"حكومة الطوارئ" تحت الأنقاض.. السوداني ينسف سيناريوهات التأجيل بحسم غير مسبوق

انفوبلس/..
في خطوة مفاجئة ومبكرة، حسم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الجدل المحتدم في الأوساط السياسية والإعلامية بشأن مصير الانتخابات المقبلة، بعد أسابيع من التكهنات حول احتمالية تأجيلها أو التمهيد لتشكيل "حكومة طوارئ".
وخلال جلسة مجلس الوزراء الصباحية المنعقدة اليوم، والتي جاءت استكمالًا لأعمال الجلستين السابقتين المعقودتين عقب عطلة العيد، صوت المجلس على تحديد يوم 11 تشرين الثاني 2025 موعدًا رسميًا لإجراء الانتخابات التشريعية، في قرار وصف بأنه "مباغت ويقطع الطريق على مشاريع التأجيل".
*قطع الشك باليقين
يُعد إعلان موعد الانتخابات بشكل مبكر أي قبل 7 أشهر من موعدها المحدد، سابقة لافتة في المشهد السياسي العراقي، إذ جرت العادة على تحديد الموعد قبل 90 يومًا فقط، بحسب النصوص القانونية.
هذه الخطوة المبكرة جاءت لتمثل ضربة استباقية من السوداني لدوائر الشك التي انتشرت مؤخرًا حول نواياه بالبقاء في المنصب عبر تأجيل الانتخابات.
*"حكومة الطوارئ".. مشروع وُلد ميتًا؟
خلال الأيام الماضية، تصاعد الحديث في بعض وسائل الإعلام ودوائر القرار السياسي عن مقترح لتشكيل “حكومة طوارئ” كمدخل لتأجيل الانتخابات، وهي فكرة جوبهت برفض واسع. بل إن بعض القوى السياسية حذّرت من أن تأجيل الانتخابات قد يفتح الباب أمام "تقسيم العراق" وعودة الفوضى الدستورية.
وكان زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، قد حذّر يوم الإثنين الماضي (7 نيسان 2025)، من أي تأجيل أو إلغاء للانتخابات، عاداً أن هذا الأمر يعني "سقوط البرلمان ووضع العراق على منصة التقسيم والفتنة".
وقال المالكي، خلال كلمة له في مهرجان "وفاء الدم أصابع بنفسجية"، إن "هذه الايام نسمع كلمات تطلق من البعض، بشأن تأجيل او الغاء الانتخابات، لكنها واجب شرعي وإنساني وأخلاقي، وأن الأمة هي من تسيطر من خلال الانتخابات".
وأضاف: "لن نقبل أي كلام عن تأجيل الانتخابات، فأي تأجيل سينهي البرلمان ولن يكون هناك غطاء شرعي لممارسة عمله، ولن يكون هناك دستور، فسقوط البرلمان لا يمكن أن يعوض إلا بفتوى من القضاء"، لافتاً إلى أن "حالة الطوارئ موجودة لدينا، وتعلن بتصويت ثلثي اعضاء مجلس النواب وهي لمدة شهر، ويكون ذلك إذا دخل البلاد في أزمة خطيرة، وهذا حدث مرة واحدة".
وتابع أن "الغاء او تجميد او تأجيل الانتخابات هو وضع العراق على منصة التقسيم والفتنة، فالتأجيل مدخل خطير للفتنة، ويجب حماية العراق والديمقراطية من خلال الانتخابات".
لكن قرار اليوم من السوداني بدد هذه الفرضيات، وظهر بمثابة رسالة مزدوجة: أولًا لتأكيد التزامه بخارطة الطريق الدستورية، وثانيًا لإغلاق الباب أمام أي محاولات لتوظيف ملف الانتخابات في صراعات سياسية داخلية أو إقليمية.
*المفوضية تعلق
في هذا الصدد، علقت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، اليوم الأربعاء، على إعلان الحكومة العراقية موعد اجراء انتخابات مجلس النواب المقبلة.
وقال رئيس الفريق الإعلامي للمفوضية عماد جميل، ان "المفوضية العليا المستقلة للانتخابات جاهزة ومستعدة للعملية الانتخابية المقبلة، ولا توجد لدينا أي معوقات أو تحفظات بشأن تاريخ الانتخابات المعلن من قبل مجلس الوزراء، رغم أن المفوضية حتى هذه الساعة لم تتسلم أي شيء رسمي بهذا الخصوص".
وبين أنه "في حال تم تعديل قانون انتخابات البرلمان، فهذا الأمر ربما يؤثر على عمل المفوضية وربما لا يؤثر، فلكل حادث حديث، وهنا يتعين عدم استباق الأحداث، وينبغي معرفة ما هي التعديلات التي ينوي مجلس النواب العمل بها".
