60 شركة و101 عضوا.. تعرف على أبعاد زيارة الوفد التجاري الأمريكي.. "حصان طروادة" في بغداد

انفوبلس..
قبل يومين، أرسلت واشطن إلى بغداد أكبر وفد تجاري بتاريخ البلدين، في وقت تشهد فيه المنطقة والعالم توترات كبيرة على المستويات الجيوسياسية، وعصر تتصدر فيه الطاقة والاقتصاد أغلب أسباب الصراعات والحروب، فما تفاصيل الزيارة وأبعادها؟ وهل يمكن أن يرى العراق خيراً من أمريكا؟
بيان السفارة
في أمس الأول، أعلنت السفارة الاميركية في العراق، عن تفاصيل زيارة وفد امريكي مكون من 101 عضوا الى العراق.
وقالت السفارة في بيان ان "غرفة التجارة الأمريكية قادت برئاسة استيف لوتس وفدًا مكونا من 101 عضوا من حوالي 60 شركة أمريكية في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والصحة إلى العراق الأسبوع الحالي".
وأضافت ان "هذه أول مهمة تجارية معتمدة من وزارة التجارة الأمريكية إلى العراق وأكبر بعثة تجارية أمريكية إلى العراق في تاريخ الغرفة".
وأكدت ان "الوفد سيلتقي خلال زيارته التي تمتد من 7 إلى 9 نيسان، بمسؤولين عراقيين رفيعي المستوى، كما سيتواصل مع شركات عراقية، ويقوم بتوقيع عدد من الاتفاقيات".
وقال القائم بالأعمال الأمريكي في العراق دانيال روبنستين:"نحن هنا، للتركيز على هدف واحد، وهو تعزيز الشراكات التجارية".
ووفقا لبيان السفارة فأن 'غرفة التجارة الأمريكية توفر منصة لخلق وتنفيذ أفكار جديدة تهدف إلى إنشاء شراكات وسياسات تجارية تؤثر على تفكير الحكومات وقادة الأعمال في كلا البلدين".
وتابعت انه "على مدار أكثر من عقد من الزمن، دأبت الغرفة على زيارة العراق بانتظام واستضافة وفود حكومية عراقية في الولايات المتحدة".
ووقعت غرفة التجارة الأمريكية خلال هذه الزيارة على مذكرة تفاهم مع اتحاد غرف التجارة العراقية لتعزيز العلاقات بين القطاع الخاص الأمريكي ونظيره العراقي.
تحليل الزيارة وأبعادها
يرى الكاتب عدنان الخليفة، ان الزيارة تشبه "حصان طروادة"، وقال في مقالة له عنها: "في عراق مثقل بالإرث الثقيل للفساد وتولي دونالد ترامبسدة الرئاسة الأمريكية، يحل وفد تجاري أمريكي ضخم في بغداد، مثيرًا سيلًا من التساؤلات العميقة. ففي هذا التوقيت الحساس، الذي يشهد تحولات جيوسياسية إقليمية ودولية، لا يمكن اعتبار هذه الزيارة مجرد حدث اقتصادي عابر. بل تحمل في طياتها دلالات سياسية تتجاوز ظاهرها البراق بالوعود الاستثمارية".
وأضاف إن "تزامن وصول هذا الحشد من الشركات الأمريكية مع استلام ترامب مقاليد الحكم في واشنطن يشي بمحاولة استباقية من قبل الأحزاب المتنفذة في العراق لبناء جسور تواصل مبكرة مع الإدارة الأمريكية الجديدة. هذه الأحزاب، التي لطالما أثبتت براعتها في التكيف مع مختلف التحولات الإقليمية والدولية، تسعى ربما لتقديم أوراق اعتماد اقتصادية لإدارة ترامب، طمعًا في ضمان استمرار دعمها أو على الأقل تحييد أي سياسات قد تهدد مصالحها الراسخة".
وتابع: "لكن، في ظل سجل هذه الأحزاب الحافل بالفشل في إدارة الدولة وتكريس الفساد كأداة للبقاء، يصبح الحديث عن وفد اقتصادي يخدم مصلحة الشعب العراقي ضربًا من الخيال. فالدلائل تشير إلى أن هذه الزيارة قد تكون غطاءً لصفقات مشبوهة يتم بموجبها تقديم تسهيلات ووعود لشركات أمريكية نافذة مقابل دعم سياسي أو التغاضي عن ممارسات الفساد المستمرة التي تلتهم مقدرات البلاد".
ورأى إن "الأحزاب التي تسيطر على مفاصل القرار في العراق ليست لديها الخبرة أو الإرادة الحقيقية لبناء اقتصاد مزدهر. جل اهتمامها منصب على استدامة نفوذها وتوسيع شبكاتها الطفيلية. لذا، يصبح دورها في استضافة هذا الوفد محل شك عميق، حيث قد تكون مجرد وسيط ينفذ أجندة خفية تخدم مصالحها الضيقة ومصالح قوى خارجية، على حساب تطلعات الشعب العراقي نحو مستقبل أفضل".
