جداول وإحصاءات وجرد نهائي .. البرلمان بدوراته الخمس .. إحصاءات مختلفة ترجّح كفة دورة على أخرى .. مَن الأفضل مِن ناحية التشريعات والرقابة؟
انفوبلس/ تقارير
شهد العراق خمس دورات برلمانية فعلية بعد عام 2003، وتأرجحت هذه الدورات بإحصاءات مختلفة، فمنها ما حقق مبتغاه ونجح في تشريع القوانين المهمة والقيام بالإجراءات الرقابية المطلوبة منه، ومنها ما أخفق في تحقيق شيء يُذكر ودفن العديد من القوانين والإجراءات المذكورة عبر إهمالها وتعمّد عرقلتها. انفوبلس سلّطت الضوء على عمل البرلمانات الخمس وستذكر الدورة النيابية الأفضل من ناحية حجم التشريعات والرقابة، وكذلك لم تغفل عن الدورة الأسوأ والتي لم تحقق أي شي يشفع لها طيلة فترتها القانونية.
*الدورة الخامسة
جاءت انتخابات الدورة الخامسة، بولادة قيصرية حين طالبت المرجعية الدينية بانتخابات مبكرة بعد انتفاضة تشرين عام 2019 التي عمَّت أرجاء البلاد، وحتى الدورات الأربعة التي سبقت الحالية لم تأتِ بالهيّن هي الأخرى، إذ رافقتها كلها تحديات خطيرة بين الدولة البرلمانية الحالية الحاكمة والدولة الرئاسية السابقة التي دخلت أنفاق المقاومة والعمل السياسي والعسكري المضاد لوجودها من الداخل والخارج، بعد أن فشلت المصالحة المزعومة بين الحالي والسابق من نظام الحكم الذي يحبُ بعضه البعض.
ويقول السياسي والنائب السابق وائل عبد اللطيف، إن مجلس النواب في دورته الخامسة سجّل فشلا كبيرا في القيام بالدور التشريعي والرقابي، في الوقت الذي غابت فيه التشريعات المهمة التي تستكمل الدولة فيها مؤسساتها الدستورية مثل مجلس الاتحاد والهيئة الوطنية لتوزيع الموارد المالية بين الأقاليم والمحافظات.
من جانبه، يعتقد رئيس مركز التفكير السياسي في العراق إحسان الشمري، أن "الدورة البرلمانية الحالية قد تكون أكثر إخفاقا من الدورات السابقة، لا سيما أن المصالح السياسية والصراع بين القوى والأحزاب لا يزالان يسيطران على المشهد. وأن المحاصصة بين القوى السياسية، انعكست على عمل البرلمان ودوره الرقابي، حيث إن البرلمان والحكومة أصبحا وجهين لعملة واحدة، لا يصلح معها العمل الرقابي، إنما التخادم بين الجانبين يجري على قدم وساق".
*الدورة الرابعة
أما بخصوص انتخابات عام 2018، التي تمخض عنها فوز تحالف سائرون، جاء تصريح رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي صادماً للجمهور بأن الانتخابات مزورة وإنما لم تبلغ 18 في المئة من مجموع الناخبين، مؤكداً تقديمه شكوى رسمية باسم كتلته "دولة القانون"، لكنه سحبها في اللحظات الأخيرة خشية اندلاع ما وصفه بالحرب الأهلية.
وكانت الدورة الرابعة لمجلس النواب محل جذب وحل خاصة في عامها الأول إبّان ذروة الاحتجاجات الشعبية في تشرين الأول من عام 2019 وكانت في مقصد الحراك الاحتجاجي لكن أُجّل حلها الى حين تحديد موعد للانتخابات المبكرة.
