السيد السيستاني يُفشِل المخططات الغربية لحل الحشد الشعبي.. رفض استقبال الحسان في الزيارة الثانية
انفوبلس/ تقرير
تتصدر لقاءات المبعوث الأممي الخاص في العراق للأسبوع الثاني على التوالي، ساحة الاهتمام السياسي في البلاد، بعد تقارير صدرت عن سياسيين ومستشارين بالحكومة تحدثت عن ضغوط دولية على العراق لتفكيك الحشد الشعبي والتهديد بعقوبات دولية، لكن موقف المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله) حسم الأمر وأفشل المخططات الغربية، فما سر رفض استقبال محمد الحسان في الزيارة الثانية؟
الحشد الشعبي مؤسسة رسمية قانونية صوّت البرلمان العراقي على قانونها وهي إحدى صنوف القوات المسلحة التي تأتمر بأمرة القائد العام لقوات المسلحة
*موقف حاسم من السيد السيستاني
كشفت مصادر سياسية رفيعة المستوى، اليوم السبت (21 كانون الأول 2024)، عن رفض المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله)، إصدار فتوى لحل الحشد الشعبي، بالرغم من الضغوط الغربية التي يتعرض لها العراق.
وقال مصدر عراقي مسؤول، إن "الحكومة العراقية تلقّت، أكثر من مرة، طلبات من أطراف دولية وإقليمية لحلّ الحشد الشعبي وتسليم الفصائل المسلحة سلاحها للدولة". مضيفا، إن "الزيارة الثانية لممثل الأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، إلى المرجع الديني الأعلى في النجف، السيد علي السيستاني، كانت بهدف الطلب منه إصدار فتوى لتفكيك الحشد الذي تأسس بفتوى منه، أو دمجه مع الوزارات الأمنية، ليرفض الأخير استقباله"، بحسب صحيفة "الاخبار" اللبنانية.
أما مصدر من الحكومة العراقية، فقد قال، إن "رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، يتعامل مع جميع الأطراف من أجل تخفيف الصراع الأيديولوجي، وخاصة بعد طوفان الأقصى وما تلاه من أحداث في سوريا وسقوط النظام"، موضحا أن "قضية حلّ الحشد وتفكيك الفصائل رغبة غربية ليست جديدة، ولا سيما من جانب الولايات المتحدة التي دائماً ما تعبّر عن انزعاجها من الفصائل".
واشار الى أن "السوداني دائماً ما يشدّد على عدم تدخل الحشد الشعبي في الصراعات الداخلية والإقليمية وحتى عند أحداث غزة ولبنان، أُبعد الحشد عنها تماماً، لكنّ هناك أطرافاً دولية وإقليمية تعتبر أن الفصائل تهدّد مصالحها وتتحكم بها إيران".
أما المصدر الثالث، قال إن "السيستاني استقبل الحسان فعلاً في زيارة أولى، جرت خلالها مناقشة الأوضاع في المنطقة ومصلحة العراق، بينما في الزيارة الثانية، التي أجريت قبل أيام وبعد نحو شهر على الأولى، لم يستقبله المرجع الأعلى بل ابنه السيد محمد رضا، وهذا ما يبيّن أنه فعلاً كان هناك طلب بخصوص حل الحشد، وعدم استقباله هو بمثابة الرفض لذلك الطلب".
وحلّ الحسان في الرابع من تشرين الثاني الماضي ضيفاً على السيد السيستاني، إثر الأحداث والتحوّلات التي عاشتها المنطقة. وحينها، شدد المرجع على وحدة الصف العراقي وحصر السلاح بيد الدولة والابتعاد عن لغة الحروب، وهو ما فسّره ناشطون ومحلّلون سياسيون على أنه إشارة إلى الفصائل بوقف عملياتها العسكرية التي أحرجت الحكومة العراقية.
من جانبه، رأى نائب رئيس الوزراء السابق، بهاء الأعرجي، المقرّب من السوداني، في أحاديث إلى وسائل إعلام محلية أن المخاوف من حصول أحداث وتطوّرات أمنية أو سياسية في العراق خلال المرحلة المقبلة بعيدة عن الواقع.