وأشار إلى إن "تاريخ العراق مليء بالوفود والعقود التي لم تثمر، بل كانت في الغالب أدوات لتبديد الثروات وتكريس الفساد. يخشى الكثيرون أن يكون هذا الوفد الأمريكي الكبير مجرد حلقة أخرى في هذا المسلسل المؤلم. فبدلًا من أن يكون بوابة لازدهار اقتصادي حقيقي، قد يتحول إلى "حصان طروادة" يحمل في جوفه المزيد من الاستغلال والتواطؤ على حساب مستقبل العراق".
إلى ذلك وصف الصحفي عزيز جاسم تلك الزيارة بـ"الخطوة الاستراتيجية الغريبة"، وقال في منشور له على فيسبوك: "أعطيت بوقت سابق، احتماليين لسياسة ترامب في العراق، اما الضغط على هذه الحكومة لأجل التخلي عن إيران، أو عبر الاتفاق مع هذه الحكومة للخضوع لتلك السياسات، مقابل بقائهم بالسلطة و المحافظة على الوضع الحالي للعراق و تحقيق مكاسب لصالح الولايات المتحدة على حساب النفوذ الإيراني".
كما كتب أحد المدونين على فيسبوك تعليقاً على الزيارة وقال: "في الوقت الذي يُقتل أهلنا في غزة برعاية أمريكا بشكل مباشر، يُعطي العراق مليارات الدولارات التي تمول الحرب على غزة، حينما تكلمت قبل أيام على إن العراق يُشارك في الحرب ضد غزة لم يصدق أحد والكل عاتب ورفض، لكن هذا الواقع، العراق بسياقه الحكومي يُحارب غزة بشكل غير مُباشر، وبدل محاولة الضغط على أمريكا يلهث ساسة العراق خلفها والمجازر لا زالت مستمر في غزة".
ووأضاف: "لو تركنا جدلًا الأمر، ما هي فائدة العراق من هذه الشركات؟ جنرل الكتريك الأمريكية عقودها بالترليونات ولم نحصل على كهرباء جيدة منها واليوم 60 شركة صهيوامريكية تنهش لحمنا وتمتص دمائنا وبعدها يأتي الجاهل يقول ايران تعتاش علينا، ولا يدري بأن أمريكا اخذتنا يمينًا ويسارًا ولا حيلة لنا".
المواقف الرسمية والمتفائلة
وحول هذه الزيارة، قال مستشار رئيس الوزراء للشؤون الفنية محمد الدراجي إن "زيارة الوفد التجاري الأمريكي إلى العراق تمثل نقطة تحول مهمة في العلاقات الاقتصادية بين بغداد وواشنطن"، مشيرًا إلى أن "الوفد يُعد الأكبر من نوعه من حيث عدد الشركات، مما يعكس الرغبة الأمريكية الجادة في التعاون الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين".
وأضاف، أن "الحكومة العراقية حريصة على تنويع مصادر التعاملات التجارية، وقد تم عقد لقاءات مع الشركات الأمريكية لعرض الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة، لا سيما ما يتعلق بتغيير الفلسفة الاقتصادية نحو دعم القطاع الخاص وتوفير الضمانات اللازمة لجذب الشركات العالمية الكبرى للعمل في السوق العراقية".
من جهته قال المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح إن "هذه هي المرة الأولى التي تلتقي فيها قوى السوق في العراق والدولة الصديقة، سعياً إلى بناء تعاون مشترك في مجالات الاستثمار المتاحة وطنياً".
وأضاف صالح، أن "العراق يعيش اليوم في مناخ مستقر وآمن، مما جعل بلادنا وجهة جاذبة للاقتصاد الوطني لدولة صديقة تعتبر من الأوائل على مستوى العالم في مجال التعاون الاقتصادي الفعال".
من جانبه أكد عضو لجنة الاستثمار والتنمية النيابية، النائب حسن قاسم الخفاجي، أن "هذه الزيارة تُعد خطوة مهمة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين العراق والولايات المتحدة، وتعكس ثقة متزايدة بالفرص الاستثمارية في السوق العراقية".
وأضاف، أن "هذه الزيارة هي الأكبر في تاريخ غرفة التجارة الأمريكية وذلك يُعد مؤشرًا واضحًا على وجود فرص استثمارية واعدة، خصوصًا في قطاعات الطاقة والصناعة والتكنولوجيا، مع إمكانية نقل الخبرات وخلق فرص عمل وتنشيط بيئة الأعمال".
