المشهد يزداد ضبابية في العراق.. سيناريوهات الانتخابات تحت مجهر التحذير

انفوبلس/..
مع اقتراب موعد الانتخابات في العراق، تعلو أصوات التحذير من احتمال تأجيلها وسط مؤشرات سياسية وفنية تشير إلى وجود تعقيدات قد تحول دون إجرائها في وقتها المحدد. وبينما ترى بعض الأطراف أن التأجيل قد يكون حتمياً لأسباب تتعلق باستكمال الإجراءات الفنية أو التوافقات السياسية، تحذر قوى سياسية من أن المماطلة قد تفتح الباب أمام فراغ دستوري أو فقدان الثقة بالعملية الديمقراطية.
وتتزامن هذه التحذيرات مع أجواء من التوتر السياسي والانقسام حول قانون الانتخابات وتوزيع الدوائر، ما يعزز المخاوف من استخدام التأجيل كأداة سياسية لتمديد عمر البرلمان الحالي أو التهرب من الاستحقاقات الشعبية.
*احذروا التقسيم
في هذا السياق، حذر رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، اليوم الاثنين، من محاولات تأجيل الانتخابات أو إلغائها، فيما أشار إلى أن ذلك سيضع العراق على "منصة التقسيم".
وقال المالكي في كلمة له خلال مهرجان "وفاء الدم - أصابع بنفسجية"، "نسمع هذه الأيام أفواهاً تتحدث عن تأجيل الانتخابات لغرض الزعزعة، فالانتخابات هي واجب إنساني وبطولي، وتأجيلها سيؤدي الى انتهاء عمر البرلمان ولا يوجد برلمان بعد ذلك وستحدث فجوة في العملية السياسية". مردفاً: "لا نقبل بتشكيل حكومة طوارئ فلا يوجد قانون لشرعية حكومة طوارئ".
ورأى، أن "إلغاء الانتخابات أو تأجيلها سيضع العراق على منصة التقسيم"، مستدركاً بالقول: "أنا على دراية أن جميع الإخوة على درجة عالية من الوعي لتدارك هذا الأمر".
*العراق مستقر
وبينما يرمي بعض المؤيدين لفكرة التأجيل، سبب هذا الأمر إلى تطورات المنطقة غير المستقرة أمنياً وسياسياً، يؤكد النائب عن الإطار التنسيقي، عارف الحمامي، أن "الحديث عن تأجيل الانتخابات البرلمانية المقبلة بسبب تطورات الأوضاع في المنطقة بعيد كل البعد عن الواقع فالوضع العراقي الداخلي مستقر تماما وغير متأثر بالظروف في المنطقة".
وأضاف، أن "هناك من يحاول الترويج لهكذا شائعات بهدف التأثير على الأوضاع الداخلية وكذلك العملية الانتخابية، ورغم ذلك فإن الانتخابات ستجري في موعدها دون أي تأجيل وهناك إجماع سياسي على ذلك".
ومن المقرر أن يُجري العراق انتخابات تشريعية بحلول تشرين الأول 2025، وسط جدل بشأن القانون الذي ستُجرى عليه الانتخابات، وكذلك في توسعة عدد مقاعد مجلس النواب لتناسب الزيادة التي أظهرتها نتائج التعداد السكاني الأخير في البلاد.
وفي 25 من آذار الحالي شرعت مفوضية الانتخابات بتحديث سجل الناخبين للانتخابات المقبلة.
يذكر أن مجلس النواب، صوت خلال جلسته الاعتيادية في 13 كانون الثاني الماضي، على تمديد عمل مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، وذلك بعد أن قرر القضاء العراقي، تمديد مدة ولاية أعضاء مجلس المفوضية الدورة الحالية لمدة سنتين.
*التأجيل طبيعي
وخلافاً للحديث السابق، يرى أستاذ العلوم السياسية خالد العرداوي أن "تأجيل انتخابات مجلس النواب المقبلة أمر طبيعي"، فيما بين أسباب ذلك.
وقال العرداوي، إن "تأجيل الانتخابات أمر طبيعي في حال تدهور الأوضاع الأمنية وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في العراق، ومقدار هذا التدهور وتأثيره يعتمد على تطورات الأحداث، ومصالح القوى السياسية النافذة ومدى استعدادها لخوض الانتخابات من عدمه".
وأضاف، إنه "من خلال ما يرشح من حديث داخل أروقة الحكومة عن النية لتشكيل حكومة طوارئ، قد تتسارع الأحداث بشكل خطير مما يستدعي الذهاب نحو حكومة طوارئ".
وأضح، إنه "إذا لم يكن هناك مانع مُلح من تأجيل الانتخابات، واختارت بعض أطراف الحكومة خيار التأجيل وفرضته، فإن هذا بحد ذاته مؤشر سلبي على المسار الديمقراطي في العراق، ويؤثر بشكل خطير على ما قد تؤول إليه الأحداث من انحدار وصراع بين القوى السياسية نتيجة قرار التأجيل".
*جدل القانون الانتخابي
يُعد قانون الانتخابات في العراق أحد الركائز الأساسية في تشكيل المشهد السياسي وإدارة العملية الديمقراطية.
