القمع في كردستان والاستجابة في بغداد.. معلمو الإقليم بين تجاهل أربيل والدعم الحكومي

انفوبلس/..
في الوقت الذي جُوبِهت فيه احتجاجات المعلمين في إقليم كردستان بالقمع والتضييق، قدّمت الحكومة المركزية نموذجاً مغايراً في التعامل مع مطالب الكوادر التربوية، فقد شهدت محافظات السليمانية، حلبجة، وأربيل تصاعداً في وتيرة الاحتجاجات للمطالبة برواتب متأخرة وحقوق وظيفية، لتقابلها حكومة الإقليم بالقوة والعنف، حيث منعت القوات الأمنية المتظاهرين من دخول أربيل، مستخدمةً الغاز المسيل للدموع والعصيّ لتفريقهم، تحت ذريعة عدم حصولهم على الموافقات الأمنية.
في المقابل، استجابت الحكومة الاتحادية سريعاً لاحتجاجات مماثلة نفذها المعلمون في محافظات الوسط والجنوب، حيث أعلن رئيس الوزراء شمول الكوادر التربوية بتخصيصات الأراضي السكنية، كخطوة لدعمهم وتقدير دورهم.
هذا التباين في التعامل كشف عن فجوة كبيرة في احترام الحق بالتظاهر، وأثار تساؤلات حول التزام حكومة الإقليم بمسؤولياتها، في ظل اتهامات بهدر عوائد النفط واعتقال منظّمي الاحتجاجات، ما يعمّق أزمة الثقة بينها وبين مواطنيها.
وتتصاعد حدّةُ الاحتجاجات في إقليم كردستان، حيث خرج آلاف المعلمين في السليمانية، حلبجة، وأربيل للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة وضمان حقوقهم الوظيفية، وسط تجاهل واضح من حكومة الإقليم.
وفي خطوة وُصفت بالقمعية، كانت القوات الأمنية في الإقليم، قد منعت وصول المتظاهرين إلى أربيل، مستخدمةً الغاز المسيل للدموع والعنف لتفريق المعتصمين قرب مدخل المدينة، رغم سلمية الاحتجاج. الحكومة بررت القمع بعدم حصول المتظاهرين على موافقات أمنية، وهو ما أثار انتقادات واسعة من أطراف سياسية وحقوقية.
في موازاة ذلك، اتهم نواب سابقون، حكومةَ الإقليم بإهدار عوائد النفط واعتقال منظّمي التظاهرات تعسفياً، بينما دخل الملف أروقة السياسة بعد رفع رئيس الجمهورية دعوى ضد رئيس الوزراء الاتحادي، مطالباً بصرف الرواتب بشكل مباشر.
الدعوى قوبلت بانتقادات حادة، وسط جدل متزايد حول استغلال الموارد المالية وعدم التزام الحكومة الكردية بتعهداتها، والمحتجون أكدوا أن أقلامهم هي وسيلتهم الوحيدة للتعبير، في مواجهة حكومة لا تستمع.
مقارنة بين المركز والإقليم
وعلّق عضو لجنة الاحتجاجات في السليمانية دانا صالح، اليوم الإثنين (7 نيسان 2025)، على شمول الكوادر التربوية في العراق بتخصيصات قطع الأراضي، فيما قارن مع مطالب الكوادر التدريسية في الإقليم.
وقال صالح في حديث صحفي تابعته INFOPLUS، إن "الحكومة العراقية، ممثلة برئيس الوزراء، استجابت بسرعة لمطالب الكوادر التربوية فور قيامهم بالاحتجاج والإضراب عن الدوام”.
وأضاف، أنه "منذ سنوات، والكوادر التربوية في الإقليم تحتج وتطالب بحقوقها وتضرب عن الدوام، وحتى الآن لم تستجب حكومة الإقليم لمطالبهم”.