وأضاف، إن "هناك من يريد إشعال فتن داخلية للترويج لأحداث لا يمكن حدوثها في العراق، وخاصة على المستوى الأمني والعسكري"، معتبرا أن "تحركات الحسان واجتماعاته المختلفة طبيعية جداً، وزيارته لإيران أيضاً طبيعية، فهناك مكتب للأمم المتحدة، لكن لا يوجد له ممثل. وهذا الأمر حدث خلال فترات الممثلين السابقين للأمم المتحدة في العراق".
وأكد الأعرجي، أن "الحشد الشعبي هو مؤسسة عراقية رسمية، مشرّعة بالقانون، والحديث عن دعوات إلى حلّ الحشد غير حقيقي. أما في ما يخصّ الفصائل المسلحة، فإنّ قراراً بشأنها من تفكيك أو غيره تتخذه الدولة العراقية حصراً، فهي قضية عراقية داخلية، وأصحاب الحلّ والعقد هم من يقرّرون بقاء تلك الفصائل من عدمه، علماً أن وجودها مرهون بوجود الاحتلال. وعند انعدام وجود هذا السبب، لن تكون هناك فصائل مسلحة".
*ضغوط مستمرة منذ 10 سنوات
القيادي في الإطار التنسيقي عصام الكريطي قال، إن "الضغوط التي تمارسها بعض العواصم الغربية ومنها الأمريكية لحل الحشد الشعبي بدأت بعد 24 ساعة على إعلان تشكيله، أي إنها مستمرة منذ 10 سنوات وهناك من يدعم هذا الاتجاه بالداخل لغايات باتت معروفة".
وأضاف، أن "الحشد الشعبي مؤسسة حكومية مرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة وقدمت الدماء لتحرير المدن بعد 2014، مؤكدا بان واشنطن وحلفائها في عداء مع الحشد لأنه أفشل مشروع تمزيق العراق، لافتا الى انه لو بقيت بغداد تسير بما يريده الغرب لما تحررت المدن ولو لـ100 سنة اخرى ولتحولت بلادنا الى مناطق ممزقة تستنزف دماءً وقدرات مالية كل يوم".
وأشار الكريطي إلى، أن "حل الحشد الشعبي سيقود العراق الى منزلقات خطيرة ويضعف قدراته الدفاعية وهذا ما تريده واشنطن ضمن مفهوم الشرق الاوسط الجديد الذي تكون فيه كل العواصم ضعيفة امام الاطماع الصهيونية والامريكية، وخاب فألهم في تحقيق هذا الأهداف"، مشيرا الى ان "الحشد الشعبي خط احمر وهذا راي كل قادة الاطار التنسيقي دون استثناء ولا يمكن التفريط به فهو قوة رسمية دافعت ولاتزال عن امن واستقرار العراق".
ويرجع تشكيل هيئة الحشد الشعبي في العراق إلى عام 2014 عندما أصدر المرجع الديني الأعلى، السيد علي السيستاني (دام ظله)، في النجف فتوى بتشكيل حشود شعبية لمواجهة خطر تنظيم "داعش" الارهابي، الذي توغل داخل مدن عراقية وسيطر على ثلث أراضي العراق، ووصل إلى مشارف العاصمة بغداد.
فهبَّت الحشود، وتطوع ما يقارب المليون شخص السلاح وتوجهوا إلى جبهات القتال مع الجيش العراقي، وبعد مرور عامين، أصدر مجلس النواب العراقي عام 2016، بعد طلب رفعه نواب من الكتل السياسية، قانونا خاصا بالحشد الشعبي في العراق، باعتباره أحد تشكيلات القوات المسلحة العراقية.
وفي السياق ذاته، أكد السياسي المستقل عباس المالكي أن "الحشد الشعبي أثبت أنه قوة عسكرية منضبطة، وحقق إنجازات كبيرة في تحرير مساحات واسعة من العراق من سيطرة تنظيم داعش، الذي تدعي الولايات المتحدة أنها تحاربه وتبرر وجودها في البلاد لمواجهته".
