الحزب الديمقراطي يعود إلى كركوك.. مقرّ "الجثث" يُفتتح والعرب يطالبون بنحو 5 آلاف مغيب

انفوبلس/ تقارير
وسط مخاوف من زعزعة الاستقرار الذي تحقق منذ عام 2017، عاد الحزب الديمقراطي إلى كركوك حيث مقرّه المشؤوم وقصة الجثث التي عُثرت داخله، عودة فجّرت جدلا سياسيا وشعبيا كبيرا ودفعت بالمكون العربي إلى توجيه رسالة عاجلة للحزب ومطالبته بإعادة المغيّبين العرب، فما آخر تطورات هذا الملف؟ وماذا تعرف عن الصراع في كركوك بالضبط؟
العودة إلى كركوك
بعد غياب دام 8 سنوات، افتتح الحزب الديمقراطي الكردستاني، اليوم السبت، مقره الجديد لتنظيمات كركوك وكرميان، وذلك في حي عرفة وسط مدينة كركوك.
وشهد حفل الافتتاح حضور عدد من الشخصيات السياسية الكردية، من بينهم فاضل ميراني، عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، وكمال كركوكي، عضو المكتب السياسي ونائب رئيس البرلمان العراقي، بالإضافة إلى محافظ أربيل أوميد خوشناو، ووزير التربية في حكومة إقليم كردستان الآن حمه سعيد.
إضاءة.. سبب طرد الحزب من كركوك
في العام 2017، نُفذت عملية عسكرية بأمر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي، لفرض سيطرة الحكومة الاتحادية على كركوك، وإبعاد الأحزاب الكردية المهيمنة عليها، وذلك عقب إجراء إقليم كردستان استفتاء الانفصال عن العراق وشمل فيه محافظة كركوك.
وأدت العملية العسكرية، التي نفذها جهاز مكافحة الإرهاب، إلى توتر العلاقة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وبين العبادي في حينها، خاصة بعد إجراء تغييرات في كافة مفاصل المحافظة الإدارية ومنع فتح مقار الأحزاب الكردية أو رفع علم إقليم كردستان فيها.
العملية تسببت بطرد الحزب الديمقراطي من المحافظة، في خطوة لاقت هناك ترحيبا شعبيا واسعا ورفضا بالوقت ذاته لعودته (الحزب) الى العمل بسبب عمليات التهجير والاعتقالات التي قام بها.
قصة المقر والجثث بداخله
بعد معرفة سبب طرد الحزب الديمقراطي من كركوك، لا بد من معرفة قصة المقر الذي عاد له الآن، ففي عام 2021، ظهر محافظ كركوك السابق راكان الجبوري في مقابلة متلفزة، قال فيها إن القوات الأمنية العراقية عثرت، بعد دخولها إلى كركوك بـ4 أيام، على عدد من الجثث في مقر مجلس قيادة كركوك في "الديمقراطي الكردستاني"، والذي يُسمّى أيضاً "المقر المتقدم".
وأضاف، إن هذه الجثث كانت مرمية في مياه الصرف الصحي داخل المقر" مردفا بالقول: "أُخرجت الجثث، وجرى تسجيل دعوى قضائية، وتوجد تقارير تثبت ذلك في جهاز مكافحة الإرهاب والأمن الوطني والمخابرات".
وأكد الجبوري، أن "مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني كانت تعتقل الناس وتعذبهم" لافتا إلى أن "الطب العدلي قال إن هذه الجثث مضى عليها 3 أشهر، ما يثبت أن التصفية لم تتم بعد دخول القوات العراقية".
وأشار محافظ كركوك حينها إلى "وجود حساسية من إعادة افتتاح مقر الديمقراطي الكردستاني".
جرائم وأدوار غير سياسية
لم يقتصر الأمر على ما كشفه محافظ كركوك السابق فحسب، بل ذهب المتحدث باسم المجلس العربي في كركوك حاتم الطائي إلى ما أبعد من ذلك عندما أكد أن الحزب الديمقراطي الكردستاني كان يؤدي أدوارا غير سياسية، بل كانت أمنية وفيها جرائم، وتجب محاسبتهم عليها”.
وعن عودة الحزب الديمقراطي لهذا المقر من جديد قال الطائي: "الكل يعلم أنه تم إنشاء المقر على أرض تابعة للحكومة الاتحادية، وهناك حملة لرفع التجاوزات فتجب إزالته، ولكن القوات الاتحادية تستخدمه، وبالتالي فإن الحزب ليس صاحب الملكية”.
ويردف، "أما تخصيص مقر جديد للحزب في كركوك، فإن العرب سيُعربون عن رأيهم بأنهم يرفضون تواجد هذا الحزب وأنه غير مرغوب فيه بالمحافظة، حيث سبق وأن حاولت الحكومة الاتحادية تسليم هذا المقر للحزب الديمقراطي وشهدت موجة رفض عارمة، وفي حال الإصرار على هذا الأمر فإن الرفض والتظاهرات ستعود مرة أخرى في كركوك، وممكن أن تحدث مشكلة أكبر هذه المرة نحن في غنى عنها".