فيما أشار الخبير الاقتصادي أحمد صدام، اﻟﻰ أن "الوفد يعكس رغبة أمريكية حقيقية في الاستثمار داخل العراق، وهو أمر يصب في صالح الاقتصاد الوطني إذا ما تم استثماره بالشكل الصحيح".
وأوضح، أن "دخول الاستثمارات الأمريكية من شأنه دعم خطط التنويع الاقتصادي وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، إلى جانب خلق بيئة تنافسية بين الشركات"، مؤكدا "أهمية استغلال هذه الرغبة لتعزيز العلاقات الاقتصادية، ونقل التكنولوجيا، وإنشاء صناعات غير نفطية تسهم في تطوير الاقتصاد تدريجيًا".
بدوره بين الخبير المالي صفوان قصي أن "حجم التبادل التجاري الحالي بين العراق والولايات المتحدة لا يتجاوز 8 مليارات دولار سنويًا، وهو رقم متواضع مقارنة باحتياجات السوق العراقية، التي تستورد سلعًا بأكثر من 70 مليار دولار سنويًا من دول أخرى".
وذكر أن "هناك ضرورة لزيادة القدرة التنافسية للسلع الأمريكية داخل السوق العراقية من خلال تمكين القطاع الخاص المحلي ومنحه وكالات تجارية منظمة للاستيراد من الولايات المتحدة".
وأوضح، أن "هذا التوجه من شانه أن يسهم في تحسين قدرة العائلة العراقية على الحصول على منتجات عالية الجودة، مع إمكانية اعتماد نظام شراكة طويل الأمد بضمانات سيادية لجذب الاستثمارات الأمريكية، وتطوير القطاعات المختلفة، بما في ذلك الصناعات، الجامعات، المستشفيات، وحتى قطاع التسليح، الذي يحتاج إلى التحديث ونقل المعرفة والتكنولوجيا".
ويوم أمس، أكد رئيس الوفد التجاري الأمريكي الزائر للعراق ستيف لوتس، أن العراق يمثل سوقًا واعدًا للاستثمار، وأن الشركات الأمريكية تتطلع إلى فرص التعاون في مختلف القطاعات، مع التركيز على خلق فرص عمل للشباب العراقي، والمساهمة في تطوير البنية التحتية والخدمات الحيوية.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب في بيان إن "رئيس مجلس النواب العراقي، محمود المشهداني، استقبل في القصر الرئاسي ببغداد، القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية لدى العراق، دانيال روبنستين، يرافقه وفد اقتصادي كبير من غرفة التجارة الأمريكية يضم ممثلين عن 57 شركة أمريكية، برئاسة ستيف لوتس، وعددا من رؤساء الشركات والمستثمرين، وذلك في إطار أعمال المؤتمر الاقتصادي لغرفة التجارة الأمريكية المنعقد في العراق".
وأضاف البيان، أنه "في مستهل اللقاء، رحّب المشهداني بالوفد الأمريكي"، مؤكدا أن "العراق يرحّب بكافة المبادرات التي تسهم في تطوير اقتصاده وتعزيز شراكاته الدولية، لاسيما مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي تمثل أحد أهم الشركاء الاستراتيجيين في مختلف المجالات".
وأكد رئيس مجلس النواب - بحسب البيان – على" الأهمية البالغة للاستثمار في العراق، لاسيما في القطاعات الحيوية والاستراتيجية مثل النفط والكهرباء، والتي تمثل عصب الاقتصاد العراقي"، مشددا على "ضرورة تنشيط الاستثمار في القطاعات الزراعية والصناعية، إلى جانب القطاعات الخدمية التي ترتبط بحياة المواطن العراقي، مثل البيئة، والتعليم، والصحة".
وأوضح المشهداني، أن "مجلس النواب العراقي قد شرّع قانون الاستثمار الذي يوفر البيئة القانونية الآمنة والمحفّزة للاستثمار، ويحمي حقوق المستثمرين ويشجع على الشفافية وتكافؤ الفرص"، مشيرا إلى أن "البرلمان، باعتباره “بيت الشعب”، يسهر على ضمان حياة كريمة وآمنة للمواطن، ويعمل بشكل وثيق مع الحكومة من خلال آليات تنسيق فعالة لدعم مشاريع التنمية وتسهيل دخول الاستثمارات".
وأكد المشهداني وفقا للبيان، أن "البرلمان العراقي يدعم بقوة توقيع الاتفاقيات الثنائية مع الدول الصديقة، بما يسهم في تنشيط الحركة الاقتصادية، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وخلق فرص عمل جديدة تسهم في الحد من البطالة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي".
وتابع البيان، أن"دانيال روبنستين، القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية في بغداد من جهته، عبّر ، عن سعادته بهذا اللقاء، مؤكدا "التزام بلاده بدعم العراق في مسيرته نحو التنمية الاقتصادية والاستقرار، وتعزيز الشراكة بين القطاع الخاص الأمريكي ونظيره العراقي".