السوداني في واشنطن بمنتصف نيسان المقبل.. تعرف على أبعاد الزيارة والملفات التي ستتم مناقشتها بين البلدين.. هل تتم؟ وهل ينجح السوداني بمساعيه الدبلوماسية؟
انفوبلس..
بعد العديد من الدعوات الأمريكية غير المرفقة بموعد لرئيس وزراء العراق لزيارة واشنطن، أعلن المكتب الإعلامي لمحمد شياع السوداني أنه سيزور العاصمة الأمريكية في الخامس عشر من شهر نيسان المقبل، الأمر الذي فتح باب الاحتمالات والتحليلات عما سيجري في تلك الزيارة، فضلا عن احتمالات عدم إتمامها.
وقال مكتب السوداني في بيان، إن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني سيتوجّه إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، بناءً على دعوة من الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، لعقد لقاء قمّة، وذلك يوم الاثنين الموافق 15 نيسان 2024".
وأشار البيان إلى، أن الجانبين "سيبحثان أفق العلاقة المستقبلية في مرحلة ما بعد التحالف الدولي لمحاربة داعش، وأفضل السبل للانتقال إلى شراكة شاملة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، في ضوء اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والمالية والثقافية والتعليمية والأمنية".
وأوضح البيان، أن "السوداني وبايدن سيتشاوران حول مجموعة من القضايا خلال الزيارة، بما في ذلك أهم القضايا الإقليمية، و جهود ترسيخ الاستقرار في المنطقة".
وكان البيت الابيض قد أعلن بوقت سابق أمس الجمعة، أن رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني سيحل ضيفًا على البيت الابيض والرئيس الامريكي جو بايدن لمناقشة 6 ملفات.
وجاء في بيان للسكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير، أنه "في 15 نيسان، سيُرحب الرئيس جو بايدن برئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في البيت الأبيض للتنسيق بشأن الأولويات المشتركة وتعزيز الشراكة الثنائية القوية بين الولايات المتحدة والعراق".
وأضاف البيان، أن "القادة سيؤكدون من جديد التزامهم باتفاقية الإطار الاستراتيجي وسيعملون على تعميق رؤيتهم المشتركة لعراق آمن وذو سيادة ومزدهر مندمج بالكامل بالمنطقة الأوسع".
وأشار البيان إلى، أنه "سيتشاور بايدن والسوداني حول مجموعة من القضايا خلال الزيارة، بما في ذلك التزامنا المشترك بالهزيمة الدائمة لداعش وتطور المهمة العسكرية بعد ما يقرب من عشر سنوات من تشكيل التحالف العالمي الناجح لهزيمة داعش، وسيناقشون أيضًا الإصلاحات المالية العراقية الجارية لتعزيز التنمية الاقتصادية والتقدم نحو استقلال العراق في مجال الطاقة وتحديثه".
وكعادة البيانات الحكومية ذات اللغة الدبلوماسية فإنها لا تكشف بشكل واضح ما ستتم مناقشته، خصوصاً وأن الزيارة تأتي بعد فصول عديدة من التوتر بين واشنطن وبغداد التي تطالب بإنهاء مهمة التحالف الدولي لمكافحة داعش.
ومنذ منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، وعلى خلفية الحرب الدائرة في غزة، استهدفت فصائل المقاومة الإسلامية في العراق بعدّة هجمات بالصواريخ وبالطائرات المسيرة، القوات الأميركية المتمركزة في العراق وسوريا.
وهذه أول زيارة رسمية يجريها السوداني لواشنطن منذ تسلمه منصبه في تشرين الأول/ أكتوبر 2022.
وتنشر الولايات المتحدة نحو 900 جندي في سوريا و2500 في العراق المجاور في إطار التحالف الدولي الذي أنشأه الأميركيون في العام 2014 لمكافحة داعش.
وشنّت واشنطن حملة من الردود على مقتل ثلاثة جنود أميركيين بضربة في الأردن قرب الحدود مع سوريا في هجوم أواخر كانون الثاني/ يناير نسب إلى فصائل المقاومة الإسلامية في العراق.
وكجزء من هذا الرد، شنّت واشنطن مطلع شباط/ فبراير، عدواناً بطائرة مسيرة في بغداد أدت إلى استشهاد القيادي في الحشد الشعبي أبو باقر الساعدي.
لكن الأسابيع الأخيرة شهدت هدوءاً نسبياً بين الطرفين بعد تقديم الحكومة العراقية وعودا بالعمل على طرد القوات الأمريكية من العراق بالطرق السياسية والدبلوماسية، فيما استأنفت واشنطن وبغداد منتصف شباط/ فبراير المفاوضات الهادفة إلى مناقشة مستقبل قوات التحالف الدولي في العراق.
وقد أفضت الجولة الأولى للحوار الثنائي، التي عُقدت في بغداد في 27 كانون الثاني/ يناير الفائت، إلى اتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف وإنهائها والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية.
وتأمل السلطات العراقية بالحصول على جدول زمني بشأن خفض تدريجي لوجود القوات الأجنبية على الأراضي العراقية.
وجاءت المحادثات بسبب ضغوطات شعبية كبيرة تعرضت لها حكومة السوداني فضلا عن ضغوط الجهات السياسية وفصائل المقاومة الرافضة للوجود الأمريكي، إذ طالبت بإخراج قوات التحالف الدولي من العراق، إثر تنفيذ واشنطن ضربات انتقامية في العراق أسفرت عن استشهاد قيادات بارزة في الحشد الشعبي.