هل أعاد الكاظمي قوات “البيشمركة” إلى كركوك؟
فتحت هذه الحادثة الباب للعودة قليلا إلى الوراء، إذ ظهرت تقارير صحفية في عام 2021 بعناوين عدة أبرزها "هل أعاد الكاظمي قوات البيشمركة إلى كركوك؟ عن وجود “صفقة سياسية” أبرمها رئيس الحكومة آنذاك مصطفى الكاظمي مع القوى الكردية، تتمثل بإعادة قوات البيشمركة الى كركوك، عبر تفعيل مركز التنسيق المشترك الذي طُرح في زمن حكومة عادل عبد المهدي وتم رفضه لوجود قيادة العمليات المشتركة، وتضم كافة صنوف القوات العراقية.
وبحسب التقارير، فإن الهدف الأساس للمركز، هو فرض سيطرة مشتركة على المناطق التي انسحبت منها البيشمركة خلال العام 2017، عندما فرضت الحكومة الاتحادية سيطرتها على المحافظة، لكن في الخفاء يجري الإعداد لفرض سيطرتها على المناطق والتقدم أكثر وإعادة نفوذها في المدينة، خاصة وأن بعض مقار الأحزاب الكردية عادت مؤخرا الى رفع علم إقليم كردستان فوق مقارها.
عرب كركوك يطالبون بمُغيّبينهم
بعد عودة الحزب إلى كركوك، طالبت هيئة الرأي العربية في المحافظة، اليوم السبت، الحزب الديمقراطي الكردستاني باستيعاب الدرس جيدا وعدم العودة إلى سياسته السابقة.
وذكرت الهيئة في بيان ورد لشبكة انفوبلس، أن "على الحزب الديمقراطي الكردستاني أن يستوعب الدرس جيدا ولا يعود إلى سياسته السابقة" فيما دعته لـ"إطلاق سراح المغيبين العرب الذين تم اختطافهم إبان تواجده في المحافظة قبل عملية فرض القانون وتسليمهم الى المحاكم العراقية للنظر في قضيتهم".
كما دعت الهيئة، قيادة الحزب الديمقراطي لـ"الاعتذار عن السياسة السابقة والتعهد بعدم تكرارها وفتح صفحة جديدة هدفها نشر التعايش السلمي بين مكونات المجتمع والإيمان بعراقية كركوك وتبعيتها للحكومة الاتحادية".
المغيبون العرب في كركوك
عقب بيان هيئة الرأي، سلطت شبكة انفوبلس الضوء على المغيبين في كركوك، وأعدادهم ومصيرهم، وهو ما ستستعرضه في قادم الأسطر.
وتعود مشكلة المغيبين في كركوك إلى سيطرة الأحزاب الكردية على المحافظة بعد 2003، وإحكام هيمنتها عليها بعد العام 2014 ولغاية عمليات فرض القانون في تشرين الأول/ أكتوبر 2017 والتي أعادت فرض سلطة بغداد المركزية على كركوك المتنازع على إدارتها بين حكومتي المركز والإقليم.
ويؤكد مسؤولون من المكون العربي في كركوك، أن السلطات الكردية الأمنية اختطفت نحو 5 آلاف مواطن عربي في المحافظة.
كما يشارك المسؤولون التركمان، العرب هذه التأكيدات، ويقولون إن العديد من أبناء المكون التركماني غيبتهم واختطفتهم الأجهزة الأمنية التابعة للأحزاب الكردية.
من جانبه، أكد محافظ كركوك السابق راكان سعيد الجبوري، أن سلطات الإقليم غيّبت الآلاف من أبناء كركوك طيلة السنوات التي سبقت عمليات فرض القانون.
وقال الجبوري، إن "ملف المغيبين في كركوك من أعقد الملفات على مستوى العراق، وإنه جريمة كبيرة ارتُكبت في زمن الاستفراد بالسلطة في كركوك"، في إشارة إلى فترة حكم الأحزاب وقوى الأمن الكردية.
وأضاف، إنه "في عهد تلك السلطة تم تغييب واختطاف أعداد كبيرة من المواطنين بتهم مختلفة بدون مذكرات قبض قضائية، وتم نقلهم خلافا للقانون إلى سجون إقليم كردستان".
خلاصة
في النهاية، قوبلت عودة الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى كركوك بمعارضة من قبل غالبية المكونات العربية والتركمانية في المحافظة، الذين يخشون من أن يؤدي ذلك إلى زعزعة الاستقرار الذي تحقق منذ عام 2017 وإعادة إشعال التوترات العِرقية والدينية.