وعلى مستوى الأداء السياسي مثلت الكتل واللجان الممثلة داخل مجلس النواب خيبة أمل كبيرة لأبناء المجتمع العراقي حيث لم تتمكن هذه الكتل بتنفيذ وعودها للجمهور العراقي، وعدم إكمال أعمال اللجان مهامها كتقديم التعديلات الدستورية والتصويت عليها داخل مجلس النواب التي كانت جزءا من حالة وطنية تساهم في إصلاح العملية السياسية والنظام السياسي على وجه الخصوص، ومن معالم الفشل والإخفاق تحول الكثير من النواب الى سماسرة داخل الوزرات وتحويل مهامهم من التشريع والرقابة الى معقّبين او لعب دور السلطة التنفيذية وذلك لمحاولة ارتشاء المواطنين خاصة مع الفترة الزمنية القريبة على موعد إجراء الانتخابات.
*الدورة الثالثة
شهد سجل الانتخابات العراقية البرلمانية تاريخاً مفصلياً في دورته الثالثة عام 2014، بعد أن كانت الانتخابات الأولى نُظمت عقب الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011، وكانت تحدياً حقيقياً للأطراف الحاكمة التي فقدت عكاز الراعي الأميركي الذي دعا إلى النظام البرلماني في العراق وأشاع الديمقراطية.
حينها تنافس حوالى 277 حزباً وتياراً عراقياً موزَّعين على ثلاثة مكونات متنافسة ومتصارعة على الحكم والسلطة، تتمثل في الشيعة والسنّة والأكراد.
تبارى هؤلاء على 328 مقعداً في البرلمان، وجاءت نسبة المشاركة لافتة بمعدل 62 في المئة وهي أعلى نسبة مشاركة، سببها حث المرجعية العليا في النجف الأشرف لشيعة العراق وسواهم على إنجاح التجربة البرلمانية خياراً للحكم الرشيد كما وصفته، لكن نتائج الانتخابات التي أرادها رئيس الحكومة آنذاك نوري المالكي لدورة ثالثة اصطدمت برفض المرجعية وبعض القوى النافذة وكانت حصيلتها تنازله لرفيقه في حزب الدعوة الإسلامي حيدر العبادي، الذي كانت أولى أولوياته القضاء على "داعش" الذي احتل أجزاءً واسعة من الأراضي العراقية.
وخلال هذه الدورة (الثالثة) وبعد احتلال التنظيم للأراضي وإسقاط المدن، أصدرت المرجعية الدينية فتوى الجهاد الكفائي وإعلان الحرب على "داعش" مع فرق الجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب التي صدّت هجوماته وسحقته بعد تدميره مدينة الموصل، التي اتخذ منها منطلقاً لما سمّاه "دولة العراق والشام".
*الدورة الثانية
في السابع من مارس (آذار) 2010، جرى تنافس أكبر عدد من المرشحين للفوز بـ 325 مقعداً برلمانياً بلغ 6281 مرشحاً، بينهم حوالي 1813 امرأة توزعوا على 12 ائتلافاً سياسياً يمثلون حوالى 167 كياناً سياسياً، مع تخصيص ثمانية مقاعد للأقليات العرقية، لترشيح رئيس للجمهورية ورئيس حكومة وبرلمان، وكان القرار في الترشح لحصة الكتل الفائزة بعدد المقاعد الذي يجيز لرئيس الكتلة مناقلة الأصوات وتوزيع المناصب، ففازت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، زعيم حزب الوفاق الوطني آنذاك، وهي قائمة سياسية لا دينية، بـ91 مقعداً تمثل الغالبية، في وقت حلت قائمة ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري كامل المالكي في المركز الثاني بـ89 مقعداً.
لم يتولَّ إياد علاوي رئاسة الحكومة لأسباب عديدة، لتؤكد المحكمة العليا بعدها بأن قانون الانتخابات الحالي وقتها غير دستوري وجرى إحداث تغييرات في النظام الانتخابي عبر قانون انتخابي جديد بترشيح الكتلة الأكبر من الائتلاف الشيعي، بزعامة المالكي الذي تولّى الرئاسة ثمانية أعوام على مدى دورتين انتخابيتين.