وأشار إلى أنه "في العام الماضي، قررت حكومة الإقليم تخصيص قطع أراضٍ للكوادر التربوية والموظفين، ولكن بعد أكثر من عام تبين أن هذه الوعود كانت لإسكات التظاهرات وإنهاء الاحتجاج، ولم تفِ الحكومة بوعودها حتى الآن، هذا الفرق بين حكومة تستجيب لمطالب موظفيها وأخرى تتجاهل المطالب”.
وأعلن مجلس الوزراء، أمس الأحد (6 نيسان 2025)، موافقة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على تخصيص قطع أراضٍ سكنية للهيئات التعليمية والتدريسية كافة، مع ضمان توفير الخدمات الأساسية لها، وذلك دعمًا للواقع المعاشي لشريحة المعلمين في العراق.
وذكر بيان رسمي تلقته "انفوبلس"، أن القرار جاء خلال اجتماع المجلس التنسيقي برئاسة السوداني، وبحضور وزير التربية إبراهيم نامس الجبوري وعدد من الوزراء والمحافظين، حيث جرى بحث سبل تحسين بيئة المعلم وضمان حقوقه السكنية والمعيشية.
وأشار البيان إلى أن "هذه الخطوة تأتي تتويجًا لجهود حثيثة بذلتها وزارة التربية بالتعاون مع نقابة المعلمين المركز العام، في سبيل دعم حقوق الملاكات التربوية وتوفير بيئة سكنية تليق بمكانة المعلم العراقي".
وأكدت الجهات الحاضرة في الاجتماع التزامها بتسهيل الإجراءات المتعلقة بتخصيص الأراضي، والعمل على تهيئة البنى التحتية اللازمة لضمان تنفيذ القرار في أقرب وقت ممكن.
المطالب تُهمَل، الاحتجاج يُقمع
وفي إطار تعامُل حكومة أربيل مع الاحتجاجات الشعبية، يتضح استمرار نهج الإهمال والتهرب من الاستجابة للمطالب المشروعة للمتظاهرين، إلى جانب اتّباع أساليب قمعية للحد من توسع الحركة الاحتجاجية.
ففي مؤتمر صحفي عقد بتاريخ 9 شباط 2025، أكد محافظ أربيل، أوميد خوشناو، عدم تلقي المحافظة لأي طلب رسمي لتنظيم تظاهرات داعمة للمعلمين المضربين في السليمانية، مشيراً إلى أن "الاحتجاجات لها إجراءات قانونية محددة" وأنه "لم يتقدم أحد بطلب الإذن بالتظاهر أو الإضراب في أربيل"، في تبرير يُفهم منه محاولة لتقييد حرية التعبير والتظاهر السلمي.
كما أشار خوشناو إلى أن "أربيل لا تستطيع اليوم استقبال مثل هؤلاء الضيوف"، في خطاب يحمل إشارات واضحة على رفض استقبال المتظاهرين وتضييق المجال أمامهم. وأضاف أن حالة الاستياء الشعبي لا يمكن إنكارها، لكنه حمّل الحكومة العراقية مسؤولية ذلك، محاولاً نقل بوصلة الغضب الشعبي بعيداً عن حكومة الإقليم.
وفي خطوة تعكس الطابع القمعي للتعامل مع الاحتجاجات، شهدت أربيل انتشاراً أمنياً كثيفاً صباح الأحد، شمل استبدال القوات الأمنية الروتينية بوحدات من جهاز مكافحة الإرهاب، إضافة إلى إنشاء نقاط تفتيش جديدة، والتدقيق المكثف في هوية وممتلكات القادمين إلى المدينة، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن.
وتأتي هذه الإجراءات في وقت كان فيه العشرات من المعلمين والمدرسين المحتجين قد بدأوا التوجه إلى أربيل للمطالبة بحقوقهم، لتُقابل تحركاتهم بإجراءات أمنية مشددة تهدف إلى كبح أي تحرك شعبي يعبّر عن الاستياء من السياسات المتبعة في الإقليم.
