ضحايا القرار الصامت.. العراقيون المجنّسون في الكويت يواجهون الإقصاء والتجريد.. ما هو مصيرهم؟

انفوبلس/..
على هامش التوترات المزمنة بين العراق والكويت، يبرز ملف إنساني مسكوت عنه طويلاً، يعود إلى واجهة الجدل من جديد: العراقيون الذين جُرّدوا من الجنسية الكويتية. قصص مئات الأشخاص الذين وجدوا أنفسهم فجأة بلا وطن، بلا أوراق ثبوتية، ولا حقوق، تدور بين المنافي، والسجون، والمخيمات، بينما تمزقهم الأسئلة: لماذا سُلبت هويتنا؟ ومَن يُعيد لنا حقنا في الانتماء؟
هؤلاء ليسوا غرباء عن الكويت، بل هم من وُلدوا فيها، وعاشوا فيها، وخدموا مؤسساتها، ثم انتهى بهم المطاف إلى “بدون” أو مرحّلين إلى العراق كأنهم لم يكونوا يوماً جزءاً من هذا البلد. فما هو مصيرهم؟
وأصدرت السلطات الكويتية، خلال الأيام القليلة الماضية، قرارات بسحب وإسقاط الجنسية الكويتية عن أعداد كبيرة، بينهم من أصول عراقية.
وفي غضون ستة أشهر فقط، جُرد حوالي 42 ألف كويتي من جنسيتهم، في تجاهل تام للقانون الدولي، في ظاهرة غير مسبوقة تعكس التوجه السلطوي لأمير الكويت الجديد مشعل الأحمد الجابر الصباح. وتشمل هذه السياسة، المعتمدة تحت غطاء مكافحة التزوير، المواطنين المجنسين والمعارضين السياسيين على حد سواء.
*ما مصير مَن سُحبت جنسياتهم مؤخراً؟.. وزير الداخلية الكويتي يُجيب
كشف وزير الداخلية، رئيس اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، فهد يوسف سعود الصباح، مصير مَن سُحبت منهم الجنسية في الأشهر الأخيرة.
وقال الشيخ فهد الصباح، في لقاء مفتوح بقصر السيف أوردته وكالة الأنباء الكويتية، إن "سحب الجنسية جاء لتصحيح أوضاع خاطئة تم رصدها، وهو قرار قد يكون صعبًا لما له من تبعات، لكنه ضرورة تُمليها مصلحة الوطن وسيادة القانون، والدولة تدرك أثر هذا الإجراء، وهي ملتزمة بعدم تجاهل الأخطاء، والعمل على معالجتها؛ حفاظًا على تحقيق العدالة".
وأضاف، إنه "بتوجيهات سامية من سيدي حضرة صاحب السمو أمير البلاد، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، بادر مجلس الوزراء إلى وضع حلول مناسبة لحالات من فقدوا الجنسية؛ حفاظًا على الأسرة الكويتية أساس المجتمع، وهي أولوية وطنية".
وأكد الوزير، إن "أي زوجة أو أم لكويتي ومستمرة في إقامتها في البلاد هي محل رعاية الدولة، وسنعمل دائمًا على توفير حياة كريمة تحفز حقوقها وتصون كرامتها، بالإضافة إلى ذلك سنشكل لجنة للتظلمات فيما يخص سحب الجنسية".
وأوضح، إنه سيتم رفع الإيقاف عن رواتب مَن سُحبت جنسياتهن وفق المادة الثامنة من قانون الجنسية، بداية من الأحد المقبل، وأنه "سيستمر التدقيق الأمني عليهن، ومن يثبت عليها أي مخالفة ستتم إعادة إيقاف الراتب".
وتابع الوزير الكويتي: "من سُحبت جنسيتها ستتمتع بكل المزايا السابقة حينما كانت تحمل الجنسية الكويتية، وسيستمر ذلك حتى وفاتها، وستُمنح جوازًا كويتيًا باللون الأزرق لكن من دون جنسية كويتية، وكذلك بطاقة مدنية نفس البطاقة الكويتية الزرقاء، وستُعامل معاملة الكويتي".