*الدورة الأولى
شهد العراق بعد سقوط النظام السابق وإعدام صدام حسين مخاضاً عسيراً، إذ رعت الولايات المتحدة انتخاب جمعية وطنية انبثقت منها حكومة عراقية انتقالية استمرت إلى حين التصويت على الدستور الدائم للبلاد في 15 أكتوبر 2005، بهدف اختيار 275 عضواً في البرلمان الجديد سمّوه مجلس النواب العراقي ليتولّى مهمة تشكيل الحكومة الجديدة لأربعة أعوام.
وشهدت هذه الحقبة تصاعد الولاءات الطائفية والعرقية والقبلية التي أسست لمجتمع الانقسام والفرقة في ما بعد، وشرعت المحاصصة السياسة في توزيع المواقع والمناصب، مع مقاطعة السنّة العرب لذلك المشروع الذي أفقدهم سلطة القرار، وانبثقت مفوضية الانتخابات للمرة الأولى في التاريخ العراقي الحديث، وتولّت مهمة توزيع المقاعد البرلمانية على المحافظات بمعدل مقعد لكل مئة ألف مواطن، وأعطت 25 في المئة من المقاعد إلى النساء كما أقرّها الدستور، وتوزعت الكتل المشاركة في الانتخابات على كتل شيعية ذات صفة دينية، وكردية ضمت الحزبين الرئيسين والقائمة الوطنية وهي تكتل علماني يشترك فيها كل المكونات، وقائمة المؤتمر الوطني بزعامة أحمد الجلبي، وهو تكتل علماني منوع، وتجمّع السنّة العرب تحت مُسمّى جبهة التوافق العراقية والحزب الإسلامي.
وأظهرت النتائج تفوّق ائتلاف الشيعة إذ حاز على 128 صوتاً لتكون له كفة ترشيح رئيس السلطة التنفيذية كونه أقرب لنصف البرلمان البالغ 275 مقعداً، لكن هذه النتيجة أفرزت معادلتين في الحكم في العراق: الأولى صارت أصوات الأكراد الثلث المعطل للبرلمان بعد أن حصلوا على 53 مقعداً، وباتت القوائم الأخرى في جو المعارضة، وفي أحسن الأحوال شريكة في الحكومة أو البرلمان وتوزعت المقاعد بشكل تمثيلي على المكونات الرئيسة.
*تنويه هام
ما ذُكر أعلاه هو أبرز الأحداث التي رافقت كل دورة نيابية حرصا من شبكة انفوبلس على سرد الوقائع بتجرد تام، أما في قادم السطور فستوضح انفوبلس وبالأرقام الإحصاءات المختلفة للدورات الخمس معتمدةً بذلك على تقارير المرصد النيابي العراقي في مؤسسة مدارك.
*5 برلمانات بإحصاءات مختلفة
يضع تقرير المرصد النيابي العراقي في مؤسسة مدارك جدول المقارنات الآتي ليوضح ما أنجز في الدورات الانتخابية الثانية والثالثة والرابعة مع ملاحظة أن الدورة الخامسة لم تكمل مدتها الدستورية في حين لفَّ الغموض الدورة الأولى.
توضح الجداول أدناه أبرز ما تحقق في الدورات الثانية والثالثة والرابعة، وسنتطرق بعدها إلى الدورة الخامسة كونها لم تكتمل مع معلومات محدودة على الدورة الأولى وكما يأتي:
ويبين جدول رقم (16 - 1) معدل حضور أعضاء المجلس لكل سنة:
ويتضح أن السنة التشريعية الأولى لم تكتمل فيها عدد الجلسات إلا شهرًا واحدًا مقابل ثمانية أشهر، وكذلك في السنة التشريعية الثانية، أما السنة التشريعية الثالثة فقد اكتملت فيها الجلسات لمدة أربعة شهور مقابل خمسة.