وكان رئيس الوزراء العراقي قد تلقى دعوة مماثلة لزيارة واشنطن في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي 2023، بعد مرور عام على تشكيل حكومته، إلا أنها لم تحصل.
والزيارة إلى واشنطن تُعد إجراءً بروتوكولياً اعتاده رؤساء الحكومات العراقية المتعاقبة بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، تحصل في الأشهر الأولى لتسلم أيٍّ منهم السلطة، إلا أن زيارة السوداني، بصفته رئيساً لحكومة منبثقة عن تحالف سياسي (الإطار التنسيقي)، أعلنَ في أكثر من مناسبة مناهضته للولايات المتحدة الأميركية والعمل على إزاحة وجودها العسكري من البلاد، قد تُخرجها من سياقها المعتاد هذه المرة، خصوصاً أن ملفات السوداني التي يريد حملها إلى واشنطن لن تكون مقبولة أميركياً.
وفي مطلع العام الجاري، قال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لوكالة رويترز، إن العراق "يريد خروجا سريعا ومنظما" لقوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، من أراضيه، وذلك "عن طريق التفاوض"، لكنه لم يحدد موعدا نهائيا.
ووصف السوداني وجود تلك القوات بأنه "مزعزع للاستقرار"، في ظل التداعيات الإقليمية لحرب غزة.
وقال السوداني، إن "هناك حاجة لإعادة تنظيم هذه العلاقة، حتى لا تكون هدفا أو مبررا لأي طرف، سواء كان داخليا أو خارجيا، للعبث بالاستقرار في العراق والمنطقة".
ولكن في التاسع من كانون الثاني/ يناير الماضي، قالت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) إنها لا تخطط حاليا لسحب قواتها من العراق على الرغم من إعلان بغداد أنها بدأت إجراءات لإنهاء وجود التحالف الدولي ضد داعش عقب عدوان أميركي أسفر عن استشهاد قيادي في الحشد الشعبي.
وقال المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر – في إيجاز صحفي- إنه ليس لديه علم بأي خطط للانسحاب من العراق، مضيفا أن القوات الأميركية المشاركة في التحالف تواصل التركيز بشدة على مهمة هزيمة تنظيم الدولة.
وأضاف رايد، إنه لا يعلم كذلك بأي إخطار من بغداد للبنتاغون بشأن قرار سحب القوات الأميركية، مشيرا إلى أن هذه القوات موجودة في العراق بدعوة من الحكومة هناك.
ويضم التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، دولا أخرى مثل فرنسا وإسبانيا، وقد أُنشئ عام 2014 لمكافحة تنظيم الدولة الذي كان يسيطر على مساحات كبيرة من العراق وسوريا.
وفي منتصف شباط/ فبراير الماضي، اعتبر عضو لجنة العلاقات النيابية النائب عامر الفايز، زيارة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني للولايات المتحدة اذا ما حصلت ستكون "قراره الشخصي"، وذلك بعد تجديد الرئيس الامريكي جو بايدن دعوته للسوداني لزيارة واشنطن، عبر نائبته كامالا هاريس.
وقال الفايز، إن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يقود مسارا دبلوماسيا في تحديد ملامح العلاقة بين بغداد وواشنطن وهو مسار ناجح"، لافتا الى أنه "هو من يحدد آفاق زيارته الى أي دولة وفق رؤية ومصلحة البلد سواء أكانت واشنطن او غيرها لأنها قرار شخصي متعلق بصلاحياته في ادارة الحكومة".
وأضاف، إن "هناك لجنة عليا بين العراق وامريكا تتضمن الحوار حول مصير القوات العسكرية في بغداد ونتائجها ربما هي من تحدد مسارات أي زيارة قادمة للسوداني للبيت الابيض".
وأشار الى، أن "3 ملفات مهمة ستُطرح في واشنطن إذا ما جرت زيارة السوداني اليها؛ هي آليات خروج القوات القتالية، والفصل بينها وبين العلاقة الثنائية بين بغداد وامريكا، خاصة وأن هناك أبعادا اقتصادية وأمنية لا يمكن التغاضي عنها لكن وفق رؤية المصالح المتبادلة بعيدا عن وجود قوات قتالية في العراق".
وفي حينها كان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد توجه الى ألمانيا للمشاركة بمؤتمر ميونخ للأمن بعد زيارة أجراها الى هولندا.
والتقى السوداني بكاملا هاريس نائبة الرئيس الأميركي على هامش مؤتمر ميونخ، فيما اكد السوداني موقف العراق الثابت إزاء السيادة على الأرض العراقية، كونها من المبادئ التي لا يمكن التهاون بشأنها أو التفريط بها تحت مختلف الأسباب والظروف.
من جانبها، نقلت هاريس تحيات الرئيس الأمريكي جو بايدن، مجددةً دعوته إلى زيارة واشنطن، وسط تساؤلات عما إذا كان السوداني سيُلبّي الدعوة.
وجاءت هذه الدعوة لتكون المرة الثانية بعد دعوة سابقة تلقاها السوداني من قبل وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، حيث سلَّمه دعوة رسمية من الرئيس جوزيف بايدن لزيارة واشنطن في سبتمبر 2023، أي إنه تسلَّم دعوتين خلال 5 اشهر، لكنها كانت دون تحديد موعد لها.