قطع أراضٍ للهيئات التعليمية والتدريسية
موافقة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على تخصيص قطع أراضٍ سكنية للهيئات التعليمية والتدريسية كافة
أعلن مجلس الوزراء، أمس الأحد، موافقة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على تخصيص قطع أراضٍ سكنية للهيئات التعليمية والتدريسية كافة، مع ضمان توفير الخدمات الأساسية لها، وذلك دعمًا للواقع المعاشي لشريحة المعلمين في العراق.
وذكر بيان رسمي، أن "القرار جاء خلال اجتماع المجلس التنسيقي برئاسة السوداني، وبحضور وزير التربية إبراهيم نامس الجبوري وعدد من الوزراء والمحافظين، حيث جرى بحث سبل تحسين بيئة المعلم وضمان حقوقه السكنية والمعيشية".
وأشار البيان إلى أن “هذه الخطوة تأتي تتويجًا لجهود حثيثة بذلتها وزارة التربية بالتعاون مع نقابة المعلمين المركز العام، في سبيل دعم حقوق الملاكات التربوية وتوفير بيئة سكنية تليق بمكانة المعلم العراقي".
وأكدت الجهات الحاضرة في الاجتماع التزامها بتسهيل الإجراءات المتعلقة بتخصيص الأراضي، والعمل على تهيئة البنى التحتية اللازمة لضمان تنفيذ القرار على أرض الواقع في أقرب وقت ممكن.
الإقليم مُلك الأحزاب وعوائلهم
إلى ذلك، يؤكد عضو حراك الجيل الجديد، ريبوار محمد، خلال حديث صحفي تابعته INFOPLUS، أن "ما قامت به السلطات الأمنية في أربيل، هو دليل واضح على أن الأحزاب الحاكمة في الإقليم باتت لا تريد سماع أي صوت معارض، وترى بأن الإقليم هو ملك لها ولعوائلها، ولهذا يخشون من وصول صوت المتظاهرين إلى قلب عاصمة كردستان، ويطلع الرأي العام على حقيقتهم".
ويلفت إلى أن “الشعب الكردي وصل إلى مرحلة اليأس، نتيجة استمرار الفساد والسرقات والنهب من قبل الأحزاب الحاكمة، والتي استحوذت على كل شيء، وتنتهك حقوق الشعب، وأبسط حقوقه، هو الراتب، حيث في كل عام يتم استقطاع راتب أو راتبين، مع تأخير في التوزيع وغلاء في المعيشة وارتفاع في الضرائب ونقص كبير في الخدمات".
ويتابع، أن "هذه المرة التظاهرات تختلف، فهي قد أصابتهم بالخوف بعد أن أطلع العالم على حقيقة الأحزاب الحاكمة، حيث يصورون هم وإعلامهم، أربيل على أنها جنة، ولكن واقعها مؤلم"، مضيفا أن “سلطات الحزب الديمقراطي منعت دخول المتظاهرين من السليمانية، لأنها كانت تعرف بأنه في حال دخولهم، سينضم لهم الآلاف من أهالي أربيل، وتتوسع الاحتجاجات ضد الحكم العائلي في الإقليم، لهذا تصدت لها بكل قوة".
محافظ أربيل، أوميد خوشناو، اتهم الاحتجاجات التي تشهدها مدينة السليمانية بأنها مُستغلة من قبل بعض الجهات السياسية لتحقيق مكاسب انتخابية
يذكر أن محافظ أربيل، أوميد خوشناو، اتهم الاحتجاجات التي تشهدها مدينة السليمانية بأنها مُستغلة من قبل بعض الجهات السياسية لتحقيق مكاسب انتخابية، مبينا أن الإضراب يجب أن يكون موجها ضد الحكومة الاتحادية في بغداد.
وأشار خوشناو في تصريح للصحفيين عل خلفية الأزمة، إلى أن، أربيل ترحب بالضيوف ومحبة لهم، ولكنها غير مستعدة لاستقبال مثل هكذا أشخاص، لأن الناس هنا منشغلون بمزاولة أعمالهم اليومية في الأسواق والمراكز التجارية، والدوام الرسمي يجري بشكل طبيعي في الأوساط التعليمية، والدوائر والمؤسسات الحكومية.