ولفت إلى أن "العراق يرى أن التهديدات المستمرة بعودة داعش تتطلب بقاء الحشد الشعبي وفصائل المقاومة، كونها القوة الرئيسية التي تصدت لهذا التنظيم الإرهابي"، مؤكداً أنه "لا يحق للولايات المتحدة من الناحيتين القانونية أو العرفية أن تفرض على العراق قرارات تمس سيادته وأمنه الداخلي".
وأوضح، أن "أي محاولة لحل الفصائل أو دمج الحشد الشعبي قد تؤدي إلى انفلات أمني، مستشهدًا بما حدث في سوريا حين فقدت حكومة الأسد الاستقرار بعد حصولها على تطمينات من حلفاء الولايات المتحدة".
وبين، أن "العراق لا يمكنه الوثوق بتطمينات أمريكية لضمان أمنه واستقراره في حال تم حل الحشد الشعبي وفصائل المقاومة"، مؤكدا ان "الحفاظ على سيادة العراق واستقلالية قراراته يمثل أولوية قصوى لضمان استقراره وأمنه في مواجهة التحديات الراهنة".
ونفى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، الخميس الماضي، وجود أي شروط أو إملاءات حول موضوعة حل الحشد الشعبي، مضيفاً أن التحالف الدولي انتهت مهمته ومبررات وجوده لكن أحداث 7 أكتوبر وتداعياتها عرقلت ذلك، لكن وصل العراق إلى اتفاق وحدد شكله.
وكانت مصادر سياسية مطلعة في العراق كشفت، في 18 ديسمبر كانون الأول الجاري، عن تلقي الحكومة العراقية رسالة أميركية محرجة تطالبها بحل الحشد الشعبي ومكافحة السلاح المتفلت وإبعاد تأثيرات دول الجوار على قرارها السيادي، مقابل استمرار الدعم للنظام السياسي القائم، فيما ربطها سياسيون بـ"مؤامرات داخلية" تستهدف إضعاف المكون "الأقوى"، وخلخلة الاستقرار الأمني في البلاد.
وأقر عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية مختار الموسوي، في حينها، بوجود ضغوط أمريكية لحل الحشد، داعياً الحكومة إلى عدم الاستجابة لها، مهما كلفها من ثمن، لافتاً إلى أن "الحشد الشعبي يشكل صمام أمام البلاد، ومن ثم الأجهزة الأمنية والعسكرية".
*لن يُحل صمام أمان العراق
قدَّم القيادي في تحالف الفتح سعد السعدي، اليوم السبت (21 كانون الأول 2024)، ملامح لتأييد المرجعية الدينية للحشد الشعبي في العراق.
وقال السعدي، إن "الحشد الشعبي مؤسسة رسمية قانونية صوت البرلمان العراقي على قانونها وهي احدى صنوف القوات المسلحة التي تأتمر بأمرة القائد العام لقوات المسلحة"، مؤكدا أن "الحديث عن حلها مجرد تحاليل ليس لها اي مصداقية"، متسائلا "هل يمكن حل الشرطة الاتحادية او الجيش او غيرها من الصنوف الأمنية الأخرى".
وأضاف، إن "العراق دولة ذات سيادة واي محاولات للتدخل في شؤون مرفوضة ورئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني كان واضحا في حديثة عن الحشد الشعبي بانه مؤسسة رسمية ولا حديث عن حل قوة تشكل صمام امان العراق مع بقية التشكيلات والعناوين العسكرية والأمنية الأخرى".
وأشار إلى أنه "لا يوجد أي تصريح رسمي من قبل المرجعية الدينية حول حل الحشد الشعبي، وهي مَن أسهمت في ولادتها من خلال فتواها الخالدة في الجهاد الكفائي قبل أكثر من 10 سنوات"، مستدركا بالقول، "لم نرصد يوما أي موقف سلبي تجاه الحشد كما أنها لا تتدخل في شؤون الدولة التفصيلية سواء تغيير أو نقل أو غيرها كما لم نعهد على المرجعية أنها تدخلت في هذا الأمر، لكن التصور الأشمل بأن المرجعية داعمة لبقاء الحشد الشعبي".