وقد شهدت القوانين الانتخابية تعديلات متكررة على مرّ السنوات، استجابة للمتغيرات السياسية والضغوط الشعبية، خاصة بعد احتجاجات تشرين 2019 التي دفعت نحو تبني نظام الدوائر المتعددة بدلا من الدائرة الواحدة، في محاولة لتعزيز تمثيل المستقلين وتقليل هيمنة الأحزاب الكبيرة.
إلا أن القانون بصيغته الحالية لا يزال محل جدل واسع، حيث تتصاعد الدعوات لتعديله مجددا بهدف الحد من تأثير المال السياسي، وتقليل استغلال موارد الدولة في الحملات الانتخابية، وضمان نزاهة الانتخابات بعيدا عن تدخل الجهات التنفيذية والأمنية.
وتأتي هذه التحركات، وفقا لمراقبين، وسط مساع لتعزيز ثقة الناخبين بالعملية الديمقراطية، في ظل تراجع نسب المشاركة في الانتخابات الأخيرة.
وفي خضم الجدل المتواصل عن تعديل قانون الانتخابات أو الإبقاء عليه، دعت عضو مجلس النواب مهدية اللامي، إلى إبقاء قانون الانتخابات ثابتاً دون تغيير لمنع الاجتهادات الشخصية، وعدم التأثير على المرشحين للانتخابات المقبلة أو عمل النائب بصورة عامة بعد فوزه بمقعد في المجلس النيابي.
وأوضحت اللامي، أن “تغيير قانون الانتخابات يؤثر على عمل النائب وطريقة تواصله مع جمهوره، وأن أي تغيير في الوقت الحالي سيؤثر على خطط المرشحين للانتخابات المقبلة”.
وأشارت اللامي إلى أن “التوجه نحو إيجاد دوائر متعددة وإن كان بعدد محدود لكل محافظة، سيؤدي إلى ابتعاد النائب عن مهامه الوطنية والتركيز على دائرته، وهذا ما سيحجم عمل النائب والمجلس ككل”.
في السياق، أكد عضو مجلس النواب حيدر السلامي، أن التعديلات المتكررة على قانون الانتخابات تبعث برسائل سلبية للناخبين وتزيد من عزوفهم عن المشاركة، مشيراً إلى أن العملية الانتخابية بحاجة إلى قانون ثابت لا يتغير كل دورة.
وقال السلامي، إن “العملية السياسية تحتاج إلى استقرار تشريعي، لكننا نشهد منذ 2005 وحتى اليوم تغييرات مستمرة في قوانين الانتخابات، ما بين تعديلات جزئية وتغييرات جذرية، مما يضعف ثقة الشارع ويزيد من حالة الإرباك”.
وأضاف أن “تعديل قانون الانتخابات بعد كل دورة، سواء من حيث النظام الانتخابي أو الدوائر أو آلية العد والفرز، يخلق شعوراً بعدم الثبات ويؤثر على إرادة الناخب، ويجعل البعض يتراجع عن قراره بالمشاركة”.
وأوضح أن “أي قانون انتخابي يجب أن يكون نتاج توافق وطني ومجتمعي، ويصمد لأكثر من دورة انتخابية كي يُبنى عليه استقرار سياسي، لا أن يُستخدم كأداة لتحقيق مكاسب آنية لبعض القوى”.
*المفوضية تحسمها
قبل نحو 3 أيام، أكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، التزامها دستوريًا وقانونيًا بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، فيما أشارت إلى أن عدد الناخبين الجدد من مواليد 2007 تجاوز المليون.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي، إن "مفوضية الانتخابات ملتزمة دستوريًا وقانونيًا بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد".
ولفتت إلى، أن "عدد الناخبين الجدد من مواليد 2007 تجاوز المليون ناخب"، مشيرة إلى أن "عملية تحديث سجل الناخبين تشمل (تسجيل الناخبين الجدد، تصحيح البيانات، حذف أسماء المتوفين)، بالإضافة إلى تسجيل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والنازحين".
وأضافت أن "المفوضية تستقبل الناخبين عبر 1079 مركز تسجيل في عموم العراق، إلى جانب تسيير فرق جوالة إلى المؤسسات ودوائر الدولة بهدف التوعية والتثقيف حول أهمية تحديث السجلات الانتخابية".
وأشارت الغلاي، إلى أن "المفوضية تعمل في الوقت الحالي على تأهيل وإعداد الأجهزة الانتخابية وصيانتها لضمان سير العملية الانتخابية بكفاءة"، مؤكدة على "ضمان حقوق الناخبين الذين لم تظهر بصماتهم البايومترية، وذلك من خلال استخدام تقنية تصويب صورة العين والوجه".
ولفتت إلى أن "ليس كل الناخبين بحاجة إلى مراجعة مراكز التسجيل، إذ يمكن لمن يمتلك بطاقة ناخب تحتوي على صورة شخصية ولم يطرأ تغيير على بياناته أن يستخدمها مباشرةً، وعملية التحديث تشمل النقل بين المحافظات والتبليغ عن حالات الوفاة أيضاً".
وأكدت الغلاي أن "المفوضية ماضية في عملها لإجراء الانتخابات في الموعد الذي يحدده مجلس الوزراء".