الجدول التالي يبين مجموع الجلسات لكل سنة تشريعية:
*تصنيف القوانين
اعتمد فريق المرصد النيابي في تصنيف القوانين التي يصوت عليها المجلس في جلساته خلال السنوات التشريعية للدورتين الانتخابيتين الثالثة والرابعة بحسب وظيفتها والغرض من تشريعها، وفي المخطط التالي مقارنة بين الدورتين الثالثة والرابعة من ناحية طبيعة القوانين وتصنيفها:
*استجواب واحد في الدورة الرابعة
مارس مجلس النواب خلال الدورة الانتخابية الرابعة سلطته الرقابية من خلال استجواب واحد فقط مع توجيه خمسة أسئلة واستضافتين، وكان الاستجواب موجهًا إلى رئيس هيئة الإعلام والاتصالات بشأن تضليل هيئة الاتصالات لمجلس الوزراء بخصوص تجديد عقود الهاتف النقال وعدم الالتزام ببنود حماية المستهلك، وقد صوت المجلس بعدم القناعة بأجوبة رئيس الهيئة وتمت الموافقة على سحب الثقة منه في الجلسة الخامسة والأربعين.
*أفضل دورة
كما ذكرنا، لفَّ الغموض الدورة الأولى، في حين بلغت القوانين المشرَّعة في الدورة الثانية 215 قانونا وفي الثالثة 161 والرابعة 91 أما الدورة الخامسة ـ الحالية ـ فبلغ عدد القوانين المشرَّعة فيها لغاية الآن 43 قانونا وفق تقرير المرصد النيابي العراقي، وبذلك تكون الدورة الثانية هي الأفضل من ناحية حجم التشريعات.
ويوضح الجدول أدناه مقارنة بالأرقام بين الدورات النيابية المذكورة:
*مقارنة بالإجراءات الرقابية للدورات
أما من حيث الإجراءات الرقابية كالاستجوابات مثلا، فقد استجوب البرلمان خلال دورته الرابعة شخصية واحدة فقط وهي رئيس هيئة الإعلام والاتصالات كما ذكرنا أعلاه ، في حين تم استجواب نحو عشرين شخصية في الدورة الثانية.
ففي الدورة الثانية، وذكر تقرير لمدارك، أن "أبرز الاستضافات للمسؤولين ضمن الدور الرقابي للمجلس في الدورة الثانية كانت لوزيري الصحة والتربية ووكيل وزارة الهجرة والمهجرين ووكيل وزارة الصحة لمناقشة الإجراءات المتخذة من قبل وزارات الهجرة والمهجرين والصحة والتربية حول المشاكل التي يعانيها النازحون، واستضافة وزيري التعليم العالي والبحث العلمي وحقوق الإنسان لمناقشة الإجراءات المتخذة من قبل الوزارات المعنية بشأن المشاكل التي يعانيها النازحون والمهجرون، واستضافة وكيل وزارة الداخلية والمتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع ممثلا عن وزارته وقائد عمليات صلاح الدين وقائد الشرطة الاتحادية في المحافظة وممثلا عن جهاز مكافحة الإرهاب لمناقشة مجزرة قاعدة سبايكر العسكرية، واستضافة وزيري التجارة خير الله بابكر والأعمار والإسكان محمد صاحب الدراجي لمناقشة الإجراءات المتخذة من قبل الوزارتين بشأن المشاكل التي يعانيها النازحون والمهجرون".
كما استضاف البرلمان، بحسب التقرير، وزير المالية وكالة صفاء الدين الصافي لمناقشة الموازنة العامة لسنة 2014، واستضاف ايضا نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات صالح المطلك لمناقشة الإجراءات المتخذة للجنة العليا الخاصة بالنازحين".
أما الأداء التشريعي للدورة الخامسة فيوضحه الجدول أدناه بالتفصيل من تاريخ 15/7/2023 إلى 22/11 من ذات العام وعلى النحو الآتي:
أما الملخص العددي لعمل المجلس فجاء كالآتي: