على النقاط الفنية الأخرى سيتم إرسال جميع المستحقات المالية للسنة الحالية، على أن يتم استقطاع السلف المالية التي أُرسلت للإقليم خلال الأشهر الماضية".
ويعتبر ملف مرتبات موظفي الإقليم أحد أبرز المشكلات العالقة بين أربيل وبغداد، وعلى الرغم من توقيع سلسلة من الاتفاقيات بين الجانبين أبرزها الاتفاق النفطي الذي يقضي بتصدير نفط كردستان عبر بغداد الا أن المفاوضات والحوارات لم تنقطع بينهما بخصوص الرواتب.
ويُشكل عدم وجود أرقام دقيقة لدى الحكومة العراقية عن الرواتب الشهرية التي تدفعها حكومة كردستان لموظفيها، معضلةً كبرى أمام اتفاق الطرفين، فالإقليم يعترف بوجود نحو (200-250) ألف موظف فضائي، فيما يكشف عضو البرلمان العراقي ريبوار كريم عن وجود نحو 500 ألف موظف فضائي يستلمون رواتب في الإقليم.
وتشير الإحصائيات الدقيقة -حسب حديث كريم - عن وجود نحو 750 ألف موظف حقيقي من مجموع 1.250 مليون موظف يستلمون الرواتب من حكومة الإقليم، فضلا عن ان واشنطن تتولى تمويل البيشمركة بـ 20 مليار دولار شهريا.
ولم تحسم عدة جولات تفاوضية بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد والتي جرت سابقاً ما بات يُعرف بالقضايا العالقة بين أربيل وبغداد أو المركز والإقليم، ومع أن العديد من تلك القضايا عالقة منذ زمن طويل وبخاصة المادة 140 من الدستور العراقي (2005) ومسودة مشروع قانون النفط والغاز (2007) وغيرها، فإن القضية التي برزت خلال السنوات الماضية هي النفط مقابل الرواتب.