من جهتها، كشفت المتحدثة باسم المفوضية المستقلة للانتخابات جمانة الغلاي، اليوم الاربعاء، عن استعداداتهم لإجراء الانتخابات.
وقالت الغلاي، إن "المفوضية مستعدة لاجراء الانتخابات استناداً إلى قانون الانتخابات المعدل رقم 12 لسنة 2018".
واضافت انها "شرعت باستعداداتها من خلال تحديث سجل الناخبين، وأيضا وضعت في وقت سابق جدول عمليات افتراضي وسيصادق المجلس على جدول العمليات بتوقيتات زمنية وفقاً للموعد المحدد"، مبينة ان "عملية تحديث سجل الناخبين ماضية في 1079 مركزا وبالتالي هو ضمان لحقوق الناخبين".
ولفتت الغلاي إلى ان "إجمالي عدد الأحزاب المسجلة بلغ 329 حزبا في دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية التابعة لمفوضية الانتخابات".
وأكدت ان "هناك اقبالا جيدا في 1079 مركزا تسجيل من الناخبين الذين يرومون يحدثون بياناتهم البايومترية سواء كان بالتسجيل لاول مرة او اضافة المواليد الجديدة 2007 او عملية الحذف او التصحيح او النقل والتغيير وأيضا التصويت الخاص بالقوات الأمنية والنازحين".
وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات العراقية، الشهر الماضي، انطلاق عملية تحديث سجل الناخبين، فيما أشارت إلى أن عملية التحديث ستستمر لمدة شهر واحد.
وقالت المفوضية على لسان المتحدثة باسمها جمانة الغلاي يوم 26 من شهر آذار/مارس الماضي، إن قرابة 30 مليون شخص يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة المزمع اجراؤها في شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
وكان مجلس النواب العراقي، صوت خلال جلسته الاعتيادية في 13 كانون الثاني/ يناير الماضي، على تمديد عمل مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، وذلك بعد أن قرر القضاء العراقي، تمديد مدة ولاية أعضاء مجلس المفوضية الدورة الحالية لمدة سنتين.
*خطوة بالغة الأهمية
عضو مجلس النواب عن كتلة الصادقون النيابية زينب الموسوي، أكدت اليوم الاربعاء، أن التحرك المبكر لتحديد موعد الانتخابات خطوة بالغة الأهمية
وقالت الموسوي في تدوينة لها، إن "قرار مجلس الوزراء بتحديد 11 تشرين الثاني 2025 موعداً للانتخابات التشريعية، بمثل خطوة بالغة الأهمية ليس فقط من الناحية الإجرائية، بل من حيث الرسائل السياسية التي يبعثها في الداخل والخارج".
وأضافت، أن "التحرك المبكر لتحديد الموعد يعكس جدية الحكومة العراقية برئاسة السوداني في التهيئة لاستحقاق انتخابي ديمقراطي، ويمنح المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فرصة كافية للإعداد الفني واللوجستي حيث يُنظر إلى الانتخابات المقبلة على أنها محطة مفصلية في مسار العملية السياسية في العراق، وسط تطلعات شعبية واسعة باستمرار، الإطار التنسيقي لدوران عجلته الخدمية التي سببت تغييرات جذرية واستمرار تحقيق إصلاحات حقيقية في بنية النظام السياسي والإداري".
*حزة الدعوة يوجه دعوة
حزب الدعوة الإسلامية، وفي ذكرى شهادة الرمز والقائد والمرجع السيد محمد باقر الصدر، دعا القوى والأحزاب والتيارات والقيادات الإسلامية في الساحة الشيعية إلى "الوحدة، والحوار الجاد، بغية فتح مسارات جديدة للعملية السياسية تُنعش أمل العراقيين وتستعيد ثقتهم، عبر توفير الخدمات، وضرب الفساد والفاسدين، واقتلاع جذورهم، وإبعادهم عن مواقع التسلط على المال العام"، مطالباً "القوى الوطنية المخلصة إلى الالتقاء على مشروع وطني تضامني جامع يحمي البلاد، ويدافع عن التجربة الديمقراطية التي جاءت بعد تضحيات غالية، ومخاضات عسيرة، وانتظار طويل".
وأكد على "إجراء الانتخابات في موعدها المحدد كاستحقاق دستوري ووطني وديمقراطي، وحق للمواطنين، لا يجب التجاوز عليه أو خرقه"، معرباً عن "أمله بمشاركة كل القوى الفاعلة فيها، وفي تقرير مصير العملية السياسية ومستقبلها بإرادة المواطنين وخياراتهم الحرة عبر صناديق الاقتراع، بعيداً عن المراهنات الزائفة بالتغيير الموهوم".