وقال فهد الصباح، إن "جميع من سُحبت جنسياتهم بسبب التزوير والغش أو الازدواجية لم يقوموا برفع تظلم، وجميعهم يعلمون أنهم مزورون، وبعض الحالات هربت إلى خارج البلاد عقب 48 ساعة من وضع الخط الساخن لشكاوى الجنسية، وذلك خلال أشهر مايو ويونيو ويوليو".
كما تعهد الوزير بـ"معالجة وتصويب الأوضاع الخاطئة التي حدثت من قبل في حق الكويت ونعاني منها جميعا"، قائلا: "لن يُظلم أحد في الكويت، ولا يوجد هناك كويتي يقبل أن تُظلم الكويت، فنحن نرغب في منح أبنائنا دولة خالية من الشوائب لنبنيها"، حسب تعبيره.
وتوقع الانتهاء من فحص حالات الحاصلين على الجنسية الكويتية في نهاية يناير/كانون الثاني المقبل، ونراجع أسبوعياً حالات للمزورين والمزدوجين.
وفي أعقاب غزو العراق عام 1990، منحت الكويت حق الانتخاب لمن مضى على تجنيسهم 20 عاما، ولمن وُلدوا بعد تجنيس والدَيهم.
*ما مصير العراقيين؟
أعلن السفير العراقي لدى الكويت، منهل الصافي، عن حصول موافقات رسمية بإعادة الجنسية العراقية لمن جرّدتهم الكويت منها، بعد سلسلة القرارات الأخيرة للسلطات الكويتية إثر عمليات تدقيق ومراجعة نفّذتها بالفترة الأخيرة، فيما أكد مجلس النواب العراقي متابعة الملف مع وزارة الخارجية العراقية.
وقال السفير العراقي لدى الكويت منهل الصافي في تصريحات للصحافيين، إنه "تم تبليغ السفارة العراقية بعدد من الحالات من خلال مذكرات عبر وزارة الخارجية الكويتية والتي أبلغتنا فيها بسحب جنسيات عدد من زوجات الكويتيين، وقد راجعنا بالفعل عدداً منهن للوقوف على الإجراءات القانونية الواجب اتباعها لاستعادة الجنسية العراقية". وأكد أنه "بالإمكان استعادة الجنسية العراقية لمن تنازل عنها مسبقا، وذلك بعد تقديم طلب موجه إلى وزير الداخلية العراقي عبر القسم القنصلي في السفارة ليتم اتخاذ الإجراءات اللازمة المنصوص عليها في القانون، ونحن جاهزون بالتعامل مع أي طلب يقدم إلى السفارة، وأيضا قمنا بمراجعة عدد من الحالات للوقوف على الإجراءات القانونية المتاحة لاستعادة الجنسية العراقية".
من جهته، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عامر الفايز، إن "اللجنة تتابع الملف، على اعتبار أن قسماً ممن تم إسقاط الجنسية عنهم، هو من أصول عراقية، ونتابع ذلك مع وزارة الخارجية العراقية وكذلك سفارتنا لدى الكويت". مبينا أن "هناك شروطا وضعها قانون الجنسية العراقية، من أجل إعادة الجنسية للعراقيين، الذين تخلوا عنها سابقا، لكن يمكن يتم تسريع الإجراءات بإعادة الجنسية لهم، لحل مشكلة من يثبت أنه عراقي منهم لإعادة الجنسية له، ولا يُمكن للعراق أن يتخلى عن مواطنيه".
وأوضح، إن الخارجية العراقية "تتابع أيضا حقوق من تم سحب الجنسية منهم، إذ لا بد من أن يكون هناك موقف يضمن حقوق هؤلاء المواطنين العراقيين بالأصل".
ويضمن القانون العراقي استرداد الجنسية العراقية لمن تخلى عنها مسبقاً، شريطة عودته للعراق، بطريقة مشروعة ويقيم بالبلاد مدة لا تقل عن سنة واحدة، ولوزير الداخلية أن يعتبر بعد انقضائها مكتسباً للجنسية العراقية من تاريخ عودته. كما نص على إعادة الجنسية العراقية، لكل من يثبت أن أبويه أو أجداده عراقيان، كما تُعاد مَن سُحبت عنه سابقاً، لأي سبب كان.